بعد إطلاق أولاها... تفاصيل المنصات الجهوية ال 12 لمواجهة الكوارث التي ستضم 36 مستودعا على مساحة 240 هكتارا    في قلب فيينا.. حموشي يضع المغرب في صدارة حرب الاستخبارات العالمية ضد داعش والقاعدة    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    التجسس على "واتساب": القضاء الأمريكي يغرم "إنزو" الإسرائيلية بمبلغ 168 مليون دولار لصالح "ميتا"    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    بلقشور يكشف عن موعد إجراء مباراتي السد ويؤكد تواجد تقنية "الڤار"    حكيمي يُشعل ليلة الأبطال.. هدف تاريخي يقود باريس لإقصاء أرسنال والتأهل للنهائي!    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يوقع اتفاقيتين مع جامعتين مجريتين لتعزيز الشراكات الدولية    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    شراكة مبتكرة لدفع التحول الرقمي في الصناعة التقليدية المغربية    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    المغرب يتجاوز تونس بثلاثية ويتأهل لربع نهائي كأس إفريقيا للشباب    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    تُهرّب الحشيش من شمال المغرب.. إسبانيا تُطيح بشبكة إجرامية في الجنوب    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    رحلة تهريب فاشلة تنتهي بسجن إسباني في الحسيمة ل8 سنوات    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستهتار يضع البيضاء في قلب "المنطقة 2" .. مدينة تعاكس التيار
نشر في هسبريس يوم 18 - 06 - 2020

لا حديث اليوم في صفوف المغاربة إلا عن "المنطقة واحد (1)" و"المنطقة جوج (2)"؛ مصطلحان قسمت من خلالهما السلطات الحكومية أقاليم وعمالات المملكة إلى مناطق مخففة فيها تدابير الحجر الصحي، وأخرى مشددة نوعا ما.
الدار البيضاء، القلب النابض للمملكة، وجد سكانها أنفسهم، خصوصا الملتزمين منهم بالحجر الصحي، في "المنطقة 2"، لكن المظاهر بالشوارع والمحلات التجارية تكشف عكس ذلك.
مدينة عكس التيار
مع بداية انتشار جائحة كورونا في المملكة، كانت الدار البيضاء تشهد باستمرار تسجيل حالات للإصابة ب"كوفيد-19"، ما حولها إلى مدينة شبه "موبوءة" وجعل الكل يتخوف منها وينظر إلى سكانها ك"مشتبه فيهم".
رغم الإجراءات التي اتخذتها السلطات، استمرت الدار البيضاء في صدارة المناطق الأكثر إصابة بالفيروس، وظلت تثير الهلع في صفوف المغاربة. كانت المشاهد التي يتم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبرز أن هذه المدينة تسير عكس التيار، والإجراءات الاحترازية تبدو شبه منعدمة، خصوصا بالأحياء الشعبية والمناطق الهامشية.
جولة داخل الأسواق الشعبية تكشف فظاعة الواقع بهذه المدينة؛ التعليمات والإرشادات التي توصي بها وزارة الصحة تبدو شبه منعدمة، قلة قليلة من المواطنين يستعملون الكمامات، أما احترام التباعد الاجتماعي فتلك حكاية أخرى.
يرى فؤاد بلمير، باحث في علم الاجتماع، أن هذا الأمر ليس بغريب عن الدار البيضاء؛ فهذه المدينة الميتروبولية، بحسبه، لا يمكن إلا أن تكون هكذا، حيث احترام الإجراءات الاحترازية يعد أمرا صعب التطبيق من طرف جميع المواطنين.
ما فاقم الوضع بالدار البيضاء، تفجر بؤر صناعية رفعت عدد الإصابات بكورونا بشكل سريع. كانت البداية من شركة لصناعة المنتجات شبه الطبية على مستوى عمالة عين السبع الحي المحمدي، تلتها بؤرة بشركة لصناعة الأحذية على مستوى المنطقة الصناعية بسيدي البرنوصي حولت دوارا بجماعة عين حرودة إلى بؤرة أخرى.
