بين الإصلاح والتخوفات.. البرلمان يصادق على قانون جديد لتنظيم المجلس الوطني للصحافة    فرنسا.. القضاء يحيل وزيرة الثقافة رشيدة داتي وكارلوس غصن على المحاكمة بتهمة الفساد    نيجيريا تهزم جنوب إفريقيا وتتأهل لنهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات 2024    المنتخب المغربي للسيدات يتأهل لنهائي كأس إفريقيا بفوزه على غانا بركلات الترجيح        "لبؤات الأطلس" إلى نهائي كأس إفريقيا للسيدات بعد فوز مثير على غانا بركلات الترجيح    "كان" السيدات: الضربات الترجيحية تهدي التأهل للمنتخب المغربي إلى النهائي على حساب غانا    استئنافية طنجة تؤيد الأحكام في ملف "مجموعة الخير" وتُسقط مطالب الضحايا    بلاغ استنكاري من مفتشية حزب الاستقلال بالعرائش بشأن مشروع الشرفة الأطلسية: دعوة لحماية الهوية التاريخية وتجويد مسار التنمية    تحقيق قضائي مع أجنبي دخل بسيارته إلى رمال شاطئ أكادير    لفتيت: مكاتب حفظ الصحة ستغطي جميع الجماعات بحلول 2026 بدعم يفوق مليار درهم    البرتغال تعبر عن دعمها الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    اتفاقية بين الأمانة العامة للحكومة ووزارة إصلاح الإدارة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية    رئيس مجلس النواب يدين "اعتداء السمارة" ويؤكد تماسك الجبهة الداخلية    الكلاب الضالة تسببت في 100 ألف حالة عض سنة 2024... ووزارة الداخلية تبرمج مراكز للإيواء    الأمم المتحدة: مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال انتظار المساعدات    طنجة.. تدخل سريع للوقاية المدنية يُخمد حريقًا في حمولة شاحنة    على غرار ما يفعل الشاعر    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    ارتفاع جديد يسجل في أسعار المواد الغذائية واللحوم في الصدارة    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بمهنة التراجمة المحلفين            أمسية مطرون تحتفي بالتنوع الثقافي    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    مقدونيا الشمالية تدعم مغربية الصحراء وتبادر نحو تعزيز العلاقات مع المغرب عبر تسهيلات التأشيرة وخط جوي مباشر    ليالي صيف الاوداية تلتهب على منصة كورنيش ابي رقراق    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع    عطل يجبر طائرة حكومية ألمانية على الهبوط الاضطراري    وفاة 21 طفلا بالجوع في قطاع غزة    تطوير أداة مبتكرة تحدد الأطفال المعرضين لخطر السمنة مستقبلا    خريطة المغرب كاملة في مؤسسة حكومية صينية: إشارة دبلوماسية قوية تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبكين    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية    أسعار النفط تتراجع    موقف يربك حسابات الجزائر..مقدونيا الشمالية تتبنى مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لنزاع الصحراء المغربية    ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن    السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية                مجلس النواب يمرر قانون المسطرة الجنائية بموافقة 47 نائبا خلال قراءة ثانية    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    مارسيليا يرفض عرضا "مهينا" من نادي إسباني لضم أوناحي    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية        بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد        وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب المشروع الثقافي
نشر في هسبريس يوم 12 - 11 - 2018

كثيرة هي الأسئلة التي تحضر بقوة إذا ما أردنا الحديث عن المشهد الثقافي في المغرب من قبيل:
ماذا نعني بالمشهد الثقافي؟ ماهي مؤسساته الحقيقية؟ أية آليات وتصورات يمكن استحضارها هنا؟ وما هي المنهجية التي ينبغي اتباعها في هذا الرصد؟. فالرصد قد يتعدد اعتمادا على تحليل حصيلة وآليات وتصورات، فضلا عن التوصيف المونوغرافي. وعليه، يمكن حصر هذا الموضوع ضمن خانات، كفصل إجرائي فقط في التناول.
