يبدو الديبلوماسي القُح، يوسف العمراني، فخوراً لأبعد مدىً بمسار دشنه عام 1978، حتى أصبح ابن طنجة اليوم لا يتورع اليوم عن مناداة آلان جوبيه بصيغة المفرد، ولا يستنكف عن ممازحة موراتنيس منادياً إياه باسمه الشخصي، علاوةً على جلوسه إلى مائدة واحدة بجانب هيلاري كلينتون. فَمُذْ أصبح المغرب عضواً في مجلس الأمن دأبَ العمراني على حضور لقاءات كبرى بمنظمة الأممالمتحدة، فهو الذي صوت على سبيل المثال باسم المغرب ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. كما أن الرجل غدا أيقونة الوزارة، مرتقياً بذلك كل درجات الديبلوماسية المغربية. ثم إن العمراني ترك منصب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط بغية شغل منصب وزير، بعد أن أتى انضمامه إلى الحكومة عرفاناً بخبرته وتكريساً لها. ولا يرْمقُ العمراني اليوم إلا ماشيا في أروقة الوزارة أو في المؤتمرات الصحفية التي تعقدها إدراته بغرض الإقناع. قام المغرب بسحب ثقته من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، كريستوف روس، هل يمكن أن نسمح لأنفسنا اليوم بالدخول في شنآن مع الأممالمتحدة؟ لا يوجدُ أيُّ سببٍ يبعث على الاعتقاد بوجود خلاف أو توتر بين المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة أو إمكانية لحدوث ذلك، إذ أن لدينا الثقة في السيد بان كي مون، سيما فيما يتعلق بالخطوات التي يتوسَّمُ فيها القدرة على إعطاء دينامية إيجابية لمسلسل المفاوضات. دأبت المملكة على التخلص من المبعوثين المزعجين بنوع من الهدوء، لماذا تغيرفي النهج المتبع مع روس؟ لا توجدُ طرقٌ لطيفة أو أخرى فجة، بل هناك مقاربات ناجعة وأخرى عكس ذلك، وفي هذه الحالة، لاحظنا بعد تقييم شامل للمسار الذي أخذته المفاوضات أن الأخيرة قد تعثرت إلى درجة انتقلنا معها من مرحلة جمود بدون مفاوضات إلى مرحلة جمود في غضون مفاوضات. ثم إن القرار السيادي للمغرب بسحب ثقته من السيد كريستوف روس أتى بعد عدة تحذيرات، بما يجعل القرار متوقعاً وغير مفاجئ. ما الذي يعنيه وجود وزير سياسي في الشؤون الخارجية؟ لا ينبغي إغفال ما مؤداه أننا في الديبلوماسية نتعلم يوماً تلو الآخر، فهي عملٌ يقوم على أسس يحددها الملك والدستور. وباعتباره رجل سياسية، فإن العثماني لديه رؤية ومقاربة لمعالجة الملفات. فضلاً عن عدم كونه أول وزير سياسي يدير الخارجية. قبل دخولكم الحكومة، كنتم أمينا عاماً للاتحاد من أجل المتوسط ببرشلونة، هل تمت المناداة عليكم بسبب شعوركم بالملل في الاتحاد من أجل المتوسط أم لأن ملف الخارجية بدا أكبر من العثماني؟ تمت المناداة علي حتى أسخر شبكة علاقاتي وخبرتي لخدمة بلدي، ولأساهم في بناء المغرب الحديث. إذ أن بعض البلدان لديها حتى ثلاثة وزراء في الخارجية وذلك قصد مباشرة الأجندة الديبلوماسية التي تتزايد أكثر فأكثر، وبمعية العثماني، نشكل ثنائياً يشتغل بشكل جيد. أعدتم ربط الاتصال بحزب الاستقلال عام 2012، كيف تم لم الشمل؟ لقد ولدت في كنف حزب، و التحقت حينما كنتُ في ربيعي السابع بكشافة حزب الاستقلال، قبل أن انضم بشكل متالٍ، عام 1974 بشبيبته، ثم إلى الاتحاد العام لطلبة المغرب، قبل بلوغ المجلس الوطني عام 1978. لكن بصفتي إطاراً في الشؤون الخارجية أقمت لمدد طويلة خارج البلاد، ووجدت مكاني بشكل طبيعي داخل تكوين يبقى قبل كل شيء مدرسة تلقن فيها قيمٌ تشكل مدماك الهوية المغربية. هل أنت مطمئن لبقاء الطيب الفاسي الفهري دائماً على الخط؟ الطيب الفاسي قدم الكثير في هذا الميدان، فهو ديبلوماسي موهوب يجيد بشكل كبير معالجة الملفات والقضايا المدرجة ضمن الأجندة الدولية، وأنا سعيدٌ بعلمي باستمرار مساهمته في تعزيز مصالح البلد. هل تتبادلون الحديث غالباً؟ نعم، لقد تحدثنا الأسبوع الماضي مثلاً، ثم لا يجب أن تنسوا أن السي الفاسي الفهري صديق اشتغلت معه لفترة طويلة. اشتغلتم ديبلوماسياً في عهد الحسن الثاني، واليوم تحت قيادة محمد السادس، أي أسلوب تفضلون؟ لكل واحدٍ منهما أسلوبه، لكن الأسس لم تتغير. والمغرب ظل دائما فاعلاً نشيطاً ومحترماً على المستوى الدولي. وقد استجدت اليوم بعض الأمور، كمكافحة الإرهاب واحترام البيئة. والمملكة تساهم في كل هذه الميادين، فضلاً عن قضية الصحراء التي تبقى القضية الأولى للديبلوماسية المغربية. ألن يساعد رحيل بوتفليقة على بناء الاتحاد المغاربي وحل النزاع؟ لا تتعلق المسألة بأشخاص، بل بوجود إرادة سياسية، والوطن المغاربي اليوم على موعد مع التاريخ والذي ينبغي أن تبذل الدول الخمس قصارى الجهود لأجله حتى لا تخلفه. ألم يخلف المغرب موعداً من مواعيده بانسحابه من جنازة بن بلة؟ نعمل على إرسال إشارات إيجابية بشكل يومي إلى الجزائر، من خلال وفود وزارية تزور البلد بانتظام، إيمانا منا بأن خمسة وثلاثين عاماً من العداء كافية، فالوقت مناسب لطي الصفحة والعمل لأجل التنمية الجهوية، والتنقل الحر للسلع والأفراد. ما رأيكم في السياسيين الذين يصبحون سفراء؟ أعتقد أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون تتوفر على ديبلومايين محنكين وذوي جاهزية لخدمة البلد بتفانٍ. لا أقول بأن الديبلوماسيين السياسيين غير قادرين على النجاح، لكنني مقتنعٌ بأن ديبلوماسيا ذا خبرة يبقى أفضل لشغل منصبِ سفير. كنتم قنصلاً، وبعد ذلك أمينا للاتحاد من أجل المتوسط في مدينة برشلونة دائماً، فمن تشجع يا ترى برشلونة أم الريال؟ أنا مدريدي قح، وحصلَ ذات يومٍ في غذاء مع الرئيس السابق للحكومة الإسبانية خوسي لويس ثاباتيرو، أن قال ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير الشؤون الخارجية " العمراني ديبلوماسي جيد، لولا عيبٍ وحيد يكمن في حبه للريال". إذن، فمقامكم ببرشلونة كان قطعة من العذاب؟ على الإطلاق، فأنا أحترم الكاطلان وهم كذلك، وحينما كنت قنصلاً بالمدينة كان بيب كوارديولاً جاراً لي، وكان لا يزال لاعباً آنذاك. وحينما أعلن رحيله وجَّهه له ابني رسالة جد مؤثرة.