بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات هذا الأسبوع    مجلة هندية : المغرب وجهة مبهرة بكل تفاصيلها    سون هيونغ مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    الحبس النافذ لسائق سيارة تسبب في وفاة طفل ببني بوعياش    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي    لتنزيل التوجيهات الملكية.. اجتماع يجمع وزير الداخلية والولاة والعمال ومسؤولين        بوريل: قادة الاتحاد الأوروبي متواطئون مع إبادة إسرائيل للفلسطينيين    انطلاق أشغال إصلاح المقطع الطرقي المنهار بين الحسيمة وتطوان    برعاية الصين.. منظمة دولية للذكاء الاصطناعي قيد الإنشاء في شنغهاي والدعوة مفتوحة للدول الراغبة في الانضمام    المغرب، الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة (أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي)    وثائق سرية تستعد للخروج إلى النور.. صحراء المغرب في قلب أرشيف إسبانيا    مجلس المنافسة ينهي هيمنة "غلوفو"        مصرع شاب في حادثة سير مميتة ضواحي سطات    المغربي حمزة الناصيري ضمن طاقم حكام مباراة افتتاح "الشان" بين تنزانيا وبوركينا فاسو    محامية حكيمي تتمسك ببراءة اللاعب .. ودفاع المشتكية تنفي الابتزاز    اعتقال صانعتي محتوى لنشر مقاطع فيديو خادشة للحياء في مصر    جامعات أمريكا تواجه ضغوطات ترامب    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    كيوسك السبت | استثمار إسباني كبير لتحلية المياه والطاقة الريحية بالمغرب    مبابي مدافعا عن حكيمي: أشرف يحترم النساء حتى وهو "سكران"    الوداد ينهزم أمام كوجالي سبور في أولى مبارياته الودية بتركيا    المغرب، بقيادة جلالة الملك، نف ذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل (صحيفة صينية)    "فوج السلطان أحمد المنصور الذهبي".. سليل الناظور أسامة بلهادي يؤدي القسم أمام جلالة الملك    نيابة نانتير الفرنسية تطالب بإحالة حكيمي على المحكمة الجنائية بتهمة الاغتصاب    سباق الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التكنولوجيا إلى إنفاق 344 مليار دولار    عيد العرش: وزير الداخلية يعقد لقاء عمل مع الولاة والعمال المسؤولين بالإدارة الترابية والمصالح المركزية للوزارة    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى    بلجيكا.. اطلاق نار على مراهق في مولنبيك    دراجة نارية مسرعة تصدم شخصين بطريق طنجة البالية وإصابة أحدهما خطيرة    الحدود المغربية الجزائرية في الخطاب الملكي    أمين حارث يُقنع دي زيربي ويعزز حظوظه في البقاء مع مارسيليا    المنتخب المغربي يدخل "الشان" بخبرة البطولات وطموح التتويج    لقاء سياسي مرتقب بوزارة الداخلية لمناقشة المنظومة الانتخابية المقبلة    الجمارك المغربية تحبط محاولة تهريب أزيد من 54 ألف قرص مهلوس بباب سبتة        تتناول قضية الصحراء المغربية.. الكاتب الطنجاوي عبد الواحد استيتو يطلق أول رواية هجينة في العالم    رشيد الوالي: فيلم «الطابع» تكريم للعمال المغاربة في مناجم فرنسا    المهرجان المتوسطي للناظور يختتم نسخته الحادية عشرة وسط حضور جماهيري غير مسبوق    عبد العلي النكاع فنان مغربي يبدع بإلهام في فن التصوير الفوتوغرافي الضوئي    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    رئيس البنك الإفريقي للتنمية: المغرب بقيادة الملك محمد السادس يرسخ مكانته كقوة صاعدة في إفريقيا    الشيخات وجامعة ابن طفيل.. أين يكمن الخلل؟    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية البنين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    أسعار الذهب تستقر    ديواني: اعتماد الحافلات الكهربائية في المغرب يطرح تحديات متعددة    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتائج الباكالوريا والأزمة التعليمية بالمغرب
نشر في هسبريس يوم 04 - 07 - 2021

تشير معظم التقارير والمعطيات الوطنية والدولية إلى الصعوبات والإكراهات المختلفة والعميقة التي تتخبط فيها المنظومة التعليمية سواء من حيث المردودية أو من حيث الجودة (يكفي على سبيل المثال تحليل نتائج المغرب في التقييمات الدولية "تيمس وبيزا وبيرلز"). وهذا ما أقره أيضا تقرير النموذج التنموي.
