دراسة: المغرب من الدول الأكثر تأثرا بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري الصادرة من مكبات النفايات    الصناعة التقليدية المغربية تتألق في إشبيلية... انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي «We Love Morocco»    قتيل وثلاثة جرحى في "هجوم بالدهس والطعن" جنوب الضفة الغربية المحتلة    التشكيلة الأساسية للمنتخب الوطني لأقل من 17 سنة ضد مالي    عطل مفاجئ يربك خدمات الإنترنت في العالم والمغرب    الجيل الذهبي – أفضل 5 مواهب مغربية تلاحقها الأندية الأوروبية    الملك يتوصل بتهنئة رئيس الإمارات    المعارضة النيابية تنسق من أجل تشكيل لجنة تقصي الحقائق في اقتناء الأدوية    الناظور .. ندوة دولية تصدر "إعلان الناظور للسلام والعدالة الانتقالية"    أكادير تدشن مركز قيادة وتنسيق أمني متطور في الذكرى 70 للاستقلال    انهيار منزل "آيل للسقوط" بطنجة وإصابة شخصين    جرد ببعض ما اكتشفه في الكهف الحاضر القديم    طرح 20% من أسهم "الشركة العامة للأشغال بالمغرب" في البورصة بهدف جمع 5.04 مليار درهم    المنظمون يوقفون بيع تذاكر كأس العرب    غوتيريش .. قرار مجلس الأمن بشأن غزة خطوة هامة نحو تعزيز وقف إطلاق النار    عمر هلال يترأس المؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وباقي أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    الماء والبنية التحتية..محور مباحثات بين وزير التجهيز والماء وسفيرة الصين    ترويج مخدرات يوقف ثلاثينيا بالناظور    القصر الكبير.. مصرع شخص في حادث سير والسائق في حالة فرار    الإعلان عن الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في دورتها ال23 بالرباط    الشعب المغربي يحتفل غدا الأربعاء بذكرى ميلاد الأميرة للا حسناء    مصطفى القاسمي: الفلاحون الصغار يحتضرون ولقمة عيشهم مرتبطة بالعمل لدى كبار الفلاحين    "بي دي إس" تدعو المغرب إلى الانسحاب فورا من ندوة لجيش الاحتلال وترى في مشاركته خرقا للالتزامات الدولية    خفض المساعدات الأمريكية والأوروبية قد يتسبب ب22,6 مليون حالة وفاة بحسب دراسة    "لبؤات الفوتسال" يتدربن في الفلبين    ألمانيا تسجّل 930 جريمة إسلاموفوبيا خلال 9 أشهر من العام 2025    مروحيات جديدة تعزز قدرات البحث والإنقاذ القتالي لدى القوات المغربية    توقعات أحوال الطقس لليوم الثلاثاء    فيدرالية اليسار بمكناس تُحمّل المجلس الجماعي المسؤولية في تفاقم أزمة النقل الحضري    كيوسك الثلاثاء | البنك الدولي يؤكد إمكانات المغرب كقوة رائدة في الاقتصاد الأزرق    للمرة الثانية تواليا.. حكيمي يتوج بجائزة الأسد الذهبي 2025    اتحاد طنجة يُنهي ارتباطه بالمدرب هلال الطير    الذهب يواصل انخفاضه متأثرا بصعود الدولار    الأمم المتحدة.. مجلس الأمن يصوت لإحداث قوة استقرار دولية في غزة    حجيرة: طاقات تصديرية "غير مستغلة"    جمارك ميناء طنجة المتوسط تحبط محاولة تهريب الذهب    بحضور الوزير بنسعيد... تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة وحجب جائزة الكاريكاتير    برمجة 5 ملايين هكتار للزراعات الخريفية    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    أرباب المخابز ينفون تصريحات لقجع حول ثمن الخبز    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    التواصل في الفضاء العمومي    تشكيلنا المغربي..    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوفيد19 يُعرِّي بنيات المجتمعات...