معمل يحول دوارا إلى بؤرة لكورونا
داخل "كاريان لحجر" بجماعة عين حرودة، المتواجدة ضمن إقليم المحمدية ب"المنطقة 2"، كانت الأمور تسير عادية في بداية الوباء، لكن البؤرة الصناعية التي تفجرت بالحي الصناعي بسيدي البرنوصي حولته إلى بؤرة للفيروس التاجي.
يحكي الفاعل الجمعوي عزيز حناوي أن شركة لصناعة الأحذية بالمنطقة الصناعية المذكورة كانت وراء انتشار حالات الإصابة بالوباء في هذا الدوار، بعدما كان خاليا من كورونا.
"مع تسجيل حالات الإصابة في هذا المعمل، بدأت تسجل حالات بالدوار، لأن عددا كبيرا من القاطنين بالكاريان يشتغلون بهذه الوحدة الصناعية"، يقول عزيز، مضيفا: "لم يعد الأمر يتعلق فقط بالحالات المصابة داخل الشركة، وإنما تم تسجيل بؤر عائلية، وهذا الأمر خلف هلعا وخوفا كبيرين في صفوف المواطنين بالدوار".
أحد المصابين بالفيروس تماثل للشفاء، أكد في حديث لهسبريس هذا الأمر، وروى كيف انتقل الوباء من شركة بالحي الصناعي إلى دوار لحجر بعين حرودة، قائلا: "شقيقي يشتغل بالشركة، وبعد تسجيل حالات بالوحدة الصناعية تم إجراء تحاليل له على غرار باقي العاملين، فتبين أنه مصاب بالفيروس، وهو ما دفعنا إلى القيام بدورنا بالتحاليل المخبرية التي أظهرت أيضا إصابتنا نحن 11 فردا بكوفيد-19".
بدا هذا الشاب في صحة جيدة بعدما تماثل للشفاء، عكس ما كان عليه قبل ذلك، حيث كان يشعر بالعياء وارتفاع درجة حرارته مع الهلوسة ليلا، لكن الخوف ما زال يرافقه من هذا الفيروس الذي أصابه وأقاربه بعد انتقال العدوى إليهم من شقيقه.
أسباب تصنيف "المنطقة 2"
خلال فترة الحجر الصحي، كانت بعض المدن تحاول التعايش مع الوباء، وكان الالتزام من طرف المواطنين باديا للعيان، لكن أحياء في الدار البيضاء كانت تقاوم كل هذا، وتحاول الاستفراد بخصوصيتها ولو بمخالفة القوانين.
يقول محمد، من القاطنين في حي بيلفيدير، مستغربا وجود مواطنين غير مبالين بما يجري في العالم ولا بالوضع الذي أحدثه هذا الوباء: "للأسف، كثير من المواطنين غير مكترثين بهذا الفيروس، لا يضعون الكمامات ولا يحترمون التباعد الاجتماعي، وهذا يزيد من معاناتنا نحن الملتزمين بالتعليمات الصحية".
على الرغم من الحواجز الأمنية والجولات التي تقوم بها السلطات، لم تستطع الدار البيضاء أن تتخلص من الفوضى التي تطبعها في سائر الأيام ولو في ظل حالة الطوارئ الصحية؛ إقبال كبير على المحلات التجارية، وازدحام بالأسواق الشعبية، وحتى المصنفة. أما بعض المناطق، فكانت تعيش خارج هذا التصنيف الذي أحدثته السلطات الحكومية.
على مستوى مقاطعة سباتة، العديد من الشبان غير مبالين بهذا الوضع، تجمعات بجانب المقاهي المغلقة، وبعضهم يجري مباريات لكرة القدم وسط الأزقة. نادرا ما تصادف أحدهم يرتدي الكمامة، وحتى إن وضعها فهي غير موضوعة بالطريقة الصحيحة الصحية!
