مأساة بخريبكة.. وفاة خمسة أشخاص من عائلة واحدة غرقا داخل صهريج مائي    "جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الدارجة لغة مستقلة بذاتها؟ وهل هي لغة هجينة بين العربية والأمازيغية؟
نشر في هسبريس يوم 12 - 03 - 2017

في مقال سابق عنوانه "التأثير الأمازيغي العميق في اللغة الدارجة: 100 كلمة نموذجا" كنا قد تعرفنا على أمثلة من 100 كلمة ذات أصل أمازيغي تشكل جزءا أساسيا من رصيد اللغة الدارجة. واليوم سنواصل عملية استكشاف بعض جوانب اللغة الدارجة المغربية في النطق والصرف والنحو.
ليس من المبالغة أن نقول بأن الدارجة لغة طبيعية natural language ومستقرة stable ذات قواعد مستقرة في النطق والصرف والنحو ولها رصيدها المعجمي المتميز والخاص بها. والدارجة مختلفة بما يكفي عن العربية الفصحى وعن الأمازيغية لنعتبرها لغة مستقلة عنهما. والشيء الذي ينقص الدارجة هو التدوين والكتابة والتدريس في المدارس، وهي مسألة تتعلق بحوافز الأشخاص وأيديولوجياتهم ومدى وعيهم بلغتهم وأيضا بسياسات الدولة.
ورغم أن كثيرين لا يستسيغون أو يخافون من فكرة أن الدارجة لغة مستقلة عن العربية الفصحى فإن مجرد التمعن في خصائص الدارجة في النطق والصرف والنحو والاشتقاق والمعجم سيجعلنا نخلص إلى أن الدارجة لغة مستقلة عن العربية الفصحى وعن اللغات أو العاميات العربية في الشرق الأدنى (الشرق الأوسط). وهذا يعني أن المغاربة الذين يتحدثون بالدارجة ويتقنون القراءة والكتابة بالعربية الفصحى هم في الحقيقة يتقنون استعمال لغتين.
وحتى إذا كان المغاربة المتعلمون ينتقلون بسهولة بين الدارجة والعربية الفصحى فإنهم ينتقلون بسهولة بين لغتين تعلّموا إحداهما في البيت والشارع وتعلموا الأخرى في المدرسة والتلفزة. وهذا يشبه ما يفعله الأمازيغ الشمال أفريقيون المتعلمون في المغرب والجزائر وتونس عندما ينتقلون بسلاسة بين الدارجة والفرنسية أو بين الأمازيغية والفرنسية في كلامهم اليومي أو نشاطهم الثقافي والإنترنيتي، حيث يخلطون بين الكلمات والتعابير والجمل من اللغتين لأسباب متعددة. فسهولة انتقال المغاربة المتعلمين بين الدارجة والفرنسية أو بين الأمازيغية والفرنسية لا تعني أبدا أن الدارجة والفرنسية لغة واحدة أو أن الأمازيغية والفرنسية لغة واحدة، وإنما ذلك يعني فقط أنهم تعلموا الدارجة والأمازيغية في البيت والشارع وتعلموا الفرنسية في المدرسة والتلفزة.
والدارجة لغة مستقلة أيضا عن الأمازيغية. وسهولة انتقال كثير من المغاربة بين الدارجة والأمازيغية في كلامهم اليومي لا تعني أبدا أن الدارجة والأمازيغية لغة واحدة، وإنما ذلك يعني أن هؤلاء المغاربة تعلموا اللغتين الأمازيغية والدارجة في البيت والشارع وحتى عبر التلفزة.
الأمازيغية والدارجة لغتان مختلفتان لديهما العديد من القواسم المشتركة، حيث أن النظام النطقي للدارجة أمازيغي وجزء من كلماتها وتعابيرها وتراكيبها أمازيغي الأصل. كما أن جزءا كبيرا من كلمات ونحو وصرف وتراكيب الدارجة ذو أصل عربي. والدارجة تحتوي على كلمات إسبانية وفرنسية كثيرة تم تذويبها وإدماجها في الدارجة الشعبية. وجزء من قواعد وخصائص وكلمات اللغة الدارجة هو مستقل تطور فيها ذاتيا في المغرب وبقية بلدان العالم الأمازيغي.
