عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    انتخاب نزار بركة بالإجماع أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية    عاجل.. الاستقلاليين صوتوا بالإجماع على نزار بركة أمين عام لحزب الاستقلال لولاية ثانية    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    العثور على شاب منحور بباب مستشفى طنجة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    بعد تداول الفيديو.. توقيف شخص بطنجة لتورطه في قضية تتعلق بالسرقة و اعتراض السبيل    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    أولمبيك آسفي يتعادل مع ضيفه اتحاد طنجة    حكيمي ينقذ فريقه من هزيمة قاسية أمام لوهافر    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    بعد إعادة انتخابه زعيما ل"الميزان".. بركة يتطلع إلى تصدر المشهد السياسي    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    الجيش الملكي يستنكر "الأخطاء التحكيمية" في مباراة الحسنية ويشكو الرداد للجنة التحكيم    استئنافية الرباط تؤجل "ابتزاز" رئيس جماعة بورزازات من أجل إعداد الدفاع    حكيم زياش يبصم على أداء كبير رفقة غلطة سراي التركي    اجتياح إسرائيل لرفح قد يكون "خدعة" أو مقدمة لحرب مدمرة    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    اعتقال بوق النظام الجزائري بن سديرة من قبل الشرطة الفرنسية    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محادثات بشأن غزة في الرياض    بعد مشادات مع كلوب.. صلاح: حديثي سيشعل الأمر    الأمثال العامية بتطوان... (584)    توافد غير مسبوق للزوار على المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    زلزال قوي يضرب سواحل جاوا بإندونيسيا    بعد تلويحه بالاستقالة.. مظاهرات حاشدة بإسبانيا دعما لرئيس الوزراء    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    "حماس" تعلن ارتفاع عدد القتلى في غزة    وزير الصحة يدشن مستوصفات جديدة    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنخطاب يضع "الديمقراطية في عصر المخاطر" تحت مجهر النقاش
نشر في هسبريس يوم 25 - 04 - 2020

قال عبد الحميد بنخطاب، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن "أهم طارئ حدث مع الجائحة هو تغافل الكثيرين عن مبادئ حقوق الإنسان وفصل السلطات ودولة القانون التي ما فتئوا ينافحون عنها قبل زمن كورونا، بحجة حالة الطوارئ التي تفرضها مكافحة الوباء".
وأضاف بنخطاب، في مقال خصّ به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "القول إن الدولة عليها أن تهتم أولا بالجائحة، ثم الاقتصاد، وأخيرا، إذا أمكن ذلك، بحقوق الإنسان، فيه نظر، لأنه يستبطن دعوة لعودة الدولة القوية الماسكة بزمام الأمور لملء المجالات والفضاءات والفراغات التي هجرتها سابقا أو التي لم تلِجها بعد، وهي دعوة قد يبررها واقع اللايقين الذي أصبحنا نعيش فيه".
وتابع رئيس الجمعية المغربية للعلوم السياسية، في مقاله المعنون ب "واقع الديمقراطية في عصر المخاطر"، قائلا: "لاحظنا كيف تحولت أنظمة ديمقراطية عريقة إلى أنظمة شمولية رقمية، لا وجود فيها لحرمة الأشخاص ولا لأبسط حقوقهم، بفعل البيغ داتا وتقنيات الرصد التي تشتغل خارج أو على هامش القانون".
نص المقالة كاملا:
تعيش البشرية، منذ ظهور جائحة كوفيد 19، على إيقاع اللايقين والشك في قدرتها على التعامل مع تبعاته العنيفة، مثل المرض والموت والعزلة والوساوس القهرية التي تسكن الكثير من سكان الأرض والخوف من المستقبل ومن فقدان شخص أو شيء عزيز، وهي كلها تجليات لعالم المخاطر، كما توقعه من قبل عالم الاجتماع الألماني أورليش بيك، أو لحاضر يصير فيه اليقين والخوف سائلا، كما توقعه عالم الاجتماع البولندي سيجموند باومان.
