التعليم بشكله الحالي قابل للانفجار في أية لحظة.. هو "قنبلة موقوتة"! يشكل عرقلة في طريقنا إلى التنمية الفكرية والاقتصادية والاجتماعية.. هو لم يتطور، رغم أن المعرفة الكونية تطورت كثيرا.. وإلى الآن، يراد للتعليم تبجيل مفاهيم تقليدية بالية، أكل الدهر عليها وشرب.. مفاهيم تقادمت واهترأت، ولم تعد صالحة للوقت الحالي، رغم أن العالم لم يعد يرى شؤون الحياة بنفس المنظور المتقادم.. وما زال الفهم السائد للدين والتاريخ، في مدارسنا، فهما لا يتماشى كله مع التطور الحضاري العالمي.. وما زال في مدارسنا خلط بين الإسلام والإيمان، رغم أن القرآن يفرق بينهما، وبشكل واضح.. يقول في سورة الحجرات: "...لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم".. - الإيمان أعلى منزلة من الإسلام.. الإسلام صلاة وصيام وعبادة...، والإيمان سلوك.. فأين السلوك الإيماني في حياتنا اليومية؟ أين الإيمان في من يتركون خلفهم عائلات بأسفل مستويات الفقر المدقع، ويذهبون بالطائرة إلى "العمرة"، أحيانا من الميزانية العامة، أو حتى دون أداء مستحقات عمالهم البسطاء؟! - وهل العمرة من فرائض الإسلام؟ سؤال يتجنبه تعليمنا العمومي، كما يتجنب أسئلة مرتبطة بالتاريخ.. واختلفت المعايير بين التعليم المفروض على الأجيال الحالية، وهو نسخة من تعليم السابقين، وبين التعليم الذي تقدمه مدارس خصوصية، وهذه تدور حول مهارات العصر، من تكنولوجيا وغيرها، وتطغى عليها أخلاقيات "عولمة" متوحشة.. ونتيجة لهذه الازدواجية بين تعليم الفقراء وتعليم أبناء "صفوة القوم"، نجد أن التعليم يفرق بين المواطنين، ويعلم أطفالنا كيف يتعاملون مع بعضهم بمكيالين، وكيف لا يكونون إنسانيين مع حقوق الناس، وحقوقيين مع الوطن والمواطنين.. التعليم لا يعلم معنى وواجب "الإنسانية"، حتى وهذه أعلى مرتبة من الإنسان نفسه، علما بأن الإنسان هو من جاءت من أجله كل رسالات السماء، من أديان، ومن كل ما ابتكره العقل من فلسفات وثقافات... وهذه من الأسباب التي جعلت التعليم عندنا يشكل بالفعل خطرا على التعايش الاجتماعي، وعلى ثقافة أساسية تتمثل في ضرورة التآزر والتضامن والتعاون والتطوع! لا تشجيع لثقافة التطوع في مناهج التعليم، رغم أن التطوع من ضرورات حياتنا المشتركة.. إن التعليم لم يعالج لا هذه ولا غيرها من معضلات البلد، لأنه هو لم يعالج نفسه، وبصيغة جذرية، على امتداد كل عقود "الاستقلال" الوطني.. - مشاكل التعليم العمومي بلا عد ولا حصر.. ومنها الاعتماد داخل القسم على الحفظ، بدل الفهم، أي جعل التلميذ أقرب إلى الببغاء، أو الكاسيط، منه إلى إنسان عاقل، يستخدم عقله لتحقيق الاستقلالية التأملية في شؤون الدين والحياة.. السياسة العامة عندنا لا تريد التلميذ مستقلا في فكره.. تريده تابعا للفقيه و"مقدم الحومة" والتلفزيون الرسمي، أي شخصا تابعا لا متبوعا.. تابعا بجهل، لا متبوعا بفكر.. وما زالت المنهجية المتداولة تقدم دروسا بعيدة عن الواقع.. هي تتحدث عن البحر، على سبيل المثال، بينما التلميذ المستهدف لم يشاهد البحر في حياته، لأنه يسكن مناطق لا بحر فيها.. مناطق تفتقد إلى أبسط ضروريات الحياة، لأن سياسات الدولة أهملتها وهمشتها.. إن التعليم يقدم للتلميذ دروسا في مجملها خيالات واستنتاجات