مهنة الصحافة كما هو معروف هي مهنة المتاعب،وفي كل أرجاء العالم كان الصحافي ولا يزال هو من يتعرض للقمع والإهانة وحتى السجن .هذا هو ثمن العمل في رحاب صاحبة الجلالة وكل من ابتلي بحب هذه المهنة ،لا شك أنه يضع في الحسبان أنه يوما ما إما سيجن أو على الاقل قد يتعرض لاعتداء جسدي من قبل بعض البلطجية المأجورين من أجل ابتزاز هذا الصحفي وإرغامه على دخول سوق راسو .طبعا ليس كل الصحافيين يتعرضون لهكذا مضايقات ، بل قط أولائك الذين يرفضون أن يضعوا رؤوسهم في الرمال كما تفعل النعامة ،ويصرون على فضح الفساد بكل تماسيحه وعفاريته . بيد أن الفضيحة التي تورط فيها الصحفي الفرنسي الشهير "اريك لوران " الذي حاول أن يبتز الملك محمد السادس ، مقابل التراجع عن اصدار كتاب يقول بأنه قيد الطبع ،بمشاركة زميلته الصحفية الفرنسية الشهيرة ،"كاترين غراسييه " .قلبت المعادلة رأسا على عقب وأصبح الصحفي هو من يبتز رمز دولة لها سيادة واحترامها بين الدول . السقطة المهنية المدوية لهذا الصحفي الشهير ، لم تسئ إلى التاريخ المهني لاريك لوروان الذي يبلغ من العمر 68 سنة ، والذي لا ينقصه لا مال ولا جاه ، بل ورط أيضا الصحافة الفرنسية ، التي لم تستسغ أن يكون بين ظهرانيها مرتزق من مستوى عال يحاول ابتزاز الملك من أجل الحصول على مزيد من المال . كان بالإمكان أن يتسبب ما أقدم عليه اريك لوران في خلق أزمة دبلوماسية بين الرباط وباريس ،لكن من حسن الحظ أن عاهل البلاد ، تعامل مع محاولة الصحفي الشهير فأن يبتززه وفق ما ينص عليه القانون ،وفرفع دعوة قضائية ضد لوران من أجل أن يقول القضاء قوله المنصف في هذه النازلة .سلوك الملك المنطقي والقانوني سيضع حدا أمام صحافيين آخرين قد يحاولن في المستقبل ابتزاز أي ملك أو رئيس دولة من أجل الحصول على غنائم مادية . أريك لوران ، سبق له وكما هو معروف أن أصدر العديد من الكتب ، ضمن ما يسمى بالصحافة الاستقصائية ، التي تعلم أبجدياتها في الولاياتالمتحدة في القرن الماضي . وقد حاور الملك حل الحسن الثاني ، وأصدر كتابا خاص بالعاهل الراحل تحت عنوان ، "ذاكرة ملك "ثم أصدر كتابه المعروف "الملك المفترس " سنة 2012 والذي انتقد فيه المؤسسة الملكية الحالية ، متهما إياها بأنها تبتلع الاقتصاد المغربي ، وتسيطر على ثروة المغرب والمغاربة . هذا الكتاب رغم حدة الانتقاد ، لم يعرض اريك لوران ولا زميلته كاترين غراسيه ، لأي متابعة قضائية .بل نشر بكل حرية وقرأه المغاربة كما قرؤوا العديد من الكتب التي جعلت من المؤسسة الملكية موضوعا لها .كان على الصحفي الشهير أن يواصل عمله كما يحلو له ، وأن ينشر كتابه بشكل عادي .لكن الرجل قرر العكس وارتأى أن أن يلجا النصب والاحتيال ،وقرر أن يطلب من الملك 3ملايين يورو من أجل أن يتراجع عن اصدار كتابه . لم يأبه الصحفي لسمعته ولا لتاريخه الصحفي ولا لسمعة الصحافة في بلاده كل هذا ضرب به عرض الحائط من الحصول على المال بكل جرأة ووقاحة . الصحفي الذي أفرج عنه تحت المراقبة القضائية، بعد الشكوى التي تقدمت بها السلطات المغربية إلى القضاء الفرنسي بتهمة ابتزاز الملك .الأمن الفرنسي أجرى تحقيقه الخاص ونصب فخا محكما لأريك لوران ، حيث تابع عن كثب عملية تسلم الصحفي لمبلغ 80 ألف يورو يوم 21 من الشهر الجاري ليتم القبض عليه من قبل الاجهزة الامنية الفرنسية متلبسا بما نسب إليه . زملاء اريك لوران استغربوا من سلوك هذا الصحفي المعروف بتمكنه وخبرته في مجال الصحافة ،ولم يتوقعوا أن يصدر عنه هكذا سلوك .خاصة و أن الرجل غني بما يكفي. بل إن أم ما تبقى من أيام عمره لن تكفيه ليستهلك كل ما جمعه من ثروات من مهنة الصحافة .فما الذي جعل هذاالرجل يغتال تاريخه المتميز كصحفي ، ويقع في ورطة لا يمكن أن تخطر سوى على بال البلطجية وممن هم في حاجة ماسة إلى المال .ذلك ما لا يمكن الاجابة عنه ، لكن وكما يقال المثل :غلطة الشاطر بألف ،لذلك ما علينا سوى أن نسأل الله السلامة وحسن الختام .