تعيش مدينة المحمدية، منذ شروع أحد المنعشين العقاريين في هدم بناية تاريخية ذات دلالة لدى أبناء "فضالة"، على وقع غليان كبير. وشرع المستثمر العقاري، خلال هذه الأيام، في تدمير هذه المعلمة التاريخية المسماة "الحديقة" والموجودة بزاوية شارع الزرقطوني وشارع فاس، مع العلم أنه جرى إخبار السلطات المعنية عدة مرات بأهمية هذه البناية. وعبّر عدد من الناشطين الجمعويين وأبناء "مدينة الزهور" عن غضبهم من هذه الخطوة أمام مرأى ومسمع السلطات العاملية، إذ لا تبعد هذه البناية ذات البعد التاريخي سوى بأمتار عن مقر عمالة المحمدية. ورفض عدد من النشطاء بالمدينة تدمير هذه المعلمة والتراث الحضاري وتعويضه بالإسمنت، مؤكدين عدم سكوتهم على مثل هذه الاستفزازات. وتعد هذه البناية المهمة في تاريخ المحمدية من تصاميم المهندس المعماري إرفين هنين والتي جرى تشييدها سنة 1932، إذ تتكون من ثلاثة طوابق وتتجسد خاصيتها في تنوع ودينامية الأحجام الهندسية. ويمنح التصميم الهندسي للواجهات تنوعا في الأشكال ويعطي البناية تعبيرا هندسيا فريدا يتلاءم مع المشهد الحضري للمحمدية. كما تعد بناية الحديقة، القريبة من شاطئ المحمدية، واحدة من البنايات المهمة بالمدينة مثل الكازينو وفلل هرسان التي تكون حي الحديقة النواة التاريخية للمحمدية العصرية. وسبق أن شهدت مدينة المحمدية وقفة احتجاجية سنة 2016 بالقرب من البناية المذكورة، إلا أن المستثمر عاد من جديد بداية الأسبوع الجاري ليباشر عملية الهدم؛ وهو ما أثار استغراب الفاعلين الجمعويين. من جهته، أكد المستثمر العقاري، لهسبريس، أن البناية المذكورة "ليست من المباني المصنفة، والناس التي تتمنى تصنيفها من حقها ذلك، لكن واقع الأمر يؤكد أنها ليست كذلك". وشدّد المسؤول العقاري على أن مؤسسته "تشتغل وفق القانون المسموح، وهناك تصميم التهيئة الذي يحدد مكان البناء، ولا يمكن لأي مسؤول تجاوزه وخرقه"، مضيفا: "لو كانت هذه البناية مصنفة لما قمت بشرائها، ولا تم بيعها لي". ولفت المتحدث نفسه إلى أنه يتوفر على جميع التراخيص القانونية لذلك، ولم يسبق له سحب الترخيص منه كما يتم الترويج لذلك، مشيرا إلى أن "ما جعل الهدم يتوقف راجع إلى أن جزءا من البناية كان لا يزال آهلا بالسكان؛ إلا أنه بعد رحيل آخر سيدة منه، الاثنين الماضي، جعلنا نباشر عملية الهدم". وتضع عملية هدم هذه البناية القديمة كل من المجلس الجماعي وعمالة المحمدية والوكالة الحضرية ووزارة الثقافة في موقف حرج أمام الساكنة، التي تطالب بحماية هذا الموروث ووقف الزحف العمراني على مثل هذه المنشآت.