لفتيت يترأس حفل تخرج رجال السلطة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    قاض أمريكي يعلق قرارا مثيرا لترامب    4 قتلى و14 جريحًا في إطلاق نار بشيكاغو    وفاة نجم ليفربول "جوتا" في حادث سير رفقة شقيقه    الكاف تكشف عن الكأس الجديدة الخاصة ب"كان" السيدات المغرب 2024    بونو وحكيمي يتألقان ويدخلان التشكيلة المثالية لثمن نهائي مونديال الأندية    وفاة نجم ليفربول "جوتا" بحادث سير    حادث مأساوي ينهي حياة نجم نادي ليفيربول الإنجليزي    بتعليمات ملكية سامية.. مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطلق العمل ب13 مركزا جديدا في عدد من مدن المملكة    الرجوع إلى باريس.. نكهة سياحية وثقافية لا تُنسى    رئيس الاتحاد القبائلي لكرة القدم يكتب: حين تتحوّل المقابلة الصحفية إلى تهمة بالإرهاب في الجزائر    مسؤولة أممية تدعو لحظر الأسلحة وتعليق الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل    أسرة النقيب زيان تدق ناقوس الخطر بعد زيارته: إنه "يعاني صعوبة في التنفس والكلام ويتحرك بعكاز طبي"    بعد أيام فقط من زفافه.. وفاة ديوغو جوتا نجم البرتغال وليفربول في حادث سير مروع    المناظرة الوطنية للذكاء الاصطناعي.. الدعوة إلى وضع خارطة طريق وطنية لاستعمال مسؤول وأخلاقي    مكتب الفوسفاط يوقع اتفاقية لتوريد 1.1 مليون طن أسمدة لبنغلاديش    رجال أعمال مغاربة وسعوديين يتطلعون لتعزيز الاستثمارات ورفع التبادل التجاري    "إبادة غزة".. إسرائيل تقتل 63 فلسطينيا بينهم 31 من منتظري المساعدات    مدينة شفشاون "المغربية" تُولد من جديد في الصين: نسخة مطابقة للمدينة الزرقاء في قلب هاربين    حمد لله يدعم هجوم الهلال في كأس العالم    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس بالمغرب    الجزائر تُطبع مع إسبانيا رغم ثبات موقف مدريد من مغربية الصحراء: تراجع تكتيكي أم اعتراف بالعزلة؟    الشرقاوي تعدد تحديات "المرأة العدل"    "الكلاود" تدعم مشاريع ألعاب الفيديو    رئيس إيران يوافق على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    مدرب المنتخب المغربي لكرة القدم للسيدات: حماس كبير بين لاعبات المنتخب الوطني لانطلاق المنافسة        حجيرة يدعو بدكار إلى إحداث كونفدرالية إفريقية للكيمياء في خدمة الابتكار والإندماج الإقليمي    طنجة تحافظ على جاذبيتها المعيشية رغم التحديات العقارية    الجامعة الوطنية للتعليم FNE تنتقد تراجع الحكومة عن تنفيذ الاتفاقات وتلوح بالتصعيد    31 قتيلا و2862 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    وفاة سجين محكوم بقانون مكافحة الإرهاب في السجن المحلي بالعرائش    نشرة إنذارية: موجة حر مع زخات رعدية قوية محلية في عدة مناطق بالمملكة    تصعيد جديد للتقنيين: إضرابات متواصلة ومطالب بإصلاحات عاجلة        تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    تنسيقية مهنيي الطاكسي الصغير بطنجة تستنكر الزيادة في التسعيرة دون سند قانوني    لاعبات