نتانياهو يرسل مفاوضين إسرائيليين إلى قطر    فوز مثير يضع ريال مدريد في المربع الذهبي لكأس العالم للأندية 2025    المنتخب المغربي يكتفي بالتعادل أمام زامبيا في افتتاح كأس إفريقيا للسيّدات    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"    الحرارة تواصل صعودها بعدد من جهات المغرب    نظام ركن جديد للسيارات في طنجة يسعى إلى احترام حق التناوب والمساواة في الركن بين المرتفقين    قاصر ينهي حياته في ظروف غامضة بجماعة ونانة    اختتام مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالقنيطرة    الحسيمة تغيب مجدداً عن قائمة الشواطئ الحاصلة على اللواء الأزرق صيف 2025    ابتدائية الحسيمة تدين سيدة بتهمة الابتزاز والمس بالحياة الخاصة    سعر صرف الدرهم يرتفع أمام الدولار ويستقر امام اليورو            حملة أمنية واسعة تطيح بالعشرات من الدراجات النارية المعدّلة بتطوان ونواحيها    إسبانيا: عدة إصابات خلال إخلاء طائرة ل "ريان إير" إثر إنذار خاطئ بحريق    إعادة انتخاب المغرب عضوا في مجلس "الفاو"    موتسيبي يشيد بدور المغرب الريادي في تطوير كرة القدم الإفريقية عامة والنسوية خاصة    انطلاق الدورة ال40 لأسبوع الفرس بدار السلام بالرباط    المغرب يدعو إلى إدماج الآليات الوطنية لحقوق الإنسان في استراتيجيات الأمم المتحدة    جازابلانكا .. منصة نفس جديد تنفتح على إيقاعات صحراوية مع فرقة درعة تريبز    قانون جديد بهولندا يجرم تقديم المساعدة "للحراكة"        الملك يبعث تهنئة إلى الرأس الأخضر    المغرب يزيد واردات قمح كازاخستان    المرصد الاستراتيجي: البوليساريو في حالة موت سريري    نادي ليفربول ومنتخب البرتغال يودعان المهاجم ديوغو جوتا بجنازة مؤثرة    في العدوان الإسرائيلي على إيران    إنذار بمطار مايوركا بعد اندلاع حريق بطائرة وإصابة 6 ركاب    عبد الله العروي: اسْتِبانَة    "الحرب بوسائل أخرى": رواية عن السلطة والحب والإدمان    السلطات تمنع عروض الهواء الطلق في "الليلة البيضاء للسينما وحقوق الإنسان" وتثير استياء المنظمين    الأزمي: مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة "فضيحة ديمقراطية"    مؤسسة البحث والتطوير والابتكار في العلوم والهندسة.. حصيلة "مذهلة" خلال السنوات الثلاث الماضية (أزولاي)    المغرب والإكوادور يدشّنان مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بافتتاح سفارة كيتو في الرباط وتوقيع اتفاقيات شراكة شاملة    حقوقيون يستنكرون تصاعد التضييق على حرية الرأي والتعبير والاستهداف الممنهج للحق في التنظيم    جامعة محمد السادس تشارك في ابتكار جهاز ينتج المياه العذبة من الهواء دون مصدر طاقة خارجي    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ل57 ألفا و268    مونديال الأندية.. تشيلسي يهزم بالميراس ويلاقي فلومينينسي في النصف نهائي    "كان" السيدات: المنتخب المغربي يواجه زامبيا بحثا عن الانتصار في أولى مبارياته    كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2024): ستة ملاعب تحتضن أبرز نجوم الكرة الإفريقية النسوية    فرحات مهني يطلق عريضة دولية لإدانة قمع حرية الرأي واعتقال النشطاء السياسيين في منطقة القبائل    