بالرغم من أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منعت العديد من وكالات الأسفار السياحية، التي لم تحترم دفتر التحملات والتزاماتها مع الحجاج خلال موسم الحج الماضي؛ فإن هذه الوكالات ما زالت تجذب المغاربة المتوجهين إلى الديار المقدسة، بسبب الخدمات التي تقدمها والبرامج الاقتصادية التي توفرها للحجاج. وكانت الأوقاف منعت، السنة الماضية، وكالات الأسفار السياحية التي لم تحترم دفتر التحملات والتزاماتها مع الحجاج خلال موسم الحج برسم سنة 2017 من تنظيم عملية الحج، مبرزة أن الوكالات المعتمدة والتي يبلغ عددها 170 وكالة منتشرة في كل ربوع المملكة تتوفر على شعار خاص بعلامة الحج محمي قانونيا ويتضمن شارة وزارة السياحة والفدرالية الوطنية لوكالات الأسفار المغربية وكذا اسم الوكالة ورقم ترخيصها. وأوصت الوزارة المغاربة المنتقين في عملية قرعة تنظيم الحج برسم سنة 2018 بتأطير من وكالات الأسفار السياحية باستلام شهادة الانتقاء المسلمة من لدن السلطات المحلية لملئها وختمها لدى وكالات الأسفار المنظمة لعملية الحج لهذا الموسم والمختارة من لدن الحجاج. وبالرغم من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة "فوضى" الوكالات السياحية الدولية، التي تنتعش خلال هذه الفترة من السنة، التي تسبق شهر رمضان؛ فإن عددا من المغاربة الراغبين في إجراء مناسك العمرة يتجهون إلى خدمات الوكالات السياحية. إجراءات سلسة مقابل تكاليف مرتفعة حليمة، 62 سنة، قصدت إحدى الوكالات الكائنة في مدينة سلا، للاستفادة من البرنامج الاقتصادي الخاص بعمرة رمضان، تقول، في تصريح لجريدة "هسبريس"، إنها اختارت التوجه إلى وكالة الأسفار بسبب الخدمات التي تقدّمها، بحيث إنها دفعت في المرحلة الأولى 6000 درهم، ثم بعد ذلك قامت بدفع باقي التكاليف لتصل إلى المبلغ المحدد في 17 ألف درهم والذي يشمل كل الرسوم المحددة من قبل الوكالة المعنية. وبدوره، يصرح محمد إقبال، لجريدة هسبريس، بأنه "توجه إلى الوكالات السياحية بعدما سمع حول البرامج الاقتصادية التي تقدمها للمغاربة بخصوص عمرة شهر رمضان، ويقول إقبال إن "الإجراءات سلسة وغير معقدة، بالرغم من ارتفاع التكاليف مع إقرار الضريبة الجديدة التي تهم العمرة المتكررة". السوق "ناعسة" وعن إقبال المغاربة على هذه الوكالات، يقول شمس الدين التيجاني، الذي يملك شركة دولية للأسفار، التي تتكلّف بنقل الحجاج المغاربة إلى الديار السعودية، إن "السوق ناعسة بسبب الضريبة الجديدة التي فرضتها السلطات السعودية المتعلقة بالعمرة المتكررة، والتي حددتها في 2000 ريال سعودي أي حوالي 5500 درهم مغربي، والمعروف أن المغاربة يقومون بعمرة في كل سنة، ومع هذه الضريبة ستكون التكاليف عالية جدا". وأوضح المتحدث، في تصريح لجريدة هسبريس، أن وكالته "تستقبل العشرات من المغاربة يوميا، معظمهم ينتمون إلى الفئة المتوسطة التي تفضل البرامج الاقتصادية الخاصة بالعمرة والتي يصل تكاليفها إلى 17 ألف درهم، وهو مبلغ يلائم القدرة الشرائية للمغاربة"، يقول شمس الدين، قبل أن يزيد: "فتح باب الترشح يكون قبل 4 أشهر من تاريخ الذهاب إلى العمرة، حيث يتم توقيع عقد مع المعتمر نحدد فيه نوع الإقامة والطائرة والأمور اللوجيستيكية الأخرى". وتابع شمس الدين: "نحن نشتغل في إطار القانون، ولا نوهم المغاربة بعروض خيالية كما تفعل بعض الوكالات المنضوية تحت لواء "وكالات الأسفار"، التي تسببت في مشاكل لعدد من المعتمرين المغاربة دفعتهم إلى الاحتجاج بالديار المقدسة السنة الفارطة". ويشمل البرنامج، التي تقدّمه الوكالة، تذكرة الطائرة ذهابا وإيابا عبر خطوط غير مباشرة والتأشيرة، مع إضافة مبلغ 1500 درهم للذهاب بواسطة الخطوط المباشرة. كما يشمل الإقامة بالفنادق والتنقلات بواسطة باصات مكيفة خلال الدورة، بالإضافة إلى "التأطير التقني والمساعدة من طرف الوكالة، دون أن نغفل "إضافة مبلغ 5400 درهم رسوم تأشيرة العمرة المكررة والمحددة في 2000 ريال سعودي". بدورها، تحكي مُسيّرة وكالة أسفار في مدينة سلا أن "العروض المقدمة للمغاربة تبقى في مجملها معقولة، حيث لا تتعدى البرامج الاقتصادية والعادية الخاصة بعمرة رمضان حوالي 17 ألف درهم"، موردة أنه "هناك برامج تصل في بعض الأحيان إلى 10 آلاف درهم تتضمن كل التكاليف المتعلقة بالطائرة والإقامة والمندوب الذي يرافق الحجاج طوال فترة تواجدهم في الديار المقدسة". استمرار الفوضى بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال بهذا الخصوص إن "وزارة السياحة بذلت جهدا جبارا السنة الماضية، إذ قامت بمعاقبة بعض الوكالات التي نصبت على الحجاج، الذين وبالرغم من ذلك يتوافدون بكثرة على هذه الوكالات التي تقدم عروضا مناسبة لوضعيتهم الاجتماعية". وكشف الخراطي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية عن "وجود بعض وكالات الأسفار تشتغل خارج القانون بتنسيق مع السماسرة الذين يدخلون كوسيط بين الشركة والحجاج، مسجلا في هذا السياق "استمرار الفوضى في هذا المجال في ظل غياب الشفافية". واستطرد المتحدث في حديثه: "تكلفة الحج تبقى غالية على المستهلك المغربي؛ وفي ظل غياب الضمانات للوعود المقدمة من قبل الوكالات والوسطاء فإن المعتمر يبقى حبيس مزاج سعودي"، قبل أن يدعو إلى مراقبة هذه الوكالات. *صحافي متدرب