أخنوش: تم بناء أكثر من 51 ألف سكن وتوزيع 6.9 مليار درهم على ضحايا زلزال الحوز    هشام العلوي: الأجهزة الأمنية في المغرب تجاوزت صلاحياتها.. ودور الملكية في أي انتقال ديمقراطي يجب أن يكون أخلاقيا    مقتل المؤثر الأمريكي المحافظ تشارلي كيرك بالرصاص    توقيف قاتل "المؤثر اليميني" كيرك    رصاص ينهي عربدة جانح بالعيايدة    أخنوش: الحكومة تشتغل بجد ونتوقع سنة دراسية ناجحة    أخنوش: أنا "فرحان" لأنني لن أشرف على الانتخابات المقبلة    النقابة الوطنية للتعليم العالي تحذر من مشروع قانون يهدّد مستقبل الجامعة العمومية    نحن جيل الذاكرة الحية    تونس: الهجوم على أسطول غزة مُدبّر    التهراوي يتفقد ضحايا انفجار "بوطا"    "آيا" جوهرة صناعية جديدة ل"أنوار إنفست"    الفيلم المغربي "وشم الريح" يتوج بجائزة في مهرجان قازان الدولي    تداولات بورصة البيضاء تنتهي خضراء    "التقدم والاشتراكية" يطالب بمناقشة اختلالات إحصاء القطيع والدعم الموجه لمربي الماشية    الحكومة تتفاعل مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنسعيد يقدم معطيات حول إعداد مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة    حالتا وفاة جديدتان في مياه سبتة ترفعان الحصيلة إلى 30 ضحية    الضربات الإسرائيلية تعكر صفو الهدوء بقطر وتضعف الثقة في واشنطن    احتجاجات حركة "أوقفوا كل شيء" تشل مدناً فرنسية وتؤدي إلى اعتقالات واسعة        الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري                المغربي وليد الحجام يوقع لعامين مع جيروندان بوردو الممارس في الدرجة الرابعة لكرة القدم بفرنسا    حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر            تحذير من المجلس الأعلى بشأن تداول "أذونات زواج" مزورة على مواقع التواصل    بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    وفد نيابي برئاسة الطالبي العلمي في زيارة عمل لجمهورية فنلندا        تعيينات في المصالح الاجتماعية للأمن‬    مجموعة بريد المغرب ومؤسسة البريد السعودي توقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتطوير التبادل ودعم نمو التجارة الإلكترونية    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    "صفقات على المقاس".. الفرقة الوطنية تفتح تحقيقا في اختلالات بصفقات عمومية    المنتخب المغربي لألعاب القوى يراهن على البقالي للتألق في مونديال طوكيو    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    إيكمان يشكر الجماهير المغربية والعيناوي سعيد بظهوره الثاني    صيف استثنائي بفضل الجالية.. 4,6 ملايين سائح بالمغرب خلال يوليوز وغشت    آفاق ‬التعاون ‬المغربي ‬الموريتاني ‬تتسع ‬أكثر    المنتخب الإماراتي لكرة القدم يتأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأقل من 23 سنة    منتخب الرأس الأخضر يقترب من أول تأهل إلى كأس العالم في تاريخه بعد انتصاره على نظيره الكاميروني    النجم كيليان مبابي يتخطى هنري ويلامس عرش الهداف التاريخي لفرنسا    "فيفا" يخطر جامعة الكرة بموعد إرسال اللائحة النهائية للمنتخب المغربي المشاركة في كأس العرب    فرنسا تسخر 80 ألف شرطي لمواجهة احتجاجات مناهضة للتقشف    مطارات الإمارات تتجاوز حاجز المليار مسافر خلال 10 سنوات    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال        باقبو الفنان الذي ولج الموسيقى العالمية على صهوة السنتير.. وداعا    تلميذ يرد الجميل بعد 22 سنة: رحلة عمرة هدية لمعلمه    1500 ممثل ومخرج سينمائي يقاطعون مؤسسات إسرائيلية دعما لغزة    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي        أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ديوان المائدة" 12 .. "كعب غزال" تاج الحلويات يغري المغربيات
نشر في هسبريس يوم 06 - 05 - 2020

في شهر رمضان الكريم ينسحب الطعام من الموائد في النهار، فيعوّض نفسه بأكثر من صورة، وحيثما أمكنه أن يفعل.
وهكذا تنبعث وصفات من الراديو، وبرامج تُبث على القنوات التلفزية، وصفحات خاصة بمختلف "الشهيوات" تنشرها الجرائد والمجلات، وصور لأطباق شهية تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن الطعام بات موضوعا يثار في المكالمات الهاتفية بين الأهل والأحباب..
ولا يعود هذا الطعام إلى نفسه من جديد إلّا بحلول مائدة الإفطار في الشهر الفضيل.
جريدة هسبريس الإلكترونية ارتأت أن تتحف قراءها خلال شهر رمضان المبارك بحلقات من كتاب "ديوان المائدة" للشاعر والكاتب المغربي المتألق سعد سرحان، وهو يقدم صورا غير مألوفة للطعام .. شهية طيبة:
المائدة 12
لم تكن طفولتي مزركشة بالحلوى، لا لقلة الأعياد فقط، وإنما لكثرة العطل التي كانت تطوِّح بي إلى بيت جدتي هناك حيث تسود ثقافة الفطائر لا ثقافة الشطائر والسكاكر.
