شكل تعيين الملك محمد السادس لحميد شبار سفيرا جديدا للمغرب بالجمهورية الموريتانية حدثا بارزا في الأوساط السياسية والإعلامية بالجارة الجنوبية للمملكة، خاصة بعد شغور المنصب لقرابة ستة أشهر، وتزامن ذلك مع لحظة توتر عصيبة عاشتها علاقات البلدين شهر دجنبر الماضي. تعيين الملك لشبار، الذي جاء يوم الأحد الماضي ض لائحة سفراء جديدة ضمت 13 سفيرا مغربيا في مختلف الدول، جاء بعد قرابة ستة أشهر من فراغ "الكرسي الدبلوماسي" بعد وفاة سفير المملكة لدى نواكشوط، عبد الرحمن بنعمر، دجنبر الماضي، بعد صراع مرير مع المرض، وهو المسؤول المغربي الذي يوصف بعميد السلك الدبلوماسي المعتمد في الجارة الجنوبية، لمكوثه في المنصب منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي. وفي دجنبر الماضي، اضطر الملك محمد السادس إلى إرسال رئيس حكومة تصريف الأعمال، عبد الإله بنكيران، ضمن وفد رسمي للقاء الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز، رأبا للصدع الذي تسببت فيه تصريحات للأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، مست الوحدة الترابية الموريتانية، وهو ما أثار غضبا سياسيا موريتانيا كاد يعصف بالعلاقات بين البلدين، قبل أن تهدأ العاصفة وتعود الأوضاع إلى الهدوء. ورغم أن موريتانيا ظلت تستقبل قيادات جبهة البوليساريو الانفصالية في أكثر من مناسبة، ما يثير حنق المغرب، إلا أن الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، يشدد على أن علاقات بلاده مع المملكة المغربية تبقى "جيدة بشكل عام"، وأنه "ليس هناك ما يعكر صفوها"، مشددا في الوقت الذي ظل منصب السفير المغربي شاغرا على أن بعثات المغرب وموريتانيا "تمارس مهامها بشكل طبيعي". تفاعل "بلاد شنقيط" مع تعيين الملك لسفير مغربي جديد ظهر من خلال وسائل إعلام موريتانية، إذ اعتبرت صحيفة "الأخبار"، التي تعرف نفسها بأنها أولّ وكالة أنباء موريتانية، أن مهمة شبار "لن تكون سهلة"، مضيفة أن المسؤول المغربي مطالب ب"جمع ومطالعة مذكرات الساسة والإداريين الموريتانيين ودراستها بعين الباحث غير المتحيز، وتجديد خلفيته العلمية والمعرفية عن تاريخ موريتانيا الحديثة وما عرفه من مد وجزر، وما تميز به من تقلبات"، وزادت: "ليس تأخر اعتراف المغرب باستقلالها وكذلك حرب الصحراء بعيدين عن التأثير فيها"، أي العلاقات المغربية الموريتانية. وفيما يشبه نصائح موجهة للدبلوماسي المغربي، أوردت "الأخبار" أن حميد شبار مطالب أيضا بما وصفته ب"التحرر من قيود النظرة الفوقية، والابتعاد عن أحكام القيمة المسبقة، والمسارعة إلى تجديد أساليب عمل السفارة بما يخدم العلاقات بين البلدين ويجنبها التجاذبات القاتلة"، مقترحة "إيلاء العناية الكافية لملف التأشيرات والعمل العاجل على تنظيم جيد لإجراءاتها، مع السرعة المعقولة، والقضاء على الفوضى والسمسرة والوساطات"، من منطلق كونها "أهم المداخل المستعجلة التي لها صلة بعموم الراغبين في زيارة المغرب من الموريتانيين". المصدر الإعلامي الموريتاني أقر بخبرة السفير المغربي الجديد "في الإدارة المحلية واطلاعه على ملف الصحراء، فضلا عن مؤهلاته العلمية وعمله الدبلوماسي السابق"؛ على أنها "ستكون عونا له على إعادة الاعتبار لمركزية العلاقات الموريتانية المغربية"، مضيفة: "ننتظر منه الاهتمام بتتبع منسوب الوعي المتزايد لدى عموم الشعب الموريتاني الموسوم برفض منطق الوصاية من أي كان ولو كانت القيادة الموريتانية الحالية؛ وليراجع ما ينشر يوميا دون تحفظ سعيا إلى التحرر من الإملاءات والتوجيهات التي لا تحقق للموطن غاية"، وفق تعبير البوابة الإلكترونية الموريتانية. من جهتها، كتبت صحيفة "أطلس أنفو" الإلكترونية الموريتانية مقالا يتحدث عما وصفته ب"معلومات هامة" عن السفير حميد شبار، اعتبرت فيه أن "عدم تعيين سفير جديد مكان السفير القديم أعطى انطباعا لدى البعض بأن العلاقة بين البلدين ليست في أحسن أحوالها"، مستدركة: "غير أن تعيينات جرت في السلك الدبلوماسي المغربي، من ضمنها تعيين سفير في نواكشوط، جاءت عكس ما كان البعض يعتقده". وترى الصحيفة ذاتها أن العلاقات الموريتانية المغربية شهدت "فترات مختلفة صعودا وهبوطا لكنها حافظت على الاستمرارية والحيوية"، إذ "حرص قائدا البلدين على أن تبقى تلك العلاقة في مستويات جيدة"، قبل أن تستعرض جزءا من مسار شبار باعتباره خبيرا بالملف الصحراوي حاصلا على دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بروكسل، وتقلد عدة مهام دبلوماسية، منها "سفير غانا" و"نائب المبعوث الدائم للمغرب لدى لأمم المتحدة في نيويورك" و"مستشار مكلف بالقضية الصحراوية" و"مفوض العلاقات بين المغرب والمينورسو".