بعدما طالب معتقلو حراك الريف القابعون بسجن "عكاشة" بالدار البيضاء هيئة دفاعهم بالتزام الصمت وعدم الترافع بالجلسة احتجاجا على المحكمة، قرر أصحاب "البذلة السوداء" الامتثال لموكليهم، تعبيرا منهم عن عدم رضاهم عن سير أطوار هذه المحاكمة. النقيب عبد الرحيم الجامعي، الذي تلا البيان، في الجلسة التي عقدت مساء الجمعة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، خاطب الهيئة قائلا: "لحظات قاسية اليوم، تمر منها محاكمة موكليهم المتهمين في الملف، وحالة من الشعور بالرعب المعنوي خيمت على أطوار محاكمتهم، وفرضت عليهم مغادرة القاعة، وحرمتهم من الدفاع عن أنفسهم تحت ضمانات قواعد الشرعية المسطرية، التي تعطيهم الحق في الحرية المسؤولة داخل قاعة الجلسات، وتمنع إقامة سجن خاص بهم داخلها يطوقهم بين جدران خشبية وزجاجية بعيدين عن الولوج الحقيقي والوقوف الفعلي أمام الهيئة والاتصال دون موانع بشرية أو اصطناعية مع دفاعهم". وأضاف الجامعي "إن المحاكمة اليوم، التي أجبر فيها موكلونا على أن يلتمسوا من دفاعهم الصمت بسبب غياب شروط ممارسة دفاعهم عن أنفسهم، نخشى أن تسبب لعدالة المغرب وقضائه غضب وانتقادات الحقوقيين والمهتمين والرأي العام". وتابع النقيب قائلا: "إننا كدفاع نبلغ المحكمة إرادة موكلينا، الذين أغلقت أمامهم ممرات الأمل في مستقبل المحاكمة، وقد طلبوا منا المؤازرة والدفاع، والصمت علم أصعب من علم الكلام، بعد أن أصبح البوح ممنوعا". وأضاف "نعلن بأننا ما زلنا منصبين عنهم، متابعين للمحاكمة بالصمت، والصمت حروف لا تسمع، ولون حزن بليغ معبر عن صور الحقيقة في هذه القضية، سوف يقرؤه التاريخ بعيون أجيال مغرب المستقبل". وأشار النقيب الجامعي في كلمته، باسم باقي أعضاء الهيئة، إلى أن المحاميات والمحامين الذين وقفوا باسم الضمير وشرف المحاماة "يقفون اليوم، مع خيبة أمل موكليهم ليعبروا عن أسفهم لما تسببت فيه المحكمة والمحاكمة من نتائج أخطرها الغياب القسري للمتهمين عن المحاكمة، وإكراههم على موقف الصمت لشعورهم بأن لا أمل في محاكمة تحمل أعطابها وانحرافها عن قواعد المسطرة، وعدم قدرة هيئتها على تدبيرها بحكامة وحياد وشجاعة، وبشعورهم بأن الصمت هو المنفذ الوحيد لذوي الضمائر الحية". وأضاف أن معتقلي الريف تعودوا "على مثل هذه المحن منذ عقود، وما زلنا نشهد هذا في دستور 2011 بكل الأسى، وننتظر متى سينتهي الاعتقال السياسي دون رجعة بوطننا"، ليختم بنبرة حزينة "قولوا ما شئتم عن قرار موكلينا، لكنكم لن تستطيعوا أن تقولوا إن محاكمتهم عادلة". وأوضح الجامعي، وهو يعرج على أسباب هذا القرار، بأن موكلي الدفاع أخبروا الهيئة بأنهم "ينتظرون منكم توفير شروط محاكمتهم استئنافيا، المحاكمة التي تتقيد بالشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وبقواعد حق الدفاع، وبالحماية من الضغط النفسي والمعنوي، وبالشفافية في الإجراءات بعيدا عن الأوصاف الرنانة والمرصعة بكلمات لا تعبر عنها وقائع المحاكمة وحالتها". وتابع قائلا: "أجبر موكلونا على تتبع الجلسات عن بعد وبالواسطة، وهو ما اختارته المحكمة عندما رفضت التعامل مع المعتقلين ومع دفاعهم بما يفرضه القانون عليها من الاستماع إليهم ومن خلق أجواء الثقة والاحترام معهم". وجاء هذا القرار الذي اتخذه المحامون، عقب خروج المعتقلين ببيان لهم أكدوا فيه عدم رغبتهم في حضور جلسات المحاكمة، وإبلاغهم "هيئة دفاعنا بعدم الاستمرار في الترافع في القضية، والتزام الصمت والنأي عن المشاركة في مسرحية مصبوغة بالغطاء القضائي".