نشر في هسبريس يوم 23 - 03 - 2020

العولمة الكورونية أو الوبائية، هذا ما يمكن أن نسمي هجوم كوفيد19 على كل بقاع العالم. توقفت الشوارع والمعامل والمصانع والمؤسسات التعليمية عن النبض واضطر معه الإنسان المكوث بين أربع جدران.
أخيرا، تنفست السماء من ضجيج الطيارات، وارتاحت الطرقات من زحمة المواصلات واختناق الهواء، وارتاحت الطبيعة من عبث الإنسان اليومي واستطاع العصفور التغريد على الغصن بأمان.
أخيرا، أصبح الإنسان قادر أن يعد ساعات اليوم، وأصبحت الحكومة تهتم بالقوت اليومي للمياوم، وللعاطل، وللمشرد، وللأجير.
أخيرا، كورونا تعري واقع مجتمعاتنا لتقنع أن توفير البنيات الاجتماعية الأساسية (التعليم، الصحة، السكن والشغل) لكل فرد هو الجدار الواقي من كل الأوبئة.
عند بداية انتشار كورونا، لم ندرك بأن الصين تقوم بحرب جبَّارة. نظرنا إلى إنجازاتها باستخفاف وربما بتعالي خاصة من أمريكا وأوروبا. لم تُكلِّف أيَّة من هذه الدول عناء نفسها لمساعدتها ونجدتها. الصين التي تظم أزيد من مليار شخص، احْتوَت الوضع بأقل الخسائر. مَن ساعدها؟ ربما ساعدها الانضباط أو ربما العلم أو ربما حب الوطن أو ربما الخوف من العقاب أو‼ لا أدري. هناك في الصين: فقراء ، ومؤمنون/ات، ومتدينون/ات، ومشردون/ات، ومعطلون/ات؛ بمعنى آخر، المجتمع الصيني يظم مختلف الفئات والطبقات، لكنها استطاعت احتواء الوباء.
اختارت الصين التوقيف النهائي للسلسلة الإنتاجية، وذلك بإجراء معادلة رياضية بسيطة: قبول الكساد الاقتصادي لمدة شهر أو شهرين من أجل التحكم بالوضع الصحي، بدل التوقف الاقتصادي الجزئي والتلاعب بالأمن الصحي للمواطنين/ات مع تسخير الشدَّة والحزم والعِلم والتضامن والانضباط. ماذا عن القارة العجوز؟ كوفيد19 فتك ب800 شخص في يوم واحد ولأول مرة في إيطاليا، مع العلم أنه لم يقم بذلك في الصين. لماذا لم تقم إيطاليا منذ المرحلة الأولى لانتشار الوباء بما قامت به الصين ولم تستفد من تجربتها رغم توفرها على الامكانيات ودَعْم الاتحاد الأوروبي؟ هل لأنَّها لا تريد شلَّ اقتصادها وخاصة نشاطها السياحي؟
إيطاليا تقف عاجزة أمام الوباء. لقد ظل الاتحاد الأوروبي يترقَّب، ولم يتحرك بالسرعة المطلوبة. بل فضَّل أن تستمر الأنشطة الاقتصادية عِوض أخذ الأمور بالجدية المطلوبة. كورونا تعرِّي واقع أوروبا. هل هي الثقة الزائدة في عظمة أوروبا وافتخارها بامتلاك أضخم وأجود الأنظمة الصحية في العالم؟ أم أنها ظلت مقتنعة بأن الوباء لا يصيب إلاَّ دول الجنوب: إفريقيا والصين؟ أم أنها انتشار الهشاشة والفوارق الاجتماعية عرّت الواقع المزيف لأوروبا؟ كوفيد19 يُبيِّن تخلف أوروبا عن موعدها التاريخي وخيانتها لشعاراتها التأسيسية، أو ربما يُبين أن نظاما عالميا جديدا سيدشَّن بعد نهايته.