يمكن القول أن الدارجة وفدت إلى المغرب كلهجة أو لهجات عربية بدوية منذ حوالي 900 عام، ثم تحولت تلك اللهجات العربية تحت التأثير الأمازيغي تدريجيا إلى لغة هجينة بين العربية والأمازيغية، نطقيا ونحويا وصرفيا ومعجميا، نسميها الدارجة. وتطورت الدارجة كلغة شفوية مستقلة وأخذت هي الأخرى تتفرع إلى لهجات وتنوعات محلية مختلفة. ويمكن تحديد 5 لهجات أو تنوعات رئيسية للغة الدارجة في المغرب وهي:
- اللهجة الجبلية (شمال غرب المغرب).
- اللهجة الشرقية (شمال شرق المغرب).
- اللهجة الدكالية / الأطلسية (وسط المغرب).
- اللهجة المراكشية (الجنوب الأوسط المغربي).
- اللهجة الحسانية / الصحراوية (الصحراء الجنوبية المغربية). وتمتد اللهجة الحسانية إلى موريتانيا والجزائر وجزء صغير من مالي.
1) الضمائر الشخصية في الدارجة ومقارنتها بالأمازيغية والعربية الفصحى:
تملك اللغة الدارجة 8 ضمائر شخصية، بينما توجد في الأمازيغية 10 ضمائر شخصية، ويوجد في العربية الفصحى 14 ضميرا شخصيا.
وهذه هي الضمائر الشخصية الثمانية في اللغة الدارجة:
- انا ana / انايا anaya
- نْتا nta / نْتايا ntaya / نْتينا ntina
- نْتي nti / نْتيا ntiya / نْتينا ntina
- هوا huwa
- هيا hiya
- حْنا ḥna / حْنايا ḥnaya
- نتوما ntuma (للمذكر والمؤنث = أنتم / أنتن).
- هوما huma (للمذكر والمؤنث = هم / هن).
وهذه هي الضمائر الشخصية في اللغة الأمازيغية وعددها 10:
- Nec [نش] / Nek / Nekki (أنا).
- Cek [شك] / Keyyi / Key (أنتَ).
- Cem [شم] / Kemmi / Kem (أنتِ).
- Netta (هو).
- Nettat (هي).
- Neccin [نشّين] / Necnin [نشنين] / Nekkwni (نحن).
- Kenwi / Kenni / Kenniw (أنتم).
- Kennimti / Kennint (أنتن).
- Nitni (هم).
- Nitenti (هن).
(ملاحظة: في بعض لهجات اللغة الأمازيغية بالمغرب والجزائر توجد صيغة مؤنثة للضمير "نحن" وهي nekkenti ولكنها محدودة الانتشار ونادرة الاستعمال).
أما الضمائر الشخصية في اللغة العربية الفصحى، وعددها 14، فنوردها زيادة في التوضيح للقارئ: أنا، أنتَ، أنتِ، هو، هي، أنتما (مذكر)، أنتما (مؤنث)، هما (مذكر)، هما (مؤنث)، نحن، أنتم، أنتن، هم، هن.
الدارجة لا تميز بين المخاطبين الذكور (أنتم) والمخاطبات الإناث (أنتن) وتستعمل ضميرا واحد للتعبير عن الجنسين: نتوما ntuma. وهذا يشبه حالة الإنجليزية مثلا مع الضمير you في صيغة الجمع الذي لا يميز بين الذكور والإناث. أما الأمازيغية فهي تميز بين المخاطبين الذكور (kenniw) والمخاطبات الإناث (kennint).
الدارجة لا تميز بين الغائبين الذكور (هم) والغائبات الإناث (هن) وتستعمل ضميرا واحد للتعبير عن الجنسين: هوما huma. وهذا أيضا يشبه حالة الإنجليزية مع الضمير they الذي لا يميز بين الذكور والإناث. أما الأمازيغية فهي تميز بين الغائبين الذكور (nitni) والغائبات الإناث (nitenti).
لا يوجد في الدارجة مثنى (عكس حالة العربية: أنتما، هما). وقد يكون هذا تأثيرا من الأمازيغية التي تخلو هي أيضا من المثنى، أو قد يكون خاصية أصلية في كل أو بعض اللهجات العربية القديمة الوافدة (قبل أن تتحول إلى الدارجة المغربية). فالعربية المصرية العامية مثلا هي أيضا خالية من المثنى، ولا نعرف ما إذا كان هذا تأثيرا من اللغة القبطية (لغة مصر الأصلية) أو شيئا متأصلا في اللهجات العربية القديمة الوافدة على مصر.
