الطالبي يجري مباحثات بالرباط مع رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا    المركزيات النقابية تشيد باتفاق الزيادة العامة في الأجور    هذا هو عدد رؤوس المواشي المعدة للذبح في المغرب خلال عيد الأضحى المقبل    بلينكن: التطبيع الإسرائيلي السعودي قرب يكتمل والرياض ربطاتو بوضع مسار واضح لإقامة دولة فلسطينية    أمن فاس يلقي القبض على قاتل تلميذة    عملية جراحية لبرقوق بعد تعرضه لاعتداء خطير قد ينهي مستقبله الكروي    شكاية جديدة.. الرجاء يشكو مدرب الجيش الملكي لدى لجنة الأخلاقيات    رسميا.. عادل رمزي مدربا جديدا للمنتخب الهولندي لأقل من 18 سنة    المحكمة تدين صاحب أغنية "شر كبي أتاي" بالسجن لهذه المدة    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    برواية "قناع بلون السماء".. أسير فلسطيني يظفر بجائزة البوكر العربية 2024    لقاء مرتقب يجمع وزارة الصحة والنقابات    سجن الفقيه بن صالح يخلد ذكرى التأسيس    المديرية العامة للأمن الوطني تنظم ندوة حول "مكافحة الجرائم الماسة بالمجال الغابوي"    الإيسيسكو تحتضن ندوة ثقافية حول مكانة المرأة في الحضارة اليمنية    الحكومة ترجع الارتفاع الكبير لأسعار اللحوم الحمراء للجفاف وتتجه لاستيراد 600 ألف رأس من الماشية    الملك يهنئ بركة على "ثقة الاستقلاليين"    الشرطة الفرنسية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لفلسطين بجامعة "السوربون"    "التنسيق الميداني للتعليم" يؤجل احتجاجاته    بالفيديو.. "الديستي" تساعد إسبانيا في الإمساك بقارب يحمل طنين من الحشيش    غامبيا جددات دعمها الكامل للوحدة الترابية للمغرب وأكدات أهمية المبادرة الملكية الأطلسية    تحرير ما معدله 12 ألف محضر بشأن الجرائم الغابوية سنويا    هذا هو موعد مباراة المنتخب المغربي ونظيره الجزائري    الرئاسيات الأمريكية.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن    يوسف يتنحى من رئاسة حكومة اسكتلندا    الدورة السادسة من "ربيعيات أصيلة".. مشغل فني بديع لصقل المواهب والاحتكاك بألمع رواد الريشة الثقافة والإعلام    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية        المكتب الوطني للسياحة يضع كرة القدم في قلب إستراتيجيته الترويجية لوجهة المغرب    الاتفاق رسميا على زيادة عامة في أجور العاملين بالقطاع العام بمبلغ 1000 درهم شهريا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الفنان الجزائري عبد القادر السيكتور.. لهذا نحن "خاوة" والناظور تغير بشكل جذري    المغرب التطواني يتعادل مع ضيفه يوسفية برشيد    وزارة الفلاحة…الدورة ال 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب تكللت بنجاح كبير    رسمياً.. رئيس الحكومة الإسبانية يعلن عن قراره بعد توجيه اتهامات بالفساد لزوجته    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    إدارة السجن المحلي بوجدة تنفي ما نقل عن والدة سجين بخصوص وجود آثار ضرب وجرح على وجهه    فيلم أنوال…عمل سينمائي كبير نحو مصير مجهول !    رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي    أسعار الذهب تتراجع اليوم الإثنين        غزة تسجل سقوط 34 قتيلا في يوم واحد    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الإثنين بأداء إيجابي    إليسا متهمة ب"الافتراء والكذب"    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    المنتخب المغربي يتأهل إلى نهائي البطولة العربية على حساب تونس    حكواتيون من جامع الفنا يروون التاريخ المشترك بين المغرب وبريطانيا    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ أفقا للمستقبل
نشر في هسبريس يوم 15 - 09 - 2020


1. الدولة المغربية وتاريخ الأوبئة:
لا يوجد في مسارات الدول والمجتمعات، أثناء مواجهة الأزمات الطارئة، أقوى وأعمق من الاستحضار الواعي للوقائع والأحداث الماضية واستخلاص الدروس من التاريخ القريب والبعيد. فالتاريخ البشري، بما يختزنه من نجاحات وما يسجله من إخفاقات، يفرض نفسه في البحث عن حل المعادلات السياسية ومعالجة الإشكالات المجتمعية: اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. غير أن ذلك لا يعني الرجوع إلى التاريخ من أجل استرجاع الماضي والعثور على الحلول الجاهزة، بل لإجراء التحليل اللازم للإشكالات المطروحة على ضوء مستخلصات التجارب التاريخية المماثلة قصد إبداع أجوبة جديدة تأخذ بعين الاعتبار تحول الأوضاع وتغير الأزمنة. وبالطبع، إذ "لا نستحم في النهر مرتين" كما يقر هيراقليتس، رائد مقولة التغير المستمر، فإنه لا يمكن للعقل البشري أن يظل جامدا يستكين إلى المنطق نفسه والمقاربة نفسها في التعاطي مع ظواهر وكوارث مفاجئة أمام دينامية تاريخية تفرض نفسها في إدارة الأزمات. ومع ذلك، تظل إضاءات التاريخ، في الوقائع المتماثلة أو المتقاربة، ذات فائدة لا يمكن الاستغناء عنها، على الأقل، بالنسبة لكل مدبر أزمة يسعى إلى عدم تكرار أخطاء الماضي، أو تطوير أدائه ليكون استباقيا وناجعا.
