"نقاش الأحرار" يحط الرحال بسوس    افتتاح ملتقى دولي بأكادير بمشاركة 50 دولة تحضيرًا لأشغال منتدى الأمم المتحدة المعني بالغابات    ألكسندر دوغين: إسرائيل قد تلجأ إلى "خيار شمشون" وتستخدم السلاح النووي    8 قتلى في إسرائيل وإصابة 287 آخرين ووسائل إعلام عبرية تتحدث عن دمار هائل في تل أبيب الكبرى    "الوكالة المغربية للمياه والغابات" تحذّر سكان 9 أقاليم من اندلاع حرائق غابات    رخص "مقهى" و"مأكولات خفيفة" تتحول إلى مطاعم دون شروط السلامة.. فأين لجن المراقبة الصحية بطنجة؟        حملات تضليل رقمية تستهدف حموشي.. وتُراهن على النصاب هشام جيراندو    مرسلي تشيد بانخراط وتعبئة النساء للمشاركة السياسية    توتنهام الإنجليزي يضم المهاجم الفرنسي ماتيس تيل بشكل نهائي    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    معين الشعباني يقود نهضة بركان إلى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يكتسح أتلتيكو مدريد برباعية نظيفة في افتتاح مونديال الأندية    طاقم تحكيم برازيلي لمباراة الوداد ضد مانشستر سيتي    نهضة بركان يبلغ نصف نهائي الكأس        الهجمات الإسرائيلية تقتل 224 إيرانيا    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    نشرة انذارية: زخات رعدية محليا قوية ومصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة اليوم الأحد بعدد من المناطق    برنامج مباريات كأس العالم للأندية لكرة القدم يوم غدٍ الإثنين    مخاطر الحرب الإسرائيلية الإيرانية تعجل بارتفاع سعر النفط وتفاقم المضاربات    ترامب ينفتح على وساطة بوتين    مقتل رئيس الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني    الوداد يضم مدافعا برازيليا ويلتقي سفير المغرب بأمريكا    نجلاء موزي تمثل المغرب في بكين بعد فوزها بالنسخة ال24 لمسابقة "جسر اللغة الصينية"    "عبد الحفيظ دين" يناقش أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون الخاص بكلية الناظور    المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة يحتفي بشخصيات بارزة من عالم الفن السابع    المغرب يحتفي بيوم إفريقيا في لاس بالماس على خلفية التعريف بالتراث    مسافرون يتفاجؤون بفرض 10 كلغ كحد أقصى لحقيبتين يدويتين بمطار العروي    انتخاب سعاد لبراهمة رئيسة جديدة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.. وهذه لائحة المكتب المركزي    "العدالة والتنمية" يدق ناقوس الخطر إزاء تفاقم المديونية ويحذر من اختلالات جديدة في إعادة تشكيل القطيع    عزيزة داودة يكتب: موريتانيا في مواجهة التحديات الأمنية والدبلوماسية وإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الساحل    حب الملوك بصفرو : 101 سنة من الاحتفاء بالكرز والتراث المغربي الأصيل    إيران تعلن اعتقال "عميلين للموساد"    تسريب بيانات حساسة يفتح عين "دركي البورصة" على اختلالات خطيرة    التعادل مع إنتر ميامي يحزن الأهلي    المغاربة على موعد مع حر شديد .. والأرصاد الجوية تبسط الأسباب والتدابير    بعد غيابه لقرن من الزمان.. كزناية تحتضن مهرجان التبوريدة    ريدوان وبيتبول يبدعان في أغنية مونديال الأندية    فقدان حاسة السمع يرفع خطر الإصابة بالخرف    فرينش مونتانا يشعل حفل افتتاح مونديال الأندية بأمريكا بإطلالة بقميص المنتخب المغربي بخريطة المغرب كاملة    الرئيس الصيني يعيد نسج خيوط طريق الحرير: دينامية صينية جديدة في قلب آسيا الوسطى    إيران تقصف معهد وايزمان الإسرائيلي للعلوم    الدار البيضاء.. توقيف شخص متورط في سرقة بالعنف باستخدام دراجة نارية    تحطم طائرة مروحية تقل 6 أشخاص شمال الهند    المغرب يعزز موقعه في سباق الطاقة النظيفة: اتفاقية استراتيجية مع شركة صينية لإنتاج مكوّنات بطاريات السيارات الكهربائية    ماذا يفعل تحطُّم الطائرة بجسم الإنسان؟    