خورخي فيلدا: لاعبات المنتخب الوطني "متحمسات لانطلاق منافسات كأس إفريقيا"    ساكنة حي اشماعو بسلا تستنجد بالسلطات بسبب سيارة مهجورة    الصويرة.. إحباط محاولة تهريب ثلاثة أطنان و30 كيلوغراما من مخدر الشيرا وتوقيف ثلاثة أشخاص    عاجل.. المحكمة تدين محمد بودريقة ب5 سنوات حبسا نافذا    انطلاقة قوية للمناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي تُبرز طموح المغرب للريادة الرقمية (صور)    مهرجان موازين يستقطب أكثر من 3,75 مليون متفرج ويحتفي بأزيد من 100 فنان عالمي    حزب الاستقلال يكتسح الانتخابات الجزئية بإقليم الحسيمة    الحكومة تفلت من الإسقاط في فرنسا    غبار كثيف يرافق هبوط طائرة بوينغ 747 بمطار الحسيمة ومصدر يوضح    نشطاء حقوقيون ينتفضون ضد "تعديلات تقييدية" على المسطرة الجنائية    الريال يتخطى اليوفي بمونديال الأندية    المغرب يُعزز موقعه كشريك موثوق في مكافحة الاستغلال الجنسي داخل عمليات الأمم المتحدة    الولايات المتحدة.. إيلون ماسك يتعهد بتأسيس حزب سياسي جديد    المنظمة العالمية للأرصاد الجوية .. على الجميع التأقلم مع موجات الحر    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ميتا تعلن إحداث مختبر للذكاء الفائق    عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة    السغروشني: الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا تقنيا بل ضرورة سيادية للمغرب    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    المغرب والسعودية عازمان على توطيد التعاون الاقتصادي    تأكيد الحكم بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الجزائري بوعلام صنصال    تيك توك تطلق "أكاديمية العائلة" لتمكين الأسر المغربية رقميا وتعزيز السلامة الرقمية    شيرين عبد الوهاب تتعثر فوق مسرح "موازين" وغادة عبد الرازق تصفق للظلّ    الكشف عن الأغنية الرسمية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    المغرب يهيمن على بطولة إفريقيا للكرة الطائرة الشاطئية 2025 ويتأهل إلى كأس العالم    تقارير تفتيش تكشف تلاعبات مالية في شراكات "وهمية" بين جماعات ترابية وجمعيات يترأسها أقارب وزوجات المنتخبين    السيطرة على حريق غابة آيت إصحى بنواحي أزيلال بعد تدخل طائرتي "كنادير"    شيرين تهدد باللجوء الى القضاء بعد جدل موازين    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    الحسيمة.. صرخات استغاثة لم تنقذ مصطافا.. رجل ستيني يغرق بكالا بونيطا    غوارديولا: بونو وراء إقصاء "السيتي"    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    "أونروا": 500 قتيل و4000 جريح أثناء محاولتهم الحصول على الطعام بغزة    بعد انخفاضات محتشمة... أسعار المحروقات تعود للارتفاع من جديد بالمغرب    الهلال السعودي يواصل الحلم بقيادة ياسين بونو.. مباراة ملحمية وبصمة مغربية حاسمة    توقيف شخص ببركان بشبهة الاتجار غير المشروع في المخدرات    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    العصبة تحدد موعد فترة الانتقالات الصيفية وتاريخ إجراء قرعة البطولة الاحترافية    فتح بحث قضائي في ملابسات تورط أحد أفراد القوات المساعدة في قضية تحرش وابتزاز مادي    أخنوش: نراهن على تكوين 100 ألف شاب في المجال الرقمي وخلق 240 ألف فرصة شغل بحلول 2030    النَّوْ: بِرِيدْنَكْ    آسفي... كأس الفرح وصرخة المدينة المنسية    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة    السنغال تعيد تموضعها الإقليمي وتراهن على المغرب لبناء توازنات جديدة في غرب إفريقيا    اتحاد طنجة يجدد عقود ركائزه الأساسية تحضيراً للموسم القادم    مونديال الأندية.. مبابي "يملك حظوظا كبيرة" في المشاركة أمام يوفنتوس (ألونسو)    إصلاح نظام الصرف يندرج في إطار الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    إبداع بروكسل يفك الحصار عن غزة    الصويرة تحتضن مؤتمر المدن الإبداعية 2026    أكثر من 900 قتيل في إيران خلال الحرب مع إسرائيل    الخطوط الملكية المغربية توسع شبكتها الدولية بإطلاق أربع وجهات جديدة    الصحة العالمية تحذر: الهواتف ووسائل التواصل تعزز مشاعر الوحدة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون التجمعات العمومية وضرورة التغيير
نشر في هسبريس يوم 10 - 08 - 2021

تعتبر الحرية في التجمعات العمومية والتظاهرات من أهم الحريات التي جاءت في أغلبية المواثيق الدولية، وعلى المستوى الداخلي عملت الدول على دسترة هذه الحقوق إذ تكمن أهمية هذه الحريات في كونها أهم مجال للتعبير عن الرأي والاعلان عما يفكر فيه المواطنين بشكل جماعي، كما أن لحرية التجمع والتظاهر السلمي أهمية سياسية نظرا للعلاقة الوطيدة بينها وبين التمتع بالمواطنة في جو ديموقراطي.
