الاستقلال يدعو لفتيت إلى تسريع مراجعة القوانين الانتخابية استعدادًا للاستحقاقات المقبلة    صناعة الألعاب الإلكترونية تحظى بدعم حكومي عبر اتفاقيتي تكوين وتأهيل    أكبر صفقة سلاح أمريكية سعودية    اختطاف معارض يورّط الجزائر بفرنسا    عملية بحرية محكمة تُفشل مخطط تهريب دولي للمخدرات بالسواحل المغربية    التصعيد الدبلوماسي المستمر يسائل مستقبل العلاقات الفرنسية الجزائرية    أخنوش يتباحث بالرباط مع مسؤول بالحزب الشيوعي الصيني    وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية: الأوضاع الأمنية في العاصمة الليبية "تحت السيطرة"    المسطرة الجنائية.. الحكومة توافق على 28% من تعديلات الأغلبية و9% فقط من تعديلات المعارضة    زخات رعدية قوية مصحوبة محليا بتساقط للبرد يومي الثلاثاء والأربعاء بعدد من مناطق المملكة    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    تعيين "والعيد المسافر" عاملا مكلفا بالشؤون الداخلية بولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة    الصين تعزز شراكتها مع أمريكا اللاتينية بخمس مبادرات تنموية وإنسانية جديدة    جبايات الجماعات.. البرلمان يصادق على إسناد تحصيل رسم السكن والخدمات لإدارة الضرائب وتعديل ضريبة الأراضي غير المبنية    نشوب حريقين بحومة الشوك في أقل من يوم واحد    الركراكي: حكيمي لاعب أساسي بلا نقاش في المنتخب المغربي وسيكون القائد في "الكان" المقبل    صافرة رومانية تضبط نهائي دوري أبطال أوروبا    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    مراكش ومدن مغربية أخرى تحتفي بموسيقى موزارت لتوحيد المواهب المتوسطية    في برنامج "مدارات" : لقاء مع الباحث الأستاذ أحمد متفكر ، وحديث حول سيرة محمد ابن الموقت المراكشي    أسعار ‬الأسماك ‬في ‬ارتفاع ‬متواصل ‬وسمك ‬الفقراء ‬بات ‬نادرا ‬في ‬الأسواق    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية.. انتخاب سفيان البقالي رئيسا للجنة الرياضيين    صيادو الحسيمة في مواجهة خطر التراجع البيئي والاقتصادي    هشام بلاوي.. مسيرة قضائية وأكاديمية تقوده لرئاسة النيابة العامة    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    الرباط تحتضن أول مهرجان لفن الراب "212'FlowFest"    رسوم بذيئة تعبث بموقع "تشان تشان" التاريخي في البيرو    تقرير دولي يكشف: المغرب أرخص دولة في تصنيع السيارات.. والسعر سيُفاجئك    مؤشر "مازي" يرتفع ببورصة الدار البيضاء    مجموعة OCP توقع اتفاقيتَي تمويل    "كان" الشباب... المنتخب المغربي يستعد لمواجهة مصر بحثا عن التواجد في المشهد الختامي    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    المغرب الفاسي يثق في منتوج النادي    شرطة ألمانيا تفكك "شبكة متطرفة"    توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تؤشر على المنشور المتعلق ببيع أسهم "رونو"    انطلاق مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    النفط يهبط بفعل مخاوف من زيادة المعروض وحذر حيال اتفاق أمريكا والصين    كيوسك الثلاثاء| برادة يتوعد مثيري الشغب الرياضي بعقوبات صارمة وإجراءات لمحاصرتهم    بكين وواشنطن تتفقان على آلية حوار اقتصادي لتفادي التصعيد    برشلونة على أعتاب لقب "الليغا" وريال مدريد يودّع أنشيلوتي    عودة الاستعمار القديم الجديد    من هو أمين الشابي سفير المغرب لدى جمهورية باكستان الإسلامية؟    بطولة اسبانيا: ريال مدريد يفتقد لجهود فينيسيوس وفاسكيس للاصابة    حكيمي يعزز استثماراته الرياضية بشراء نادي إسباني    من الناظور إلى اسبانيا.. سقوط إمبراطورية الحشيش بقبضة الشرطة وهكذا وضف "الزعيم" عشيقاته لتبييض الأموال    تركيا.. أزيد من 64 مليون مسافر عبروا مطارات البلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025    مندوبية السجون توضح بخصوص زيارة الزفزافي لوالده    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيروس كورونا.. الدعاء معه وحده لا يكفي