ينطبق هذا الكلام، إلى حد كبير، على تجربة الدولة المغربية في مواجهة الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية، ونضعه نصب أعيننا في سياق تحليل الوضع الذي يعيشه المغرب، على غرار كافة بلدان العالم، جراء انتشار جائحة "كوفيد 19". فعبر المسار التاريخي الذي قطعته منذ تأسيسها، واجهت الدولة المغربية إكراهات سياسية واقتصادية واجتماعية متعددة، استطاعت تجاوزها نتيجة السلوك الإصلاحي الذي نهجته بين الحين والآخر. كما عانت من ظواهر طبيعية عنيفة وأوبئة ومجاعات قاسية تمكنت، في كل مرة، من التغلب عليها على الرغم من مضاعفاتها الوخيمة التي أضاعت على المغرب فرصا كثيرة للتدرج سريعا في سلم التطور الاقتصادي والاجتماعي. يتعلق الأمر بسجل تاريخي حافل بالعبر حول صراع الدولة المغربية مع أطماع الأعداء وهزات الاضطرابات وشراسة الأوبئة وعنف الطبيعة، ويتعلق أيضا برصيد لا يستهان به من مقاربات الدولة ومفارقات المجتمع في حسم هذا الصراع التاريخي، والذي يتعين على الفاعل السياسي والمفكر الناقد استحضاره في تعامله مع الأزمة الكائنة والأزمات الممكنة للتوجه نحو المستقبل برؤية أكثر واقعية وطموحا.
ضمن هذا السجل الحافل، يؤكد المؤرخ جرمان عياش (في تقديمه لكتاب "تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر" لمؤلفه محمد الأمين البزاز): "على أن ما يثير الدهشة بهذا الصدد، هو أن الشعب المغربي تمكن من البقاء على الرغم من هذه الكوارث الخطيرة والمتكررة. ذلك أنه كان قد أدرك، على الرغم من ضعفه، ومنذ عهد الموحدين في القرن الثاني عشر، مستوى من التنظيم والتلاحم ظل محافظا عليه في ما بعد. وقد تجلى هذا بالخصوص، وبالنسبة للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر، في الدور الذي كانت تقوم به الدولة في مجال التخفيف من وقع الجوائح". هكذا، كان دور الدولة حاضرا في امتصاص الآثار الوبائية الكارثية في فترات تاريخية متباينة، وهو الدور الذي أدته الدولة اليوم في احتواء جائحة "كوفيد 19" بصيغة أكثر نجاعة وتقدما تترجم مدى تقدم الدولة المغربية نفسها. فالفارق بين الماضي والحاضر يكتسي طابعا جوهريا إذ، إضافة إلى اختلاف آليات ووسائل مواجهة الجوائح، ينتصب الاختلاف الجلي بين الأمس واليوم في التقديرات السياسية وتصور الدولة لدورها في تدبير الأزمات. وبكل موضوعية، يمكن القول بأن المغرب استطاع، على محك تجاربه التاريخية المتعاقبة في مواجهة الأزمات الصحية والطبيعية، الانتقال من الدولة المنفعلة إلى الدولة الفاعلة، من الدولة المتأثرة إلى الدولة المبادرة: أي من دولة تتعرض للأزمة وتتصرف للتكيف مع آثارها إلى دولة تستبق الأزمة وتبادر إلى تجاوز مضاعفاتها.