هلامية.. يتعلم التلميذ أنها مسلمات، وأنه لا يجوز إخضاعها لأي نقاش.. ومنها الدروس الدينية والتاريخية التي تقدم له.. ولا تقبل من التلميذ بشأنها أي نقاش فكري.. ونفس المدرسة تعلم التلميذ أن يقبل الفقر الذي هو فيه، رغم أنه ليس فقرا طبيعيا، بل هو تفقير ظالم، بسبب سياسات لا تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات.. وهذا الواقع، جعل فئات من المجتمع تتحول إلى رافضين لهذا التفقير.. فجنحوا إلى خرق قوانين التساوي في الفرص وفي حقوق "ثروات البلد".. التعليم العمومي يعلم الأطفال كيف يكونون بوجهين مع بعضهم ومع غيرهم.. وكيف ينهبون بعضهم، بدءا بثقافة الغش في الامتحانات.. وفي هذه الحالة، يتعلمون أن الهدف ليس أن يفهم ويعرف ويعقل، بل أن "ينجح"، أو يتوهم أنه "ناجح"، في حين أنه مجرد متنقل من سنة إلى أخرى، في سلاليم زمنية تبتلع عمره، ولا تعطيه إلا خيبة الأمل.. وهذا الغش، في "امتحانات" المدرسة، ليس طبيعيا.. التلاميذ يحرضون بعضهم على الغش.. وبعض الأساتذة يمارسون الغش.. وبعض كبار المسؤولين لا يقدمون للعدالة، بسبب ما اقترفوه ويقترفونه من غش.. كأن الغش سلوك عاد طبيعي، وأن من "حق الجميع" أن يكونوا غشاشين في الحياة العمومية بعد "تخرجهم" من المدرسة.. وهذا خطير جدا، يمنع البلد من حقه في "دولة الحق والعدل".. وفي واقعنا، نجد البسطاء يحاكمون، بسبب خرق القانون، والوجهاء لا يحاسبهم أحد، ويعتبرون أنفسهم فوق القانون.. - خطر علينا.. ومنا أيضا خطر.. ومن المهد إلى اللحد، بسبب "وزارة التربية والتعليم".. كل مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية رافقت التلاميذ من الطفولة إلى الرشد، أي ترعرعت من التلقي إلى السلوك اليومي في الحياة العمومية.. يجب إعادة النظر جملة وتفصيلا في مناهجنا التعليمية، بما فيها المؤسسات، وأباطرة وزارة التعليم، ومن يقفون خلفهم.. وإعادة النظر في المسألة الانتخابية.. وفي تشكيلات الحكومات والبرلمانات والجماعات المحلية.. هذه مصادر كل الويلات.. فالظلم لا ينتج النزاهة.. الظلم لا ينتج إلا مزيدا من الظلم.. ناهيك عن مشكل التغذية المدرسية.. والنقل المدرسي.. والاكتظاظ المفرط.. وغياب التفتيش السليم.. والمراقبة المستمرة.. وعدم ملاءمة المواد التعليمية - في مجملها - للتطور العلمي العالمي المعاصر.. وعندنا حصار آخر، ويتمثل في غض الدولة طرفها عن الحصار الديني المضروب على التعليم.. إنهم يعلمون التلاميذ معلومات وتحليلات لا تنسجم مع العقل والمنطق والعدالة الاجتماعية.. لا يعلمون أن الإسلام والمسيحية واليهودية ليست هي الأديان الوحيدة في العالم.. في العالم آلاف الأديان، فيها ما هو في طور الانقراض، وما هو متطلع إلى أمام، ويقدم حلولا لمشاكل العصر.. المدارس لا تقدم للتلاميذ أن مفهوم الإيمان عندنا يلفه في حياتنا التعليمية كثير من الغموض، رغم أن القرآن واضح: "لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الإيمان في قلوبكم".. وما زالت التأويلات السياسية للدين هي توجه المناهج الدراسية الدينية.. التفسير "السياسي" هو ما تقدمه المدرسة لبناتنا وأبنائنا.. علما بأن دور السياسة هو تدبير شؤون الدنيا، لا التدخل في دور الدين الذي هو روحي محض.. والتفسير