استنكر ناشطون وجمعويون بطنجة انطلاق عملية هدم ملعب مرشان بهدف تحويله إلى فضاءات وساحات خضراء، وذلك من خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، خصوصا، والذي عجّ بمنشورات تستهجن "القضاء على هذه المعلمة التاريخية". واعتبر الناشط والمؤرخ بن عبد الصادق الريفي، في منشور له، أن "طنجة تهدم ذاكرتها المكانية والتاريخية بيدها وكأن الآفاق انسدت لخلق المشاريع بالأماكن التاريخية الهامة"، مضيفا: "هذا إن دل على شيء فإنما يدل على فقدان الحس الإبداعي وحس الانتماء لهاته الأمكنة التي بصم وجودها مكانا وعلائق خاصة بين كل الناس..أخاف أن يأتي هذا المسلسل في النهاية على القضاء على كل شيء مادي موجود على الأرض، لتبقى فقط مجرد صور وأوراق..من بداية الألفية الثالثة والأمور تسير من سوء نحو الأسوأ". وعلى قلّتهم، إلا أن هناك آخرين رأوا أن الشكل الجديد للمنطقة "سيكون متنفسا لساكنة مرشان والأحياء المجاورة، حيث سيشرع في تهيئة ملعب مرشان ليصبح للعموم ويستفاد منه بعد أن أهمل لمدة رغم تاريخه الكروي"، يقول ابن طنجة حسن العلوي في منشور له على "فيسبوك". وفي تصريح لهسبريس، قال ربيع الخمليشي، رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، إن المرصد قام، في اجتماع له مساء الاثنين، بتحيين مذكّرة كان قد وجهها إلى كلّ من الجماعة الحضرية والولاية والوكالة الحضرية، في يناير من السنة الماضية، والتي تضمّ فقرة خاصة بضرورة تصنيف المعالم الرياضية للمدينة لما تمثله من ذاكرة جماعية لأبنائها، وعلى رأسها ملعب مرشان. وأضاف الخمليشي قائلا: "نعتزم توجيه مراسلة للجماعة الحضرية بخصوص ملعب مرشان خصوصا، لأن المعلومات متضاربة وهناك ضبابية في مسألة تأهيله، وكم من مشاريع كانت تبدو مقبُولة على الورق، لكننا فوجئنا بانحرافها عن مسارها. بالنسبة لنا ملعب مرشان هو فضاء رياضي له قيمة اعتبارية كبيرة وجزء من ذاكرة المدينة، والمساس به، بأي شكل من الأشكال، هو مس بذاكرة أبنائها". بالمقابل، اعتبر محمد البشير العبدلاوي، عمدة طنجة، في اتصال هاتفي أجرته معه هسبريس، أن الأشياء لا تُقيّمُ لذاتها ولكن للوظيفة التي تؤدّيها والتي أوجدت من أجلها، مستدلا على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة أم المؤمنين: "لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لهدمت الكعبة وجعلت لها بابيْن". وأضاف العبدلاوي قائلا: "في نظرنا، ملعب مرشان استوفى الغرض الذي وُجد من أجله، وذلك منذ بناء ملعب ابن بطوطة الذي تتوفر فيه كل الشروط لإجراء المباريات. ولو اعتمدنا منطق القيمة التاريخية، فلن نستطيع تغيير أي شيء في المدينة باعتبار أنّ له تاريخا معيّنا. في نظري، المهمّ هو أن يكون التغيير نحو الأفضل، فالملعب لن يُهدم ككل بل فقط سوره ومدرّجاته، بينما سيصبح المكان ككلّ عبارة عن مساحات خضراء وأماكن ترويح للأطفال، إضافة إلى ملعبين معشوشبين، وهو ما ستستفيد منه ساكنة طنجة عموما، وأهل منطقة مرشان خصوصا". واعتبر العبدلاوي في ختام حديثه أن رفض بعض ساكنة طنجة لهذه التغييرات أمر طبيعي، نظرا للتحولات الكبيرة التي تشهدها طنجة والتي "ستُرضي البعض بينما ستغضب آخرين". يذكر أن ملعب مرشان كان قد انطلق بناؤه سنة 1937، وافتتح رسميا سنة 1939، حيثُ شهدت أرضيته إقامة عدد من المباريات؛ كان أهمّها مباريات الدرجة الثانية للدوري الإسباني بمشاركة فريق España de Tánger في خمسينيات القرن الماضي، قبل أن يصبح ملعب فريق اتحاد طنجة الرسمي ابتداء من سنة 1983. يشار إلى أن تكلفة المشروع ستبلغ ما يقارب 16 مليون درهم، ومن المرتقب أن تنتهي الأشغال خلال 4 أشهر من تاريخ انطلاقها الذي هو فاتح مارس. ويشمل المشروع تهيئة ملعب لكرة القدم، وخلق فضاءات خضراء، وإحداث موقف للسيارات، وإنشاء شبكة إنارة عمومية.