2. خيار التحديث وضرورات التقدم العلمي:
لقد كان دور الدولة في تدبير أزمة "كوفيد 19" حاسما، بفضل القرارات الملكية الاستباقية، حيث استطاعت تعبئة كل مكونات المجتمع لفرض حالة الطوارئ الصحية، مما مكن من الحفاظ على الخسائر البشرية في أدنى مستوياتها مقارنة مع المخلفات الفادحة في مجموعة من البلدان المتقدمة. ومن النموذجي أن الدولة المغربية نجحت في تحصين المجتمع مع بداية انتشار الوباء خلافا للعديد من دول الاتحاد الأوروبي التي فقدت السيطرة على الوضع (إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، بريطانيا...). وفي هذا الأمر ما يدعو إلى إعادة النظر في خلاصة سبق للمؤرخ محمد الأمين البزاز أن توصل إليها في كتابه السالف الذكر، مفادها أن أوروبا – منذ الطاعون الأسود في منتصف القرن الرابع عشر – تعلمت كيف تواجه الأوبئة بفضل ما حققته من نمو اقتصادي واجتماعي، بينما بقي المغرب عاجزا أمامها لأنها تكبح مقومات نموه. فالحقائق التي كشفت عنها جائحة "كوفيد 19" فندت هذا التوجه في التحليل التاريخي، بل وشككت في أن التقدم العلمي مكن أوروبا تدريجيا من فهم آلية الأوبئة وتطوير وسائل الوقاية منها كما أكد المؤرخ. ولعل الملاحظة التاريخية الوحيدة لمحمد الأمين البزاز التي تدعو للتأمل هي أن الفكر العلمي في المغرب كان راسخا في التقاليد وأن العلماء، بالمعنى الفقهي، كانوا ينكرون حقيقة العدوى ويطعنون في مشروعية الوقاية منها. وهنا، ينبغي أن نستحضر كيف تأسف جلالة الملك محمد السادس، في خطابه الواقعي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب (الخميس 20 غشت 2020)، لارتفاع حالات الإصابات بعد رفع الحجر الصحي لأسباب عدة من بينها أن هناك من يدعي عدم وجود الوباء.
ولعل البديل، على هذا المستوى، يتمثل في تمسك الدولة بخيار التحديث على كافة المستويات، وخاصة تحديث البنيات الفكرية الكفيلة بترسيخ الفكر العلمي والنقدي داخل المجتمع، وبالتالي السعي إلى تجاوز الفكر التقليدي المقترن، في الكثير من الأحيان، بأشكال متعددة من الدجل والخرافة وإنكار الحقائق العلمية. ومن ثمة، لم يعد مستعجلا احتضان الدولة للمجالات الاجتماعية الاستراتيجية (التربية، الصحة، الحماية...) فقط، بل من المستعجل أيضا أن تكون الدولة حاضنة للتقدم العلمي من خلال إقرار سياسة عمومية شاملة تجعل من العلم آلية أساسية من آليات التطوير المجتمعي.
3. تحويل الأزمة إلى حافز للإقلاع التنموي:
في أفق التحديث المجتمعي المنشود، يتحتم القطع مع الملاحظة التاريخية التي أبداها محمد الأمين البزاز والمتعلقة بأن المجاعات والأوبئة ساهمت، بشكل دوري، في الانكماش الاقتصادي والتقوقع الاجتماعي (وهو أمر طبيعي إلى حد كبير)، وأنها كانت من بين معيقات التنمية لأنها لم تخلق أمام مغرب الأمس ظروفا مناسبة للإقلاع. ولإحداث القطيعة مع هذا المعطى التاريخي، يتعين على مغرب اليوم أن يستطيع تحويل الوباء الراهن من عائق للنمو إلى حافز للتنمية، أي أن تستثمر الدولة الأزمة الحالية، خاصة مع الموجة الثانية للوباء، في إعادة ترتيب أولوياتها وسياساتها، وفي تسريع وتيرة الإصلاحات الضرورية. ويظهر أن الظروف مواتية بحكم العديد من المؤشرات: الإقدام على بلورة نموذج تنموي جديد، تعزيز البنيات التحتية الأساسية، الشروع الفعلي في إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة، وغيرها.
