أكرد يتعرض لاعتداء في مطار فرنسي    المغرب بين احتجاج الشباب وفرصة الإصلاح    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    مجموعة أكديطال توضح: لم نحصل على أي دعم حكومي للاستثمار    ماكرون يطالب لوكورنو بمفاوضات أخيرة    جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس    "الأشبال" أمام كوريا في ثمن "المونديال"    موتسيبي يحسم الجدل: المغرب الخيار الأول والأخير لتنظيم "كان 2025"    الدوري الإسباني.. الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الاثنين    يقظة أمنية تُفشل ثلاث عمليات تهريب متفرقة بباب سبتة    نادية صبري مديرة جديدة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    بعد إعلان وزير الصحة توقيف دعم المصحات.. تفاصيل مرسوم يخصص 30 في المائة كدعم للاستثمار    98 منظمة حول العالم تطالب بالإفراج عن نشطاء أسطول الصمود.. ودعوات لتدخل رسمي من أجل حماية عزيز غالي    وزارة الصحة تحيل ملف وفيات مستشفى أكادير على القضاء وتوقف المعنيين مؤقتاً    مأخوذة من فيلم تمثيلي.. مصدر أمني: صفحات وحسابات أجنبية تنشر صورا ومقاطع فيديو مضللة على أنها أعمال عنف وتعذيب مارسها موظفو الأمن ضد المتظاهرين    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    منتخب U17 يستعد للمونديال في السنغال    انعقاد المؤتمر المحلي لحزب الاستقلال بمدينة إمزورن تحت شعار: "المقاربة التشاركية أساس التنمية المحلية"    غالي وبنضراوي واعماجو: سفراء مغاربة للضمير الإنساني.. تحرك يا بوريطة    المغرب ضمن أكثر عشر دول استقطابا للاستثمارات الأجنبية في إفريقيا    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب    أرباب المصحات الخاصة ينفون استفادتهم من أي دعم حكومي ويطالبون وزير الصحة بنشر لائحة المستفيدين    في ختام تصفيات إفريقيا.. 7 منتخبات على أعتاب حسم التأهل إلى كأس العالم    إسرائيل تعلن ترحيل 171 ناشطا إضافيا            مصيبة.. جماعة الرباط تعتزم تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار للشباب ودار للنساء لفائدة البنك الدولي    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    جماعة الدار البيضاء تطلق مرحلة جديدة من برنامج مدارس خضراء    أحزاب يسارية وتنظيمات نقابية وحقوقية تطالب بالإفراج عن معتقلي احتجاجات "الجيل Z" وفتح تحقيق في مقتل ثلاثة متظاهرين    ضحايا زلزال الحوز يخرجون مجددا للاحتجاج ويتهمون الحكومة بتجاهل معاناتهم منذ عامين    أصداء السودان تتردد في مهرجان الدوحة السينمائي 2025    توقيع اتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية والاتحاد الكوري للتايكواندو    12 عرضا مسرحيا من 10 دول في الدورة الثالثة لمهرجان "جسد" بالرباط    حين تنحسر حرية التعبير... يسهل قلب المفاهيم    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية    وزارة الصحة تتحرك لوقف التنقيلات العشوائية للمرضى بين المستشفيات    منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين        المغرب ‬ينتصر ‬في ‬بروكسيل ‬ويكرس ‬الاعتراف ‬الأوروبي ‬بمغربية ‬الصحراء    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"    عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً            العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في المغرب، ماضي الرجل "شقاوة" وماضي المرأة "حرام"
نشر في هسبريس يوم 30 - 12 - 2011

رغم المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية في سباق المساواة مع الرجل إلا أن المجتمع المغربي مازال محكوما بأفكار تقليدية تعاقب المرأة التي "تجرأت" على ربط علاقات قبل الزواج فيما تعتبر ذلك في حالة الرجل "طيشا وشقاوة".
