السجن 5 سنوات للكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال    تقرير يكشف حصيلة المنتخب الوطني في ربع قرن: إنجازات لافتة في القاعة والنسوية.. و"صفر لقب" للكبار    النيابة العامة تنتقد تقديم دفاع بودريقة صورا له مع الملك محمد السادس وتعتبره محاولة لتمتيعه بالافلات من العقاب    شيرين عبد الوهاب تتعثر فوق مسرح "موازين" وغادة عبد الرازق تصفق للظلّ    الكشف عن الأغنية الرسمية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية بوروندي بمناسبة ذكرى استقلال بلاده    يونيو الأشدّ حرّا في إنجلترا منذ 1884    تقارير تفتيش تكشف تلاعبات مالية في شراكات "وهمية" بين جماعات ترابية وجمعيات يترأسها أقارب وزوجات المنتخبين    النقاش الحي.. في واقع السياسة وأفق الدستور! 1-    الصويرة.. إحباط محاولة تهريب حوالي 3 أطنان من مخدر الشيرا وتوقيف 3 أشخاص    السيطرة على حريق غابة آيت إصحى بنواحي أزيلال بعد تدخل طائرتي "كنادير"    تحت لواء النقابة الوطنية للتعليم (ف د ش) .. تجديد المكتب المحلي للحي الجامعي لجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال    أخنوش: الحكومة تطمح لاستثمار الذكاء الاصطناعي وجعله في صلب مختلف السياسات العمومية    شيرين تهدد باللجوء الى القضاء بعد جدل موازين    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة (صور)    الحسيمة.. صرخات استغاثة لم تنقذ مصطافا.. رجل ستيني يغرق بكالا بونيطا    غوارديولا: بونو وراء إقصاء "السيتي"    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    "أونروا": 500 قتيل و4000 جريح أثناء محاولتهم الحصول على الطعام بغزة    بعد انخفاضات محتشمة... أسعار المحروقات تعود للارتفاع من جديد بالمغرب        توقيف شخص ببركان بشبهة الاتجار غير المشروع في المخدرات    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    تصريحات بنكيران… لماذا يدافع بشكل مستميت عن إيران؟    خمسة أعوام سجناً للروائي بوعلام صنصال... رمز حيّ فضح ديكتاتورية النظام الجزائري؟    شراكة جديدة تعزز الربط الجوي بين المغرب والصين: مذكرة تفاهم بين الخطوط الجوية "تشاينا إيسترن" والمكتب الوطني المغربي للسياحة    أخنوش: نراهن على تكوين 100 ألف شاب في المجال الرقمي وخلق 240 ألف فرصة شغل بحلول 2030    العصبة تحدد موعد فترة الانتقالات الصيفية وتاريخ إجراء قرعة البطولة الاحترافية    فتح بحث قضائي في ملابسات تورط أحد أفراد القوات المساعدة في قضية تحرش وابتزاز مادي    انتقادات حادة لقوانين جديدة وتحذيرات من تراجع حقوق الإنسان في المغرب    الوزيرة السغروشني: المغرب يسعى إلى سيادة رقمية عادلة ومستدامة تنطلق من عمق إفريقي (صور)    "بونو" يحظى بإشادة عالمية بعد قيادة فريقه لربع نهائي مونديال الأندية    الوزيرة السغروشني: بناء الثقة الرقمية يمر عبر تقنين الذكاء الاصطناعي ومواجهة مخاطره الهيكلية    المغرب.. العجز التجاري بلغ 133.06 مليار درهم في نهاية ماي    مونديال الأندية .. بونو يصنع المجد للهلال السعودي في ليلة إقصاء "السيتي"    الحكومة الفرنسية تواجه حجب الثقة    آسفي... كأس الفرح وصرخة المدينة المنسية    النَّوْ: بِرِيدْنَكْ    هكذا اغتالت إسرائيل في دقائق