النسخة السادسة والثلاثون من عرض الموضة Révélations صُنع في المغرب: تكريم للتميز في الإبداع المغربي    بركة: 300 كيلومتر من الطرق السريعة قيد الإنجاز وبرمجة 900 كيلومتر إضافية    ميناء الحسيمة يستقبل أول رحلة في إطار عملية مرحبا 2025    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    تعادل وفرص بالجملة وأداء ولا أروع وخروج من البطولة للمارد الأحمر في أخر محطات كأس العالم للأندية    إيران ترد بقوة على اغتيال عالمها النووي    بين الآلي والإنساني .. "إيسيسكو" تناقش الجامعة في زمن الذكاء الاصطناعي    إيران تؤكد الاستعداد لوقف الهجمات    جيش إسرائيل: إيران تواصل القصف    الملك محمد السادس يؤكد للأمير تميم تضامن المغرب مع قطر    الهلال السعودي يتواصل مع النصيري    الأهلي يتعادل ويغادر مونديال الأندية    بركة: انقطاعات مياه الشرب محدودة .. وعملية التحلية غير مضرة بالصحة    بنعلي: الحكومة تشتغل على تطوير البنيات التحتية للسيادة الطاقية المغربية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأحمر    الدرك يقتحم "فيلا الماحيا" في الجديدة    إيران وإسرائيل تطويان صفحة الحرب!    عاجل.. ترامب يعلن الاتفاق على وقف كامل وشامل لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران    ترامب: إسرائيل وإيران وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار"    أشرف حكيمي يتألق ويقود باريس سان جيرمان لثمن نهائي كأس العالم للأندية بتتويج فردي مستحق    مفتش شرطة يشهر سلاحه لتوقيف شقيقين في حالة سكر هددا الأمن والمواطنين    الحسيمة تترقب زيارة ملكية خلال الأيام المقبلة    جمعية تطالب بمنع دخول السيارات والدراجات إلى الشواطئ بعد حادث الطفلة غيثة    أوروبا الغربية تستقبل موسم الصيف بموجة حرّ مبكرة وجفاف غير مسبوق        تعليق مؤقت لحركة الملاحة الجوية في البحرين والكويت كإجراء احترازي في ظل تطورات الأوضاع الإقليمية    فرنسا تجدد التأكيد على أن حاضر ومستقبل الصحراء "يندرجان بشكل كامل في إطار السيادة المغربية"    نظام أساسي جديد لموظفي الجماعات الترابية    الذهب يرتفع وسط الإقبال على أصول الملاذ الآمن مع ترقب رد إيران    27% من القضاة نساء.. لكن تمثيلهن في المناصب القيادية بالمحاكم لا يتجاوز 10%    حموشي: المديرية العامة للأمن الوطني تولي أهمية خاصة لدعم مساعي مجابهة الجرائم الماسة بالثروة الغابوية    بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية القمري حاملا رسالة من الرئيس أزالي أسوماني إلى الملك محمد السادس    دعاية هزيلة.. بعد انكشاف مقتل ضباط جزائريين في طهران.. نظام العسكر يُروج وثيقة مزورة تزعم مقتل مغاربة في إسرائيل    ياسين بونو يتوج بجائزة رجل المباراة أمام سالزبورج    بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام    كأس العالم للأندية.. "الفيفا" يحتفل بمشجعة مغربية باعتبارها المتفرج رقم مليون    إشكالية التراث عند محمد عابد الجابري بين الثقافي والابستيمي    بسمة بوسيل تُطلق ألبوم "الحلم": بداية جديدة بعد 12 سنة من الغياب    صديق المغرب رئيس سيراليون على رأس المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ( CEDEAO)    الشعباني: "نهائي كأس العرش ضد أولمبيك آسفي سيكون ممتعا.. وهدفنا التتويج باللقب"    مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تنظم المعرض الفوتوغرافي "أتيت من نظرة تَعْبُرُ" للفنان المصور مصطفى البصري    نقابيو "سامير" يعودون للاحتجاج على الموقف السلبي للحكومة وضياع الحقوق    "تالويكاند" في دورته الرابعة.. تظاهرة فنيّة تحتفي بتراث أكادير وذاكرتها    رأي اللّغة الصّامتة – إدوارد هارت    وسط ارتباك تنظيمي.. نانسي عجرم تتجاهل العلم الوطني في سهرة موازين    هذه تدابير مفيدة لتبريد المنزل بفعالية في الصيف    موازين 2025.. الفنانة اللبنانية نانسي عجرم تمتع جمهورها بسهرة متميزة على منصة النهضة    موازين 2025 .. الجمهور يستمتع بموسيقى السول في حفل المغني مايكل كيوانواكا    كأس العالم للأندية 2025.. ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي (3-1)    موجة الحر في المغرب تثير تحذيرات طبية من التعرض لمضاعفات خطيرة    دراسة تكشف وجود علاقة بين التعرض للضوء الاصطناعي ليلا والاكتئاب    وفاة سائحة أجنبية تعيد جدل الكلاب الضالة والسعار إلى الواجهة    ضمنها الرياضة.. هذه أسرار الحصول على نوم جيد ليلا    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القديس أوغسطين .. أمازيغي يتربع على عرش فقهاء المسيحية
نشر في هسبريس يوم 10 - 06 - 2016

تطور العلاقات المغربية - المسيحية من العصر الروماني إلى نهاية القرن العشرين، سلسلة تنشرها هسبريس مُنَجمة عبر حلقات يومية في شهر رمضان الكريم.