السياسي ليس دائما صحيحا.. والتأويل نفسه يجب أن يعاد فيه النظر.. والقرآن في هذا السياق واضح.. يقول كتاب الله: "لا يعلم تأويله إلا الله. والراسخون في العلم يقولون آمنا".. الله وحده يعلم تأويل القرآن، وليس البشر.. ولا يجوز أن تتعرض مدارسنا لخلط تأويلي يكرس في أذهان الأطفال أن تأويلات "المخزن" هي الصحيحة.. ليست بالضرورة صحيحة.. أو دائما أصح.. الصحيح هو ما يقوله القرآن: "لا يعلم تأويله إلا الله".. والحاصل عندنا أن تعليم الدين لا يستقيم.. ويجب أن يعاد فيه النظر.. وكذلك دروس التاريخ.. فيها كثير من الأخطاء التي تضلل مجتمعنا في شأن مسارنا التاريخي.. فلا يجوز أن تكون المدرسة، من الابتدائي إلى الجامعي، منبرا لتعليم الأخطاء الدينية والتاريخية وغيرها.. عليها أن تعلم الحقائق، وبالدلائل، بعيدا عن العنعنة، وأن تخضعها للتحليل العقلي، حتى تكون المدرسة فضاءا مفتوحا للنشاط الفكري.. لكن المدرسة لا تعلم الأطفال كيف يستخدمون عقولهم في تحليل وفهم ما يدرسون.. تريدهم أن يتقبلوا دروسهم، كما هي، وكأنها مسلمات غير قابلة لأي نقاش.. بينما النقاش الفكري ضروري لاستكمال الفهم، واستقراء المستقبل.. والقرآن يدعو لإعمال العقل في قضايا الدين وشؤون الحياة.. يقول في سورة الأنفال: "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون".. ويتساءل في سورة البقرة: "أفلا تعقلون؟".. إنه القرآن واضح.. يدعو إلى العقل.. وإلى إعمال العقل.. وما زالت مدارسنا بلا عقل.. هي برؤيتين متناقضتين: الماضي والحاضر.. عقلية الماضي السحيق تطغى على مؤسساتنا التعليمية الحالية.. الماضي هو يقود الحاضر، بكل أخطائه.. ولا يريدون للتلاميذ أي نقاش في التاريخ والدين، كأن الماضي هو أيضا من المقدسات.. في حين أن هذا الماضي، بطريقة تدريسه، يمنعنا من الاندماج الفعلي في ثقافة العصر.. والدولة في كل هذا هي المسؤولة.. ومنها الأحزاب الصورية والحكومات "الانتخابوية" المفبركة.. ومن مشاكل التعليم أيضا تعرض المدرسة لسوء التسيير والتدبير.. وعدم مشاركة الأسرة في بناء تعليم عمومي في المستوى المطلوب.. وأيضا السياسة التعليمية المنبنية على عقلية فاسدة للأحزاب التي تصنع حكومات متخلفة هي أيضا فاسدة.. ونتيجة لهذه العناصر وغيرها، لم يعد التعليم، بشكله الحالي، بلسما للعقل والخدمات الناضجة في بلدنا.. مدارس لم تعد هي المدارس.. من التحضيري إلى الجامعي.. كلها على نسق واحد.. تقدم شهادات جلها فارغة.. وقد قالها قائل كبير: إنها "شيكات بدون رصيد"! منذ هذه المقولة، التي دخلت في تاريخ التعليم المغربي المغشوش، لم توجد عندنا حلول جذرية.. لقد تدهور التعليم أكثر.. ولم تقدم اللجان، التي تم تشكيلها من أجل "إصلاح التعليم"، حلولا قابلة للتنفيذ.. عندنا من لا يريدون للتعليم أن يقوم بالدور الفكري المنوط به.. وقد تجاوزنا الآن حالة الإنذار بالسكتة المتوقعة: "السكتة القلبية".. - دخلنا في سكتة فعلية! وقال وزير التعليم العالي السابق، المنتمي لحزب "تجار الدين": "من يريد أن يعلم أبناءه، فعليه أن يدخل يده في جيبه"! قال هذا بالصوت والصورة، وأمام كل مؤسسات الدولة.. ولم تتم محاسبته، بقوة الدستور.. إشارة رديئة بليدة إلى إقحام الدولة في حرب مفتوحة على التعليم