من ميناء جزيرة سردينيا الإيطالية، يوجّه طاقم الباخرة "كنزة"، التابعة للشركة الدولية للملاحة البحرية المغربية المتخصصة في نقل الحاويات العملاقة عبر البحار (إيميتيك)، والتي رست على رصيف ميناء الجزيرة الإيطالية منذ شهر مايو الماضي، دون أن تبْرَحه لحدود اليوم، ودون أن يتمكّن طاقمها من مغادرة ظَهْر الباخرة، لعدم حصولهم على ترخيص من السلطات الإيطالية. طاقمُ الباخرة، الذي يصل عدد أفراده إلى 15 ملاّحا مغربيا، وبعد خمسة أشهر من انتظار تدخّل السلطات المغربية لوضع حدّ لمعاناتهم، المتمثلة في تسلّم رواتبهم الشهرية، خرجوا عن صمتهم، لمطالبة السلطات المغربية بالتدخّل العاجل لحلْحلة مشكلهم مع إدارة شركة "إيميتيك"، بعدما لم يفلح تدخّل الكنفدرالية العامة الإيطالية للشّغل، التي حاولت الاتصال بالشركة، في ذلك. بعد ذلك، يقول طاقم الباخرة، ازداد تعنّت إدارة الشركة، وانغلقت أبواب الاتصال بين الطرفين، وهو ما أفشل التوصّل إلى أي حل مُرضي للجانبين، ولم يجد الطاقم المتضرر من حلّ إلا اللجوء إلى القضاء الإيطالي ضد الشركة. قاضي الشغل لمحكمة "كالياري" الإيطالية أصدر حُكما بعد أسابيع من رفع القضية، لصالح طاقم الباخرة، ومن المنتظر أن تنعقد جلسة جديدة خلال شهر أكتوبر القادم، من المتوقع أن تُفضي إلى تسليم السفينة لطاقمها تمهيدا لبيعها في المزاد العلني، من أجل تصفية رواتب الملاحين وتسوية جميع الحسابات، في حال إذا لم تبادر الشركة المالكة للسفينة إلى ذلك. إلا أن طاقم الباخرة يتخوّف من أن يطول أمد النطق بالحُكم في القضية لشهور، خصوصا بعدَ نفادِ التموين من وقود وتدفئة وأكل وشُرْب، ونفاد ما كان معهم من مال، بعد خمسة شهور ظلوا خلالها محتجزين داخل الباخرة، ولا يملكون لا رخصة إقامة ولا تصريحَ خروج من الميناء، باعتبار أنّ صفتهم، حسب القانون الإيطالي، لا تخوّل لهم مغادرة الباخرة. طاقم السفينة "كنزة"، وبعد أن طال انتظاره، دون أن تتدخّل أيّ جهة مغربية لحلحلة مشكلهم، لجأ إلى الاستعانة بالمؤسسات الخارجية، حيث أطلقت جمعية نجمة "ماريس" الناشطة في دعم ومساندة البحارة المحليين والبحارة أثناء مراحل العبور في جميع الموانئ الإيطالية، وجمعيات أخرى ونقابات عُمّالية إيطالية حملات تضامنية، وفّرت لهم خلالها الحماية والغطاء القانوني للتظاهر، وإعطاء الدعم الكامل لطاقم الباخرة للاحتجاج وتمكينه من المساعدات الغذائية والفحوصات الطبية والأدوية. غير أنّ كل ذلك، يقول طاقم الباخرة، لم يمنع من تأزّم وضعية الطاقم أكثر، خصوصا في الأيام الأخيرة، بعدما أخبرهم مسؤول الميناء أن بقاء السفينة "كنزة" طويلا بالميناء سيؤثر على عملية الإبحار والرّسو والمردودية لأنها راسية في نقطة استراتيجية. هذا الوضع دفع برئيس مصالح ميناء كالياري "بيير دجورجو ماسيدا"، إلى توجيه رسالة إنذار بخطر عاجل إلى البرلمان الإيطالي بهذه النازلة مطالبا من جميع برلمانيي سردينيا أن يوقعوا على رسالة سيتم إرسالها إلى وزارة الخارجية من أجل تفعيل القوانين الدولية لحل هذه القضية، كما اتصل بجهات رسمية مغربية، منهم السفير المغربي بإيطاليا. ويأمُل طاقم الباخرة "كنزة" من أن تتسارع الحلول قبل نهاية رخصة رسو السفينة بالميناء، التي تقترب شيئا فشيئا من انتهاء صلاحيتها، مما سيفقدها قيمتها الشرائية في حالِ تعثرت عملية إيجاد مشترٍ على وجه السرعة. ويقول أفراد طاقم الباخرة إنّ المساعدات والإعانات التي كانوا يتلقونها قد توقفت، مطالبين المسؤولين المغاربة بالتدخّل العاجل لوضع حدّ لمعاناتهم، وإنقاذهم من الإهمال والنسيان "في أغرب حادثة تصيب أسطولنا البحري وتمس بسمعتنا خارج الوطن".