النقابات التعليمية بالحسيمة تنتقد تدبير الادارة للدخول المدرسي وتدعو إلى احترام المقاربة التشاركية    الحكومة تصادق على مشروع قانون تعويض المصابين في حوادث سير    فضيحة الخطأ المطبعي.. شركة تعدين تخفض مردودية ذهب كلميم من 300 إلى 30 غراما فقط    قرية لمهيريز... صيادون منسيون في قلب الصحراء يطالبون بالكرامة والإنصاف    ميناء طنجة المتوسط يربك مدريد.. وحزب "فوكس" يرفع منسوب التصعيد ضد المغرب    التأكيد على مبدأ السلام خيار استراتيجي و التخلي عن منطق إدارة الأزمات    الركراكي: نحترم جميع الخصوم وهدفنا الفوز أمام زامبيا    مصرع شخصين في حريق بدوار مولاي عزوز الملك بمراكش    زخات رعدية وهبات رياح مرتقبة اليوم الاثنين بعدد من المناطق    الكلمة أقوى من الدبابة ولا مفر من الحوار؟..    تل أبيب تتهم إسبانيا بمعاداة السامية        مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يحذّر من انهيار قواعد الحرب حول العالم    القدس الشرقية.. هجوم مسلح يوقع خمسة قتلى إسرائيليين    بنما تعلن حجز 39 طردا مشبوها على متن سفينة قادمة من المغرب    الموقف الأمريكي يعزز المبادرة المغربية كخيار وحيد لتسوية نزاع الصحراء    ألكاراز يتوج بلقب أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    المنتخب المغربي يواجه زامبيا وعينه على مواصلة سلسلة انتصاراته    بورصة البيضاء تبدأ الأسبوع ب"الأخضر"        نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح قوية    الدريوش.. هزة أرضية خفيفة تثير القلق بسواحل تمسمان    سقوط 8 متهمين في قضية "شرع اليد" بعد مقتل مختل عقلي    الاشتراكي الموحد يقترح "هيئة مستقلة" و"رقمنة" شاملة للانتخابات لضمان النزاهة    كيوسك الإثنين | انطلاق الموسم الدراسي على إيقاع الإصلاحات والتحديات    ميناء الحسيمة : انخفاض بنسبة 9 في كمية مفرغات الصيد البحري مع متم يوليوز الماضي    فرنسا.. تصويت حاسم على الثقة في الجمعية الوطنية يهدد بسقوط حكومة بايرو    وسط استقبال "مهيب"... سفن "أسطول الصمود" القادمة من إسبانيا تصل إلى تونس                تيزنيت : وقفة احتجاجية غاضبة من تردي أوضاع المستشفى الإقليمي و المراكز الصحية بالإقليم ( فيديو )    القنوات الناقلة لمباراة المغرب وزامبيا اليوم في تصفيات كأس العالم    زلزال الحوز .. دينامية متواصلة لإعادة الإعمار في جميع الأقاليم المتضررة    كرة القدم .. المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يتعادل مع نظيره الأمريكي (0-0)    الإصابات تربك حسابات الركراكي    بعثة منتخب الجزائر تصل إلى البيضاء        البيئة ليست قضية اختيارية أو محلية بل هي قضية وجود الإنسان والحياة    جديد الشاعرة المغربية سعاد الرايس: «لوحات الإبحار» اهتمامات إنسانية وعشق للكتابة بقلق وجودي    أعمال أدبية وفنية مغربية تستفيد من منح الصندوق العربي للثقافة والفنون    أنا وأنا وما بينهما .. رسائل بين عبدالله المتقي ومحمد بوحوش    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الزفزافي‮:‬ ‬سجين ‬من ‬على ‬سطح‮..‬ ‬الحرية‮!‬    الفانوس " يضيء ليالي مهرجان المسرح التجريبي والضنحاني يوقع النسخة العربية والإنجليزية للمسرحية    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    نقد مقال الريسوني    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعبير البليغ في 'ليس لدينا شيعة'
نشر في هسبريس يوم 28 - 05 - 2011

لقد صدر عن وزير الخارجية المغربي المحترم الطيب الفاسي الفهري تصريح للصحافة ظاهره نفي لوجود المسلمين الشيعة في المغرب. وذلك خلال زيارته لأبوظبي يوم الأحد 15 ماي 2011 للتباحث في الدعوة الخليجية الموجهة للمغرب للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، حيث أجاب على سؤال حول العلاقات مع إيران فأفاد بما يلي: " قطعنا العلاقات مع إيران منذ سنتين تقريبا بعد محاولاتها للتدخل في شؤوننا، فالمغرب بلد موحد دينيا وشعبيا، وليس لدينا شيعة ".