كروزنشتيرن.. أسطورة السفن الروسية تحط الرحال في ميناء الدار البيضاء باستقبال دبلوماسي    طقس حار مع "الشركي" وهبات رياح مع عواصف رملية السبت والأحد بعدد من مناطق المغرب        في عيد استقلال الولايات المتحدة، الرئيس ترامب يوقع قانون الميزانية الضخم    مصادر أمريكية: صعود نجل قديروف يثير القلق والسخرية في الشيشان    الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يكشف مستجدات الدورة السادسة والأربعين لموسم أصيلة الثقافي الدولي    نقابة الأبناك تدق ناقوس الخطر بشأن اقتطاعات ضريبية خاطئة من معاشات المتقاعدين    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عناصر لفهم إشكالية الدين الإسلامي في الغرب عند أحمد عصيد
نشر في هسبريس يوم 04 - 11 - 2020

طرح الأستاذ أحمد عصيد أفكارا في مقالة نشرها موقع هسبرس تحت عنوان "عناصر لفهم المسلمين في السياق الغربي"، ليس للمساهمة في نقاشات النخبة المثقفة الباحثة عن مخرج سلمي وآمن للجالية المسلمة في الغرب في ظروف لا يمكن وصفها إلا بالصعبة والخطيرة؛ بل أراد بأفكاره هذه أن يلقي بالجالية في مجمع الحرائق الهوياتية، الذي يذكيها اليمين المتطرف ودعاة الإسلاموفوبيا؛ فهو بهذا يزيدنا من حيث يدري ويصر أحزانا إلى أحزان وضعيتنا المتأزمة.
فبالرغم من حرص الجالية المسلمة على النأي بنفسها عن الإشارة إليها كمن يعيش أزمة الهويات، لم يتوقف الأستاذ من قصفها وجرها إلى صف من يعاديه ويعادي النقاش الهادئ حول قضايا الهوية وإشكالات المواطنة، مما يجعلنا نتساءل بمرارة المطعون من ذوي قرباه: هل استطاع الأستاذ أن يحلل وضعية الجالية المسلمة بعقلية المثقف المحايد مع تقديم إجابات عن إشكالاتها الحقيقية، أم حاول تفريغ مخزوناته النفسية المرتبطة شكلا بتدين المسلمين بديار الغرب وعمقا بالدين الإسلامي باعتباره مكونا من مكونات الهوية الأوروبية؟ هل بيّن الأستاذ عصيد للشباب المسلم في الغرب بمنهجيته طريقا يسلكونه في إطار التعريف بالهوية الأوروبية ومنهجا يسلكونه ضمن التحديد العلمي لمفهوم المواطنة المرتبطة بالممارسة الديمقراطية في إطار المشاركة الفعلية لأبناء الجالية في ظل محاولاتهم الهادئة للبروز في الفضاء العام الأوروبي ثقافيا وسياسيا واجتماعيا؟ أم أنه قد حاول تشريد ما تبقى من ذهنيتهم وبلبلة أفكارهم بمحاولته إذكاء الصراع المتأجج بين رؤية معينة للدين ورؤية معينة للعلمانية، وصب المزيد من الزيت على هذا الصراع الذي يؤدي إلى الانجراف نحو تعصب أكثر يفضي بنا جميعا إلى انفصال وصراع مجتمعي؟
إن الأستاذ بأفكاره هذه يفرش لأرضية ثقافية ملغومة ويعطي مصداقية معنوية للفكر المتشدد والمتطرف والذي بدأ بفقد بريقه عند كثير من شباب الجالية المسلمة في الغرب..
إن كل محاولات الأستاذ عصيد تنصب حول رسم معالم هوية جديدة يحاول جاهدا إلصاقها بالجالية المسلمة مع التركيز على التخويف والتشنيع لجلب انتباه الوسائل المؤثرة في دواليب الدولة إلى مخاطر وجودها في الفضاء الأوروبي. "الإسلام في السياق الغربي لم يعد هو الإسلام الشعبي أو الصوفي والطرقي الذي تعوّد عليه المسلمون في بلدانهم الأصلية. إنه نموذج تديّن مُعولم، ومصاغ من أجل متابعة مسلسل "الغزوات" القديمة ل"بلاد الكفار".