مقاطعة مولاي رشيد كانت أكثر تسيبا، ومظاهر الحجر الصحي بها شبه غائبة. الأسواق مكتظة عن آخرها، واحتجاجات كسرت حالة الطوارئ الصحية التي فرضتها السلطات. كلها مؤشرات جعلت الدار البيضاء في المنطقة 2.
بحسب الباحث في علم الاجتماع، فؤاد بلمير، فإن "مدينة يفوق عدد ساكنتها ستة ملايين نسمة وبها معامل صناعية، لا يمكن إلا أن تحل في هذا التصنيف، خصوصا وأن البؤر ظهرت بالمصانع، وهو ما يجعل الرقم المسجل بالدار البيضاء يبقى عاديا بالنسبة لحركيتها وديناميتها".
العودة إلى الحياة الطبيعية
كيف يمكن الخروج من هذا التصنيف الذي وضعته السلطات المغربية؟ وكيف يمكن العودة إلى الحياة الطبيعية؟ نقلنا ذلك إلى الدكتور مولاي سعيد عفيف، رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، الذي ربط الأمر بتحمل الجميع لمسؤوليته.
يقول الدكتور عفيف في هذا الصدد: "كل واحد منا يجب أن يتحمل المسؤولية، وألا يكون هناك استهتار، فكل فرد مسؤول عما يقع للجماعة ولنفسه، ونتمنى أن نخرج من هذا الوضع".
وبحسب رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، فإن المغاربة، وضمنهم البيضاويون، "مطالبون بالتعايش مع الفيروس ريثما يتم القضاء عليه أو التوصل إلى لقاحات له، علما أن أقرب تقدير للوصول إلى هذا اللقاح سيكون في أبريل المقبل".
وأكد الدكتور عفيف، في حديثه لهسبريس، وجوب اتباع التعليمات الصحية الصادرة عن السلطات، وضرورة الاستمرار في ارتداء الكمامة، واستعمال مواد التعقيم، إلى جانب التباعد الاجتماعي والتخلي عن عادات اجتماعية في هذه الظرفية.
أما الباحث في علم الاجتماع فؤاد بلمير، فقد شدد على وجوب عدم تعامل المواطنين بالمنطقة الثانية بنوع من الاستهتار بقواعد السلامة الصحية، حيث عدم استعمال الكمامات ومواد التعقيم والتنظيف للوقاية من الفيروس سيؤجل العودة إلى الحياة الطبيعية.
وللخروج من هذا الوضع، وبناء على تعليمات ملكية، سارعت الشركات بدورها إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات حتى لا تنتشر الحالة الوبائية داخلها وتجعل الدار البيضاء في صدارة المدن الأكثر إصابة بالفيروس، وبالتالي استمرار تواجدها ب"المنطقة جوج".
فاطمة الزهراء خيرات، المديرة المنتدبة لجمعية ازدهار للفاعلين الاقتصاديين، أفادت بأن الشركات المتواجدة بالحي الصناعي لعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي عملت على الاستجابة الفورية للتدابير المتخذة من طرف السلطات المختصة، بعدما كانت إحدى الوحدات الصناعية قد تحولت إلى بؤرة للفيروس.
وأشارت خيرات، ضمن حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن جمعيتها وجهت منشورات ودلائل وتواصلت مع مسؤولي الشركات بالحي الصناعي من أجل حثهم على الالتزام بهذه التدابير الصحية، مؤكدة عمل هذه المقاولات الصناعية بالتعليمات الصحية، وكذا بما يصدر عن السلطات الإقليمية التي تقوم بدوريات مراقبة هذه الأيام، وهو ما جعل هذه الوحدات الصناعية بالبرنوصي تعرف عدم تسجيل أي حالة في الآونة الأخيرة.
هل ستتراجع حالات الإصابة ب"كوفيد-19" وتعود العاصمة الاقتصادية إلى حالتها الطبيعية وتنقل الساكنة إلى "المنطقة واحد"؟ يبقى السؤال معلقا في انتظار تصنيف جديد من طرف السلطات الحكومية وتخفيف مرتقب للتدابير الصحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.