العمومي.. وإلى هذه الإشارة وغيرها، وقع ما كان متوقعا: انهار التعليم بما فيه الجامعي، وتحولت كثير من الجامعات إلى وكر مفتوح للفساد: شهادات تباع في "الشوارع" والأسواق.. طلبة مرغمون على شراء كتب بعض الأساتذة الذين تحولوا إلى سماسرة وتجار.. القبول في التسجيل للماستر والدكتوراه يتم مقابل رشاوى مالية.. بعض الأساتذة يبيعون كل ما يهم الحياة الجامعية.. أساتذة وعمداء يحاربون التعليم الجامعي العمومي، بتحويله إلى دكاكين للبيع والشراء.. وهذا شديد الإضرار بمن في جامعاتنا يتميزون بالصدق والنزاهة والضمير.. عندنا أطر في التعليم العمومي من الطراز الرفيع، وقد زرعوا بجانبهم عناصر تفسد في التعليم، بالطول والعرض.. والتعليم الخصوصي هو المستفيد، ابتدائيا وجامعيا.. هو يخضع لمنطق الربح.. ومن أجل الربح، عم الفساد.. بدأ هذا في عهد حكومات سابقة.. والحكومة "الإسلامية" هي أطلقت "رصاصة الرحمة" على ما تبقى من حياة التعليم العمومي.. قتلت كل مصداقية، وكل ثقة، في تعليمنا العمومي.. والحكومة الجديدة لم تأت إلا بوعود.. نفس الوعود التي أتت بها سليفاتها، وتبين أنها، هي الأخرى، وعود كاذبة.. الكذب طابع لسلوكات مختلف حكوماتنا المتعاقبة.. والحكومة الحالية، مثل السابقات، لا تريد أن يتعلم الفقراء، رغم أن جل الأطر المغربية، منذ الاستقلال، وفي كل القطاعات، هم من أبناء الفقراء، والطبقة المتوسطة.. الكثيرون كانوا يذهبون إلى المدرسة مشيا على أقدام حافية.. ومع ذلك تعلموا.. وأصبحوا من الأطر.. هم أطر، رغم أن العنكبوت قد عشش في أدمغة بعضهم، بسبب انعكاسات التعليم المنحرف.. لقد علمنا التعليم كيف ننحرف.. وبالفعل، انحرف كثيرون.. والقلة ما زالت مستقيمة.. تبذل، من حياتها اليومية، ثمن استقامتها.. واليوم، عندنا "سياسة عمومية" لا تريد لأبناء البلاد أن يتعلموا.. التعليم فقط لأبناء الأثرياء.. وأبناء الأثرياء يتم تعيينهم في مناصب عليا، بعد عودتهم من الخارج، تحيط كثيرا منهم شبهات اقتناء شهادات عليا من "متاجر جامعية" تبيع الدبلومات بكل درجاتها وأنواعها.. إلى هذه الحال، انزلق التعليم العمومي وغرق في الوحل، بفعل منهجيات مهترئة، وعراقيل أخرى كثيرة، تقف وراءها أحزاب وحكومات وجهات لا نزاهة لها ولا ضمير.. منذ عقود، وأباطرة الأحزاب مواظبون على اغتيال التعليم العمومي، عرقا عرقا، وقطعة قطعة.. ولم يفلت من سياسة "الحرب على التعليم" سوى قلة قليلة تم إدماجها في وظيفة هنا وهناك، أو مجموعة من شبابنا الذين هجروا إلى الخارج.. هناك وجدوا فرصا تعليمية وتكوينية في مختلف المجالات، وتألقوا بمهارات اكتسبوها بفضل سياسة التساوي "الخارجي" في الحقوق والواجبات.. هنا، لا شيء من هذا، إلا في حالات جد محدودة.. لا أمل مع تجار الدين، وأباطرة المخدرات، ولصوص "المال والأعمال"، وناهبي ثروات البلد، وحقوق الفقراء، من أراض وعقارات وغيرها.. والنتيجة: عندنا مدارس بلا جدران، ولا نوافذ، ولا مراحيض.. وأساتذة بدون أبسط الحقوق.. وفي شوارعنا، شهدنا مظاهرات متعددة، ضد الحكومة السابقة التي من المفروض أن تحاكم، بقوة الدستور الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة.. ونفس الاحتجاجات يتوقع ان تندلع بين حين وآخر، لأن الحكومة الحالية