نشر في هسبريس يوم 18 - 03 - 2020

في الوقت الذي يعيش فيه العالم صدمة قوية وخوف ورعب بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد، والذي أودى بحياة أكثر من 7 آلاف شخص حول العالم، بينما بلغ عدد الإصابات نحو 197 ألف حالة إصابة جديدة في 154 بلدا، مما يستوجب علينا جميعا اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للحد من انتشاره والتقليل من مخاطره بين الناس، وذلك انطلاقا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحثنا على التضامن والتعاون على ما فيه خير لبني الإنسان؛ بغض النظر عن دينه ولونه ونسبه وحسبه وعشيرته؛ لكن للأسف، يحاول بعض الفضلاء ممن يلقبون أنفسهم بالعلماء والمشايخ، التلاعب بعقول المواطنين في هذه الأزمة العالمية المتفشية، باستخدام ورقة "الدين" لنشر الرعب والخوف والتكفير والأكاذيب وتخاريف حول فيروس كورونا من أجل الربح المادي أو للمزيد من الشهرة بين الجماهير الشعبية، والنتيجة المرة لنوعية هذه الخطابات الدينية التكفيرية الخرافية تغييب عقول المسلمين عن واقعهم وإبعادهم عن همومهم ومشاكلهم الحقيقية، الذي ينبغي أن تعالج بالعلم والفكر والتخطيط والإبداع، لا بالتفكير والتبديع والتفسيق أو بالخرافات وبقصص "ألف ليلة وليلة" أو ببعض الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بتأويلات وتحريفات بعض نصوص القرآن الكريم، ولهذا وأنت تتابع بعض التدوينات وعلى وجه التحديد تدوينات بعض المتدينين وطلبة العلم وبعض السادة المشايخ والدعاة – سنة وشيعة- هذه الأيام ستصاب بالدهشة لكون ما يكتبون وما يدونون يوحي لك بأن هؤلاء ينبغي القيام عليهم بالحجر الفكري كما نقوم اليوم بالحجر الصحي على كل من أصيب بفيروس كورونا؛ لأنهم في الحقيقة يساهمون بشكل أو بآخر في زرع الخرافة والشعوذة والدجل والرعب والخوف بين الناس، في اعتقادهم بأنهم ينشرون الدين الإسلامي الصحيح، وبسبب هذا الخطاب الديني الخرافي تصدرت الجمهورية الإيرانية أسوأ نسبة لتفشي لفيروس كورونا في منطقة الشرق الأوسط، وقد سجلت إلى حد الآن ما يزيد عن 1600 حالة إصابة مؤكدة، وبلغ عدد الوفيات أكثر من 988 حالة وفاة، ورغم ذلك ما زال بعض شيوخ الشيعة في إيران والعراق يتلاعبون بصحة الشعب الإيراني والعراقي ويقودونهم نحو الموت المحقق، بسبب رفضهم غلق الحسينيات والمزارات الدينية التي يتوافد عليها آلاف الزائرين، وإيهامهم أن تلك المزارات ستشفيهم وتحجب عنهم خطر كورونا، مع أن السلطات الرسمية الإيرانية حذرت أكثر من مرة تحول مدينة "مشهد" في إيران إلى بؤرة جديدة لفيروس كورونا مطالبين بعزلها، فقد رفض مسؤولو المؤسسة الدينية في مشهد، حجر المدينة، أو تعليق زيارة أنشطة الأضرحة بها، داعين المواطنين لزيارتها من أجل الشفاء من فيروس كورونا، فمدينة مشهد يتوافد عليها الملايين من الشيعة لزيارتها والتي يوجد فيها قبر الإمام الرضا رضي الله عنه، وهو من علماء آل البيت، وُلد في المدينة المنورة في 11 ذي القعدة 148 ه وتُوفِّي في طوس في 29 صفر 203 ه. قال فيه ابن حجر: كان الرضا من أهل العلم والفضل مع شرف النسب.. وفي العراق الشقيق كذلك طلع علينا رجل دين يدعى (ق ط)، بفتوى غريبة يقول فيها سماحته: "فيروس كورونا لا يصيب المؤمنين المخلصين، بل لعله لا يصيب المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة والفيروس عقاب للبشر على ما كسبت أيديهم، مطالبا الاستمرار بالشعائر الدينية من صلوات الجمعة والجماعة وزيارة المراقد الدينية في النجف وكربلاء وقم، على الرغم من أن السلطات العراقية أوصت بعدم التجمع والتجمهر في أماكن مكتظة.