للتنس يرفضن التمييز بأكادير    طنجة.. توقيف متورطين في موكب زفاف أحدث ضوضاء وفوضى بساحة المدينة    الراحل محمد بن عيسى يكرم في مصر    جرسيف تقوي التلقيح ضد "بوحمرون"    النقاش الحي.. في واقع السياسة وأفق الدستور! -3-    بالصدى .. «مرسوم بنكي» لتدبير الصحة    كلمة .. الإثراء غير المشروع جريمة في حق الوطن    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    ندوة توصي بالعناية بالدقة المراكشية    تيزنيت تستعد لاحتضان الدورة الجديدة من «الكرنفال الدولي للمسرح»    أنغام تخرج عن صمتها: لا علاقة لي بأزمة شيرين وكفى مقارنات وظلم    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    الرعاية الملكية السامية شرف ومسؤولية و إلتزام.    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    ضجة الاستدلال على الاستبدال    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سينما السلام .. أكادير تودّع مَعلَمة تاريخيّة وسمت ماضي المنطقة
نشر في هسبريس يوم 17 - 08 - 2015

منذُ بضْعة أشهُرٍ، نَزَلَ الخبرُ كالصّاعقة على سُكّان مدينة أكادير: "سينما السلام" بتاريخها العريق ورَمزيتها التاريخيّة وهندستها المعماريّة الفريدة من نوْعها بِيعتْ لمُنْعشٍ عقاريّ". كانَ لعمليّة البيْع هذه معنى واحد، وهوَ أنّ القاعةَ السينمائيّة التي صمدتْ في وجْهِ الزلزال الذي دكَّ مدينة أكادير ليلة 29 فبراير سنة 1960 وأتى على أغلبِ أبْنيتها، أصبحَ صُمودُها في كفّ عفريت، فبيْعُها لمنعش عقاري معناه الوحيد أنَّ الجرّافاتِ ستدكُّ القاعة وتسوّيها معَ الأرْض لينتصبَ مكانَها مشروع سكنيّ، وبالتالي يندثر جُزْءٌ بارز من تاريخ مدينة الانبعاث.
منذُ عشر سنواتٍ أغلقتْ "سينما السلام" الواقعة في حيّ "البطوار" وسطَ مدينة أكاديرَ أبوابها، لتلْتحق بركْبِ عشراتِ القاعات السينمائية التي انطفأ نورُ شاشاتها الفضيّة إلى الأبَدِ في عدد من المُدنِ المغربيّة، لكنَّ "سينما السلام" تختلفُ عنْ باقي القاعات السينمائية المغربيّة، لا لتاريخها العريق فحسْبُ، بلْ أيضا لكوْنها جُزءً متميّزا من ذاكرة مدينة أكادير، فحينَ اهتزّتْ أرض المدينة وزُلْزلتْ، كان عددٌ من الناس يُتابعون شريطا سينمائيا داخلَ القاعة، وحينما خرجوا لم يجدوا في أحياء المدينة سوى الأنقاض والغبار، بيْنما ظلّت السينما صامدة في مكانها.
سُكّانُ مدينة أكادير، والفاعلون المدنيّون المُهتمّون بالشأن الثقافي على الخصوص، أدْركوا منذُ الوهْلة الأولى لسماع خبرِ بيْع القاعة السينمائيّة أنَّ عليْهم أنْ يتحرّكوا، لإنقاذها منَ الهدْم، وكانتِ الوجْهة في البداية المُحافظة العقارية، "هُناكَ حصلْنا على معلومات تؤكّدُ أنّ سينما السلام بيعتْ لمُنْعش عقاري"، يقول محمد بجلات، رئيس جمعية "ملتقى إيزوران نوكادير"، وعنْدما تأكّدَ خبرُ البيْع، يضيفُ محمد بجلات، تمَّتْ مكاتبة مدير الوكالة الحضرية، ليتأكّدَ أنَّ سينما السلام أصبحتْ، فعلا، في كفّ عفريت، بعدما تأكّدَ أنَّ ما هُوَ مُخطّط له هوَ أنْ تتحوّلَ إلى مشروع عِمارةٍ.