قصة "حصان طروادة" المعتمَد حديثاً في المملكة المتحدة لعلاج سرطان خلايا البلازما    الحجاج يواصلون رمي الجمرات في أيام التشريق، والسلطات تدعو المتعجّلين للبقاء في المخيمات    الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات    16 دولة تدق ناقوس الخطر لمواجهة التغيرات المناخية على خلفية مؤتمر "كوب 30"    الولايات المتحدة تُعد قائمة حظر سفر جديدة تشمل 36 دولة بينها ثلاث دول عربية    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الانخفاض        السبحة.. هدية الحجاج التي تتجاوز قيمتها المادية إلى رمزية روحية خالدة    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكتب الشريف للفوسفاط : هل عملية التحويل لشركة مُساهِمة تُضْمِرُ غاية خوصصته؟

لقد عقد المغاربة أملا كبيرا على الفوسفاط منذ الاستقلال، إلا أنهم في نهاية المطاف عاينوا بأنهم لم يستفيدوا من ثروات وخيرات بلادهم بعد طول الانتظار وتحملوا الحرمان تواقين لغد أفضل، في حين استفاد غيرهم منها بقدر يثير الغثيان بعد انكشاف أمرهم، هذا علاوة على أن الكثير من هؤلاء كونوا ثرواتهم الخاصة من المكتب الشريف للفوسفاط، ولم نسمع ولو مرة واحدة، أن أحدا منهم تم إيقافه أو متابعته إلى حد الآن، رغم أن الأمر هم ملايير الدراهم، التي لو عرفت طريقها إلى الاستثمار أو خدمة آليات التنمية، لما عاشت بلادنا حالة العجز المشل أمام المعضلات الاجتماعية والاقتصادية. ""
إن الواقع الذي يعيشه الآن المكتب الشريف للفوسفاط (م. ش. ف)، ما هو إلا مشهد من مشاهد الإفلاس الذي آلت إليه بلادنا، وذلك في وقت لم يعد بمقدور أغلب المغاربة المزيد من تحمل الثقل الضريبي، وبعد أن تمت خوصصة جملة من القطاعات والمؤسسات وتوظيف مداخيل الخوصصة في مجالات غير منتجة، أي دون استخدامها في إنتاج ثروات مضافة.
والآن في خضم الاستعداد لتحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة برزت من جديد إشكالية خوصصته رغم تأكيد أكثر من جهة على عدم إدراجه ضمن لائحة المؤسسات العمومية القابلة للخوصصة، ومع ذلك مازالت الشكوك قائمة بهذا الخصوص.
الأسباب الداعية لتحويل م. ش. ف إلى شركة
إن السبب الجوهري الذي دعا إلى تحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة، هو الثقب الفظيع في صندوقه الداخلي الخاص بالتقاعد، والذي وصل عجزه إلى 33 مليار درهم، ومن المنتظر أن يضخ صندوق الإيداع والتدبير (CDG) ثلث هذا المبلغ (11 مليار درهم) ليصبح مساهما فيه بعد التحويل، وذلك على أساس تحمل الدولة الثلث الثاني عبر التخلي عن رسوم التصدير (والتي تمثل 700 مليون درهما سنويا)، ويبقى الثلث الأخير دينا على عاتق م. ش. ف.
إن عملية التحويل تستوجب تعديلات قانونية، وبالتالي ضرورة عرضها على السلطة التشريعية، علما أن القضية لا تقتصر على م. ش. ف، وإنما تهم كذلك كل المؤسسات التي تعرف مثل هذا التحويل المرتبط بالصناديق الداخلية، مثل المكتب الوطني للسكك الحديدية والمكتب الوطني للكهرباء وغيرهما، كما أنها ستستفيد جميعا من دعم الدولة المقرر في قانون المالية 2008، والذي يناهز 64 مليار درهم.
وفي هذا الإطار رأى البعض أن تدخل صندوق الإيداع والتدبير لإنقاذ م. ش.ف، طريقة من طرق التستر على الفساد وتمكين المسؤولين عليه من الإفلات من العقاب رغم أنف القانون الذي من المفروض أن يكون جاريا على الجميع في مغرب 2008.
