غياب توضيحات رسمية حول تسعيرة الطاكسيات بالحسيمة يُربك القطاع ويفتح الباب أمام الاستغلال    وصول المساعدات المغربية إلى مخازن في مدينة دير البلح وسط غزة    الحسيمة .. الشرطة القضائية تعتقل مروجا للكوكايين بإمزورن    المغرب-مالي: تحرير السائقين المغاربة يكشف أهمية التنسيق الأمني بين دول الساحل (+فيديو)    إسرائيل تسمح بدخول السلع التجارية جزئيا إلى غزة    قيوح: المغرب جعل من التعاون مع الدول غير الساحلية وخاصة في إفريقيا أولوية استراتيجية في سياسته التعاونية    توقيف قائد بعمالة مراكش للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    الدورة السادسة عشرة من معرض الفرس للجدیدة سلسلة من الندوات حول العنایة بالخیل والتراث الفروسي    فتيات المغرب تكتسحن الجزائر ويحجزن مقعدا لهن في "أفروباسكيط 2025"    مستشار ترامب من الجزائر: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد لنزاع الصحراء    من المعرفة إلى السفر… تجارة الخدمات الصينية تحلق عالياً مع ارتفاع ملحوظ في الصادرات    عملية مرحبا.. إطلاق حملة لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج تحت شعار "التعمير والإسكان في خدمة مغاربة العالم"    مصرع شخصين في حادثة سير مميتة ضواحي ابن جرير    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الأوقاف تكشف سبب إعفائها رئيس المجلس العلمي المحلي لفكيك    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    ارتفاع القروض الاستهلاكية في المغرب إلى 162 مليار درهم خلال سنة 2024    مندوبية ‬التخطيط ‬تكشف: ‬وضعية ‬سوق ‬الشغل ‬لازالت ‬تعاني ‬من ‬آثار ‬الجفاف    تراجع نسبة ملء السدود بالمغرب إلى 35.3%    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بالبرَد وبهبات رياح مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    دراسة: الحر يؤثر على الصحة العقلية للإنسان    خواطر تسر الخاطر    الريسوني: تخلف وزارة الأوقاف سحيق لأنه مقدس وله حراسه.. وتخلف الدولة يسمى "الانتقال الديمقراطي"    كفالة مالية تصل إلى 15 ألف دولار للحصول على تأشيرة أمريكا    22 شهرا من الإبادة.. الجيش الإسرائيلي يقتل 20 فلسطينيا في غزة فجر الثلاثاء    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    زيادة ثمن بطاقة جواز تثير استياء مستعملي الطرق السيارة بالمغرب    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    أسعار النفط تشهد استقرارا بعد تسجيل أدنى مستوى في أسبوع    بعد أيام من تركيبه.. مجهولون يخربون رادارا حديثا لرصد المخالفات المرورية    وَانْ تُو تْرِي دِيرِي عَقْلك يَا لاَنجِيرِي!    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    المغرب ومالي ينجحان في تحرير 4 سائقين مغاربة اختطفتهم "داعش" في بوركينا فاسو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    كاميرات مراقبة صينية في سبتة ومليلية تثير الجدل في إسبانيا    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    اليابان تسجل "درجات حرارة قياسية"    عمدة برلين يثمن التشديد في الهجرة    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    غينيا تهزم النيجر بهدف في "الشان"    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب الريف والعالم 18 متابعة الصحافة الإيطالية للمقاومة
نشر في هسبريس يوم 13 - 06 - 2017

سلسلة مقالات يومية يسلط من خلالها الدكتور الطيب بوتبقالت الأضواء على صفحات مجيدة من تاريخ المغرب المعاصر؛ ويتعلق الأمر هنا بالأصداء العالمية التي خلفتها حرب الريف (1921-1926) عبر ردود الفعل المتضاربة والمواقف المتناقضة التي سجلتها الصحافة الدولية إبان هذه الفترة العصيبة التي تعرضت فيها حرية وكرامة المغاربة للانتهاك السافر والإهانة النكراء.
لقد برهن أبناء الريف عبر انتفاضتهم البطولية في مواجهة العدوان الاستعماري الغاشم عن تشبثهم الدائم بمقومات الهوية الثقافية المغربية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، وعن فخرهم واعتزازهم بالانتماء الحضاري إلى مغرب مستقل ذي سيادة غير قابلة للمساومة.
إن أبناء الريف، بشهادة كل مكونات الرأي العام الدولي في هذه الفترة التاريخية ما بين الحربين، أعطوا دليلا قاطعا من خلال دفاعهم المستميت عن الحرية والكرامة أن المغرب بلد يسكنه شعب أصيل لا يرضخ أبدا للذل والهوان مهما كلفه ذلك من ثمن.