إذن فالدارجة لغة تختلف عن العربية الفصحى وعن الأمازيغية وتملك نظاما مستقلا خاصا بها من الضمائر الشخصية.
2) تصريف الأفعال في اللغة الدارجة:
هذا نموذج لتصريف الفعل الدارجي "كول" kul في الزمن الماضي:
- انا كْليت ana klit
- نتينا / نتايا / نتا كليتي nta kliti
- نتينا / نتيا / نتي كليتي nti kliti
- هوا كلا huwa kla
- هيا كلات hiya klat
- حْنا كلينا ḥna klina
- نتوما كليتو ntuma klitu (للذكور والإناث).
- هوما كلاو huma klaw (للذكور والإناث).
في تصريف الأفعال الدارجية إلى الزمن الحاضر يتم وضع الأداة "كا" ka أو "تا" ta قبل الفعل، حسب لهجات اللغة الدارجة. وهذا نموذج لتصريف الفعل الدارجي "سوط" soṭ (اِنْفَخْ) في الزمن الحاضر:
- انا تا نسوط / انا كا نسوط ana ka nsoṭ
- نْتينا / نْتايا / نتا كا تسوط nta ka tsoṭ
- نْتينا / نتيا / نتي كا تسوطي nti ka tsoṭi
- هوا كا يسوط huwa ka isoṭ
- هيا كا تسوط hiya ka tsoṭ
- حْنايا / حْنا كا نسوطو ḥna ka nsoṭo
- نتوما كا تسوطو ntuma ka tsoṭo (للذكور والإناث).
- هوما كا يسوطو huma ka isoṭo (للذكور والإناث).
وفي تصريف الأفعال الدارجية إلى المستقبل يتم وضع الأداة "غادي" ɣadi أو "غا" ɣa قبل الفعل، حسب لهجات اللغة الدارجة. وهذا نموذج لتصريف الفعل الدارجي "شْري" cri (اِشتَرِ) في الزمن المستقبلي:
- انا غادي نشري / انا غا نشري ana ɣa necri
- نْتينا / نْتايا / نتا غا تشري nta ɣa tecri
- نْتينا / نْتيا / نتي غا تشري nti ɣa tecri
- هوا غا يشري huwa ɣa yecri
- هيا غا تشري hiya ɣa tecri
- حْنا غا نشريو ḥna ɣa necriw
- نتوما غا تشريو ntuma ɣa tecriw
- هوما غا يشريو huma ɣa yecriw
3) الصوائت (vowels أو les voyelles) في العربية الفصحى:
العربية الإسلامية الفصحى ومعها غالبية اللهجات والعاميات العربية في مصر وشبه الجزيرة العربية والشام والعراق تحتوي على 6 صوائت (vowels أو les voyelles) وهي:
- الصائت الطويل: ا aa (مثلا: كاتب kaatéb).
- الصائت الطويل: و oo (مثلا: مكتوب maktoob).
- الصائت الطويل: ي ee (مثلا: كتيبة kateebah).
- الصائت القصير: الفتحة a (مثلا: كَتَبَ kataba).
- الصائت القصير: الضمة o (مثلا: كُتُبٌ kotobon).
- الصائت القصير: الكسرة é (مثلا: كُتِبَ kotéba).
ولا يوجد في العربية الفصحى الصائت القصير المحايد e الموجود في الأمازيغية والدارجة (والذي نجده مثلا في أسماء المدن Wejda أو Bni Mellal أو Azemmur أو Bir Genduz).
4) الصوائت (vowels أو les voyelles) في اللغة الدارجة:
الأمازيغية والدارجة لغتان تختلفان في كثير من الخصائص ولكن هناك مجال تتطابقان فيه بشكل شبه كامل وهو الفونولوجيا phonology، أي: النظام الصوتي والنطقي.
أما الحسانية فلها نظام صوتي مختلف نوعا ما عن بقية لهجات وتنوعات الدارجة.
وصوائت الدارجة (مع استثناء الحسانية) هي كالتالي:
- a : ونجده في الكلمة الدارجية "بْداو" bdaw (بَدَأُوا).
- e (الصائت القصير): ونجده في الكلمة "السّرجم" esserjem (النافذة).
- i : ونجده في الكلمة "بْديت" bdit (بدأتُ).
- o : ونجده في الكلمة "دْيور" dyoṛ (بيوت).
- u : ونجده في الكلمة "بوزلّوم" buzellum (مرض عرق النسا).