فانهالت الردود على الوزير المحترم من كل حدب وصوب فيها من رد عليه بتكذيب الإدعاء عبر نشر وثائق لشخصيات شيعية مغربية معاصرة، وفيها من رأى في تصريحه مداهنة للأسر الغنية الحاكمة في الخليج، و منها من أدخل تصريحه بنفي الوجود الشيعي مدخل الكلام العنصري في محاولة فاشلة لممارسة التمييز الإيجابي الذي يمارس لصالح الأقليات في الدول المتقدمة و لكن بشكل مقلوب. أنا هنا اتحرك مع تصريح الوزير المحترم لا من باب التكذيب بل من باب التصديق على أساس الإطمئنان لمستوى وزيرنا اللغوي الذي ما من شك أنه راق و يتطلب قراءة راقية لأنه لا يعقل أن يكون وزير القرويين جاهلاً بلغته و بحقائق بلاده معاً.
على ضوء المجاز المرسل
إن عبارة الوزير المحترم "ليس لدينا شيعة" قد تكون جداً مفيدة و معبرة عن الواقع إذا ما قرأناها كتعبير بليغ. و الذي يوحي بمعاملة هذه العبارة من منطلق بلاغي هو الإيمان بأن وزيراً محترماً لوزارة مهمة كالخارجية في المغرب يستحيل أن لا يعرف أن شيعة بلاده أكثر بكثير من يهودييها وأن التشيع في بلاده متداخل إلى حد كبير مع الثقافة و الهوية و المقدسات. نعم، يستحيل أن يكون الوزير لا يعرف أنه في مارس 2009 تم إستنطاق الآلاف من الشيعة في المغرب من المجاهرين دون المخافتين من طرف مختلف الأجهزة الأمنية. و يستحيل أن لا يكون الوزير وهو الفاسي شخصاً لم يطأ عتبة ضريح مولاي إدريس بن عبد الله الشيعي قرابة فاس، و التي على بابها مكتوب كما في كتب التاريخ أنه مؤسس الدولة الإدريسية في المغرب و قتل غيلةً بالسم من طرف هارون العباسي صديق "الإمام"مالك. يستحيل هذا وأكثر من هذا..و عليه فلا بد لنا من اللجوء إلى المجاز اللغوي لتوضيح الحقيقة مع الحسن بالظن على أنها هي المراد من التعبير. الحقيقة إذن في قول "ليس لدينا شيعة" -يعني في المغرب- هي أنه ليس لدينا مشكلة مع الشيعة في المغرب. يقول أحد الشعراء :
بلادي و إن جارت علي عزيزة *** وقومي وإن ظنوا بيا كرام
فترى الشاعر هنا يستعمل المجاز المرسل في كلمة "بلادي" قاصداً من يوجد فيها من أفراد. فالبلاد كبلاد لا تجور و لكن من فيها من أفراد يجورون. وهذا مجاز مرسل علاقته محلية لذكر المحل و قصد الموجود فيه. فلا يستبعد أن يكون الوزير في قوله " ليس لدينا شيعة" هو كذلك قام بذكر الشيعة و قصد المشكل على إعتبار الأجواء السائدة في غالبية الدول الناطقة بالعربية ، و التي لا ترى في التشيع إلا مشكلاً. فإذا كان التشيع محلاً للمشاكل كما يروج في الأذهان فتكون هذه القراءة واردة.
هذه القراءة هي لازمة من أجل تنزيه الوزير المحترم عن دونية المستوى و إعادة الإعتبار إلى مواطنين كاملي المواطنة ممن بنوا و لا زالوا يبنوا بسواعدهم هذا الوطن العزيز و المتنوع. فلا أحد يمكن أن يجرد مواطنين و مواطنات كبار و صغار من انتمائهم المغربي فقط لأنهم شيعة. هذا ضرب من الإستخفاف بالنفس قبل الإستخفاف بالآخر. فلا يليق بمن يحترم نفسه أن يدلي بتصريحات الإعدام الجماعي للوعي الشيعي في المغرب، هذا البلد الذي يسير على درب الخروج من مأزق التاريخ المتناقض إلى ساحات عصر العدالة و المساواة. مغرب نخاف أن يغتاله سم العباسيين في القرن الواحد و العشرين، لكن هذه المرة بالبترول المسموم عوض العطر المسموم.. و حتى إذا كان ذلك قدراً فلا يتخذن الوزير المحترم دور سليمان بن جرير الشماخ و ليكن الآمر و المأمور من قريش، لأن المغرب لا ينسى قاتليه أبداً.
ليس لدينا مشكلةً مع الشيعة في المغرب تبقى هي حقيقة ما وراء تصريح الوزير الفاسي الفهري في قوله "ليس لدينا شيعة". و إذا كانت هذه الحقيقة هي المعنى الذي أراده فهو تعبير بليغ يستحق التحية ويذكرنا بخريجي القرويين الذين كان الاستعمار الفرنسي يخاف منهم كخوف بعض المشايخ من النقاش. أما ما لا أريد أن أدخل في تفاصيله هو إحتمال أن يكون الوزير فعلاً قصد العبارة على حرفها...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.