فتجليات حضور الدولة حول الثقافي أولا، يظهر في إنتاج قيم لها رهانات وآليات، وإن كانت هذه القيم خاضعة للمد والجزر؛ تبعا للتحولات السياسية التي تؤثر في الفعل الثقافي وفي أشكال تصريفه. وكثيرة هي الإكراهات وضبابية الرؤية التي تجعل من الثقافي تابعا، وهو ما يدفع إلى طرح عدة أسئلة: هل وزارة الثقافة تصنع الآن قيما ورهانات؟. في المقابل، هل هناك برامج حزبية واضحة ومتكاملة في هذا السياق. فكل هذا يؤشر على غياب الرؤية حول هذا الثقافي، مما يثبت هيمنة الهاجس السياسي وطرح الثقافة كمسألة أمنية أو كسؤال عقلي "يصدع" الرأس، لذا ينبغي تركه وشأنه في الخلف. الشيء الذي يولد التساؤل دائما عن أي ثقافة نتحدث، وبأي كيفية. فلكي تصل الثقافة إلى الجميع، ينبغي تكسير المركزية في التدبير وإعادة الاعتبار للمؤسسات الجهوية... ولا يمكن التنكر هنا لمبادرات الدولة حول الكتاب في صناعته وتشجيع الإبداع. لكن ذلك يبقى جزئيا ولا يمس جوهر الأشياء. فوظيفة المؤسسات الثقافية هي إنتاج قيم، هي في الأصل قيم اجتماعية. وكثيرة هي الإكراهات التي تحول دون خلق حس قرائي وتشكيل الكائن الاجتماعي الثقافي كغياب التنسيق بين الوزارات المتقاربة الاختصاصات (وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية مثلا)، وكذا الحصة الهزيلة المخصصة لهذا الثقافي، إضافة إلى سيطرة النزعة التراثية والسياحية ذات التضخمات الفلكلورية في التعاطي مع الشأن الثقافي، دون حضور الإنسان في كل تنمية.
إن تحركات الدولة تجاه الثقافي يطبعها التغير الظرفي المحكوم بالهاجس السياسي الأمني دون بناء هذا الثقافي خارج الظرفيات والمآزق. وبالتالي، تبقى الحصيلة مجزأة ومفصولة عما يمور في المجتمع.
ويمكن أن نستحضر هنا دور المثقف ضمن المؤسسة وخارجها. الشيء الذي يقتضي استحضار ثنائية السياسي والثقافي. فنفس السياسة الرسمية مستمرة، وتتمثل أساسا في الاسترجاع الثقافي الذي تنهجه الدولة للاحتواء والتدجين، وبالتالي إنتاج قيم أخرى على أبواب المؤسسات الرسمية. فحضور الرموز الثقافية أصبح باهتا نظرا لولوج مثقفين ممانعين رحاب السلطة؛ والمثقف في تراجع. وهو ما جعل السياسي في شكله الحزبي أكثر حضورا. بل إن هذه الوضعية مع تحولات سياسية على ضفاف حكومة "التناوب" الديمقراطي، جعلت الكثير من المثقفين والمؤسسات الثقافية في مآزق المواقف والمواقع.
في المقابل، المجتمع المدني بالمغرب في حركية نسبيا، وبالتالي تراجع السياسي مقابل المدني؛ بل هناك انتعاشة في هذا المجتمع كبعد الحركة الأمازيغية والجمعيات النسائية التي انفلتت من رحم المؤسسات السياسية. غير أن مؤسسات ثقافية عتيدة (كما تصف نفسها وتنام على هذه الصفة مهما يكون) لم تسلم أيضا من سياسة الاسترجاع التي تنهجها الدولة بطرق وألوان مختلفة. بل أكثر من ذلك، لم تعد الدولة تراهن على بعض الجمعيات. لكن الحضور الإثني جمعويا لا يخفي تطلعات معينة أو النضال من داخل روافد ثقافية لأجل أهداف إديولوجية. وفي هذا الاتجاه، ظلت معاناة الجمعيات الثقافية مستمرة (غياب الدعم والبنية والآليات...). فالدعم ينبغي أن يكون شاملا عوض سياسات جزئية، لأن الثقافي فوق كل شيء. فكلما تم إقحام هذا الأخير في ترفيه أعمى ومحشو بالنوايا، فقد طينته، وتحول إلى شيء آخر أقرب إلى الطبول التي لا تشيخ.
هل نحن في اتجاه مشروع ثقافي؟. فالهوية الثقافية المغربية يطبعها التعدد (عربي، أمازيغي، إفريقي، أندلسي..). وبالتالي، فالفعل الثقافي لا يمكن حصره في الدولة أو وزارة الثقافة لأن التصور الثقافي ينبغي أن ينهض على رؤية استراتيجية تطرح توافقات حول محددات قصد توحيد الرؤية. فكلما غاب البعد الاستراتيجي يتضخم ما هو إديولوجي في التعاطي مع الثقافي. فكثيرة هي الأحداث والتحولات والتوظيفات التي تشطر هذا الثقافي، وتجعل مساره يتحرك بخلفيات. الشيء الذي حول المشهد إلى مشاهد.. فبئس المصير!.
*شاعر وكاتب مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.