ينتظر عدد من متتبعي الشأن المحلي بخريبكة نتائج الزيارة التي قامت بها لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية، بهدف فحص مجموعة من الملفات بقسم التعمير ببلدية خريبكة، على خلفية ما بات يُعرف بملف الحمّام الذي جرّ، في الآونة الأخيرة، رئيس المجلس البلدي وأحد المنعشين العقاريين إلى القضاء. شكاية الطمع والابتزاز والتهديد بدأت فصول القضية، بحسب شكاية وضعها منعش عقاري لدى الوكيل العام بمحكمة الاستئناف، ضد رئيس المجلس البلدي لخريبكة، إلى يوم 18 مارس من السنة الماضية، حين "قدّم المستثمر ملفا مستوفيا لجميع الشروط والوثائق، من أجل بناء حمام سفلي وطابقين علويين، قبل أن يعرف الملف تماطلا وتأجيلا وتكرارا لبعض الملاحظات واسترسالها طيلة ستة أشهر؛ وهو ما تسبب للمعني بالأمر في أضرار مالية ومعنوية جسيمة". وجاء في الشكاية أن صاحب المشروع تلقى ذات مرة اتصالا هاتفيا من رئيس المجلس البلدي لخريبكة، من أجل مطالبته بالحضور بمفرده، إذ تمّت طمأنته بخصوص قانونية ملفه، وإمكانية تضمين البناية شققا سكنيا فوق الحمّام، مقابل مساعدة رئيس المجلس والوقوف بجانبه، تزامنا مع خوضه غمار الانتخابات التشريعية الأخيرة. وأوردت الشكاية أن "رئيس المجلس الجماعي طالب المستثمر بأربعين مليون سنتيم، وحين أبدى المعني بالأمر عجزه عن تقديم المبلغ، اقترح المسؤول تسهيل العملية وتبسيطها، من خلال دفع نصف المبلغ عند تسلم رخصة البناء، والنصف الثاني عند تسلم رخصة السكن وشهادة المطابقة"، بحسب الشكاية. وبعد سنة من تسلم رخصة البناء ومرور المرحلة الأولى في ظروف عادية، تضيف الشكاية، تسلمّ صاحب المشروع رخصة السكن بالنسبة إلى الطابقين السكنيين اللذين يشتملان على 8 شقق، وشهادة المطابقة عن الطابق السفلي المتعلق بحمام مقسّم بين الرجال والنساء؛ وهي المرحلة التي اتصل فيها رئيس المجلس بالمنعش العقاري، من أجل المطالبة بما تبقى من المبلغ المتفق عليه". وجاء في الشكاية أن "صاحب المشروع طالب بمهلة إلى حين بيع إحدى الشقق السكنية، إلا أن رئيس المجلس البلدي اعتبر الأمر خيانة، وشرع في تهديد المستثمر بسحب الرخص المسلمة له، قبل أن ينفّذ تهديداته بإرسال مفوض قضائي إلى مكان المشروع، واتخاذ قرار جديد بعد يومين، يقضي بسحب رخصة السكن وشهادة المطابقة"؛ وهو ما دفع المتضرر إلى رفع دعوى قضائية، يتهم فيها الرئيس بالطمع، وممارسة الابتزاز والتهديد. وفي اتصال بصاحب المشروع، نفى جملة وتفصيلا ما يتم ترويجه حول الملف وما تضمنه من معطيات حول الاتفاق المالي، مشيرا إلى أن "حصوله على رخصة البناء بعد تماطل كبير، وتسلّمه رخصة السكن وشهادة المطابقة في ما بعد، ثم إقدام رئيس المجلس على سحب الترخيص والشهادة هو ما دفعه إلى رفع دعوى قضائية، قبل أن يتنازل عنها بسبب بعض المتدخلين ومتتبعي الملف". وأكّد المعني بالأمر أن الملف الآن بين يدي مسؤولي وزارة الداخلية التي أرسلت، قبل أيام قليلة، لجنة تفتيش إلى بلدية خريبكة، والكل ينتظر النتائج والقرارات التي سيتم اتخاذها"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن "المشكل مرتبط بخلاف بسيط حول أمر فرعيّ، يهم الطابقين العلويين، ولا يرتبط بالتصميم الرئيسي للمشروع الذي تم احترامه خلال مختلف مراحل البناء". شكاية التدليس وتزوير الوثائق