ويوجد في الدارجة نصف الصائت w (في الكلمة "مولّف" mwellef)، ونصف الصائت y (في الكلمة "دْيالو" dyalu).
ونجد في الدارجة أداة التشفيه (w) المسماة بالإنجليزية labiovelarization أو labialization كما في الكلمة "دكُّالي" Dekkwali (دكّالي، من منطقة دكالة)، وأيضا في الكلمة "لغُنان" leɣwnan (العناد، المماحكة)، وفي الاسم حمُّان الفطواكي Ḥemmwan Elfeṭwaki، وهذا التشفيه النطقي أتى من الأمازيغية.
وعكس العربية ولهجاتها الأصلية في شبه الجزيرة العربية التي يعتبر فيها الصوتان "ق" و"گ" مجرد تنويعتين لنفس الحرف العربي وفي نفس الكلمات العربية، فإننا نلاحظ أن غالبية لهجات الدارجة تحتوي على الحرفين q (ق) وg (گ) جنبا إلى جنب كحرفين منفصلين يظهران في كلمات منفصلة لغويا. وهذا تطور مستقل للدارجة عن العربية. ونجد ذلك مثلا في الكلمتين:
- "القرعا" elqeṛɛa (القارورة، الزجاجة).
- "الگرعا" elgeṛɛa (ثمرة القرع، أي taxsayt [تاخسايت] بالأمازيغية).
وأيضا نجد في الدارجة:
- "زگلوه" zegluh (أخطأوه / أخطأنه). وهذه الفعل أصله أمازيغي (zgel).
- "زقرام" zeqram (بخيل).
وأيضا في الأمثلة:
- "قْشاوش" qcawec (المتاع). وهي كلمة أصلها أمازيغي (aqcuc).
- "القشّ" elqecc (القش، أي أعواد التبن والعشب الجاف).
- "گشّطوه" geccṭoh (سلبوه، نهبوه).
وفي حالات أخرى تختلف لهجات الدارجة فيما بينها في نطق القاف (q) / الگاف (g) في كلمات بنفس الأصل والمعنى، مثل:
- "كا يقولو" ka iqulu (يقولون / يَقُلْنَ).
- "كا يگولو" ka igulu (يقولون / يَقُلْنَ).
- "مْقادّ" mqadd (مستقيم، منصلح).
- "مْگادّ" mgadd (مستقيم، منصلح).
ونجد في الدارجة أيضا كلمات عربية الأصل تحتوي على "ج" تحول إلى "گ" بتأثير أمازيغي مصمودي على الأرجح، مثل:
- "گْلس" gles (اِجلِسْ).
- "الگبس" elgebs (الجبس). (وهذه الكلمة من أصل إغريقي: gypsos).
- "لگزيرا" legzira (الجزيرة).
- "لگنازا" legnaza (الجنازة).
- "الگزّار" elgezzar (الجزّار / بائع اللحم).
- "الگنس" elgens (الجنس، أي: القوم / الشعب). (وهذه الكلمة من أصل لاتيني: genus).
5) وجود كلمات فرنسية وإسبانية في الدارجة لا يعني أن الدارجة لغة فرنسية أو إسبانية:
يوجد عدد كبير من الكلمات ذات الأصل الفرنسي والإسباني في الدارجة. وأقصد هنا الكلمات الفرنسية والإسبانية التي ترسخت بعمق في الدارجة نطقا ونحوا وتصريفا واشتقاقا، أي أنها كلمات أوروبية مُدَرْجَنة ومُمَغرَبة وممزَّغة. ولا أقصد هنا الكلمات الفرنسية التي يستعملها الشباب والمتعلمون بشكل سطحي في كلامهم اليومي حين يخلطون بين الدارجة والفرنسية أو بين الأمازيغية والفرنسية فهذه ظاهرة مختلفة تسمى بالإنجليزية code-switching حيث يخلطون في كلامهم بين لغتين مختلفتين تماما (الدارجة والفرنسية، أو الأمازيغية والفرنسية) ويعاملونهما بوعي كامل كلغتين مختلفتين.
وهذه بعض الكلمات ذات الأصل الفرنسي والإسباني والإيطالي التي دخلت إلى الدارجة واندمجت فيها بعمق:
- "التشومير" ettcomiṛ أو "التشوميرا" ettcomiṛa (البطالة، حياة البطالة والفقر)، وهي صياغة دارجية محلية انطلاقا من الكلمة الفرنسية chômeur (مُعطَّل، عاطل عن العمل).