تحليلات الصحافة الإيطالية
لكونها تشكل قوة كولونيالية متوسطة الحجم، كانت إيطاليا تسعى قبل كل شيء إلى الحصول على توسيع نفوذها وتعزيز موقفها الإستراتيجي المتوسطي؛ ولهذا كانت أجهزتها الإعلامية تتابع عن كثب تطورات الحركة الكولونيالية بالمغرب، وكانت تعتبر حرب الريف بداية لتقلبات كبيرة سيترتب عنها تغيير في معطيات النسق الكولونيالي ذي البنيات المتداعية.
وبهذا الصدد نشرت جريدة كوريرا دي إيطاليا، يوم 5 ماي 1925، برقية من باريس، مفادها أن إيطاليا تقدمت باحتجاج رسمي إلى الحكومة الفرنسية، يتعلق بأحداث المغرب. وتحديدا كانت إيطاليا تحتج على العمليات العسكرية التي تقوم بها فرنسا خارج حدود منطقة حمايتها في اتجاه الريف؛ وهي تعني بذلك المنطقة التي حررها الريفيون وطردوا الإسبان منها، لكن لا تعترف للريفيين بأي وجود سياسي، ولا تعير أي اهتمام للمقاومة الريفية. لهذا فإن إيطاليا ترى أن الانسحاب الإسباني تحت ضغط الريفيين يعني شيئا واحدا فقط: هو أن المنطقة المنسحب منها أصبحت بفعل الواقع داخل نطاق النظام الكولونيالي الدولي، وعليه فإن مشكلة اقتسامها تبقى مطروحة حتى يتم البت فيها بين الأطراف الاستعمارية القادرة على إثبات وجودها.
وقد كانت إيطاليا تتطلع إلى لعب دور كبير، ويسودها الاعتقاد بأن استفادتها من الاقتسامات الكولونيالية السابقة كانت ضعيفة، بالنظر إلى ما يخوله لها مركزها السياسي والإستراتيجي في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.
ونشرت جريدة كسيطا ديبلوبولو يوم 13 ماي 1925 مقالا تحت عنوان "حرب الريف وإيطاليا"، يوضح الموقف الرسمي الإيطالي بلهجة خفيفة في ما يتعلق بأطماع إيطاليا الاستعمارية، وبلهجة عنيفة في ما يتعلق بالتعامل مع المقاومة الريفية.
"لا بأس، إنه لا نزاع في حق الفرنسيين في طرد قطاع الطرق الريفيين من أودية ورغة، لكن بمجرد أن تطأ قدم كتيبة واحدة من المشاة الزواوية الفرنسيين المنطقة الإسبانية، فإن الأطراف المعنية - إسبانيا، إيطاليا وانجلترا في المقدمة- ستحتج لدى باريس.. إنه من غير المقبول رفع العلم الفرنسي فوق المنطقة التي انسحبت منها إسبانيا".
وفي معرض حديثها عن مشروع تسوية مشكوك فيه، بين بريمودي رفيرا وعبد الكريم، كتبت الجريدة نفسها: "إن فرنسا ترفض المشروع الذي من شأنه إذا طبق أن يفرض عليها تواجد حكومة إسلامية مقاتلة، بلشفية ووطنية على السفح المتوسطي من إمبراطوريتها الإفريقية".
لا مانع إذن في كون فرنسا تقوم ب"عمليات أمنية" في المغرب، لكن شريطة أن يؤدي ذلك إلى مراجعة جديدة لما يعرف في الدبلوماسية الكولونيالية ب"المسألة المغربية"، التي تعتبرها إيطاليا قد انتهت، ولو أنها لم تحصل منها على ما كانت تطمح إليه. وتضيف الصحيفة: "سوف لن تقبل إيطاليا تغيير التوازن في المتوسط الغربي على حسابها. وهذا ما حدث كثيرا في الماضي".
انفجار الوضع الكولونيالي بالمغرب، وضرورة إعادة ترتيب الأوراق في ما يتعلق بتوزيع الكعك المغربي بين أطراف القوى الاستعمارية، لما فيه فائدة إيطاليا، كان تقريبا هو الهاجس الذي ميز تعامل جل الصحف الإيطالية مع القضية الريفية.
