تنتمي جماعة تغجيجت إداريا لجهة كلميم واد نون، تحدها شمالا جماعة أداي، ومن الشمال الشرقي إقليم طاطا، وجنوبا إقليم آسا الزاك، ومن الشمال الغربي إفران الأطلس الصغير، أما غربا فتحدّها الجماعة القروية تيمولاي. ويعود سكان جماعة تغجيجت، في معظمهم، إلى آيت ابراهيم، وهي قبيلة عريقة من قبائل واد نون، كما يؤكد عدد من الباحثين والمؤرخين، وينحدر من سلفها إبراهيم بن الحسن بن عثمان بن مندا، وينتمون إلى قبائل "ثكنة"، أعرق القبائل الصحراوية بالمنطقة، ويفرق بينهم المؤرخون بآيت ابراهيم بالأصل، وآيت ابراهيم بالانضمام. تأسست الجماعة الترابية القروية تغجيجت خلال ستينيات القرن الماضي، وتتوفر على أكبر مساحة بمناطق كلميم واد نون، تناهز 1684 كلم2، كما أن تعداد سكانها يتجاوز 12 ألف نسمة، موزعين على 35 دوارا، ومن أهم أنشطتهم الاقتصادية النشاط الفلاحي وتربية المواشي، خاصة الإبل والأغنام والماعز، إلا أن توالي سنوات الجفاف جعل أغلب الرحل يلجؤون إلى الاستقرار وإعادة ارتباطهم بالواحة كأهم مورد اقتصادي تتميز به المنطقة، لاسيما إنتاج التمور والأعلاف والخضروات، التي أصبحت علامة تجارية في كثير من الأسواق في إطار ما يسمى بالزراعات البديلة. قاسم أقبيل، فاعل جمعوي، قال في تصريح لهسبريس إن "واحة تغجيجت وما يرتبط بها من أنشطة تُعدّ من أهم المحاور الاقتصادية المعتمدة من طرف الساكنة، وخاصة القاطنين بالواحة، وهو اقتصاد في حد ذاته ينبني على التعدد من خلال زراعة النخيل وإنتاج التمور التي عرفت تقدما نوعيا من حيث الأثمنة والجودة مرتبطا أساسا بتنظيم مهرجان سنوي لهذا المنتوج". وأوضح أن "هذه التظاهرة تطورت بشكل كبير بعد الرقي بها إلى مستوى المعرض الجهوي للتمور، الذي أصبح علامة تتميز بها هذه الواحة الغنية، مما ساعد على إعادة الثقة في منتوج التمور، بل زرع أملا جديدا في نفوس الفلاحين بعد تسجيل أرقام كبيرة في أثمانها هذه السنة، إذ تجاوزت 50 درهما للكيلوغرام الواحد، في وقت كانت بالكاد تصل 15 درهما في أحسن الأحوال". وإن برزت الأهمية القصوى للواحة كموروث طبيعي وإيكولوجي، فإن ما تتعرض له من اندثار باستمرار، لا سيما بسبب توالي الحرائق، ربطه عبد العزيز السلامي، فاعل حقوقي ابن المنطقة، بالجانب الأمني؛ إذ قال في تصريح لهسبريس إن "الحرائق التي تعرفها واحة تغجيجت تعيد بشكل لافت إلى الواجهة طرح سؤال الوضع الأمني بالمنطقة"، مضيفا أن "هيئات محلية سبق لها أن أعربت عن استيائها من تنامي الحرائق دون الوصول إلى الجاني أو الجناة، وتصنيفها كحادث عرضي، بالرغم من تعهدات سابقة، في لقاء مع الفعاليات المحلية، بتكثيف المجهودات الأمنية من أجل تطويق الظّاهرة، على غرار تردّي الوضع الأمني على أكثر من صعيد". من جهته، قال بوبكر ليديب، فاعل حقوقي مُسيّر تعاونية لإنتاج التمور، إن "تدخل السلطات غالبا ما يتم عندما يندلع حريق معين، حيث تحضر السلطة المحلية والدرك الملكي إلى عين المكان لكن بدون إمكانيات أو بإمكانيات محدودة، ويعمل السكان على إطفاء الحريق بإمكانيات مُتواضعة في انتظار وصول فريق الوقاية المدنية الذي لا يصل في أغلب الأحوال إلى مكان الواقعة إلا بعدما تكون النيران قد خلفت خسائر كبيرة، وفي الأخير تقوم السلطات الأمنية بتحرير محضر في النازلة ضد مجهول". وعزا، بوبكر ليديب دواعي اندلاع الحريق إلى عدة أسباب مختلفة، من بينها "أسباب بشرية قد تكون غير مقصودة كحرق بقايا جريد النخيل اليابس ورمي أعقاب السجائر والزجاج وغير ذلك، وقد تكون مقصودة وتتمثل أساسا في إشعال النيران عمدا في أماكن متعددة، وهذا الذي يقع بكثرة في واحة تغجيجت، لأن أغلب الحرائق تندلع بالليل، وبالتالي تنتفي الأسباب الأولى سابقة الذكر، كما أنه يتم إشعالها بمناطق مختلفة، مما يُبيّن نية القصد الإجرامي". وحمّل المتحدث السلطات المحلية والدرك الملكي مسؤولية عدم التوصل أو الكشف عن الجناة بخصوص الأسباب المقصودة وتقديمهم إلى العدالة طيلة قرابة عقد من الزمن، مشيرا إلى أنه "في مناطق أخرى، يتم الوصول إلى الجناة في وقت قياسي، كما وقع بواحة أداي القريبة من واحة تغجيجت، وذلك بسبب يقظة أعوان السلطة المحلية". تحتل إذن واحة تغجيجت موقعا متميزا ضمن شريط الواحات المغربية الواقعة بين درعة السفلى جنوبا ومرتفعات الأطلس الصغير شمالا، كما تمثل فضاء ومجالا حيويين لتنمية السياحة القروية والبيئية لما تزخر به من ينابيع دائمة الجريان، وجو معتدل تفرضه طبيعة الواحة الواقعة بين أحضان جبلين مانعين للمؤثرات الصحراوية، غير أن ما تشهده من اندثار، وخاصة بفعل الحرائق المتواصلة وانتشار النفايات الصلبة والسائلة، واختلال وظائف المنظومة الواحية، من شأنه أن يؤثر سلبا على الأدوار الإيكولوجية والاقتصادية لهذا الموروث الطبيعي، مما ينبغي معه تدخل الجهات المعنية حتى تحافظ على أدوراها السيوسيو-اقتصادية والإيكولوجية والسياحية، وتشكل رافعة للتنمية المحلية.