بالموازاة لذلك نجد أنه خلال السنوات الأخيرة هناك ارتفاع في نسبة النجاح في الباكالوريا التي تقارب 80%، وفي معدل النتائج المحصل عليها حيث تقارب معدل 20 على 20. بيد أن هناك ارتفاع في نسبة الهدر الجامعي، الذي أصبح ظاهرة مقلقة ومسكوت عنها. فالأرقام تبين أن أقل من 50% من يستطيعون الحصول على الشهادة الجامعية بغض النظر عن جودتها وملائمتها للتحولات التي يعرفها المغرب والعالم.
أمام هذه المفارقة بين مؤشرات وطنية ضعيفة ومقلقة والنتائج "العظيمة" التي يحققها التلاميذ والتلميذات في نتائج الباكالوريا، لا بد من وضع أكثر من علامة استفهام من أجل الإسراع بانقاذ التعليم ومستقبل المغرب من الضياع المحتوم إذا استمر نهج سياسة إفراغ المحتوى التعليمي من الأهداف التَعلُّمية التي يجب على المُتعلم التمكن منها في كل المستويات. مثلا، ينتقل المEتعلم من الابتدائي إلى الإعدادي دون التAمكن من القراءة والكتابة والحساب، وينتقل من الإعدادي إلى الثانوي دون التمكن من اللغة والعلوم الحية والرياضيات وهكذا ينتقل من الثانوي إلى التعليم العالي دون تمكن من عدة قدرات ومعارف. لتكون النتيجة للمنظومة التعليمية هو مُتعلم هش مستعد لمغاذرة المسار الدراسي والجامعي وغير قادر أن يكون مساهم فعّال في تطور المجتمع وبنياته الاقتصادية والسياسية والثقافية. بينما الباقي من التلاميذ ممن حالفهم الحظ وبعزيمتهم الذاتية والدعم الأسري الذين استطاعوا الحصول على الشهادة العليا، فإنهم يتخبطون في مشاكل الإدماج الاجتماعي والاقتصادي وكذا الإنخراط السياسي.
أما عن جودة التعليم، فهو نقاش آخر ذو شجون. فلا الطالب الجامعي له مواصفات الطالب الباحث المجد والمتمكن ولا المهندس له الخبرة والقدرة على الإبداع والإبتكار. فأغلب الشواهد إن لم تكن معظمها أصبحت خاضعة لمعيار تقييم قدرة الحفظ. فشل يبدأ من المستوى الأول لينتقل بتراكم كمّي وعجز في المعارف والكفاءات عبر المستويات ليصل إلى شهادة الدكتوراة والهندسة وغيرها من الشواهد. أهذا ما نريد؟ هل نريد إنتاج يد عاملة رخيصة للشركات العالمية ومستهلكين للدول المتقدمة؟ كيف يُمكننا الارتقاء إذن إلى اقتصاد المعرفة وتحقيق الثورة الرقمية، والمنظومة التعليمية تفرغ من قيمة شواهدها؟ فالشهادة المدرسية والجامعية وغيرها ليست فقط معدل يفتخر به الآباء والأقارب على صفحات التواصل الاجتماعي، بل إنها تقييم لمعارف المُتعلم ولدرجة استيعابه لكلّ المواد التي من المفروض التَمكن منها في كل مستوى من المستويات للحصول على الكفايات والكفاءات الضرورية التي تُمكنه من تحقيق طموحه الفردي والجمعي...