بدأت القصة بإعجاب ثم لقاء ثم تواعد على الزواج حمل نورة إلى عالم وردي رسمته رفقة حبها الأول...لكنها لم تتوقع أن تكون نهاية القصة معاناة ستلازمها إلى الأبد. بعد حب من النظرة الأولى تلته لقاءات تقدم رشيد ليطلب يد حبيبته للزواج، خطوة جعلتها تثق بنواياه، هو الذي ما فتئ يعبر لها عن حبه الكبير ورغبته في أن تكون زوجة، ليتطور الأمر إلى علاقات نتج عنها حمل رفض أن يعترف به الوالد معتبرا أن" من سلمت نفسها لرجل قد تفعل ذلك مع آخرين" وبالتالي فالحمل قد يكون من رجل آخر. وتقول قريبة نورة لدويتشه فيله إن أصدقاءه عززوا هذه الفكرة في ذهنه بسبب نظرة المجتمع للمرأة التي تقيم علاقات قبل الزواج على أنها بالضرورة امرأة "منحرفة".
"العفة" شرط أساسي
نورة التي تلقت صدمة حياتها من رجل اعتبرته حب حياتها، لم تجد بدا من طريق المحاكم لتأخذ حقها أمام إصرار الرجل على أنه ليس والد الطفل، ورغم أن نتائج الحمض النووي أثبتت نسبه إليه إلا أنه ظل يرفض هذا الطفل. بل أكثر من ذلك فقد ظل يعاملها وكأنها "حشرة" حسب تعبير قريبتها، خلال الفترة القصيرة التي عاشتها معه بعدما حكمت المحكمة عليه بأن يتزوجها و يصرف عليها.
واليوم تعيش نورة وضعا لا تحسد عليه فقد اضطرت لطلب الطلاق بسبب سوء معاملة الزوج لها ولطفلهما ويئسها من أن يتغير موقفه. ولا تستبعد قريبة نورة أن يكون من أسباب وفاة والدها "حزنه العميق" فهو لم يستطع الصمود كثيرا أمام نظرات الناس وأقاويلهم و"تشفيهم" أحيانا.
ومنذ أشهر قليلة اهتزت قرية جنوب المغرب على وقع مفاجأة خلقها "عريس" شاب حينما أقدم على طرد عروسه وأهلها من حفل الزفاف، لأنها غير "عذراء" بل وطلب منهم تعويضه على كل مصاريف العرس الذي أقامه بسبب "الإهانة الكبيرة" التي ألحقتها به ابنتهم. و رغم أن تقرير الطبيب أكد بأن العروس مازالت بكرا، إلا أن الشاب ظل على موقفه وحكم بذلك على هذه الشابة بأن تعيش تحت رحمة مجتمع يحمل نظرة سلبية للمرأة المطلقة خاصة إن كان سبب هذا الطلاق "شرفها ".
قصة نورة وسعيدة نموذجان لمئات القصص التي تحدث حتى الآن في قرى المغرب ومدنه وسببها واحد، نظرة المجتمع التقليدي إلى كل من أقامت علاقات قبل الزواج على أنها امرأة "منحرفة" ولا تصلح لأن تبني عش الزوجية، خاصة أن المجتمع المغربي يعطي الدور الرئيسي للمرأة في تنئشة وتربية الأطفال، في حين قد لا يتعامل المجتمع دائما بنفس المبدأ مع الرجل.
حلال علينا حرام عليكم
ورغم أن الدين الإسلامي الذي تدين به الأغلبية الساحقة من المغاربة يحرم العلاقات بين الرجل والمرأة قبل الزواج على الجنسين معا، إلا أن فئات من المجتمع المغربي مازالت تنظر إلى المرأة على أنها بالخصوص ممنوعة من إقامة علاقات قبل الزواج خوفا من أن تخسر شرفها وسمعتها. وهو ما تنظر إليه بعض النسوة على أنه" تمييز واضح" لصالح الرجل. فيما يعتبر بعض الرجال أن المرأة يجب أن تبقى "طاهرة وعفيفة" حتى تلقن هذه القيم لأبنائها الذين تقضي معهم وقتا أكثر من الرجل.
يوسف شاب مغربي لا يقبل الارتباط من امرأة كانت لها تجارب سابقة وبالخصوص إن لم تكن "عذراء"، وذلك "لأن فكرة أن هناك من سبق الرجل إلى جسد زوجته لا تحتمل، وسيتذكرها كلما كان مع زوجته أو كلما رأى هذا الرجل"، ورغم أن يوسف يعترف بأنه سبق وكانت له علاقات سابقة، ويعي بأن موقفه "متناقض إلى حد ما" لكنه يقول إنه "رجل" وهناك فرق بين المرأة و الرجل في هذا الموضوع ينطلق أساسا من أن المرأة "تخسر الكثير إذا أقامت علاقة مع رجل بينما الأخير لا".
