لا شك أن المتتبع لتحركات زعيم حزب التراكتور في الآونة الأخيرة يستغرب الخرجات غير المفهومة في ظاهرها والمثيرة في جلها. أول ما صرّح به إلياس العماري بعد تنصيبه أمينا عاما لحزبه هو هدفه السامي، المتمثل في محاربة الإسلاميين. كانت رسالة منه لمن يهمهم الأمر داخل البلاد وهناك، في بلد أطول الأبراج وأكبر الناطحات. وبسبب ما أثاره تصريحه من انتقاد من قبَل مختلف شرائح المجتمع، خرج صاحبنا -أياما بعد ذلك- يعلن أنه يفرق بين الإسلاميين وبين المسلمين. شخصيا، لست أعلم كيف يستطيع من صلى بالناس يوما بدون وضوء (أعلنها يوما وبفخر، يا حسرة!) أن يدلو بدلوه في أمور دينية؟! خرجات زعيم "البام" ليست بالعفوية، وهي بالتأكيد تنزيل لبرنامج مخطط له سلفا يهدف بالأساس إلى الحفاظ على الخزان الانتخابي في القرى ومحاولة استمالة بعض الأصوات الجديدة لتعزيز ترتيب حزب التراكتور في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. فتنظيم ندوة الكيف والمخدرات كان الهدف من وراءها بيع الوهم لتجار المخدرات الكبار، الذين يحلمون بتعبيد الطريق لشاحناتهم وقواربهم مقابل تمويل حملات الحزب الانتخابية وتوفير السيولة لقنواته الإعلامية؛ وطبعا تغطية باقي خرجات زعيمهم في الداخل والخارج. وفي الوقت نفسه تكلف بعض الأعيان بالتواصل مع الفلاحين والمزارعين الصغار في قرى الريف لتقديم وعود زائفة حول تقنين زراعة الكيف مقابل كسب تعاطفهم وأصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. بعد ذلك بأسابيع، كانت للزعيم المرحلي لحزب الدولة العميقة خرجة تجاوزت الحدود، ليحط الرحال بمنطقة كردستان - العراق. ظهور إلياس في حلة تقليدية شبيهة بلباس زعيم الأكراد البارزاني واختيار زيارة الحزب الديمقراطي الكردستاني، المعروف بنزعته الانفصالية، وحلمه بإقامة الدولة الكردية في شمال العراق فيه رسائل ابتزاز للدولة للحصول على دعمها وإلا التلويح بورقة الحكم الذاتي للريف، وفي الوقت نفسه كسب تعاطف أبناء المنطقة من المتعصبين وغيرهم من النشطاء الأمازيغ ممن تجمعهم علاقات بالأكراد، كالحركة الثقافية الأمازيغية. هي، إذن، خرجات ذات صبغة انتخابية محضة تهدف، تارة، إلى تمرير رسائل إلى الجهات الممولة، وتارة، إلى استقطاب الأصوات عبر بيع الوهم، وتارة أخرى، عبر محاولة الظهور بمظهر الرجل الحديدي الذي يستطيع تحريك الكراكيز السياسية وغير السياسية لفرملة قطار الإصلاح والتشويش على العمل الحكومي وحزب العدالة والتنمية خصوصا. فهل سيستطيع إلياس تحقيق أهدافه وأهداف من يقفون خلفه؟ القرار بيد الشعب المغربي يوم 7 أكتوبر وبيد قادة حزب العدالة والتنمية وكل شرفاء هذا الوطن.