كشفت دراسة أنجزها مشروع القيادة والبحث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (LEARN) أن النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري (VIH) هن أكثر تَعنيفا في المغرب؛ إذ صرّحت 93 في المئة من النساء اللواتي شملتهن الدراسة بأنهن تعرضن للعنف. وبحسب المعطيات الواردة في الدراسة، التي اعتمد معدوها على حوارات مجتمعية مع 43 امرأة تراوحت أعمارهن بين 25 و51 سنة، فإن 72 في المئة من النساء المبحوثات تعرضن للعنف خلال 12 شهرا الماضية، صرحت 82 في المئة منهن بأنهن تعرضن للعنف من طرف أشخاص عدة أو بمواقع متعددة. ويمثل العنف الأُسَري النسبة الأكبر من العنف الممارس ضد النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري. وجاء في الدراسة المذكورة أن 70 في المئة من النساء المبحوثات تعرضن لسوء المعاملة من قبل شريك جنسي أو من طرف أزواجهن، بإجبارهن على ممارسة الجنس قسْرا. ويتمثل النوع الثاني من العنف الممارس ضد النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري بالمغرب في عنف العائلة أو الجيران؛ إذ صرحت 62 في المئة من النساء اللواتي شملتهن الدراسة بأنهن تعرضن لسوء المعاملة من قِبل أحد أفراد الأسرة أو الجيران. وأشارت الدراسة إلى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي غير المستقر للمرأة يمكن أن يجعلها عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري والتعرض للعنف، كما حدّدت الدراسة الزواج المبكر والزواج الإجباري كشكل من أشكال العنف. وتُعتبر المرأة، بحسب دراسة مشروع القيادة والبحث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "مواطِنة من الدرجة الثانية، يمكن أن تتعرض للوصم والتمييز، لا سيما النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشرية والعاملات في مجال الجنس وغيرهن من الأشخاص المهمشين اجتماعيا". وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى توفير العلاج للمصابين بفيروس نقص المناعة البشري، من خلال توفير التحليلات الطبية والأدوية بشكل مجاني، كشفت الدراسة سالفة الذكر أن النساء المتعايشات مع "VIH" يتعرضن للعنف في المرافق الصحية. وصرحت 31 امرأة من أصل 43 بأنهن تعرضت للعنف في المرافق الصحية، متمثلا في "الإذلال أو الخرق في السرية أو الحرمان من الخدمة أو السلوك الطائش لبعض موظفي الرعاية الصحية، بما في ذلك فقدان الوثائق الطبية، وكذا المعاملة السلبية لأطفال هؤلاء النساء". وصرحت 16 امرأة من أصل 37 أجبن على سؤال حول مدى تأثير العنف الممارس عليهن في المرافق الصحية، بأن العنف الذي تعرضن له كان له تأثير على قدرتهن على تقبّل فيروس نقص المناعة البشري أو حماية أنفسهن منه. وتهدف الدراسة التي قام بها مشروع القيادة والبحث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى فهم والتصدي للصّلات بين العنف ضد المرأة وفيروس نقص المناعة البشري والاستجابة للنساء في تنوعها، وتعزيز قيادة النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي. وعزت الدراسة ارتفاع نسبة العنف ضد النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري في المغرب، وخاصة العنف المجتمعي والأسري، إلى رفض المجتمع لهن، وحرمانهن من حقوقهن، وفقدان احترامهن لذواتهنّ. وتؤدي هذه العوامل، وفق ما جاء في الدراسة، إلى نتائجَ "جدّ مؤلمة تجعل النساء المتعايشات مع فيروس نقص المناعة البشري أكثر عرضة للعنف، والشعور بالوحدة والاكتئاب والأفكار الانتحارية، والرضوخ للزواج غير المرغوب فيه، واستخدام المخدرات أو امتهان العمل الجنسي".