وهذا ما تطرقت إليه جريدة الرينكو في عددها بتاريخ 13 ماي 1925. وقد جاء في مقالها عنوان رئيسي يشير إلى "مغامرة عبد الكريم الجنونية"، إذ كتب ماسيرو، صاحب المقال: "إذا كان اتجاه تغيير المعاهدة الفرنسية الإسبانية يزداد تأكيدا في ما وراء البرانس، فإننا سنجد أنفسنا في حالة تحتم علينا تيقظا كبيرا. إن إحداث تعديل في نسق التوازن الذي وافقنا عليه لا يهم فقط فرنسا وإسبانيا، وإنما هو مشكل يتعلق بالسياسة المتوسطية التي تهم إيطاليا بنفس قدر اهتمام انجلترا".
وحثت جريدة الرينكو على تعبئة الرأي العام الإيطالي دفاعا عن مصالح إيطاليا الاستعمارية. ونادت الصحيفة كذلك بالخروج نهائيا من دائرة "الخمول الأثيم" التي كانت إيطاليا توجد بداخلها، وترى أن فتورها في كل ما يتعلق بالقضايا الكولونيالية هو السبب في ضعف مكتسباتها في هذا المجال.
وفي 15 ماي 1925 نشرت جريدة سيسيليا نوفا قصاصة لمراسلها بباريس، تطرق فيها للعمل السياسي والعسكري للحماية الفرنسية بالمغرب تحت قيادة ليوطي، وما يجب على إيطاليا القيام به إذا ما تم احتلال الريف من طرف الفرنسيين. تقول إحدى الفقرات: "لكن، إضافة إلى عمل دفاعي، يجب التأهب للقيام بعمل هجومي: بعدما تهزم فرنسا عبد الكريم سترفع علمها فوق الريف وتستولي عليه، مستثمرة ومستغلة هذه الفرصة الثمينة لصالحها، تحت غطاء قانوني. وماذا بعد؟ بعدها ستتعدى القضية المغربية بكل تأكيد مدلولها المحلي. وسيتبين أن ما قامت به فرنسا لم يعد مجرد إجراء أمني، ولكن أصبحت له أبعاد أكبر، وخاصة بالنسبة للإيطاليين: إننا مازلنا نتذكر ما قامت به فرنسا في شرق الجزائر، إنه حقا تذكير مؤلم وتجربة قاسية: إنها تونس التي ضيعناها! ".
وتحت عنوان "حرب المغرب تهدد بتكلفة غالية ستدفعها فرنسا"، كتبت جريدة كوريرا، الصادرة بمدينة تورينو، مقالا بتاريخ 4 يونيو 1925، موجهة الطعنة إلى الدعاية الكولونيالية الفرنسية، ومقللة من مصداقيتها: "إن الحالة في المغرب أكثر خطورة مما يعتقد في فرنسا.. إن التلميحات لا تجدي. أن نتكلم عن عملية أمنية كما يفعله البعض في باريس معناه مغالطة الجمهور عن قصد. وخصص الكونت سفورزا، وزير خارجية إيطاليا سابقا وسفيرها بباريس سابقا، مقالا تحليليا في جريدة كوريرا دي لاسرا، مركزا على الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبتها فرنسا في تعاملها مع القضية الريفية: "إن خطأ الفرنسيين، وبالأحرى قادتهم، كان هو تفرجهم الماكر على متاعب إسبانيا. كان على السيد بوانكاري والمارشال ليوطي أن يفهما أن عبد الكريم سينقض في يوم ما على المغرب الفرنسي. كان الفرنسيون يعتبرون أنفسهم واقعيين، كما اعتبروا أنفسهم واقعيين في منطقة رهور، ولم يتضح لهم أن الامتياز الذي توفره التحالفات أفضل بألف مرة من حسابات الهيمنة الماكيافيلية. إنه لم يعد في أوروبا الحالية تجزئات مفصولة عن بعضها البعض، كل أوروبا أصبحت مترابطة في الخير وفي الشر". وعلى هذا الأساس، يرى الكونت سفورزا أنه يجب على كل الأوروبيين، الذين لهم مصالح في إفريقيا الشمالية، ترصيص الصفوف، وألا يوهموا أنفسهم بالهدوء السائد من وهران إلى الإسكندرية. والإشارة هنا ضمنيا إلى احتمال وارد لانتشار المد الثوري الريفي ليشمل أقطارا عربية مستعمرة تنتمي إلى منطقة جيواستراتيجية لا يمكن إغفال دور ومكانة إيطاليا فيها.
وهكذا، واصلت الصحافة الايطالية تغطيتها للأحداث الريفية من زاوية الدفاع عن المغانم الكولونيالية ونصيب إيطاليا منها، ولم تظهر إلا مقالات تتوخى نوعا من الاتزان الإعلامي في معالجة الأحداث. وحدها جريدة لاستنبا تميزت بتغطية مختلفة نسبيا عن باقي الجرائد الإيطالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.