أبرز علماء البرنامج النووي الإيراني    أتلف 6 هكتارات.. إخماد حريق في واحة نخيل بإقليم "اشتوكة أيت باها"    الهلال يدخل التاريخ في مونديال الأندية    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة    مونديال الأندية.. مبابي "يملك حظوظا كبيرة" في المشاركة أمام يوفنتوس (ألونسو)    السنغال تعيد تموضعها الإقليمي وتراهن على المغرب لبناء توازنات جديدة في غرب إفريقيا    اتحاد طنجة يجدد عقود ركائزه الأساسية تحضيراً للموسم القادم    إصلاح نظام الصرف يندرج في إطار الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    إبداع بروكسل يفك الحصار عن غزة    15 عملا مغربيا يتألق ضمن 18 مرشحا في نهائيات جائزة كتارا للرواية العربية    الخطوط الملكية المغربية توسع شبكتها الدولية بإطلاق أربع وجهات جديدة    الصويرة تحتضن مؤتمر المدن الإبداعية 2026    الصحة العالمية تحذر: الهواتف ووسائل التواصل تعزز مشاعر الوحدة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحسين بين الهجرة والتنميّة: "العلامة الحمراء" تفتح أبواب فرنسا
نشر في هسبريس يوم 11 - 07 - 2016

من جبال سوس الحمراء إلى جبال الألب الثلجية بفرنسا تمتد قصة حياة جمال لحوسين. هو فلاح ابن فلاح ولد في سوس (قرب مدينة تاليوين). طرد من المدرسة فهاجر إلى فرنسا للعمل في الأفران المشتعلة لشركة الأليمنيوم "بيشيني".
وخلال مساره الطويل والصعب، التقى جمال بشخصيات سياسية واقتصادية كبيرة في فرنسا، منهم وزراء أولون مثل "لوران فابيوس" و"بيير موروا"، ورئيس شركة "بيشيني" للأليمنيوم، ورئيس شركة "رونو" للسيارات "جورج بيس"... حيث تفاوض معهم جميعا، الند للند، باسم نقابة "سي إف دي طي" CFDT بهدف تحسين ظروف عيش العمال المغاربة في هذا البلد.
وبموازاة ذلك، لم ينس بلده المغرب؛ حيث عاد إليه ليؤسس في منطقة سوس جمعية "الهجرة والتنمية". وهي إحدى أقوى الجمعيات وأكثرها مصداقية في المغرب، تعمل منذ 30 سنة على تقديم خدمات كبرى لمنطقة سوس في مجالات الماء والكهرباء والطرق والتعليم والتنمية المحلية، مثل زراعة الزعفران وإطلاق مهرجان تاليوين للزعفران.
في 2003 عاش جمال لحسين تجربة فاشلة في الانتخابات الجماعية بسبب التزوير والفساد، ثم التقى بالملك محمد السادس بعد نجاح جمعيته، كما التقى بالوزير الأول عبد اللطيف الفيلالي وبوزير التعليم رشيد بلمختار لتسهيل فتح مدارس لمحاربة الأمية.
وكانت الصحافية الكبيرة زكية داوود قد خصصت كتابين اثنين لدراسة تجربة جمعية "الهجرة والتنمية". واليوم صدرت السيرة الذاتية لمؤسس الجمعية جمال لحسين بقلم الصحافي الفرنسي إيف بورون (عن دار النشر الفرنسية بيبلوسيد).
إنها سيرة بمثابة تحية للمهاجرين المغاربة عموما وللعمل الجمعوي. في الحياة كلنا نهاجر إلى فكرة ما أو إلى مكان ما، كما يقول المفكر الكبير عبد الله العروي.
الحلقة 3
بعد الاستقلال، تم التوقيع بسرعة كبيرة على اتفاقيات بين فرنسا والمغرب. ثم جاءت من فرنسا عدة لجان لاختيار اليد العاملة في القرى المغربية لتشغيلها. وهكذا جاء شخص يدعى "مورا"، يشتغل لحساب شركة الفحم الفرنسية، وقام بجولة في جنوب المغرب، وخاصة في منطقة سوس، للبحث عن رجال أقوياء البنية ليعملوا في صناعات الحديد والصلب والسيارات.