على المستوى الداخلي كانت البداية الفعلية لسن هذه الحريات قد بدأت في السنوات الأولى للاستقلال حيث تم إصدار ظهير الحريات العامة: تأسيس الجمعيات، الصحافة والنشر، والتجمعات العمومية.
إن الإشكالية الأساسية المطروحة هي محاولة طرح موضوع التجمعات العمومية من الناحية القانونية بشكل نقدي ومقارنته بالواقع والتطرق لما يجب أن يكون في مجال الحقوق والحريات العامة للانضمام للدول الديموقراطية سيرا على خطى الاختيار الديمقراطي الذي قمنا باختياره.
تعريف التجمع والتظاهر والتجمهر
بالعودة للظهير رقم 1.58.377 المتعلق بالتجمعات العمومية نجد في الفصل الأول منه في الفقرة الأولى أن الاجتماعات العمومية حرة، ورغم أن الظهير يتعلق بالتجمعات إلا أن المشرع وضع كلمة الاجتماعات!
في الفقرة الثانية سيعرف المشرع الاجتماع العمومي كما يلي:
"يعتبر اجتماعا عموميا كل جمع مؤقت مدبر ومباح للعموم وتدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محددة من قبل".
نستشف من هذا التعريف شروط التجمع العمومي وإذا إجتمعت كلها نكون أمام اجتماع عمومي: جمع مؤقت ومدبر ومباح للعموم ودراسة مسائل وفق جدول أعمال محدد.
ويلاحظ أن المشرع المغربي أحجم عن تعريف التظاهر والتجمهر. بينما يعرف الفقه المظاهرات العمومية على الشكل التالي:
"المظاهرات العمومية هي المواكب والاستعراضات، أو تجمعات الأشخاص، وبصورة عامة جميع التظاهرات التي تجري على الطريق العمومي."
والتجمهر بكونه "تجمع عدواني أو هائج لأشخاص بصفة عفوية وغير متوقعة بالطريق العمومي، أو بأي مكان عمومي أو مكان خصوصي مفتوح في وجه العموم يخل أو قد يخل بالأمن العمومي".
الأسس القانونية للتجمعات والتظاهرات بالمغرب
بما أن المغرب يعتبر عضوا نشيطا في المجتمع الدولي وجعل الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات الوطنية بمجرد المصادقة عليها وأكد على المرجعية الكونية لحقوق الانسان فيجب التطرق إلى الدستور المغربي ثم لظهير الحريات العامة المعدل والمتمم بقانون.
الدستور كأساس قانوني للتجمعات والتظاهرات
كثيرا ما يقع الاصطدام بين هاجسين تكون أمامهما الدولة إذ يجب الحفاظ على الأمن العمومي مع حماية الحقوق في نفس الوقت، ومع ذلك فإن الربط بينهما ألزم المشرع الدستوري على إعطاء الأولوية للحقوق إذ نص في الديباجة على ما يلي:
"إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون.. وإرساء مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة.. في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة".
من خلال ما سبق نلاحظ أن الدستور المغربي باعتباره أسمى قانون في الدولة قد أكد على ضمان الحقوق كغاية ثم القانون كوسيلة لضمان هذه الحقوق، وربط بين أمن المجتمع من جهة وحرية أفراد هذا المجتمع من جهة أخرى.
في دستور سنة 2011 نجد أن فصله 6 نص على:
"القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له.
تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية."
وبالنظر لما جاء في الفصل 37 من الدستور الذي ينص على:
"على جميع المواطنات والمواطنين، احترام الدستور، والتقيد بالقانون، ويتعين عليهم ممارسة الحقوق، والحريات، التي يكفلها الدستور، بروح المسؤولية، والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق، بالنهوض بأداء الواجبات".