يبدو أن تحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة، مرتبط بالبرنامج الفرنسي للمساعدة على تدبير المؤسسات العمومية، حيث تم تخصيص 3.4 مليون درهم لإقامة دراسات حول تحويل المنشآت العمومية إلى شركات مساهمة، ومختلف المؤشرات تفيد أن تحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة يدخل في هذا الإطار لتبرير المساعدات المقدمة، علما أنه منذ التحاق مصطفى التراب بالمكتب، قادما من البنك الدولي، قيل إنه يسير على درب العمل لاستعادة م. ش. ف عافيته، والدال على ذلك، أن أثاوة 34 درهم للطن المفروضة على صادرات الفوسفاط، ذرت على الخزينة العامة أكثر من 850 مليون درهم.
كما أن هذا التحويل فرضه البحث عن جهة تتحمل أكثر من 33 مليار درهم، مقدار عجز الصندوق الداخلي للتقاعد، وكان المنقذ هو صندوق الإيداع والتدبير، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل عن جانب من جوانب نهب م. ش. ف، دون أن تتم المساءلة ولو مرة واحدة.
افتحاص لم تكشف نتائجه بعد
خضع م. ش. ف، لعملية افتحاص قام بها خبراء أجانب، أكد أكثر من مصدر مطلع، أنهم اكتشفوا ثقوبا سوداء، لكن لم يتبع ذلك أي كشف عن خبايا هذا الأمر، ربما، حسب البعض، تجنبا للمطالبة بالمساءلة والمحاسبة، لأن، في عرفهم، يعتبر م. ش. ف من رموز السيادة المغربية.
ومن المعلوم أن شركات أجنبية كشفت عن سوء تدبير مالية المكتب الشريف للفوسفاط منذ أن التحق مصطفى التراب به في فبراير 2006، خلفا لمراد الشريف. كما أشارت إلى تورط مجموعة من المديرين والمسؤولين الكبار بالمكتب المذكور، مازالت إلى حد الآن لم تحضر الشجاعة لمساءلتهم رغم أن الأمر يهم ملايير الدراهم، اغترفت على امتداد سنوات بدون حسيب ولا رقيب، في حين تمت مساءلة موظفين بسطاء على درهيمات معدودات في إدارات أخرى، وزجهم في السجن بعد المحاكمة، وبذلك تشردت أسر الكثير منهم، لكن نجا من العقاب من استحوذ على ملايير الدراهم لأنهم عملوا بالقاعدة القائلة "كبّرها تصغار".
السيناريو
قال مصدر لم يرغب في الكشف عن هويته، إنه قبل إدراج نقطة تحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة في جدول أعمال المجلس الحكومي قبل نهاية 2007، تم تسريب معلومة مفادها أن المكتب المذكور من الممكن أن يكون موضوع الخوصصة، وذلك لتوفير الشروط الملائمة جدا لتمرير مشروع تحويله إلى شركة مساهة بسهولة، اعتبارا لفضائحه، سيما وأن قطاع الفوسفاط يعتبر أكبر قطاع إنتاجي بالمنظومة الاقتصادية الوطنية، وهو أهم مزود للخزينة العامة لما يذره عليها من مداخيل.
ماذا عن خوصصة م. ش. ف؟
مع حلول حكومة عبد الرحمان اليوسفي، تم الإقرار بالخوصصة كمحور استراتيجي دائم لتفعيل التنمية الاقتصادية بالبلاد، إذ قيل آنذاك كل ما يمكن بيعه في المزاد العلني يظل قابلا للعرض من أجل الخوصصة، وذلك في إطار تفعيل مبدأ "الكل قابل للخوصصة"، وقتئذ انتشر الحديث عن إمكانية خوصصة م. ش. ف، المورد الطبيعي الوحيد المتوفر بالمغرب، ولم يكن الاتحاد الأوروبي يهتم إلا بالخوصصة دون سواها.
فمنذ سنوات دار الحديث حول خوصصة مجموعة من المؤسسات تنشط في قطاعات ذات طابع استراتيجي، ومنها المكتب الوطني للكهرباء والمكتب الوطني للسكك الحديدية ومجموعة "رام" وم. ش. ف، آنذاك ثار العديد من المحللين الاقتصاديين بخصوص هذا الأمر.
