عامل شفشاون: مشاريع المبادرة ساهمت في تحسين المعيشة وتنزيل مشاريع مهمة    أخنوش: إصلاح التعليم خيار سيادي وأولوية وطنية    قمة الصعود تُشعل الجدل..شباب الريف يرفض ملعب الزياتن    وزير العدل: كنت سأستغرب لو وقع نواب "الاتحاد الاشتراكي" مع المعارضة على ملتمس الرقابة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    بعد مشاركتها في معرض للصناعة التقليدية بإسبانيا.. مغربية ترفض العودة إلى المغرب    الرباط.. دعوات دولية متزايدة لوقف "الإبادة" في غزة وتفعيل حل الدولتين    ثلاثة مراسيم على طاولة المجلس الحكومي    إفشال محاولة تهريب 3 كيلوغرامات من الشيرا بلعها شخصان بمعبر بني أنصار    نقل إياب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى زنجبار    وهبي: رفضنا تعديلات على المسطرة الجنائية لمخالفتها مرجعيات الإصلاح أو لمتطلباتها المادية الضخمة    تلك الرائحة    الناظور.. المقر الجديد للمديرية الإقليمية للضرائب يقترب من الاكتمال    بوريطة: دعم المغرب لفلسطين يومي ويمزج بين الدبلوماسية والميدان    انقطاع واسع في خدمات الهاتف والإنترنت يضرب إسبانيا    الملك يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون    عصابة المخدرات تفشل في الفرار رغم الرصاص.. والأمن يحجز كمية ضخمة من السموم    مجلس النواب يقر قانون المفوضين القضائيين الجديد في قراءة ثانية    كيف تعمل الألعاب الإلكترونية على تمكين الشباب المغربي؟    الأبواب المفتوحة للأمن الوطني: رواق مكافحة الجريمة السيبرانية تجسيد للانخراط المتواصل للأمن في حماية الفضاء الرقمي    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    دو فيلبان منتقدا أوروبا: لا تكفي بيانات الشجب.. أوقفوا التجارة والأسلحة مع إسرائيل وحاكموا قادتها    مسؤولون دوليون يشيدون بريادة المغرب في مجال تعزيز السلامة الطرقية    استئنافية الرباط تؤجل محاكمة الصحافي حميد المهدوي إلى 26 ماي الجاري    الوداد الرياضي يُحدد موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية    "حماة المال العام" يؤكدون غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد ويحتجون بالرباط على منعهم من التبليغ    40.1% نسبة ملء السدود في المغرب    رئيس حزب عبري: إسرائيل تقتل الأطفال كهواية.. وفي طريقها لأن تصبح "دولة منبوذة" مثل نظام الفصل العنصري    المغرب والإمارات يعلنان شراكات ب14 مليار دولار في مشاريع طاقة ومياه    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    لهذه الأسباب قلق كبير داخل الوداد … !    توقيع مذكرة تفاهم بين شركة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية    الاهتمام الثقافي في الصين يتجلى: أكثر من مليار و400 مليون زيارة للمتاحف خلال عام 2024    مشاركة أعرق تشكيلات المشاة في الجيش الإسرائيلي في مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    العدالة والتنمية يحذر من فساد الدعم وغياب العدالة في تدبير الفلاحة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    مكالمة الساعتين: هل يمهّد حوار بوتين وترامب لتحول دراماتيكي في الحرب الأوكرانية؟    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الثلاثاء    الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية لتنمية شاملة ومستدافة" شعار النسخة 6 للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوجدة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    المهرجان الدولي لفن القفطان يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    إيهاب أمير يطلق جديده الفني "انساني"    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاشية قديمة ورسل جدد
نشر في هسبريس يوم 30 - 09 - 2018

اختارت مارين لوبان، زعيمة اليمين الفرنسي المتطرّف، تدشين نشاطها السياسي منتصف شهر شتنبر الجاري، في إحدى مدن الجنوب الفرنسي. فعلت ذلك على صورة وضع حزبي منهك بالمتابعات القضائية والصعوبات المالية. دخول وصفته الصحافة الفرنسية بمنخفض الكلفة؛ ذلك أن حزب التجمع الوطني، الصيغة الجديدة وغير المنقّحة للجبهة الوطنية، بدا متواضعا في حجم وطبيعة نشاطه الافتتاحي الذي جاء بعيدا عن احتفاليات إبراز القوة التي ظل هذا التنظيم قادرا على تجسيدها.