وفي المملكة المغربية كذلك، فقد خرج من جحره اليوم سلفي متنطع يسمى عبد الحميد أبو النعيم، يكفر الدولة المغربية ويعتبرها دار كفر وحرب وليس دار إسلام، وذلك بسبب قرار المغرب إغلاق المساجد بسبب فيروس كورونا، محذرا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، من تنزيل قرار إغلاق أبواب المساجد؛ سواء بالنسبة للصلوات الخمس أو صلاة الجمعة، ابتداء من يومه الاثنين 16 مارس الجاري.
وقال في شريط فيديو منسوب له، "نحذر الوزارة الوصية على الدين والمؤسسات العلمية، أن تقرر منع الصلوات المفروضة في المساجد"، مضيفا أن بعض العلماء “ذكر أن البلد الذي تغلق فيه المساجد؛ ولا تصلى فيه الصلوات الخمس، هو بلد ارتد عن دينه وكفر بعد إيمانه وأصبح دار حرب وليس دار إسلام".
وفي هذا السياق وأنا أتحدث يوم أمس مع أحد الإخوة الفضلاء من المغرب عن فيروس كورونا قال لي سيادته: "أراك تسافر كثيرا في الطائرة فقلت له نعم صحيح بحكم عملي"، فقال لي: "أنصحك بأن تتسلح بأدوية ربانية نبوية شريفة لو استعملتها في سفرياتك وداومت على تناولها فلن يضرك شيطان ولا جان، ولا فيروس كورنا ولا إنسان، تسلح أخي بالأدعية وأذكار الصباح والمساء وقراءة القرآن فهو دواء وشفاء لكل داء".. فقلت له شكرا سيدي على النصيحة، وهذا ما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ لكن ينبغي علينا في نفس الوقت عدم تغييب الأخذ بالأسباب، والوقاية خير من العلاج كما يقال، ولا ننسى أن الله سبحانه وتعالى كذلك أمرنا بالعمل ومباشرته "وقل اعملوا" في أكثر من آية في القرآن الكريم، وحثنا على التوكل عليه، والتوكل على الله لا كما يفهمه هؤلاء؛ بل التوكل على الله حق توكله يعني الأخذ بالأسباب لحصول أمر معين مع الإيمان بقدرة الله -طبعا- وأنه على كل شيء قدير، وإذا تم تغييب الأخذ بالأسباب نكون بذلك قد أنكرنا ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وأنكرنا الإيمان بالقضاء والقدر، وفي نفس الوقت نكون قد كفرنا بالتوكل على الله حق توكله، فقصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ما يسمون أنفسهم بالمتوكلين، لخير دليل على ما أقول، فقد رأى رضي الله عنه قومًا قابِعين في ركن المسجِد بعد صلاة الجُمعة، فسألَهم: "من أنتم؟". قالوا: نحن المُتوكِّلون على الله! فعلاَهم عُمرُ – رضي الله تعالى عنه – بدِرَّته، ونهَرَهم وقال: "لا يقعُدنَّ أحدُكم عن طلبِ الرزقِ ويقول: اللهم ارزُقني، وقد علِمَ أن السماءَ لا تُمطِرُ ذهبًا ولا فضَّة، وإن الله يقول: "فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ".
هذه القصة بكل بساطة توضح لنا الفهم الصحيح للتوكل على الله وأن قراءة القرآن والأذكار والأدعية وحدها لا تكفي، ولا بد معها من اتخاذ الأسباب ولن تجد لسنة الله تبديلا، فهناك نواميس كونية إلهية هي الحاكمة للاجتماع البشري قائمة على قوانين وسنن التدافع، وهي تجري على البشر جميعهم، مؤمنهم وكافرهم.
وختاما، فقرار المجلس العلمي الأعلى بالمملكة المغربية بضرورة إغلاق أبواب المساجد سواء بالنسبة للصلوات الخمس أو صلاة الجمعة ابتداء من يوم الاثنين 16 مارس 2020 مع استمرار الأذان، هو في الحقيقة قرار حكيم، ومن صميم مقتضى مقاصد الدين الإسلامي الحنيف، لحفظ النفس البشرية من الهلاك، وعليه فنحن نشيد به ونشيد كذلك بمؤسسة إمارة المؤمنين – الذي يترأسها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بحفظه ورعاه برعايته- انطلاقا من مسؤولياتها الدينية والوطنية والشرعية في رعاية وحفظ جميع المواطنات والمواطنين والمؤمنات والمؤمنين، نرجو الله تعالى العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يحفظ بلادنا وجميع بلاد الدنيا من كل سوء وشر وبلاء، إنه سميع كريم مجيب الدعاء.
*باحث في الفكر الإسلامي - البرازيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.