لم يدرج المكتب الشريف للفوسفاط في لائحة المؤسسات المراد خوصصتها، هذا ما أكدته وزيرة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، أمام نواب لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، وتحويله إلى شركة مساهمة هو من أجل تحديث القطاع وتأهيله لخوض غمار المنافسة العالمية، وهذا ما أقره كذلك "مصطفى التراب المدير العام ل "م. ش. ف".
ورغم ذلك ظل بعض النواب يعتبرون أن تحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة، ما هي إلا خطوة ليكون مهيئا للخوصصة، متى تم التقرير في ذلك، علما أن الحديث عن خوصصته ليس بالشيء الجديد، وإنما ظهر منذ بداية الحكومة، التي قيل إنها حكومة التناوب التوافقي.
يرى البعض في تحويل م. ش. ف إلى شركة مساهمة خطوة متسترة للإعداد للخوصصة لاحقا، وذلك كما حصل لمجموعة من المؤسسات، قيل إنها مهمة وحيوية ولا يمكن خوصصتها، لكن بعد مدة انكشف أمر إدراجها ضمن المؤسسات المعدة للبيع في المزاد العلني.
م. ش. ف أهم مؤسسة عمومية على الإطلاق
كانت فترة ما بين 1905 و1912، مرحلة الرواد، تلتها مرحلة الدراسات الأساسية، ثم فترة الاستقلال، التي بدأت سنة 1921 بناحية واد زم بتزامن مع نزول أول قطار مشحون بالفوسفاط من خريبكة إلى ميناء الدار البيضاء في 30 يونيو 1921، وفي سنة 1931 انطلق استغلال منجم اليوسفية، وصولا إلى سنة 1959 التي عرفت إنشاء الشركة المغربية للدراسات المختصة والصناعية ("سميسي")، وشركة كيماويات المغرب سنة 1965، وشركة النقل الجوي ("سوطريك") سنة 1973، ثم انطلاق المركز المنجمي ببنجرير، ليظهر م. ش. ف سنة 1975، حيث بدأت انطلاقة سريعة (المغرب فوسفور 1 و2، ثم المغرب فوسفور 3 و4 بالجرف الأصفر، وشركة أورو – المغرب فوسفور "إيمافوسط و"إيما سيد"، وشركة "باكستان - مغرب فوسفور).
ومنذ إحداثه في بداية عشرينات القرن الماضي احتكر م. ش. ف قطاع الفوسفاط ومشتقاته بالمغرب، من الاستخراج إلى التحويل النهائي.
يعتبر الفوسفاط أهم ثروة طبيعية تتوفر عليها بلادنا الفقيرة للنفط أو الغاز، والفوسفاط المغربي يحتوي على اليورانيوم، علما أن م. ش. ف بحوزته "براءة اختراع" متعلقة بهذا الأمر.
ومن المؤشرات التي تبين غنى الفوسفاط المغربي باليورانيوم أن الشركة البلجيكية "برايون روبيل" (PRAYON-RUPEL) استخرجت منه 38 طن سنويا في التسعينات، وهذا ما أكدته إحدى تقارير البرلمان البلجيكي في دورته خلال ماي 1998، ومما جاء فيه... "[...] 5 بالمائة من اليورانيوم المستخدم في محطات توليد الكهرباء ب "دويل" و"تهانج" (ببلجيكا) تستخرج من الفوسفاط المغربي من طرف شركة "برايون"، وهذا ما يمثل 50 طن من اليورانيوم".
وشركة "برايون"، شركة بلجيكية، متخصصة في إنتاج الحامض الفوسفوري، ولها مصالح في الفوسفاط المغربي، إذ أن م. ش. ف يستخدم التقنية التي تمتلكها لصناعة الحامض الفوسفوري، ولها مساهمة مهمة في رأسمال م. ش. ف.
كما أن المغرب سبق وأن أعلن عن رغبته في إحداث محطات لتوليد الكهرباء النووي ارتكازا على اليورانيوم الذي يحتويه الفوسفاط، وكذلك الأمر بخصوص تحلية مياه البحر.