ونظرا لأهمية الحقوق والحريات فقد تم إسناد ما يخص تشريعها للقانون وذلك في الفصل 71 مع التأكيد على إدراجها في المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك.
من خلال استقراء هذه الفصول، نجد أن الدستور قد حدد من الناحية المبدئية الحقوق والواجبات، وألزم الأشخاص الذاتيين والاعتباريين، بما فيها السلطات العمومية على الامتثال والالتزام والتقيد بالقانون، تحت طائلة إقرار جزاءات تنص عليها قوانين خاصة بكل مجال يتم خرق قواعده.
وبالانتقال إلى مقتضيات دستورية أخرى نجد الفصل 29 في فقرته الأولى:
"حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات".
والفصل 22 ينص على:
"لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة.
لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية.
ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون."
هذان الفصلان يندرجان في الباب الثاني الخاص بالحقوق والحريات الأساسية، حيث نص الدستور بشكل صريح على ضمان حريات مهمة وهي: الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي، مع التأكيد على عدم جواز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية أو المعاملة القاسية وغيرها تحت أي ظرف كان.
وعلاقة بالاتفاقيات الدولية والمرجعية الكونية لحقوق الانسان، نجد أن الدستور ربط بين سمو الاتفاقيات الدولية في حالة عدم تعارضها مع أحكام الدستور وقوانين المملكة والهوية الوطنية، إن هذا السمو المشروط هو الذي يشكل إشكالية مهمة لأنه يفتح المجال أمام الدول للتمسك بالخصوصية، إلا أن هذه الخصوصية يمكن جعلها مطية لعدم احترام حقوق الانسان.
القانون المتعلق بالتجمعات العمومية
لا بد من الإشارة في البداية إلى أن الظهير 1.58.377 المتعلق بالتجمعات العمومية لسنة 1958 المغير والمتمم بالظهير الشريف رقم 1.02.200 الصادر في 23 يوليوز 2002 بتنفيذ القانون رقم 76.00 جاء لينسخ مجموعة من الظهائر والقوانين ذات الصلة نفسها أي أن الأساس القانوني بالمغرب يعود إلى سنة 1914. ويتكون هذا الظهير من 3 كتب، الأول يتناول التجمعات العمومية والثاني المظاهرات في الطرق العمومية والثالث التجمهر.
والملاحظ أنه بالرغم من التطورات التي عرفها المغرب وما عرفته الساحة والشارع المغربي من تجمعات ومظاهرات فإن الظهير الخاص بالتجمعات العمومية لم يعدل سوى مرتين وذلك من خلال ظهير وقانون، وهذا الأخير كان في 10 أكتوبر 2002) أي قبل عقدين تقريبا وقبل دستور 2011 نفسه، وهنا تكمن إشكالية كون هذا القانون لا يساير الدستور ومضمونه المتقدم. ولعل أن المذكرة الموجهة لرئيس الحكومة سنة 2015 والتي تقدم بها المجلس الوطني لحقوق الانسان والمتعلقة بالتجمعات العمومية أتت بعدة حلول واقتراحات في المستوى ومن بينها :
وجوب استحضار مبدأ قرينة قانونية الاجتماعات العمومية، وتبسيط المساطر، واستبدال العقوبات السالبة للحرية والاكتفاء بالغرامات...
إن وجود قانونين مختلفين واللذان ينظمان الحريات العامة وبالخصوص حرية التجمعات والتظاهرات، نجد أن الدستور له وضع متقدم ونظرة جيدة نحو ضمان هذه الحريات إلا أن القانون المنظم لها يشمل بعض التقييدات التي لا تتلاءم مع الدستور.
فهل سيتم في القريب تعديل ظهائر الحريات العامة بشكل عام والخاص بالتجمعات والتظاهرات بشكل خاص ليكون ملائما للدستور المغربي لسنة 2011 وتطور المجتمع المغربي للعيش في جو ديمقراطي والتمتع بالحريات المتعلقة بالتعبير عن وجهات النظر في الفضاء العمومي بكل حرية؟ خصوصا إذا علمنا أن الظهير قد تم تتميمه سنة 2002 بالقانون 76.00 في بداية الألفية الثالثة ولم يتم تعديله بعد ذلك رغم أن المغرب مر من محطات مهمة فيما يخص التظاهرات والتجمعات العمومية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.