تبدو نسخة طبق الأصل من السابقة.. هذه مثل غيرها لا تملك إلا الوعود.. هي أيضا تضيع وقت غيرها، وتربح الوقت لنفسها، وتستهتر بالوطن والمواطنين.. هكذا فعلت بنا حكومات سابقة.. وفي الخفاء، كانت تفرش لأثرياء الخواص بساطا أحمر للاستيلاء على المؤسسات التعليمية العمومية.. سياسة أفسدت البلاد والعباد.. وأصبح عندنا من يبيعون المخدرات للأطفال بأبواب المدارس، وكاسيطات التطرف بأبواب بعض المساجد، وأدعية صوتية.. أصوات مشكوك في سلامتها الإنسانية، بشوارع البلد، والأحياء المهمشة، وأمام "مستودعات" حولها أباطرة العقار إلى مساجد خصوصية.. إننا أمام حالة تعليمية تشكل خطرا علينا جميعا.. والتعليم العمومي، إذا لم يعالج فورا، فإن مخاطره ستطال الجميع.. وليست وحدها المخدرات حاضرة.. معها تتمركز اللصوصية والخطابات التطرفية، وبعض الدعوات المرموزة إلى مساندة العقلية الإرهابية، ذات التأويلات المنحرفة لرسالة الدين السمحة.. - أين وزارة الأوقاف!؟ وللتذكير: في تسعينات القرن الماضي، كانت عصابات تهاجم بالسيوف إعداديات وثانويات، وتسقط ضحايا في أوساط التلميذات والتلاميذ، وفي أطر تعليمية.. واليوم تفعل هذا في كل مكان، وأمام العيان، وفي واضحة النهار.. وفي حملة السيوف، قطاع الطريق، من تخرجوا من التعليم العمومي.. وما زال تساؤل يطرح نفسه: هل هذه الاعتداءات سلوكات فردية، أم تقف وراءها جهات ما، وعن سبق إصرار؟ ونفس التساؤل مطروح بخصوص الرشاوى المنتشرة في مدارس عمومية: هل التعليم مستهدف من جهات إدارية مسؤولة؟ وعلى الدولة أن تحل مشاكل التعليم، من الأساس، لحماية بلادنا من المخاطر التي تتهددها نتيجة الفساد المستشري في الوزارة التعليمية، وسوء التدبير، والزبونية، والمحسوبية، والانتهازية.. بلدنا في خطر فكري، بسبب الثقافة الفاسدة التي تنشرها أحزابنا في مراكز القرار.. ولا نستطيع الجزم أن الحكومة الحالية بيدها الحل والعقد.. هذه حكومة ضعيفة، هزيلة، خنوعة، وليست خلاقة لأفكار ومبادرات من شأنها حل المشاكل.. حكومة ورثت قرارات في قمة الغباء.. قرارات يجب أن يعاد فيها النظر، لإحقاق حقوق الوطن والمواطنين.. إن الإرث التعليمي كبير وثقيل.. والمشاكل الكبرى تمططت وامتدت لتشكل مخاطر تكوينية وأمنية في كل القطاعات الاجتماعية الحيوية.. ولا يجوز الاعتماد على لصوص البلد.. هؤلاء مكانهم وراء القضبان، لا في الأحزاب، ولا في أي من المجالس الوطنية.. كما لا يجوز الاعتماد على الرشوة في التعليم العمومي.. الرشوة لا تضخم الميزانية العامة.. الرشوة تدخل إلى الجيوب، لكي تزيد في تفقير البلد.. هذا هو دورها.. هو تفقير أغلب المواطنين.. وإغناء كمشة من الانتفاعيين.. وهؤلاء موجودون أيضا في الوزارات المتعاقبة على التعليم.. وبالعودة إلى كبريات المسؤوليات بوزارات التربية الوطنية، منذ الاستقلال إلى الآن، نجد أن من الحلول الجذرية سؤال قضائي يجب طرحه على بعض كبار المسؤولين في التعليم، وفي المؤسسات المؤثرة في التعليم.. والسؤال هو: من أين لكم بكل هذا؟ الله لا يعطي بدون حساب.. الله يعطي "على قدر النفع".. ويعطي لمن يعمل، لا لقطاع الطريق.. - لماذا لا تتم محاسبة المسؤولين عن تخريب التعليم العمومي الذي أصبح عندنا "قنبلة موقوتة"!؟ [email protected]