بعدما كانت ساحة المجاهدين، الواقعة في قلب مدينة خريبكة، بمحاذاة "مولاي يوسف"، أهم شارع بعاصمة الفوسفاط، قلبًا نابضا ومحجّا وحيدا لساكنة المنطقة من أجل قضاء أوقات الفراغ، والاستمتاع بمنظر النافورة التي تتوسطّ الساحة، تحوّل الفضاء، في السنوات الأخيرة، إلى أطلال تثير استياء أبناء المنطقة والزوار، على حدّ سواء. ورغم الدمار الذي لحق "النافورة الزرقاء"، لا يزال بعض محبّيها يداومون على زيارتها، والجلوس بالقرب منها، إلا أن تعطّل نظامها المائي، وتهشّم جنباتها، واختفاء خضرتها، وتحطّم سقفها الخشبي، عوامل من بين أخرى صارت تمنع الزوار من أخذ صور تذكارية، مثلما كان عليه الوضع قبل سنوات. ومن بين المظاهر التي صارت تسم المكان، في الآونة الأخيرة، وتثير استياء زوار الساحة، الروائح الكريهة الناتجة عن تحوّل الجنبات والجدران إلى ما يُشبه المراحيض المفتوحة في وجه العموم، فيما صار وسط النافورة مطرحا للأزبال، وفضاء قريبا لحرق النفايات، والتخلص من مخلفات المحلات التجارية المجاورة. أما الأسقف الخشبية التي كانت، إلى وقت قريب، من مميزات "ساحة المجاهدين"، نظرا لشكلها وطريقة وضعها، فقد طالها الإهمال، من جهة، وتأثّرت بالعوامل المناخية والطبيعية، من جهة ثانية، إلى أن تساقطت أجزاء مهمة منها، وصارت بذلك تهدّد سلامة المارين من تحتها، بعدما أصبحت آيلة للسقوط في أي لحظة. وبلغ الإهمال والدمار الكراسي الإسمنتية الواقعة على بعد أمتار قليلة من النافورة؛ حيث تساقطت بعض جوانبها، ولم يعد الزوار قادرين على الجلوس عليها أو بجانبها، لما لحقها من خراب وأوساخ وروائح كريهة، في الوقت الذي تراجعت فيه المساحات الخضراء التي كانت تؤثّث الكراسي وتزيد من جماليتها، باستثناء بعض النباتات التي لا تزال صادمة بفعل اعتناء أصحاب المقاهي بها. محمد عبيدي، جمعوي مهتم بالمجال البيئي، أشار إلى أن "ساحة المجاهدين" تقع في مكان استراتيجي بالنسبة للمدينة ككل، وتأهيلها وإصلاحها من شأنه توفير فضاء ومتنفس كبيرين للسكان المتعطشين لرؤية أماكن عمومية في المستوى، ضاربا المثل بالفضاء الأخضر الواقع بين مدار مولاي يوسف وعمالة الإقليم الذي صار يستقطب المئات من الزوار الباحثين عن الخضرة والمنظر الحسن. وأوضح عبيدي أن الأخبار المتداولة تشير إلى توقيع اتفاقية شراكة بين المجلس الجماعي وأحد الأسواق الممتازة بالمدينة، وتقضي بالترخيص لذلك السوق بتوسيع فضائه، مقابل المساهمة في إعادة تأهيل ساحة المجاهدين، مستدركا، في تصريحه لهسبريس، أن الساكنة ما زالت تنتظر تفعيل الاتفاقية، إن كان الخبر صحيحا، وإخراج المشروع إلى حيز الوجود، في أقرب وقت ممكن. أما محمد عفيف، أحد نواب رئيس المجلس البلدي لخريبكة، فأشار، في تصريح لهسبريس، إلى أن ساحة المجاهدين ستشهد عملية تأهيل شاملة، بعدما ساهم سوق ممتاز بمبلغ 250 مليون سنتيم، كتعويض للبلدية التي رخّصت بتوسيع المرفق التجاري، مشيرا إلى أن المصالح الجماعية حصلت مؤخّرا على الترخيص الذي يسمح بسلك المسطرة القانونية لإصلاح الساحة. وأضاف المتحدث أن المجلس الجماعي، بعد حصوله على التعويض والترخيص، صار بإمكانه الآن إجراء الدراسة وإطلاق الصفقة الخاصة بمشروع إعادة تأهيل ساحة المجاهدين؛ حيث سيتم إصلاح النافورة، وتوفير الإنارة العمومية بالساحة، وتوسعة الشارع المحاذي لها، باعتباره نقطة مرورية سوداء بوسط المدينة، مؤكّدا أن العملية من شأنها تيسير وتسهيل السير والجولان، عبر إنشاء مدخل جانبي لتمكين سيارات الأجرة الصغيرة، وحافلات النقل الحضري، من تقديم خدماتها في ظروف مرورية سليمة.