وكان هذا الشخص يعد جميع هؤلاء العمال بمستقبل واعد مقابل الهجرة وكانوا يثقون في كلامه. كان مثل الرسول المبشر يعرفه جميع سكان القرى إلى درجة أن النساء كن يؤلفن عنه الأغاني أو الأشعار. وكانت بعض الدراسات والتجارب قد أنجزت، خلال الاستعمار، بطلب من الجيش الفرنسي في جنوب الأطلس، استنتجت أن الأمازيغ رجال يتكلمون قليلا لكنهم يفهمون بسرعة ويمكنهم أن يصلحوا جنودا متميزين في وحدات "الكوم".
(...) ما زلت أتذكر جلسة لاختيار بعض العمال في ستينيات القرن الماضي. كنت برفقة مجموعة من الأصدقاء نشاهد، وسط الساحة الكبرى في تاليوين، المئات من الرجال وقد تم تجميعهم مثل الماشية تحت الشمس الحارقة وأمام الناس. ومعروف أن من عاداتنا أننا لا نتعرى أبدا، فما بالك أن نتعرى أمام شخص أجنبي. لكن هؤلاء الرجال المرشحين للهجرة كان يتم إجبارهم على تعرية صدورهم.
وأتذكر أن رجلين أو ثلاثة رفضوا القيام بذلك فتم طردهم شر طردة. أما الباقون فكانوا مجبرين على التضحية بالتعري لأن ذلك كان ضروريا ليتم اختيارهم. وكان الفرنسي المدعو "مورا"، أو شخص آخر يجلس على منصة صغيرة، يقوم، بمساعدة طبيبين، بفحص المرشحين ثم يضع علامات على صدورهم.
وحتى لا يثير الأمر الغضب أو الاحتجاجات كان من يقوم باختيار العمال يستعمل طريقة سرية؛ بحيث كان يضع على صدر أحد المرشحين طابعا باللون الأحمر، وعلى صدر مرشح آخر طابعا باللون الأزرق، وذلك حتى لا يستطيع أي أحد معرفة ما إذا كان قد تم اختياره أم لا. وبعد أن يتم فحص الرجال كانوا يتنحون جانبا من تلقاء أنفسهم ثم يتدخل رجال الشرطة وهم يحملون الهراوات ليعلنوا بأنفسهم عن النتائج فكانوا يقولون: "من يحمل منكم العلامة الحمراء يمكنهم الذهاب إلى فرنسا، ومن يحمل العلامة الزرقاء عليهم أن يعودوا إلى منازلهم".
وكنا، ونحن صغارا، نتابع ذلك المشهد ونرى السعادة في عيون أولئك الذين تم اختيارهم وهم يصرخون من الفرحة لأنهم كانوا سيتركون حياة الفقر لمعانقة الغنى والثروة، كما كنا نرى الأسى في أعين الآخرين الذين لم يتم اختيارهم. وكانوا يبكون لأنهم سيعودون إلى قراهم وهناك سيحاكمهم السكان وسيقولون لهم: "لم يتم اختياركم لأنكم أشخاص فاشلون". وستصرخ زوجاتهن في وجوههم وستنتحبن قائلات: "كيف سنوفر الآن الأكل لأبنائنا؟".
وسواء كانت عادلة أم لا، فإن صورة أولئك الرجال بصدورهم العارية وهم متحلقين في صمت وسط ساحة "تاليوين" ستبقى موشومة في ذاكرتي، على ما أعتقد، إلى أن أموت.
يتبع...
* من كتاب: "جمال لحسين - قصة نضال من أجل الهجرة والتنمية" يُنشر على هسبريس بتقسيم على حلقات يومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.