كما هو معلوم شاركت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في شخص رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل في المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية ضمن ضيوف المؤتمر. وبغض النظر عن الخلفيات السياسية التي تحكمت في توقيت المؤتمر في هذا الظرف بالذات، وعن الرسائل المشفرة التي أرسلها الحزب لجهات عديدة في الداخل والخارج، فإن اللافت للنظر هو استضافة الإسرائيلي برانشتاين، المستشار السابق لإسحاق رابين، في نفس المؤتمر إلى جانب حركة حماس وفق أجندة قد تكون معدة سلفا... وسنكون قاصري النظر لكي نحسب الأمر مجر صدفة، أو خطأ تنظيمي، أو زلة سياسية غير محسوبة كما يروج لذلك، بل حتى "اختراقا صهيونيا" كما جاء في لغة الإصلاح والتوحيد. لن نحتاج للتذكير بأن الرجل كان في السابق صهيونيا مدانا على صفحات التجديد، وها هو اليوم يتحول إلى وسيط وناشط إيجابي وداعية للسلام في مؤتمر تحضره حماس رسميا. هل كل هذا مجرد صدفة في مؤتمر الحزب الحاكم؟ ولنا أن نتساءل مع المتسائلين: لماذا راهن البيجيدي على حضور خالد مشعل إلى جانب برانشتاين؟. ألم يطرح السؤال يا ترى عند المنظمين قبل انعقاد المؤتمر؟. وهل كان مؤتمر البيجيدي (مؤتمر الحزب الذي يقود الحكومة) يحتاج إلى تأشيرة سياسية من حركة حماس حتى تكتمل مشروعية انعقاده في هذا الظرف بالذات؟. وما هي الرسالة التي أراد رئيس الحكومة المغربية إرسالها- أو أريد له إرسالها- عبر بريد مؤتمره، ولأية جهة بالذات؟ وضمن أية حسابات؟، ثم هل تصرف البيجيدي كحزب حاكم يقود حكومة لها التزامات تمليها قواعد الشرعية السياسية- وهو ما كان يستوجب معه، والحالة هاته، إعطاء الكلمة لممثل عن السلطة الوطنية الفلسطينية أيضا- أوليست السلطة الوطنية الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني؟، أم أن حزب بنكيران فضل البحث عن "شرعية" جديدة باسم الحركة الإسلامية من خارج الوطن، وهو الذي منح شرعية انتخابية كانت ستعفي المغرب من الدخول في حسابات قد تربك الوضع الديبلوماسي المترهل أصلا سيما وأن قضية الصحراء تدخل منعطفا جديدا بعد ان سحب المغرب الثقة من روس، وبعد أن فضلت أمريكا بعث رسالة مشفرة على لسان سفيرها بالرباط مفادها أن أمريكا تدعم الخيارات الأممية وقرارات الأمين العام!. لن نكون حالمين طبعا لكي نطلب من حزب بنكيران استقطاب وفود عن الأحزاب الأوربية، فتكفي زلة استضافة الحزب الشعبي الإسباني - الحزب اليميني المعروف بعدائه للمغرب- لنتذكر سيناريوهات العداء المسلط على المغرب وعلى مصالحه الحيوية. فلماذا فضل بنكيران - وهو رئيس الحكومة المغربية- ربح رأسمال الحركة الإسلامية بحثا عن مشروعية جديدة تحميه من زلات التدبير الحكومي؟. فهل أراد البيجيدي بعث رسالة للدولة يزكي فيها موقعه في الحكم بعد أن شرعن إسلاميو حماس الخصوصية المغربية، وأضفوا على " الربيع المغربي" قراءة خاصة يجني منها بنكيران ثمار الحراك المغربي الذي قاطع فصوله منذ البداية، وهو الذي بشرته استطلاعات الرأي الأمريكية بالفوز في الانتخابات ، وفضل الانقضاض على كعكة الديمقراطية في الوقت المناسب، مذكرا كل مرة الشعب ومؤسسات الدولة بأن الربيع مازال "كيدور" وبأن صنوف الحيوانات المفترسة تتربص بالاستثناء المغربي. لم تخرج حركة التوحيد والإصلاح خاوية الوفاض من هذا المسلسل، وهي التي استضافت بدورها السيد مشعل. ولا ندري هل كان من اللائق أن تقتسم الكسكس مع ممثلين عن السلطة الفلسطينية باسم المصالحة الوطنية التي رددها خالد مشعل نفسه في مؤتمر البيجيدي. أوليست المصالحة الوطنية رهانا لخدمة القضية الفلسطينية قبل الرهان على استضافة وسيط اسرائيلي؟. ثم، أخيرا، لا ندري كيف اقتسمت فجأة بعض الأحزاب السياسية أجندة البيجيدي باستضافة السيد مشعل، ولا ندري ما هي مبررات هذا التوضيب السياسي، وما هي هوامش الربح والخسارة فيه في هذا الظرف بالذات؟.