- "الفاميلا" elfamila (الأسرة، العائلة)، الجمع: "الفاميلات" elfamilat، من الإسبانية familia (الأسرة، العائلة).
- "النّمرا" ennemra (الرقم)، الجمع: "النّوامر" ennwamer، من الإسبانية número (الرقم) أو الفرنسية numéro (الرقم).
- "الرّويضا" eṛṛwiḍa (العجلة، عجلة السيارة)، وصيغة جمعها: "الرّوايض" eṛṛwayeḍ، من الإسبانية la rueda (العجلة).
- "كا نسوفري" ka nsufri (أعاني)، من الفعل الفرنسي souffrir (عانى، يعاني) أو من الفعل الإسباني sufrir (عانى، يعاني).
- "البرطما" elbeṛṭma (الشقة السكنية)، وجمعها: "البرطمات" elbeṛṭmat، من الفرنسية appartement (شقة سكنية).
- "السوليما" essulima (السينما)، الجمع: "السوليمات" essulimat، من الفرنسية cinéma (سينما).
- "الستيلو" esstilu (القلم)، وجمعه: "الستيلويات" esstiluyat، من الفرنسية stylo (قلم الكتابة).
- "الكوزينا" elkuzina (المطبخ)، وجمعها: "الكوزينات" elkuzinat، من الإسبانية la cocina (المطبخ).
- "الباطيما" elbaṭima (العمارة، المبنى)، وجمعها: "الباطيمات" elbaṭimat، من الفرنسية le bâtiment (العمارة، المبنى).
- "الموطور" elmoṭor (المحرك، الدراجة النارية)، وجمعه: "لمّواطر" lemmwaṭer أو "الموطورات" elmoṭorat، من الفرنسية le moteur (المحرك) أو من الإسبانية el motor (المحرك).
- "الماكينا" elmakina (الآلة)، وجمعها: "الماكينات" elmakinat أو "لمّواكن" lemmwaken، من الإيطالية la macchina [لا ماكّينا].
- "الفرمليا" elfermliya (الممرضة)، وجمعها "الفرمليات" elfermliyat، من الفرنسية infirmière (ممرّضة).
- "الضّوصي" eḍḍoṣi (الملف)، الجمع: "الضّواصا" eḍḍwaṣa، من الفرنسية le dossier (الملف).
- "كا يكسيري" ka yeksiri (يُسرّع، يتسارع في قيادة سيارة)، من الفعل الفرنسي accélérer (سرّع، تسارع).
- "كْصيدا" kṣida (حادثة تصادم)، الجمع: "كْصايد" kṣayed، من الفرنسية accident (حادثة).
- "الكاميو" elkamyu (الشاحنة)، الجمع: "الكاميوات" elkamyuwat، من الفرنسية camion (شاحنة).
- "الصبيطار" eṣṣbiṭar (المستشفى)، الجمع: "الصبيطارات" eṣṣbiṭarat، من الإسبانية el hospital (المستشفى).
- "الكرطون" elkeṛṭon (ورق مقوى، صندوق ورقي)، الجمع: "لكراطن" lekṛaṭen، من الفرنسية carton أو الإسبانية cartón (ورق مقوى، صندوق ورقي).
- "مْنيرفي" mnirvi (متوتر الأعصاب، حانق) و"كا يتنيرفي" ka yetnirvi (يصاب بالتوتر والحنق)، من الفرنسية être énervé (توتر الأعصاب، الحنق، الغضب).
- "اللوطو" elloṭo (السيارة)، الجمع: "اللواطا" ellwaṭa، من الفرنسية l'auto (السيارة).
- "الطوموبيلا" eṭṭomobila، الجمع: "الطوموبيلات" eṭṭomobilat، من الفرنسية l'automobile.
- "الجّردا" ejjeṛda (الحديقة)، الجمع: "الجّرادي" ejjṛadi، من الفرنسية jardin (حديقة).
- "لبلاصا" leblaṣa (المكان، المقعد)، الجمع: "لبلايص" leblayeṣ، من الإسبانية plaza (مكان، ساحة).
- "الطابلا" eṭṭabla (الطاولة)، الجمع: "الطوابل" eṭṭwabel، من الفرنسية table (طاولة) أو من الإسبانية tabla (طاولة، لوح).