في نفس السياق، يلاحظ أنه بدل إيجاد الحلول لمشاكل الأطر التعليمية وضعف أو غياب التكوين للأساتذة وغيرها من المعيقات التي ضاعفتها أزمة كوفيد 19، تم اللجوء إلى الحل السهل وهو تقليص من المواد المطلوبة في الامتحان بالنسبة لجميع الأسلاك (الأطر المرجعية للامتحانات)، فأصبح امتحان البكالوريا مع مرور الوقت يتكيف مع مستوى التحصيل الدراسي للمُتعلم بدل تحسين جود ة التعليم والرفع من المردودية، والرقي به.
بعملية رياضية بسيطة، التي أصبح جل الآباء يتقنونها، نجد أن معدلات الولوج لمؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المحدود ارتفعت مع مرور السنوات، حتى أصبح التلاميذ الحاصلين على معدلات 16 أو 17 لا يجيدون مكانا لهم لتتحطم كل معنوياتهم، ويلتجؤون إلى الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح بجوار متعلمين آخرين حصلوا على معدلات أقل، وهم محطمي الإرادة، ولما لا وهم طيلة مشوارهم الدراسي شُبِّعوا بخطابات اليأس والصور القاتمة عن الجامعات المغربية؛ خطابات يُرددها المحيط الخاص والعام دون إدراك تام (أو عن قصد), أليس من يسيّر المغرب هم جلهم من خريجي الجامعات المغربية؟
في اعتقادي، الخلل ليس فقط في الأطر البشرية للتعليم بمختلف مستوياته، بل في السياسات المتبعة التي تريد أن تنتج تقنيين و"أشباه" مهندسين حسب متطلبات سوق الشغل...
المشكل الذي تخلقه الباكالوريا في التعليم العالي (الاستقطاب المحدود والمفتوح) هو أن هذا الأخير يجد نفسه أمام مُتعلمين لا يمتلكون القدرات والكفاءات المطلوبة للتحصيل ما بعد الباكالوريا. فيتنقل المشكل إذن إلى التعليم العالي، ليجد الأستاذ الجامعي أمام معظلة حقيقية. مما دفع بالعديد منهم إلى امتحان الطلبة في حدود ما تم تدريسه دون اللجوء إلى امتحانهم في بعض المراجع التي من المفروض أنها ترافق المادة لتعميق الفهم والإلمام بها؛ ورغم ذلك يضطر بعض من الشباب مغاذرة الجامعة دون شهادة... أمام هذه الوضعية التي اختزلتها في بضع سطور، نجد أن المنظومة الحالية تريد أن تربط مشكل المردودية الجامعية والهدر الجامعي بلغة التدريس. وهكذا تم إيجاد الحل السريع! فلماذا تعقيد المواد والبحث عن الصعب مادام السهل موجود؟ وها هي الجامعة بمختلف تخصصاتها ستتحول إلى مراكز لدراسة اللغة وتقنيات الخطاب والتواصل وغيرها من المواد المكملة للمعرفة والبحث العلمي. ما نمضي إليه في اعتقادي كارثة بكل المقاييس، يتطلب من كل المثقفين/ات دق ناقوس الخطر إذا أردنا فعلا الاشتغال على الإنسان وجعله في قلب التنمية.
أعتقد أن التعليم لا يجب أن يكون فقط في خدمة سوق الشغل، بل يجب أن يكون في خدمة المجتمع. إن ما يحدث لشهادة الباكالوريا وفي حق التعليم جريمة بكل المقاييس تخنق المستقبل والأمل في التغيير. باختصار، الارتكاز على الكم بدل الجودة لن يحقق ما يطمح إليه المغرب...
*أستاذة جامعية رئيسة مركز ديهيا لحقوق الإنسان والديموقراطية والتنمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.