أفكار "متخلفة"
وأمام هذه النظرة "السلبية" قررت فتيات اللجوء إلى عمليات ترقيع البكارة التي انتشرت وأصبحت تثير جدلا في المغرب. وذلك من أجل إرضاء المجتمع الذي يعتبرها شرطا أساسيا للزواج من امرأة. لكن سارة إيجابي شابة عازبة في عقدها الثاني لن تتردد كما تقول لدويتشه فيله في خوض علاقة جنسية مع رجل شريطة أن تحبه لأن "الحب هو الركيزة الأساسية للعلاقة الجنسية كما أنه من الأفضل أن تكون للمرأة تجارب قبل الزواج كيفما كانت نوعيتها" وتضيف سارة"مبدئيا لا أمانع في ذلك لكن عمليا قد أتردد وسيكون حينها المانع دينيا وليس سببا آخر" وسارة على أتم الاستعداد لتخبر زوج المستقبل بأي تجربة قد تخوضها قبل ارتباطها به.
وتقول سارة في هذا السياق"أنا أساسا أرفض الارتباط بشريك يرفض تقبل ماضي" وتعتبر الشابة المغربية أن المرأة تطالب بالمساواة مع الرجل ويمكن القول إنها حققتها في عدد من المجالات ونحن مازلنا نتحدث في هذه الأمور". وترجع السبب في ذلك إلى العقلية الذكورية التي تتحكم في المجتمع المغربي.
من جانبه يعتقد سامي المودني، شاب مغربي أنه لن يكترث بماضي شريكته بما أنه كان يعيش حريته قبل الزواج كذلك، والمهم بالنسبة لسامي هو الإخلاص في العلاقة الزوجية. ويعتقد الشاب المغربي أنه من الواجب نبذ الأفكار التي تكسر حرية الفرد خصوصا "الأنثى لمجرد أنها أنثى" كما يعتبر خلال حديثه مع دويتشه فيله أنه ينبغي تجاوز هذه الثقافة لأنها "لا تراعي العصر ولا الشروط الموضوعية التي نعيش فيها".
مجتمع ذكوري
ويعتقد اسماعيل منقاري أستاذ علم الإجتماع بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، أن السبب في هذه الأفكار هي عقلية المجتمع المغربي الذكورية. ويقول المحلل الاجتماعي خلال حديثه مع دويتشه فيله "نحن في مجتمع ذكوري أبوي تتحكم فيه النزعة الجنسية أكثر من أي شيء" ويضيف أن الحديث عن المرأة في مجتمع تقليدي كالمجتمع المغربي ينطوي تحت "تشييئها"(توحيلها إلى شيء مادي)، حيث أن سلوكاتها لا تعنيها بل تعني الرجل سواء كان هذا الأخير زوجها أو أباها أو أخاها، وبالتالي فهي يجب أن تتقيد بالدور الذي رسمه لها هذا الرجل في المجتمع، في إطار قيم وضوابط هو من يحددها. وهذا ما يفسر نظرة هذا المجتمع الذكوري إلى كل من تخرج عن هذه "القيم" بأنها منبوذة و"بأنها شيء مستعمل وعادة الشيء المستعمل لا يلجأ إليه" بينما هو (الرجل) دخوله في علاقات قبل الزواج يدخل ضمن خصاله الإيجابية.
وتقوم عدة مبادرات من قبل هيئات المجتمع من أجل التوعية مجتمع وخاصة الشباب بالآثار السلبية لهذه الظاهرة، بيد أن تلك المبادرات تتركز غالبا في كبريات المدن، فيما تعتبر المعظلة الكبيرة تلك التي تواجهها فئات واسعة من الفتيات والشبان الذين يوجدون في قرى ومدن صغيرة أو بوادي، تنتشر فيها الأفكار والعادات التي تقيد حرية المرأة وتنتقص من مكانتها ودورها. ويقول منقاري "مثل هذه الأفكار لا يمكن محاربتها في إطار توعوي منظم و متفق عليه لأنها تتجاوز ذلك إلى ثقافة المجتمع. وتغييرها مرتبط بتطور هذا المجتمع ويشير منقاري إلى أن المجتمع المغربي بدأ يعرف تغييرات في هذا الإطار حيث إن بعض الشباب تحرروا من مثل هذه الأفكار التقليدية ومنهم من يدخل في علاقات عاطفية أو حتى جنسية تنتهي بالزواج.
*عن دويتشه فيله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.