في السياق، اعتبرت الزعيمة اليمينية انطلاقتها السياسية للعام الحالي منخرطة في معركة الانتخابات الأوروبية التي ستشهدها القارة العجوز في ماي 2019، وهو استحقاقٌ برهانات كبرى، تكاد تهم وجود المشروع الأوروبي نفسه واستمراريته. وفي المضمون، قدّمت سليلة مؤسس اليمين المتطرف الفرنسي خطابا تقليديا في مفرداته وحججه ومقارباته، بتركيز نموذجي بشأن إشكالية الهجرة، وبنبرة هوياتية مغرقة في القومية الشعبوية. في الخطاب بدت مارين لوبان واثقةً من هيمنة الثنائية الجديدة: هوية أو عولمة، على الزمن السياسي والانتخابي في بلدان أوروبا، ومطمئنة إلى أن أفكار الهوية الثقافية، والحمائية الاقتصادية، والدفاع عن الحدود، والسيادة، ومواجهة الهجرة، قد وصلت إلى مقاليد التدبير في أكثر من دولة أوروبية.
عدّدت المرشحة السابقة لرئاسيات فرنسا، بالأسماء والصفات، حلفاءها الجدد في أوروبا الذين يتقاسمون معها خطابا سياسيا بالعناصر المرجعية نفسها، والأرضية المذهبية والخط السياسي نفسيهما. ووقفت على إنجازاتهم الانتخابية القريبة، مخصّصة حيزا أكبر لحليفها الإيطالي، ماتيو سالفيني، من دون أن تغفل الإعلان المتجدّد عن انتمائها الكامل إلى عصر سياسي يقوده في الغرب وراء ظلمة الأطلسي، ترامب، وفي الشرق وراء جبال الأورال، بوتين.
طموح "التجمع الوطني" في الانتخابات البرلمانية المقبلة الحفاظ على صدارة النتائج، تماما مثلما وقع في آخر انتخابات أوروبية، حصلت فيها الجبهة الوطنية على ربع الأصوات المعبّر عنها. ولكن يبدو، هذه المرة، إغراء موجة قومية شعبوية في كل أوروبا غير قابل للتجاهل، ولذلك باتت نبرة لوبان أكثر تصعيدا، وهي تدعو إلى إنقاذ أوروبا من الاتحاد الأوروبي، وإلى بناء أوروبا القوميات، معتبرة أن الاتحاد الأوروبي ليس سوى تركيبة إيديولوجية، يجب الإسراع بتفكيكها، بعد الإجهاز على منظومة بروكسيل التي صادرت بنيتها التكنوقراطية قرار الشعوب وسيادتها وصلاحيات ممثليها... الهدف إذن واضح، الحصول على كتلة يمينية شعبوية داخل البرلمان الأوروبي، للحسم مع فكرة الاتحاد الأوروبي نفسها.
غير بعيد عن فريغوس، ، حيث ألقت لوبان خطابها السياسي، وبالضبط في عاصمة إيطاليا، كان سياسي أمريكي يعيد تقريبا صياغة المفردات نفسها، وبناء الخطاب المؤسس على وهم الهوية ورهاب الأجانب وتحقير المؤسسات وتتفيه النخب. السياسي الذي بدأ يحوز على إنصاتٍ كثير في عواصم أوروبا ليس سوى ستيف بانون، وهو من أبرز قادة الحملة الانتخابية لترامب، وكبير المستشارين إلى حدود ربيع العام الماضي، وحاليا الحالم بنقل الترامبية إلى كل الغرب. تفرغ بالكامل، منذ بداية صيف العام الحالي، لتأسيس شبكة ضخمة لدعم القوى السياسية اليمينية المتطرفة في كل أوروبا، تنطلق من مؤسسة تحمل اسم الحركة في بروكسل، أخدت على عاتقها، في المدى القصير، المساهمة في أكبر انتصار انتخابي في الانتخابات البرلمانية الأوروبية المقبلة.
تبدو حكاية الأمريكي الذي يحلم بإعادة إنتاج "فاشية جديدة" على أرض أوروبية مثيرة للأسئلة وللتأمل؛ ذلك أن هذه الفكرة المجنونة استطاعت أن تصنع شرخا عميقا في أوساط أحزاب اليمين المتطرّف نفسه، إذ إن قيادات كثيرة من داخل هذه التنظيمات عبرت عن استهجانها هذا الموقف الذي لا يخلو من صفاقة، في حين أن هذه الخطوة احتضنت، في المقابل، باحتفالٍ كثير في ألمانيا أو بلجيكا مثلا.
يذهب ستيف بانون إلى عمق المشروع الأيديولوجي لليمين المتطرّف، بلا أي مركب نقص. لذلك، لا يتردد في إخفاء حقيقته السياسية وراء بلاغةٍ ملتبسةٍ، فتأتي كلماته عاريةً بلا حاجة إلى احترام قواعد "اللائق سياسيا"، حتى أنه لا يمانع في اعتبار كراهية الأجانب واجبا مقدسا، من دون أدنى خجل من إطلاق تعبيرات عنصرية مقيتة، أو الدفاع عن مواقف لا تبحث حتى عن أقل تمويه، لتغليف حقد معلن، أو عن كلمات جديدة لبيع فاشيته "القديمة"، ومن دون أن ينسى التبشير في نهاية وصلاته السريعة بعالم جديد وعظيم.. مرحبا بالعالم الجديد، ولننسَ الباقي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.