على غرار مدينة الدارالبيضاء، توالت معطيات تفيد بقرار السلطات العمومية منع خياطة وتوزيع البرقع والنقاب الأفغاني في عديد من المدن المغربية، وذلك في أفق منع ارتدائه رسميا في الأماكن العمومية. وفي تفاعل مع القرار الرسمي، قال مرصد الشمال لحقوق الإنسان إنه تابع التقارير التي تشير إلى إقدام السلطات المحلية بمجموعة من المدن المغربية، من بينها طنجة، تطوان، مارتيل، سلا، تارودانت، مكناس، وغيرها، على توجيه إشعارات كتابية إلى مجموعة من التجار بمنع إنتاج وتسويق لباس "البرقع"، ومطالبتهم بسحبه من الأسواق خلال مدة 48 ساعة من تاريخ توصلهم بالإشعارات المذكورة، "تحت طائلة الحجز المباشر بعد انصرام المهلة المحددة، والمنع الكلي لإنتاجه وتسويقه". واعتبر البلاغ، الذي توصلت به هسبريس، أن قرار السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية قرار تعسفي، وانتهاك غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير وارتداء اللباس الذي يعد تعبيراً عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية. كما أوضح مرصد الشمال لحقوق الإنسان أن القرار المذكور يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، لاسيما المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادتين 17 و18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. قرار منع نوع معين من اللباس، بحسب الهيئة الحقوقية ذاتها، "يجيزه القانون الدولي لحقوق الإنسان فرض قيود معينة على ممارسة الحق في حرية التعبير، بما في ذلك التعبير عن العقائد الدينية ومظاهرها، ولكن بشرط أن تستوفي هذه القيود معايير اختبار صارم منصوصاً عليها في القانون"؛ مضيفا أنه "لا بد أن تلبي غرضاً مشروعاً ومحدداً يجيزه القانون الدولي؛ ولا بد أيضاً من إثبات ضرورتها وملاءمتها لذلك الغرض؛ بحيث إن قرار منع لباس البرقع لم يتم بقانون"، على حد تعبير البلاغ. ويرى المرصد المذكور أن قرار منع اللباس الذي وصفه ب"الإسلامي"، من طرف مصالح وزارة الداخلية، يأتي في إطار "عمل ممنهج يقضي بتنميط المجتمع المغربي وفق نمط معين لا يوجد إلا في مخيلة اللذين يقفون وراء قرار منع نوع معين من اللباس، عبر ضرب التنوع الثقافي والاجتماعي الممتد في التاريخ. كما يأتي في ظل سياسة متواصلة للتضييق على الحريات وفرض الرأي الواحد". وخلص البلاغ إلى شجبه الشديد لقرار قيام مصالح وزارة الداخلية بمنع تسويق نوع معين من اللباس (البرقع) بما يتنافى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى عدم قانونية منع البرقع؛ بحيث إن قرار المنع المذكور "لم يستند إلى نص قانوني ولأن المنع لا يكون إلا بقانون من جهة، وهو الأمر المخول للسلطات التشريعية وليس للسلطات التنفيذية". في سياق ذي صلة بقرار منع توزيع وصناعة البرقع والنقاب، قالت حسناء مساعد، ناشطة سلفية، إن ارتداء البرقع الأفغاني هو حرية شخصية، معتبرة أن لباسه "لا يشكل أذى لأي مواطن"، على حد وصفها. وتابعت المتحدثة، في تصريح لهسبريس، أن اللباس الإسلامي مستنبط من روح الشريعة والتقاليد المغربية، ضاربة المثل بالحايك المغربي "الذي ظلت ترتديه نساء المغرب إلى يومنا هذا"، موضحة أنها مغربية تحب بلدها "ولن أسمح لأي كان بتنميط المجتمع وتقييد حريته في اختيار لباسي"، على حد وصفها. وعن الإشكالات الأمنية التي قد يثيرها الولوج بالبرقع إلى بعض الأماكن الحساسة، كالمتاجر والمراكز الكبرى، اعتبرت المتحدثة أنها ليست ضد الإجراءات الأمنية، إلا أنها سجلت تحركها في الجامعات والأماكن العمومية "دون أي تضييق يذكر"، بحسب قولها. وسبق لجريدة هسبريس أن نشرت معطيات حول تنقل رجال السلطة إلى بعض المتاجر الكبرى وسط العاصمة الاقتصادية لإخبار التجار بقرار منع صناعة وتوزيع البرقع والنقاب.