أولئك الذين يدّعون أنهم يمتلكون كل الحقيقة..فيطلقون الأحكام السلبية على كل من يخالفهم الرأي..يصنعون الكذب على أنه صدق..ويكتبون الأوهام على أنها حقائق..ولما يختلون إلى أنفسهم..يستهزؤون من تلك الآلاف من البشر..التي تتابعهم باهتمام..بعدما توسمت فيهم فرسانا في زمن ضاع فيه السيف والجواد.. لا تكن مثلهم.. أولئك الذين اغتصبوا عذرية هذا الوطن، بعدما أوهموك يوما أنهم يدافعون عن شرفه ضد أعراف الاستبداد وتقاليد التسلط، صبروا حتى تسنت لهم الفرصة ليختلوا به، ثم انتزعوا بكارته، ليتدفق دما أحمر قانيا، لم يشفقوا عليه، ولا على جراحه المتخنة، ولا على ثقته بهم، اغتصبوه عاريا، في زمن الاغتصابات العلنية.. لا تكن مثلهم.. أولئك الذين انتقلوا من منصب إلى منصب أكبر بضربة حظ وبتقبيل الأيادي والأرجل وأشياء أخرى..بعدما اقتنعت أن مكانهم هو مزبلة التاريخ..فصرت أنت الذي تعيش مع الأوساخ وهم يصدرون عليك ما لذ وطاب من الأوامر والنواهي..لتمتثل لهم..في زمن تحول فيه الانصياع للذل إلى نضج وتعقل.. لا تكن مثلهم.. أولئك الذين نجحوا في السياسة بفضل ثقتك..اعتقدت أنهم سينصفون آلامك يوما ما عندما يمتلكون سلطة القرار..لكنهم غيّروا المبادئ كما تُغيّر الجوارب والملابس الداخلية..اعتذروا عن ضعف الاقتصاد بقلة الأمطار..ودافعوا عن الظلم بدعوى الاستقرار..وتغنوا بالاستثناء السياسي في زمن القبح المشترك.. لا تكن مثلهم.. أولئك الذين يكذبون على من يحبونهم..ويحبون من يكذبون عليهم..أولئك الذين أعطيتهم قلبك..فَحَسبوه مساحة لدفن الجماجم والجثث..يتخيلون فيك حبيبا خانهم ذات يوم..غير عابئين لا بدمعك ولا بآهاتك..وكلما ازددت تيتما بهم ازدادوا كراهية لك..تنام فرحا عندما تسمع منهم كلمة عشق..بينما هم يوزعونها بالمقاس في زمن أصيب فيه الحب بالكساح.. لا تكن مثلهم.. أولئك الذين يشترون كل شيء بالمال..العشيقة والموظف والصحفي ورجل الأمن..من فرط اغتنائهم..اعتقدوا أن الحياة حصالة نقود لا يملأ جوفها سوى الدراهم..فباعوا أبناءهم للسيارات وصالات القمار..وباعوا زوجاتهم لصالونات التجميل والنفاق..وباعوا أنفسهم لمتعة ستنتهي..في زمن تزوج فيه المال بالمروءة.. لا تكن مثلهم.. أولئك الذين يعيشون بالكثير من الوجوه..هم الطيبون والأشرار..هم الصادقون والكاذبون..هم الأمينون والخائنون..يعبثون بثقتك كما تعبث الريح بأوراق الشجر..يدمون فؤادك بحربائيتهم..قتلوا معنى الصداقة فأجبروك على أن تعيش وحيدا..وأعدموا مشاعر الأنس لتتحول الوحدة إلى ملاذ..وانتقموا منك لأنك لا زلت ساذجا..في زمن لا يرحم حتى الأذكياء.. فلا تكن مثلهم.. http://www.facebook.com/ismailoazzam