3. القديس أوغسطين (354م-430م)
كل فترة تاريخية مثقلة بصدامات الأفكار والنظريات وتعدد التيارات والتوجهات، لابد وأن تفرز رجالاتها ورموزها التي تجسد أنماطا جديدة على مستوى الآراء والتصورات، وتنعكس سلبا أو إيجابا على السلوكيات. وهذا ما حدث بالضبط خلال الحكم الروماني في شمال إفريقيا. لقد اختلطت الآلهة الأمازيغية بالآلهة الفينيقية والقرطاجية ثم بالآلهة الرومانية وبالديانة المسيحية، وخلف هذا الزخم وعيا جديدا لدى المجتمع الأمازيغي ودفعه إلى إيجاد فضاء فكري وسياسي لكي يساعده على تحديد هويته.
وكان هذا دليلا قويا على انفتاح المغاربة القدامى على محيطهم الحضاري الخارجي بخيره وشره، ولم يكن أسلوب تعاملهم مع الآخر هو الرفض التام، وإنما التكيف مع الحفاظ على المقومات الأساسية للذات. فلا غرابة أن نجد من بين الزعماء السياسيين والقادة العسكريين والمفكرين الدينيين لتلك العصور أمازيغ شهد لهم التاريخ بكفاءتهم وقدرتهم على استيعاب التطورات الثقافية والحضارية والتأثير في صيرورتها.
ففي مجال الدين المسيحي، برزت في شمال إفريقيا أسماء لامعة يعتد بها إلى الآن عند المسيحيين، من أمثال سيبريان وترتيليان وأوغسطين. وهذا الأخير يعتبر بكل تأكيد من بين أكبر فقهاء الديانة المسيحية وأعمقهم فلسفة وتبصرا إلى يومنا هذا. وإذا كانت المصادر لا تشكك في أصله الأمازيغي، فإنها كذلك غير مخطئة عندما تركز على روما المسيحية كموطنه الفكري.
وقد شكلت إسهاماته المعرفية العديدة، و منها مؤلفين تحت عنوان: «مدينة الله» و«اعترافات»، حلقات مضيئة في التراث والآداب المسيحية التي لا يستغنى عنها في دوائر الاختصاص.
ازداد القديس أوغسطين يوم 13نونبر من سنة 354م بسوق أهراس (بالجزائر) وتوفي يوم 28 غشت سنة 430م بعنابة.
ومعلوم أنه لم يعتنق الديانة المسيحية حتى تجاوز الثلاثين من عمره، وكان ذلك سنة 386م بمدينة ميلانو الإيطالية. وقد سبق له أن قضى فترة مهمة من شبابه المضطرب في روما التي كانت تستهويه فكريا وثقافيا، لكن ظروف العيش فيها لم تعوض له بما فيه الكفاية الدفء الاجتماعي واعتدال الطقس الإفريقي، سيما وأن حالته الصحية لم تكن دائما جيدة لتتحمل برودة العاصمة الرومانية، تنضاف إلى ذلك أسباب أخرى كان لها الآثار البالغة على نفسيته، وتتجلى في تهكمات بعض حساده في الأوساط المسيحية المثقفة: كانوا يعيبون عليه لكنته الأمازيغية والأخطاء النحوية والأسلوبية في كتاباته اللاتينية.
بيد أن أوغسطين كان يجيد الرد على منتقديه ويجاهر بافتخاره بالانتماء إلى إفريقيا. ونظرا لتمكنه من الفلسفة اليونانية، فإن بعضهم كان ينعته متهكما ب"أرسطو القرطاجيين"، مما كان يكشف بكل وضوح عن وجود مضايقات ذات طابع عنصري تستهدف أوغسطين لكونه أمازيغيا حاول اختراق النظرة الاستعلائية الرومانية بفضل جده واجتهاده وليس بفضل حماية الرومان له.
ومهما يكن من أمر، فإن القديس أوغسطين جند نفسه عن اقتناع عميق وبكل إخلاص دفاعا عن الديانة المسيحية. إنه لم يكتف بتوسيع أنشطته الرعائية خلال خمس وثلاثين سنة من حياته، بل أعطى روحا جديدة للمسيحية وكافح بكل قواه ضد المنشقين الدوناتيين والبلاجيين، وأضحى بفضل تفانيه وعمق تفكيره مدرسة قائمة الذات يعتبرها بعض المختصين المعاصرين بمثابة الموروث اللاهوتي الجماعي بالنسبة للغرب المسيحي قاطبة.
وفي كل سنة –حاليا- هناك ما لا يقل عن معدل ثلاثمائة وخمسين دراسة حول فكر القديس أوغسطين والتأثيرات التي خلفها في اتجاهات متعددة، ليس أقلها تأثيره على مارتان لوثر (1483 - 1546) وجون كالفن (1509 –1564) اللذين كانا وراء التيار الإصلاحي الذي هز الكنيسة في القرن السادس عشر، والذي أدى إلى ظهور المذهب البروتستانتي.
ومن سخرية الأقدار، فإن هذا المفكر الأمازيغي اللامع مات محاصرا من طرف القوات الظلامية الوندالية.
*أستاذ التاريخ المعاصر وعلوم الإعلام والاتصال بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة- طنجة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.