أظن أن ما يقوم به الأستاذ عصيد هو التغطية عن فشل تاريخي هوياتي نذر له من عمره دم قلبه، فاستثمر فيه ما تبقى من جهده ليتراجع منطق المصالحة والتعايش وقبول الآخر بكل تجليات اختلافاته الدينية والإيديولوجية من أجل إثبات الحرائق الهوياتية المخيفة والتي اختار من ضحاياها المسلم المهاجر ضمن جغرافيا فسيحة على امتداد تخوم الغرب.
إن "الجماعة بالمفهوم الديني الإسلامي هي التي تقدم نفسها عوضا عن الدولة واختياراتها، وتشكل لحاما "لا وطنيا" بين المسلمين وحاضنا حقيقيا لهم على هامش الدولة والمؤسسات، وهذا يجعلهم غير ملزمين بتبني "قيم الجمهورية"، ما دامت لهم قيمهم المخالفة. وعندما تسعى الدولة إلى أن تفرض عليهم قوانينها كغيرهم من مواطنيها عندئذ يقاومونها ويعتبرون ذلك "عنصرية" و"إسلاموفوبيا".
لاحظوا استعمالاته المتكررة للإسلام كدين، وليس كتدين ولا كفهم وتطبيق.
إن الأستاذ عصيد يكشف عن أزمة أخلاقية تتصل بأصول البحث العلمي والمنهجي في تعالقها مع الهوية والانتماء والدين؛ فكل انتقاداته لمظاهر التدين هي مقدمات للوصول إلى النبع والأصول لتمس تصورات عن الدين الإسلامي بما هو دين إقصائي ماضوي مغيب لثقافة التعارف والتشارك والتعايش بين جميع المكونات الثقافية والإثنية المؤسسة للمجتمع الغربي. ويكشف عن حقد مفرط مؤسس على نظرة دونية ناسفة لقيم التعدُّدية والاختلاف. إنها دعوة صريحة للعنف ضد الجالية المسلمة بكل أشكاله وتمظهراته من استعداء عنف الدولة والسلطة إلى استعداء عنف الفرد والمجتمع.
هكذا، غدا البحث العلمي عند الأستاذ مجالا للتحريض على العنف باسم المحافظة على مؤسسات الدولة "وعندما تسعى الدولة إلى أن تفرض عليهم قوانينها كغيرهم من مواطنيها عندئذ يقاومونها ويعتبرون ذلك "عنصرية" و"إسلاموفوبيا"".
يحاول الأستاذ عصيد في كل مشاريعه التنويرية أن تتحول رؤاه الاستعدائية من معرفة إلى ثقافة وتتشعب لتصبح كما الدين الإسلامي في الغرب من مجرد فكرة متداولة بين النخب إلى مستوى التداول بين العموم، فيطلق أحكاما مثيرة للشفقة أكثر مما هي مثيرة للتفكير وباعثة على تبادل وجهات النظر "يعتبر المسلم مواطنيه من غير المسلمين غرباء عنه، وينظر إليهم كما لو أنهم أعداء. ولهذا، يحرص على عدم اختلاط أبنائه بأبنائهم، كما يحرص على عدم ارتياد أماكنهم، فيجد ذاته داخل الحي المعزول للمسلمين".
يدعو الأستاذ عصيد جاليتنا المسلمة في الغرب إلى القطيعة مع الدين وليس إلى قطيعة نوع من العلاقة مع الدين، ليحولنا من كائنات متدينة إلى كائنات هائمة لا تتمثل الدين ولا ترقى إلى مستويات التمثل النموذجي للعلمانية والحداثة؛ فهو يفترض أن الخلل في الدين الإسلامي، وليس في بنية الواقع السياسي والاجتماعي لبعض المنحرفين عن أصول الدين المتسامح.
دورنا الأساسي، يا أستاذ، هو أن نطفئ فتيل الصراع الذي يؤججه تجار الموت من كل الجوانب ومحاولة بناء جسور الثقة التي ترأب ما كاد يتصدع من مجتمع متعدد.
رفقا بجاليتنا أستاذ عصيد، ويكفينا زمورEric Zemmour واحد؛ فلا حاجة لنا بزمور ثان من بني جلدتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.