تحويلُ "سينما السلام" إلى عمارة سكنيّة جُوبهَ بالرفْض من طرف الأكاديريين، ففي شهر ماي الماضي نُظمتْ وقفة أمامَ مبنى "سينما السلام"، أطرّتها جمعية "ملتقى إيزوران نوكادير"، وطالبَ المشاركون في الوقفة من الجهات المسؤولة حماية القاعة، وموازاةً مع ذلك تمّ إنشاء صفْحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك"، عبّر فيها عدد من النشطاء عنِ رفْضهم التامّ لهدم القاعة السينمائية التاريخية. وكتبتْ خديجة معبّرة عن تذمّرها من قرار البيع: "بَدلَ أنْ يُحافظوا على سينما السلام، ويُحوّلوها إلى متحف، يسْعوْنَ إلى هدْمها. يا لَلْعار".
ولمْ تكتف خديجة بالتنديد بمخطّط هدم "سينما السلام"، بلْ دعتْ شباب أكاديرَ إلى التحرّك قصْد إجهاض هذا المخطّط، وكتبتْ: "هيّا يا شباب، لا تتركوهْم يفعلوا، فهذا جُزءٌ من تراث سوس". وبالموزاة معَ التحرّكات على مستوى المواقع الاجتماعيّة، تمّت مُراسلة وزارة الثقافة، باعتبارها الجهة الوصيّة على التراث، وأوْضح محمد بجلات أنَّ الجمعية التي يرأسُها تدفعُ في اتجاه أنْ تتحوّل "سينما السلام" إلى تراثٍ مُحفّظ له قيمة تاريخيّة، وبالتّالي يُمْنعُ هدْمه، وأضافَ "أمامنا مدّة زمنية من سنتيْن لوقْف مشروع الهدم".
وفي خضمّ تزايُد المخاوفِ من أنْ تأتيَ جرّافاتُ المنعش العقاري الذي بيعتْ له "سينما السلام" وتدكّها دكّا، وتحْويلها لاحقا إلى عمارة سكنيّة، يبْدو محمد بجلات متفائلا، وإنْ بحَذر، بخصوص احتمالِ ربْح معركة إنقاذ القاعة السينمائية التاريخية من الهدْم، "فالمنْعش العقاري الذي اقْتنى القاعة -يوضّحُ المتحدّث- كانَ يُدرك أنّه اشترى قاعة سينمائية، والمركز السينمائي المغربي لا يمنح تصريحا بهدْم القاعات السينمائية إلّا إذا كانَ الهدفُ هو إعادة ترميمها". ويُضيفُ محمد بجلات أنَّ الحلَّ هُوَ تعويضُ المُنعش العقاري الذي اقتنى القاعة من عند ورثة صاحبها، بوعاءٍ عقاريٍّ آخر، من طرف المجلس البلدي، لإقامة مشروعه وترْك "سينما السلام" في سلام.
وسط التناقص المطّرد لعدد القاعات السينمائية في المغرب خلال السنوات الأخيرة أصبحتْ مدينة أكادير، وهي ثاني مدينة سياحية بعد مراكش، خاليَةً تقريبا منْ أيّ قاعةٍ سينمائيّة تعرض الأفلام. فعلى الرغم من أنَّ المدينة بها ثلاث قاعات (السلام، ريالطو، الصحراء)، إلّا أنّها أوْصدتْ أبْوابها جميعُها، (سينما الصحراء تفتح أبوابها بيْن فيْنة وأخرى، لكنّها شبْهُ مُغلقة)، ويُعلّق محمد باجلات على هذا الوضع قائلا: "إنّها مفارقة غريبة، فقبْل الاستقلال كانتْ في مدينة أكادير خمْسُ قاعاتٍ سينمائية، واليوم لم تعُد هناك قاعة واحدة"، أمّا وفاء، وهيَ فاعلة مدنيّة، فتُعبّر عن مخاوفها من هدْم "سينما السلام" بالقول: "غانبْقاوْ بْلا سينما بْلا تاريخ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.