يُعدّ العنف ضد المرأة واحدا من أبرز مظاهر انتهاك حقوق الإنسان؛ لكن فئة مهمة من النساء في المغرب، وبالرغم من كل المجهودات المبذولة لوضع حد لهذه الظاهرة، ما زلن يعتبرن أن من حق الزوج أن يضرب زوجته لأسباب قد تبدو واهية؛ من قبيل إذا خرجت من البيت بدون إذن مسبق منه. هذا المعطى كشف عنه البحث الوطني حول العنف ضد النساء والفتيات والرجال، المنجز من لدن المندوبية السامية للتخطيط، والذي أكد أن ما يقرب ثلث النساء القرويات والنساء دون مستوى تعليمي يعترفن بحق الزوج في ضرب زوجته إذا خرجت بدون إذن منه. وحسب المصدر نفسه، فإن امرأة من أصل خمس نساء (21 في المائة من النساء) تقر بحق الشريك في ضرب شريكته إذا خرجت دون طلب الإذن منه، وترتفع هذه النسبة بشكل أكبر بين النساء القرويات واللائي ليس لديهن أي مستوى تعليمي إلى 31 في المئة. وبالرغم من أن غالبية النساء رفضن "حقّ" الشريك في الإساءة إلى زوجته، فإن 12 إلى 15 امرأة من كل 100 أبديْن مع ذلك تأييدهنّ له، حيث أجابت 2.3 في المائة عند سؤالهن عن جوانب عديدة تتعلق بحق الشريك في الإساءة إلى شريكته بأنهن موافقات تماما؛ بينما قالت 14.8 في المائة إنهن موافقات إلى حد ما. تأييد إساءة الزوج إلى زوجته يرتفع بشكل أكبر في وسط النساء القاطنات في العالم القروي، حيث وصلت نسبة اللواتي عبّرن عن أنهن "موافقات تماما" إلى 18 في المائة، و17 في المائة "موافقات إلى حد ما"، وكذلك النساء اللائي ليس لديهن أي مستوى تعليمي، بنسية 17.9 في المائة و17 في المائة على التوالي. ويظهر، من خلال نتائج بحث المندوبية السامية للتخطيط، أن المرأة كلما كانت أكثر تعلما وصغيرة في السن وغير متزوجة تنخفض درجة تقبلها للعنف، حيث أكدت 94.4 في المائة من النساء المبحوثات أنهن لا يقبلن التعرض للتعنيف بسبب إهمال الأعمال المنزلية، وسُجلت أعلى نسبة للرفض في صفوف النساء الحاصلات على مستوى تعليمي عال بنسبة 98.9 في المائة. وتبين هذه المعطيات الرقمية، حسب خلاصة البحث، أن النساء كلما كنّ أكثر استقلالية ماديا ومتعلمات ونشيطات على المستويين الاجتماعي والثقافي كلما زادت قدرتهن على التفاوض مع الأعراف والأوامر الاجتماعية ومواجهة العنف ونبذه. وبخصوص تصور المرأة لدرجة تقبُّل أن تكون للرجل الكلمة الأخيرة في إدارة شؤون الأسرة، أظهر البحث أن النساء الأصغر سنا هن الأكثر معارضة ل"هيمنة" الرجل، إذ صرحت 51.6 في المائة من الفئة العمرية ما بين 15 و25 سنة بأنهن "لا يتفقن بتاتا" مع أن تكون الكلمة الأخيرة للرجل في إدارة شؤون الأسرة. وتنخفض هذه النسبة لدى النساء المتراوحة أعمارهن ما بين 25 و34 سنة، إلى 46.8 في المائة، وإلى 42.2 في المائة لدى الفئة العمرية من 35 إلى 44 سنة، وكلما تقدم العمر بالمرأة تصير أكثر قابلية لتقبل أن تكون للرجل الكلمة الأخيرة في إدارة شؤون الأسرة، إذ لم تتعدّ نسبة النساء اللواتي يعارضن هذا الأمر بشكل مطلق 25 في المائة لدى الفئة العمرية من 55 إلى 74 سنة.