وفي المقابل، جاء في شكاية تقدّم بها رئيس المجلس البلدي أن "المشتكى به تقدم بملف، يوم 7 من الشهر الماضي، من أجل الحصول على رخصة السكن وشهادة المطابقة؛ وهو ما دفع المسؤول إلى إرسال مفوض قضائي بهدف التأكد وتشخيص وضعية البناية ومعاينتها، حيث أنجز محضرا ضمنه وجود مجموعة من العمال الذين يقومون بأشغال "الفيانص" وتكسية درج البناية والواجهة وبناء خزان للماء دون ترخيص، مع ربط المداخل الأربعة للبناية بدرج خارج حدودها. وأوردت الشكاية أن رئيس المجلس أرسل عونا جماعيا مكلفا بمراقبة البناء إلى مكان المشروع، من أجل الزيادة في التشخيص، فأنجز محضرا يضم مجموعة من الخروقات؛ من بينها بناء درج المداخل الأربعة فوق الملك العمومي، وتغيير موقع مدخل القبو ومحله والتقني، والتغيير الكلي للمعالم الداخلية بالطابقين الأول والثاني، وبناء خزان غير وارد بالتصميم المرخص، والزيادة في علو البناية، وفتح أربع نوافذ بالواجهة الشمالية، وعدم احترام العلو المخصص للمدخنة. وأشارت الشكاية ذاتها إلى أن تسجيل تلك المخالفات دفع رئيس المجلس البلدي إلى مراسلة السلطات المحلية، قبل أن يتم إصدار أمر فوري بوقف الأشغال، وحجز مجموعة من مواد وآليات البناء، وإصدار قرار بسحب رخصة السكن وشهادة المطابقة، ومراسلة المحافظ على الأملاك العقارية والرهون لوقف عملية التحفيظ، ومراسلة المكتب الوطني للكهرباء ورئيس المجلس الجهوي لهيئة المهندسين المعماريين للمنطقة الوسطى. وجاء في الشكاية أن "المشتكى به تقدم بطلب لدى مكتب الضبط بالجماعة، يضم مجموعة من الوثائق، من أجل استصدار أمر استئناف الأشغال. وبعد تفحّص تلك الوثائق والمستندات بدقة، تبين أن المعني بالأمر عمد إلى التدليس من خلال المرافق التابعة للجماعة؛ وذلك بتزوير الوثائق وإحداث تغيير بقلم جاف، وتغيير التصاميم جوهريا من الداخل والخارج، دون سلك المساطر القانونية المعمول بها، بقصد الحصول على رخصة السكن وشهادة المطابقة". وأدلى المشتكى به، تضيف الشكاية، بتصريح المهندس الواضع لتصور المشروع، موقع من لدن المعني بالأمر والمهندس ومكتب الدراسات، به بيانات غير صحيحة وغير مطابقة للواقع الذي عليه البناية حاليا، من بينها انتهاء أشغال البناء، بينما هي غير منتهية، مع الإدلاء بصور فوتوغرافية لواجهتي البناية، تظهر أنها مكتملة البناء والبلاط ومصبوغة بالأبيض، قبل أن يتبين بأن الصور مزورة عن طريق الفوتوشوب، بقصد إيهام المصالح المختصة بالجماعة على أنها مكتملة. وطالب رئيس المجلس البلدي لخريبكة وكيل الملك بإجراء بحث دقيق في النازلة، والاستماع إلى كل من يفيد في وقائعها، ومتابعة المشتكى به من أجل المنسوب إليه، والمتمثل أساسا في التدليس والتزوير في وثائق رسمية بقصد الحصول، وبدون حق، على رخصة السكن وشهادة المطابقة، باعتبارها أفعالا يجرمها يعاقب عليها القانون. وفي اتصال برئيس المجلس البلدي، أكّد المسؤول لجوءه إلى القضاء ضد المنعش العقاري، ولن يتراجع عن الدعوى التي رفعها، بالرغم من تنازل الطرف الآخر عن شكايته في الآونة الأخيرة، مضيفا أنه "يتوفر على تفاصيل الملف، ولا يجد أي حرج في الإدلاء بها وتنوير الرأي العام، إلا أن الظرفية الراهنة تحول دون إمكانية الإدلاء بحيثيات القضية إلى الصحافة، حتى لا تُعتبر توضيحاته محاولة للتأثير على القضاء".