يلعب المكتب حاليا دورا حيويا في تمويل المالية العامة، إذ يعتبر ضمن 8 مؤسسات تمثل 91 بالمائة مما توفره المؤسسات العمومية للخزينة العامة.
وزارة الاقتصاد والمالية
مجرد تحويل وليست خوصصة
تعتبر وزارة الاقتصاد والمالية أن المكتب الشريف للفوسفاط مؤسسة عامة كبرى بالبلاد، تضطلع بدور حيوي وأساسي في الاقتصاد الوطني، ونظرا للرهانات الجديدة الفاعلة الآن على صعيد السوق الدولية للفوسفاط ومشتقاته، المتمثلة أساسا في بروز فاعلين جدد وازدياد حدة المنافسة، اضطر المكتب المذكور لولوج مرحلة جديدة بخصوص نموه الاستراتيجي مستهدفا بذلك مواجهة تحديات المنافسة وتدعيم مكانته كرافد دولي. وأول ما اهتم به ضرورة ملاءمة الإطار القانوني، سيما من خلال تحويل المكتب الشريف للفوسفاط من مؤسسة عامة إلى شركة مساهمة تخضع لتحكم الدولة، لكن مع الحفاظ على مصالح المكتب ومصالح أجرائه والمتعاقدين معه، وبصفة عامة على مصالح المملكة.
وتندرج عملية التحويل هذه في إطار إعادة هيكلة من أجل تمكينه من رفع رهان المنافسة العالمية وتعزيز دوره الاستراتيجي في النسيج الاقتصادي الوطني.
فالأمر إذن لا يتعلق بخوصصة هذا المكتب، والذي لا وجود له ضمن قائمة المؤسسات والشركات المعروضة للخوصصة والتي تبقى، في الأول والأخير، من اختصاص الجهاز التشريعي.
واعتبارا للدور الاستراتيجي للمكتب الشريف للفوسفاط في الاقتصاد الوطني، فإن رأسماله يتم اكتتابه كليا من طرف الدولة كما ينص على ذلك مشروع القانون الضامن لتحكم الدولة الدائم في الأجهزة التداولية عن طريق الحفاظ على حق التصويت بأغلبية دائمة. وهكذا يتم التحكم في تسيير هذه المؤسسة بصفة مباشرة من طرف الدولة.
وتحويل المكتب إلى شركة مساهمة ستمنح الفرصة لصندوق الإيداع والتدبير، كمستثمر عمومي، للمساهمة في رأسماله، وهذا ما سيقوي بنيته المالية عبر تدعيم أمواله الذاتية.
ومن الآثار الإيجابية لتحويل المكتب إلى شركة مساهمة، إرساء مبدأ حكامة المقاولة الضامن لتأهيله مع تمكين السلطات العمومية من الحفاظ على صلاحياتها في التوجيه الاستراتيجي والرقابة، وكذلك توضيح المسؤوليات عبر التوجيه وتحديد الأهداف والمراقبة والتقييم، علما أن القانون رقم 1795 المتعلق بشركات المساهمة والقانون رقم 3805 المرتبط بالحسابات المجمعة لمنشآت العامة يفرضان اعتماد قواعد المحاسبية المغربية والدولية لضمان الشفافية المالية. لاسيما وأن المكتب مدعو لعقد شركات وتحالفات مع مستثمرين على الصعيد الدولي.
وكل هذا من شانه أن يزيد من مصداقية المغرب وجاذبيته للاستثمار الخارجي في ميدان الفوسفاط.
خلاصة القول
في عصر العولمة الذي نحيا إحدى مراحله الآن، أضحى الفاعل الخارجي (تدخل الأجنبي) لا يقتصر على تحديد مرجعية السياسات العمومية، بل قد يساهم في إعدادها وتمويل إعادة هيكلتها حسب منظوره، لتشكل آليات صناعة القرار مجرد مشهد شكلي لشرعنة القرار (المحسوم بصدده خارجيا) كأنه فعل اتُّخذ على المستوى الداخلي، مما أدى إلى عدم تحكم الدولة في كل مجالات فعلها وتحركاتها، هذا واقع لطالما نبه إلى انعكاساته العديد من المحللين الاقتصاديين، لكن كلامهم لم يلق القبول من طرف القائمين على الأمور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.