في وقت يسير المغرب إلى خوصصة عدد من المؤسسات والمقاولات العمومية، دعا المجلس الأعلى للحسابات إلى إعادة النظر في هذه المسألة، ونهج سياسة جديدة في ما يتعلق بالخوصصة. وشدد المجلس، في تقرير جديد له حول المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب، على أنه أضحى من الضروري تحيين الآليات القانونية المتعلقة بالخوصصة وحركات المحفظة العمومية في اتجاه تخفيفها وملاءمتها مع المحيط الوطني والدولي، فيما أوصى بالعمل على إعادة النظر في الآليات المتعمدة في تحديد قائمة المؤسسات العمومية المرشحة للخوصصة.. "وعليه يمكن أن يتم سنويا تحضير مقترحات بشأن المقاولات العمومية المزمع خوصصتها بمناسبة تقديم مشاريع قوانين المالية، بغية تحقيق تدبير مرن ودينامية للمحفظة العمومية، يتلاءم مع إكراهات المحيط الذي تعمل فيه هذه المنشآت"، يضيف التقرير ذاته. وبخصوص المساهمات غير المباشرة للدولة، ومن أجل إعطاء دينامية أكبر للمساهم العمومي وحثه على اتخاذ القرار الملائم، أكد المجلس الأعلى للحسابات أنه ينبغي إثارة مسؤولية الهيئات التداولية للمؤسسات والمقاولات العمومية، مالكة هذه المساهمات، في المواضيع الإستراتيجية، وفق المبادئ المتعلقة بحكامة المقاولات. ومن أجل منح عمليات الخوصصة الدينامية اللازمة، يورد التقرير، سيكون من الملائم مراجعة الآلية المعتمدة بموجب القانون رقم 89-39 المتعلق بالترخيص بتفويت المقاولات العمومية للقطاع الخاص في اتجاه مشاركة أفضل للجنة التحويلات وهيئة التقييم، المدعوتين إلى تشكيل قوية اقتراحية لتتبع ومواكبة هذا المسلسل وتوجيهه باستمرار. وفي مقابل ذلك، شدد التقرير على ضرورة أن تبقى المقاولة العمومية من خلال أجهزتها التداولية، مستقلة في تبني إستراتيجيتها، شريطة أن تتماشى هذه الأخيرة مع السياسة الاقتصادية والاجتماعية المرسومة من قبل الحكومة، ثم التوجيهات الإستراتيجية لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية. وتبعا لذلك، يضيف التقرير، يتعين الحفاظ على استقلالية المقاولة العمومية بشكل دائم، إذ لا يستحسن اتخاذ أي قرار هام يخصها دون إشراك أجهزة الحكامة الخاصة بها. كما يوصي المجلس بإشراك المقاولات العمومية عند اقتراح الدولة لمشاريع نصوص قانونية من شأنها التأثير على توازناتها الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى دعوته إلى تخفيف الوصاية التقنية في ما يتعلق بسلطة المصادقة والتأثير على الأعمال التي تدخل في صلاحيات مجلس الإدارة. ودعا المجلس الأعلى للحسابات إلى تحديد مهمة كل مقاولة عمومية بشكل واضح، لكي لا تحيد عن نطاق ما حددته لها النصوص القانونية المنظمة لها، وتعمل في تناسق مع سياسة الحكومة والإستراتيجية القطاعية التي تعمل في إطارها؛ كما ينبغي على الأجهزة التداولية للمقاولات العمومية أن توجه هذه الأخيرة نحو ضرورة احترام التركيز على مهمتها الأساسية، واستنادا إلى هذه المهمة، يمكن تقييم إستراتيجية المقاولة وجودة تدبيرها وفق معايير الاقتصاد والفعالية والنجاعة. وفي السياق ذاته، دعا المجلس الأعلى للحسابات إلى تحقيق مبدأ التركيز على المهمة الأساسية للمقاولة قدر الإمكان، من خلال تفويض الأنشطة ذات الصلة أو الثانوية لمؤسسات خارجية، واللجوء إلى التعاقد والتخلي عن الأنشطة التي لا تدخل في صلب المهام الأساسية، والتخلي عن الأصول والمساهمات غير الضرورية لممارسة المهمة الرئيسية.