المديرية العامة للأمن الوطني تصرف دعماً مالياً استثنائياً لموظفيها المصابين بأمراض مزمنة    استعداداً للتقلبات الجوية المرتقبة.. اجتماع طارئ للجنة الإقليمية لليقظة برأسة عامل اقليم بالحسيمة    بعد يوم أسود.. استئناف حركة السير بالعديد من المحاور الطرقية بآسفي    السلامي يصطدم بالسكتيوي في نهائي عربي بنكهة مغربية    أخنوش: 79 مليار درهم لتسوية متأخرات الضريبة وميثاق الاستثمار أنهى 26 سنة من الانتظار    منتخب الأردن يتأهل لمواجهة المغرب في نهائي بطولة كأس العرب    لجنة المعطيات تتبرأ من لوائح الصحافة    حزب الاستقلال يعزي في ضحايا فيضانات آسفي ويؤكد تضامنه الكامل مع الساكنة    أخنوش: القطاع الفلاحي يشهد دينامية قوية وإنتاج الزيتون يرتفع إلى نحو 1.9 مليون طن بزيادة 27%    الصحافي الفرنسي كريستوف غليز يطعن أمام محكمة النقض بحكم الحبس الصادر بحقه في الجزائر    الرواية المغربية "في متاهات الأستاذ ف.ن." ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية 2026    تقرير إخباري: عشرات التحقيقات فُتحت بعد كوارث كبرى... ونتائجها غائبة عن الرأي العام    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية وهبات رياح قوية إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    المغرب يعبر الإمارات نحو نهائي كأس العرب قطر 2025    سوء أحوال الطقس.. تحذيرات رسمية للسائقين ودعوات لتأجيل التنقل غير الضروري    اكتفى بتعزية عابرة… أخنوش يمر سريعا على فاجعة آسفي في البرلمان    المؤثرات الأساسية على التخييل في السينما التاريخية    تعاون عربي في إصدار أغنية «روقان» للفنان المغربي محمد الرفاعي    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    كأس العرب.. السكيتيوي يعلن عن التشكيلة الرسمية لمواجهة الإمارات    تراجع ب5,7% في نفقات المقاصة    اسبانيا .. "درون بحري" لتعقب شبكات تهريب المخدرات بالمتوسط    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"        التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. برنامج مباريات المجموعة الثانية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    البابا يحذر أجهزة المخابرات من إساءة استخدام برامج التجسس وتأثيرها على الحريات والديمقراطية    تقرير: ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    ضبط مخربين في الرباط والدار البيضاء    التامني: آسفي طالها الإهمال والنسيان والفساد لا يسرق المليارات فقط بل أرواح المواطنين    "لارام" تُوسع شبكتها الجوية ب10 وجهات جديدة ابتداء من 2026    أسعار صناعات التحويل تزيد بالمغرب    "شبهة داعش" تحيط بهجوم أستراليا    إعلام إسرائيل يكشف تفاصيل عن حاخام قتل في هجوم سيدني وعلاقته بحرب غزة    بروكسل توسع عقوبات السفن الروسية    كأس إفريقيا 2025: المغرب يرسخ معايير جديدة بتخصيص ملاعب تداريب حصرية لكل المنتخبات    الاتحاد العربي للصحافة الرياضية ينتخب مجلس إدارة جديد بقطر    هولندا تعتقل محتجين على منشد جيش إسرائيل    ترامب يوقع أمراً تنفيذياً جديداً ينظم قواعد الذكاء الاصطناعي    سيول آسفي ترفع حصيلة الضحايا إلى 37 وفاة واستنفار متواصل للسلطات    طقس عاصف يوقف الدراسة بالمضيق-الفنيدق    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    محطة القطار "الرباط الرياض" تفتتح تأهبا لاستقبال كان المغرب    من المعبد إلى المدرّج: كرة القدم بوصفها دينا ضمنيا    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخَطَّابي... مِنْ جَدَلِ الرُّفَاتِ إِلَى إِحْيَاءِ الفِكْرِ وَالتُّرَاثِ
نشر في هسبريس يوم 11 - 03 - 2013

بين الفينة والأخرى تثار قضية رفات المجاهد المغربي محمد بن عبدالكريم الخطابي وقد سال مداد كثير حول المسألة بغية نقله من مصر إلى المغرب، ورغم أن الأمر قد يعتبر مهما وشائكا، إلا أنه يهمل ما هو أهم من الرفات سهوا أو قصدا، وهو فكره وتصوره ومنهجه في الحياة ومقاومة الاستعمار بشقيه المادي والفكري؛ والخطابي لا يضيره في أي مكان كان رفاته بالمشرق أو المغرب، وفي البر أو البحر؛ فالروح صعدت إلى باريها، والعظام النخرة، هي أثر بعد عين ...وهو القائل "إذا تناهى إلى أسماعكم أن الاستعمار أسرني أو قتلني أو بعثر جسمي كما يبعثر تراب هذه الأرض، فاعلموا أنني حي وسأعود من جهة الشرق"، وهي عودة فكر ومنهج لا عودة شبح.