وهذه الكلمات الفرنسية والإسبانية والإيطالية الموجودة في الدارجة لا تعني أن الدارجة تنتسب إلى تلك اللغات. فالدارجة لم تتأثر في نظامها الصوتي أو النحوي أو الصرفي باللغات الأوروبية وإنما استوردت منها الكلمات فقط وقامت بتذويبها وتكييفها مع النطق الدارجي. بينما في حالة الأمازيغية مع الدارجة حدث تأثير عميق من الأمازيغية على الدارجة نطقيا ونحويا وصرفيا وتركيبيا ومعجميا.
6) أسماء المعاني والصفات والمهن الدارجية المبنية على قالب أمازيغي:
نجد في الدارجة عددا كبيرا من أسماء المعاني والصفات والمهن المبنية على قالب أمازيغي. ويستعملها الكتاب الصحفيون بشكل واسع في الجرائد. وهي ظاهرة لغوية موجودة بالمغرب والجزائر. ومن بينها:
- "تامغرابيت" Tameɣrabit (المغربية، الهوية المغربية، صفة المغربي).
- "تاسياسيت" tasiyasit (مهنة السياسة).
- "تابنّايت" tabennayt (مهنة البناء).
- "تانجّارت" tanejjaṛt (مهنة النجارة والخشب).
- "تازنايديت" taznaydit (مهنة صنع الأسلحة النارية).
- "تاحمّالت" taḥemmalt (مهنة الحمّال).
- "تاعطّارت" taɛeṭṭart (مهنة بيع أو صنع التوابل والبهارات).
- "تابقّالت" tabeqqalt (مهنة بيع المواد الغذائية والمنزلية).
- "تابژاطميت" tabẓaṭmit (مهنة بيع أو صنع المحافظ والحقائب الجلدية).
- "تاگزّارت" tagezzart (مهنة بيع اللحم).
- "تازلايجيت" tazlayjit (مهنة الترصيف والتبليط بالزلّيج).
- "تامخزْنيت" tamxeznit (مهنة عون السلطة أو العمل لدى الدولة).
- "تامخزانيت" tamexzanit (السلطوية / الدولتية / بالإنجليزية: statism).
- "تاباشاوت" tabacawt (وظيفة الباشا، باشوية المدينة).
- "تاشيّاخت" taceyyaxt (وظيفة "الشيخ ديال الحوما" عند الدولة).
- "تاحراميات" taḥṛamiyat (المخادعة / الخداع).
- "تاشكّامت" tacekkamt (الوشاية).
- "تاشفّارت" taceffaṛt (اللصوصية).
- "تاموحاميت" tamuḥamit (مهنة المحاماة).
- "تاسمساريت" tasemsarit (السمسرة).
- "تاطواجنيت" taṭwajnit (الشره في الأكل)، من "الطواجن" eṭṭwajen.
- "تاعيساويت" taɛisawit (العربدة، الرقص والفيض الصوفي).
- "تامسلميت" tamselmit (الإسلام، صفة المسلم).
- "تايهوديت" tayhudit (اليهودية، صفة اليهودي).
- "تاعروبيت" taɛrubit (البداوة، صفة البدوي).
- "تاسيكليست" tasiklist (مهنة بيع أو إصلاح الدراجات).
- "تاطبجيت" taṭebjit (وظيفة الجندي المكلف بسلاح المدفعية).
- "تازوفريت" tazufrit (العزوبة).
- "تامعلّميت" tamɛellmit (المهنية، الحذق، الأستاذية).
7) خلاصة عامة:
الدارجة لغة مختلفة بما يكفي عن العربية والأمازيغية لنعتبرها لغة مستقلة عنهما وقائمة بذاتها. وذلك رغم أن أصل اللغة الدارجة هجين مختلط بين العربية والأمازيغية، ورغم أن الدارجة يغلب عليها النطق الأمازيغي والمعجم ذو الأصل العربي مع عدد مهم من الكلمات ذات الأصل الأمازيغي، ودون أن ننسى أن الدارجة تحتوي على كلمات كثيرة إسبانية وفرنسية اندمجت فيها بعمق.
والدارجة تمتلك عدة خصائص نحوية وصرفية خاصة بها تختلف عن العربية والأمازيغية. ومعجم الدارجة يحتوي على عدد كبير من الكلمات الجديدة والمشتقة داخليا والتي لم تأت مباشرة من العربية أو الأمازيغية. وهذا كله يجعل الدارجة لغة تتطور في اتجاه مستقل عن العربية والأمازيغية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.