في تلك البادية التي على مشارف القلب، كانت جدتي هي أمي ومعلمتي خلال العطل، وكانت حاكورتها هي القاعة الرحبة حيث أعطتني درسا في محبة التراب، إذ أشركتني في غرس شجرات اللوز وحببت إليَّ العناية بها، فما انقطعت عنها حتى بعد أن سمعتها بعيني هاتين وهي تتحدث عن الله بأنصع ما يكون الحديث.
لم تكن طفولتي مزركشة بالحلوى، لكن ذاكرتي كانت وستظل مرصعة باللوز.
الحلوى الشباكية وحلوى باب المدرسة وحلوى مولاي إدريس وحلوى سوق السبت وحلويات المناسبات الدينية والعائلية التي كانت مختصرة في غْريّبة وكعب غزال...
هذه الحلويات وغيرها قليل هي ما كان يؤثث لحظات ذلك الزمن البعيد الذي كان حُلْوًا بلا حلوى. فعدا كعب غزال، لا تحتفظ طفولتي بالوُدّ لحلوياتها.
ولعل ذلك يعود إلى أنني نشأت أعرابيَّ الذوق أفضل بنات الأثافي والتنُّور على الهلاليات والبوتي فور. ولأن الأعراب أشد أكلا أيضا، فإن ما يفي بالنهم هو الحرشة والبغرير والمطلوع والمفروق والملاوي (وقد سميت كذلك لكثرة ليّها لا نسبة إلى شقيقتنا جنوب القارة)، وهي الفطائر التي غالبا ما تُشيّع إلى مثواها الأخير مرفقة بما يكفي من السمن والعسل إكراما لها ولآكليها.
لقد تطورت صناعة الحلويات بعد إنشاء معاهد لدراستها، ومحلات فخمة لبيعها، وبرامج تلفزيونية للتعريف بها والترويج لها، كما تعددت أصنافها بعد أن توسعت دائرة محتوياتها، فشملت الشوكولاتة والكاراميل والكوكو والفواكه المعلبة ومشتقات الحليب وفواكه البحر... فصار منها الحلو والمالح، الرطب والصلب، الساخن والمثلج وما لست أعرف.
هكذا صارت الحلوى للمائدة كالحلي للجسد، تعرض في واجهات لا تقل بريقا وتباع في حُقّ يناسب حجمها وتحمل خاتم صانعها الذي يخال نفسه صائغا، فيضع فوق بعضها ما يشبه الحجر الكريم وغالبا ما يرى في حبة اللوز زمردة.
ولست أبالغ إذا قلت إن الحلوى أصبحت تستأثر باهتمام النساء أكثر مما تفعل الحلي، فيقبلن على شرائها جاهزة وعلى تعلم صناعتها من التلفزيون وكتب الطبخ، كما يتبادلن الخبرات حولها بينهن... لكأن الموائد أجساد النساء، أجسادهن الأخرى التي يعرضن مفاتنها إذ يُحلِّينها بنفائس الحلويات.
فلا غرو أنهن أصبحن يتحدثن، بعد كل حفل، عن أصناف الحلويات بعد أن كنّ، في الماضي، يتحدثن عن حلي المدعوات، فارتفعت أسهم منظمي الحفلات في بورصة المجتمع بما يقدمون من أطباقها.
طفرة الحلويات هذه لها سبب آخر، لعله تعدد الأعياد والمناسبات. فبعد أن كان لدينا عيدان فقط: الصغير والكبير (الفطر والأضحى) صارت لنا أعياد الميلاد وعيد الحب وحفلات الاستقبال وحفلات التخرج وحفلات رأس السنة... فلم تعد الأعراس تكتفي بالأقراص والأقواس (أقصد غريبة وكعب غزال) فصار ما صار من هذه الأطباق التي ينسيك التالي منها السابق.
كلما وجدت نفسي عرضة لطبق من الحلوى تمتد يدي تلقائيا إلى كعب الغزال، فهو عندي تاج الحلويات الذي لن يخلع أبدًا، لاسمه نصيب من الشعر، ولشكله سر الهندسة: القوس، أما قلبه فمن معجون اللوز، ولست أخاله لوزًا غير الذي غرست في حاكورة جدتي ذات طفولة.
لَكَمْ سيكون جميلا من صاغة الحلويات أن يبدعوا لكعب الغزال أشباها في الشعر كأيطل الظبي وعيون المها... ستفرح أشجار اللوز في كل مكان وسَتفْترُّ عن مزيد من الأزهار البيضاء بيضاءَ كأنها الْبَرَدُ الموعود بالعُنَّاب.
حين أقلعت عن تلك البادية التي على مشارف القلب، تلك التي تندر فيها الأعياد، اكتشفت في روزنامتي عيدين جديدين: عيد ميلادي وعيد الحب الذي يصادفه. ولأني لا أعدم أحبة، فإنني أتمنى عليهم بدل الورود الحمراء من هنا شقائق النعمان من هناك، وبدل ألواح الشوكولاتة أقواس كعب غزال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.