بالنسبة لشمال إفريقيا (خاصة المغرب والجزائر وتونس)، فإنها لم تنتظر المرحلة الثانية لانتشار الفيروس كما فعلت الدول الأوروبية، لقد سارعت في تنزيل الإجراءات، لأنها وبكل بساطة تَعْلم عِلْم اليقين أن كوفيد19 إذا انتشر فسيكون عدد الموتى بالآلاف. لذا، لجئت إلى إغلاق المطارات والموانئ وفرض الحجز الصحي. ليس للمغرب والجزائر وتونس الإمكانيات البشرية والمادية لحماية وتحمُّل أعباء تطبيب كل المصابين/ات، فإن إفريقيا تظل كعادتها في مواجهة الأوبئة تحت رحمة السماء وما تقدمه دول الشمال. هل سينجح الأمر هذه المرة؟ أم أنَّ عليها الاعتماد على نفسها لتكون فرصة لتحقيق سيادتها الكاملة وأَمنها الصحي؟
من جهة أخرى، إذا كان الأطباء يحثون على أن الحجز الطبي هو السلاح لمواجهة العولمة الكورونية. فما مصير المشردين/ات، واللاجئين/ات، والفقراء، والعاطلين/ات؟ ما مصير كل الهوامش التي أنتجها النظام الرأسمالي العالمي.
كورونا لن تقتل. سيقتل التهميش والفقر والجهل. سيقتل الداعشيون والمتطرفون. سيقتل من قدَّس التَسلّط والتَجَّبُر. سيقتل من يعيش في الظلام ولا يريد لنور الله أن يعُمَّ كل البشر لأنه، وبكل بساطة، يعتبر ذاته الحقيقة المطلقة، ومَا دون ذلك وَهْم وبالتالي، وَجب سفك دمه واجتثاثه من الأرض.
حتى وإن كانت كورونا إنتاج بشري وليس مجرد تطور طبيعي للفيروسات، فإنها لن تُدمِّر كما يُدمِّر المتطرفون. ألم يكن التطرف إنتاجا لأنظمة الاستبداد والتحكم بمصير الشعوب؟ ألم يصبح التطرف في الآونة الأخيرة هاجس كل الدول؟ ألم يصبح التطرف فيروسا ينهك الميزانيات العمومية وينخر المجتمع؟
مهما يكن مصدر إنتاج العولمة الكورونية، فإنها فرصة لإعادة ترتيب الأوليات الوطنية والاهتمامات الدولية. إنها فرصة تمنحها الطبيعة للإنسان من أجل إعادة تنظيم علاقاته الاجتماعية. وفرصة تمنحها للدول لإعادة الاعتبار والتنظيم للمنظمات الدولية.
إن العولمة الكورونية تحث الحكومات على التنافس من أجل الابداع في اتخاذ التدابير وتنفيذها. إنها عولمة تعيد الاعتبار للتضامن والتآزر. إنها فرصة للاهتمام بالوطن والمواطنين/ات. فالعولمة الكورونية حرب تجرى داخل حدود البلد وفي كل الدول. إنها معركة الطبيب(ة) والممرض(ة) والشرطي(ة) والمثقف(ة) والمعلم(ة) والأستاذ(ة) والطالب(ة) والأسرة والفاعل(ة) المدني(ة). إنها معركة المسؤول(ة) والمواطن(ة). لنفكر منذ الآن فيما بَعْد كورونا. لذا، لن يكون على أعضاء وعضوات لجنة النموذج التنموي استقبال المزيد من الاقتراحات حول النموذج التنموي للمغرب لأن كوفيد19 قدَّم مقترحاته وأكَّد على أن العلم والمعرفة والبحث العلمي يجب أن يكون في مقدمة الأولويات الوطنية.
لننتصر على كوفيد19 ولنستعد منذ الآن لمواجهة حروب أخرى ومن نوع آخر -تفوق كل توقع-. ولن يكون هناك من سبيل سوى استعمال لغة العلم والمعرفة وإعادة سيطرة الدولة على القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية؛ وكذا إعادة ترتيب سياسات المنظمات الدولية والقضاء على الاحتكارات الاقتصادية.
*أستاذة جامعية باحثة في الاقتصاد وفاعلة مدنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.