غير أن التوجه نحو تحقيق الإقلاع التنموي الشامل لن يتم إلا عبر مؤسسات قادرة على إسناد مختلف التحولات المجتمعية، ومن ضمنها التحول التنموي، إذ لا تنمية شاملة بدون مؤسسات ناجعة. الأمر الذي يقتضي من الدولة أن تحرص على إصلاح مؤسساتي منتظم وفق هندسة مؤسساتية واضحة المعالم تمكن من تفعيل الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فالإصلاح المؤسساتي مدخل رئيسي لمباشرة باقي الإصلاحات المجتمعية: اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا، بل إنه شرط أساسي لنجاح الإصلاحات كلها لكونه الآلية المفرزة للبنيات والنخب المؤهلة والمحققة للحكامة والنجاعة المؤسساتية. وعليه، من الضروري أن يكون هذا الإصلاح مؤطرا برؤية منسجمة لما ينبغي أن تكون عليه المؤسسات المنتخبة (الإصلاح الانتخابي) ومؤسسات الدولة المتدخلة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الإصلاح الإداري). وإذا كان من الطبيعي ارتباط إصلاح المنظومة السياسية والانتخابية بالنقاش السياسي العمومي، فمن المفيد أن يسهم هذا النقاش في تصورات الإصلاح المؤسساتي الإداري الذي لا ينبغي عزله في نطاق تقني صرف. فالمؤسسات العمومية، في المجال الاقتصادي والمالي، كما في المجالين الاجتماعي والثقافي، يقترن أداؤها بما هو سياسي بما أنها تسهر على تفعيل سياسات عمومية تخضع في بلورتها لاختيارات الفاعل السياسي. أضف إلى ذلك أن المؤسسات تؤدي دورا حيويا في تحسين إيقاع النمو الاقتصادي والارتقاء بالتنمية الاجتماعية كما يقر بذلك الباحثون المشتغلون في مجال الاقتصاد المؤسساتي الجديد.
إن إصلاح المؤسسات العمومية يفرض نفسه، في ظل تداعيات الأزمة الوبائية، بسبب ما تشهده، في الكثير من الحالات، من تعدد في البنيات والهياكل، وتضارب في الاختصاصات والمهام، وتقاطع في البرامج والمشاريع، وتشتت في الموارد المالية. وقد ورد هذا التشخيص في العديد من الخطابات الملكية، وكشفت عنه مجموعة من التقارير الوطنية في مجالات مختلفة (المجلس الأعلى للحسابات، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بنك المغرب، المندوبية السامية للتخطيط...). وهو ما يستدعي معالجة الاختلالات المؤسساتية، وخاصة تعدديتها المفرطة وما ينتج عنها من توترات حادة نتيجة حالات التماس بين الصلاحيات، والتداخل في المهام، والتقاطع بين الأنشطة. فبدل أن تشكل تعددية المؤسسات عاملا مساعدا على إثراء العمل العمومي ومصدرا لتعزيز إنتاج الأفكار والمبادرات، أصبحت عائقا خطيرا أمام الارتقاء بالعمل العمومي بفعل غياب التناسقية والالتقائية مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى ضعف المشروعية المؤسساتية. وهناك أمثلة كثيرة لمجالات تتوزعها قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية مختلفة من قبيل التنمية البشرية والعمل الاجتماعي ودعم العالم القروي وشؤون مغاربة العالم وغيرها. ومن ثمة، يبدو ضروريا اعتماد منطق مؤسساتي جديد يقوم على التجميع في ما يتعلق بالبنيات، والتوحيد في ما يتصل بالسياسات، والتركيز في ما يرتبط بالمهام.
بهذا النوع من الإصلاح، يمكن ضمان نجاعة الأداء المؤسساتي بغية إسناد التطور الاقتصادي والإقلاع التنموي وفق المعطيات والأولويات التي كشفت عنها الأزمة الوبائية، وفي مقدمتها ترسيخ منظومة اجتماعية منصفة والسعي إلى إقرار العدالة الاجتماعية والمجالية. ولن يتجسد التحول الاجتماعي على أرض الواقع ما لم يستحضر الفاعل السياسي دروس التاريخ: تاريخ الاضطرابات الاجتماعية والكوارث الطبيعية، من أجل التوجه نحو مستقبل عنوانه الملفت: نموذج تنموي بروح اجتماعية. وليس من الصعب على دولة ومجتمع استطاعا معا كبح جماح الموجة الأولى من جائحة "كوفيد 19" رغم تواضع الإمكانات والوسائل، أن يستنهضا الهمم لمواجهة الموجة الثانية لوضع اللبنات الأساسية لبناء هذا المستقبل التنموي الاجتماعي. يكفي فقط التقاط إشارة "التعاقد الوطني" الذي دعا إليه جلالة الملك في خطاب العرش الأخير (الأربعاء 29 يوليوز 2020) لنتمكن من تعزيز المشترك المغربي على أساس مبادئ الحرية والعدالة والتضامن.
*باحث في التواصل وتحليل الخطاب، عضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومنسق لجنة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.