وخير من الاهتمام المبالغ فيه بالرفات ينبغي أن يصرف الجهد لانتزاع الحقوق من محتل غاصب آثار قنابله باقية بالريف، وتبعات ذلك من الأمراض المزمنة منتشرة بين الساكنة، وثمة صمت مريب حول هذه المعضلة التي يقضي بسببها العشرات من السكان، فإذا كان الخطابي أدى واجبه الديني والوطني بالجهاد والمقاومة فقد بقي الشطر الثاني من القضية وهو رد الاعتبار وانتزاع الحق بشكل ملموس ورفع مختلف أشكال وصاية المحتل الذي يحن لمناطق احتلاله، وهذا يتحمله الخلف الذين أكثروا اليوم من التطبيل والتزمير ونسمع لهم جعجعة ولا طحين حول جثة هامدة، نبش قبر صاحبها إذاية له ومخالفة لرغبته ووصيته.
كما ينبغي الاهتمام بإحياء منهج الرجل وفكره وسيرته تامة غير منقوصة أو مقطعة، فقد تم تفييء تاريخ الخطابي وإهمال مراحل هامة من حياته أثرت في تكوين شخصيته، والأطراف المتعاونة على طمس تاريخ الخطابي متعددة، فبعد الجهات الرسمية التي يزعجها الخطابي ومن على شاكلته وتفرض قيودا على تراثه، هنالك الحركة الأمازيغية التي تتبنى رفاته وتهمل فكره، وتتعمد تحريفه، بل بينه وبينها تناف وشنآن في الكثير من الرؤى والمواقف، فالخطابي مرجعيته إسلامية بحتة ومصدر فكره الكتاب والسنة؛ كما تشهد على ذلك آثاره ونشأته العلمية بأعرق جامعة إسلامية، ومنخرطو الحركة الأمازيغية يعادون من يحمل هذا الفكر والتصور، ويسمونه بالتخلف والرجعية؛ فعلام يوالون الخطابي وقد ناصبوا العداء لمثل هذا الفكر؟!.
وما تحتاجه الناشئة اليوم ليس رفاتا يدفن تحت التراب، بل إحياء منهجه الشمولي ومدارسة حياته بكل مراحلها فذلك من أعظم ما يذكي الأوار, ويربي الأجيال، ويبعث الهمم, ويرتقي بالعقول, ويوحي بالاقتداء لكل مسلم غيور على دينه ووطنه.
فالمغرب بل والعالم الإسلامي بحاجة إلى الخطابي رحمه الله في جميع مجالات الحياة دون حصر جهوده في زاوية واحدة، أو التركيز على جانب وإخفاء جوانب أخرى؛ قد تكون هي الأساس لما برز فيه من المقاومة والجهاد؛ فلم لا يتم الحديث عن نشأته التربوية، كقدوة للناشئة، وتعليمه الذي صقل مواهبه وشخصيته، كدليل للمتعلمين السائرين في الطريق، والعلماء الذين تربى على أيديهم أحسن تربية كهداية وبيان لأثر المعلم في نفس التلميذ.
فأين الاهتمام بالقرآن و العناية بالسنة وأين التربية على مائدة الشريعة في حياة الخطابي، وإحياء العلوم الإسلامية، والعناية بالتراث الذي قال عنه الخطابي: "...أريدها عدالة اجتماعية، ونظاما عادلا يستمد روحه من تراثنا"؛ فبمدارسة التراث يتكون الجيل الصالح المربى على القيم والأخلاق؛ وتغرس في نفسه كل معاني الخير والفضيلة.
ومؤسف أن يكون بعض أدعياء حب الخطابي يرفعون صوره ثم يمدون أيديهم لمستعمر غاشم طالما قاومه الخطابي وطرده من عقر دارهم، ومن خيانة الدين والوطن والخطابي أن تمد الأيدي في الخفاء إلى من قاتلوه وحاصروه وأبادوا نفوسا في قبائل الريف، وفي الظاهر يتم الضحك على الذقون بالاهتمام بالرفات، والوفي للخطابي لن يصالح من حاربه وعاداه وقتل ذريته؛ بل يسير على منهجه في نكران الذات، ودفع رواسب التعصب والتحيز، والاستعمار بشقيه الفكري والمادي.
إن قصر قضية الخطابي على رفاته وجثته محاولة يبوء أصحابها بالخيبة والخسران، فالخطابي تاريخه منهج حياة، وقد خلف تراثا ومواقف تحيا به الأجيال، فخلف من بعده من ضيع تلك المواقف وطمس تلك الحقائق وكم نحن اليوم بحاجة إلى بعث جديد لفكره ورؤيته الإصلاحية؛ فهو مجاهد مصلح عاش على مائدة القرآن ومن نوره كان يقتبس، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهتدي، حتى انتقل إلى ربه عزيز النفس، قرير العين، شامخ الأنف، بما بذله من جهد ومن خلفه من أثر.
ولست أنكر أن بعض محاولات إعادة الرفات منبعثة من قلوب مخلصة، ومحبة للخطابي، إلا أن الاهتمام بما يفيد الحي أولى من الاهتمام بما لا يفيد الحي ولا الميت!.
وإذا كان الخطابي لم يرتض العودة إلى المغرب حيا؛ فما فائدة الإصرار على إعادته ميتا؟! وقد نقل أحد أحفاده أن جده أوصى بعدم نقل الرفات ما دام بأرض مسلمة!
رحم الله الخطابي.. وجمعنا به في الفردوس الأعلى.
[email protected]
www. kallali.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.