ومن سيئات (أو حسنات) هذا الواقع الجديد أنه يعكس انهيار بعض المتلازمات السياسية التي أسست للكثير من المرجعيات والقيم الفكرية والفلسفية التي أطرت القرن العشرين، مثل الحرية والمساواة والعمل والاستهلاك والنمو الاقتصادي...إلخ، حيث فقدت هذه الأخيرة الكثير من قوتها الاقناعية في ظل الجائحة، إذ ما قيمة الحرية في سياق يسوده المرض والفقر والهلاك؟
وما قيمة المساواة أمام وباء لا يٌشفَى منه إلا من توفر له الحظ في ذلك، إما لشبابه أو لمناعته أو لماله أو لسكنه في منطقة أو بلد يتوفر على ما يكفي من إمكانيات العلاج؟ وما قيمة العمل إذا لم يسمح لصاحبه بالتمتع، بما يحققه له راتبه، ببعض مما تمنحه الحياة من ملذات، وإن كانت تافهة، مثل شرب القهوة في مقهى ودعوة أصدقاء أو أهل لمأدبة، أو السفر أو ممارسة الهواية التي يحبها المرء؟
وما قيمة الاستهلاك إذا لم يكن بشكل جماعي وهيستيري يمنح لذة مقارنة الذات بمن يملكون الوسائل التي تؤهلهم لجعل الاستهلاك حرفة، أو على الأقل هواية لهم؟ وما قيمة النمو الاقتصادي إذا كان على حساب صحة مئات الآلاف من المواطنين الذين لا حظ لديهم للتمتع بالحجر الصحي المفروض، أو المعاناة منه كالآخرين؟ ثم ما قيمة النمو الاقتصادي الذي لا يعكس حدا أدنى من التضامن مع من هم خارج دائرته، أي المهمشون والمستضعفون بكل أشكالهم؟
غير أن أهم طارئ حدث مع الجائحة هو تغافل الكثيرين عن مبادئ حقوق الإنسان وفصل السلطات ودولة القانون التي ما فتئوا ينافحون عنها قبل زمن كورونا، بحجة حالة الطوارئ التي تفرضها مكافحة الوباء. وهي حجة، بطبيعة الحال، لا تنقصها القوة ولا يعوزها البرهان، ذلك أن الطلب على خدمات رعاية الدولة يزداد بشكل مهول في زمن الأزمات، ومن ثم لا يجوز الشك في حسن نية الدولة ومؤسساتها للسهر على أمن وصحة ورفاه المواطنين.
وعليه، فإن النقاش حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية في مثل هذا الظرف يعد ترفا فكريا، يمارسه حصريا المثقفون في مكاتبهم المظلمة، لا يمكن قبوله إلا بعد مرور الجائحة وعودة الحياة الاجتماعية والاقتصاد إلى الحالة الطبيعية. متى ذلك؟ لا أحد يملك الجواب، لأنه يبدو أن الجائحة من النوع الذي لا يتزحزح بسهولة في المستقبل القريب.
ومن ثمة، فالقول بأن الدولة عليها أن تهتم أولا بالجائحة، ثم الاقتصاد، وأخيرا، إذا أمكن ذلك، بحقوق الإنسان، فيه نظر، لأنه يستبطن دعوة لعودة الدولة القوية الماسكة بزمام الأمور لملء المجالات والفضاءات والفراغات التي هجرتها سابقا أو التي لم تلِجها بعد، وهي دعوة قد يبررها واقع اللايقين الذي أصبحنا نعيش فيه، حيث لم يعد للأفراد، بعدما تخلوا أو تباعدوا، قسرا أو طواعية، عن جل انتماءاتهم التحت دولتية، إلا اللجوء لهذا الليفياتثان لحمايتهم ولإنارة دروبهم اليومية، التي يقل فيها الضوء بشكل مضطرد.
لكن عودة الليفيانثان إلى عنفوانه من شأنه طرح إشكالية لا نعلم مداها. ماذا لو لم يكن للدولة الوطنية المعاصرة ما يكفي من اليقين والإمكانيات لتلبية الانتظارات المتزايدة لساكنة لم تعد تشعر بالأمان؟ ماذا لو كانت الدولة نفسها، مهما تجبرت، وهي في الواقع كذلك، كذلك، مجرد مؤسسة بشرية لا تملك كل الأجوبة عن كل الأسئلة؟ ألا يشكل ذلك تهديدا لجبروتها وقوتها؟ ماذا لو عكسنا المعادلة وقلنا إن الدولة، بحكم طبيعتها البشرية، لا تستطيع فعل كل شيء والإجابة عن كل الأسئلة؟
ألا يشكل تحذير الأمم المتحدة للدول من خطر تجاهل الدول لحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية في زمن الجائحة أمرا يستحق الوقوف عنده؟ ماذا لو أصبحت الدول تتدخل في حياة مواطنيها بشكل منهجي (عبر تقنيات الرصد والتتبع وتكنولوجيا البيغ داتا) بحجة حمايتهم من الوباء، أو الخطر الداهم، الذي لا أحد يستطيع تقديره غيرها؟
لقد لاحظنا كيف تحولت أنظمة ديمقراطية عريقة إلى أنظمة شمولية رقمية، لا وجود فيها لحرمة الأشخاص ولا لأبسط حقوقهم، بفعل البيغ داتا وتقنيات الرصد التي تشتغل خارج أو على هامش القانون، كل ذلك بفعل الخوف واللايقين ورغبتها المتزايدة في توقع المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.