تعد جماعة إنشادن، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لدائرة بلفاع ماسة، بإقليم اشتوكة آيت باها، واحدة من الجماعات السهلية ذات المؤهلات الفريدة في مجالات مختلفة، لاسيما في القطاع الفلاحي، حيث تتمركز بترابها استثمارات كبرى تشمل زراعة الخضر والبواكر وتلفيفها وتصدريها، إلى جانب إحدى كبريات محطات تحلية مياه البحر، فضلا عن المؤهلات الطبيعية، وأبرزها شريط ساحلي ممتد قريب من الطريق الوطنية رقم 1 عبر عدة منافذ. وحولت تلك الاستثمارات في المجال الفلاحي جماعة إنشادن إلى منطقة جذب يد عاملة كثيفة من مختلف أنحاء المغرب، وحتى من عدد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ما جعل منها منطقة استقرار لهذه الفئات، الأمر الذي فرض تحديات أخرى، أبرزها تنامي الطلب على الخدمات الاجتماعية والسكن والبنيات التحتية الأساسية، نتج عنه تشويه للمجال العمراني والبيئي واكتظاظ في المدارس وازدحام على المركز الصحي الوحيد، وتضرر للبنى التحتية. الزائر لدواوير جماعة إنشادن ومراكزها المتواجدة على الطريق الوطنية رقم 1 بين أكادير وتيزنيت سيلحظ أنها غارقة في الفوضى والعشوائية؛ النفايات المنزلية والأزبال تغزو جنبات الطرقات والمسالك، مشكلة مطارح عشوائية تنفث الروائح الكريهة وتجلب الحشرات الضارة والكلاب الضالة، في وقت تحتل شاحنات لجمع النفايات ركنا من الجماعة دون أداء وظيفتها، ناهيك عن احتلال صارخ وغير مسبوق للملك العمومي؛ والنموذج في مركز تن منصور وأربعاء آيت بوالطيب، حيث زحف فاحش على الملك العمومي من طرف المحلات التجارية والباعة الجائلين، لم تسلم منه حتى الطريق الوطنية. محمد نظيف، مستشار جماعي ورئيس اللجنة المكلفة بالتعليم والصحة والفلاحة بالمجلس الجماعي لإنشادن، قال في تصريح لهسبريس إن من بين القضايا الشائكة بهذه الجماعة مشكل النفايات، "الذي يفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى، بفعل تزايد عدد السكان والوافدين بحكم ما تزخر به المنطقة من فرص الشغل، ما يزيد الضغط على الجماعة لإيجاد حل في هذا الخصوص"، وزاد: "سبق أن اقترحنا في المجلس السابق تخصيص شاحنة لكل قبيلة، بحيث نتوفر على ثلاث شاحنات لثلاث قبائل، هي آيت بوالطيب وآيت بكو وإنشادن، ونضع برنامجا لذلك نحدد فيه كيفية تغطية جميع الدواوير، ونأمل أن تتضافر الجهود بين مكونات هذا المجلس الجديد لتحقيق هذا المطلب". ومن جانب آخر، وصلة بالفوضى والعشوائية التي تخدش وجه مراكز الجماعة الممتدة على طول الطريق الوطنية رقم 1، أهمها مركز أربعاء آيت بوالطيب، الذي يحتضن مقرات القيادة، والجماعة، والمركز الصحي، ودار الطالبة، والخزانة الجماعية والسوق اليومي والمجزرة الجماعية، أورد محمد نظيف: "يتطلب منا الأمر أن نبذل قصارى جهدنا كمجلس جماعي للنهوض به إلى أعلى المستويات، وتغيير ملامح العديد من الأمور التي تؤرق بال المواطنين، كتهيئة المجزرة وتقوية الإنارة العمومية والنظافة وغير ذلك". "كما أن للجماعة عددا كبيرا من المؤهلات، منها البحرية وتمركز استثمارات كبرى في مجال الفلاحة، ما يفرض علينا ابتكار أفكار وأساليب للاستفادة من هذا المعطى، الذي يمكننا كمجلس جماعي استثماره في التنمية المحلية أمام التحديات والإكراهات الاجتماعية المرتبطة أساسا بالصحة والتعليم، والعديد من الأهداف التي نأمل تحقيقها طبعا من خلال تضافر الجهود بين مختلف مكونات هذا المجلس، الذي يتوفر على جيل جديد من الكفاءات ممزوجة بذوي التجربة في المجلس السابق. وكلنا أمل للمضي قدما نحو غد أفضل لصالح ساكنة إنشادن كافة". وفي سياق ذي صلة، اعتبر الحسين بسموم، عن الأغلبية المسيرة للمجلس الجماعي لإنشادن، أن "المجلس واع كل الوعي بهذا الجانب، وهو في ظل هذه الولاية الانتدابية بصدد وضع تصور عام لهذا القطاع بإشراك جميع الجمعيات العاملة فيه، بعد تشخيص معمق وجمع المعطيات وإحصاء البؤر، سواء بالمراكز أو الدواوير وأماكن تجمع الساكنة، وهو الآن يملك ثلاث شاحنات مخصصة لهذا الغرض، منها اثنتان ظلتا رهينتين بمرآب الجماعة في الولاية السابقة"، مردفا: "سنعمل على أن تقوم الشاحنتان بهامهما بمعية الشاحنة السابقة بعد تشخيص ووضع إستراتيجية هادفة مع الجمعيات، وعلى امتداد النطاق الجغرافي للجماعة. كما أن الجماعة ستدرس إمكانية توفير الحاويات اللازمة". وأضاف المستشار الجماعي ذاته: "سيعمل المجلس على وضع إستراتيجية بتنسيق مع السلطات والمهنيين بغية تأهيل وتنظيم الأنشطة المهنية بها، والحد من كل ما من شأنه أن يضر بجانبها الجمالي، مع إضفاء نوع من الجمالية والجاذبية عليها. أما المجزرة الجماعية فالمجلس الحالي سيعمل جاهدا على تفعيل كل الآليات اللازمة المادية والبشرية لتحسين خدماتها، حافظا على البيئة والسلامة الصحية للساكنة، في إطار تشاركي مع المهنيين وأصحاب الاختصاص". وختم المتحدث تصريحه لهسبريس بتناول الجانب الاجتماعي والجمعوي بتراب جماعة إنشادن، موضحا أن "المجلس يعرف ويعي جيدا دور النسيج الجمعوي، وسيعمل كل ما في وسعه من أجل دعم الجمعيات النشيطة والجادة وفي مختلف القطاعات والجوانب؛ كما أنه كبادرة أولى سينفتح على المستثمرين، وذلك بإشراكهم في المساهمة في تنمية الجماعة ودعم أنشطة الجمعيات، وكذا الانخراط في كل ما له علاقة بالنهوض بأوضاع الجماعة، خصوصا في مجال النقل المدرسي والتعليم والنفايات". هي إذن جماعة تمتلك من المؤهلات والإمكانيات ما يجعلها تواجه التحديات المختلفة في مجالات التنمية والقطاعات الاجتماعية والتعمير وغيرها، بعد أن جثمت سنوات عجاف على صدور ساكنة إنشادن، وبعد أن حققت جماعات مجاورة طفرة نوعية في المجال التنموي. ويبقى الأمل لدى الساكنة في المجلس الجماعي الحالي من أجل تجاوز كل صراع سياسي انتخابي ضيق سيعمق جراح التأخر التنموي، من أجل البناء الجديد للأفكار والمبادرات وتنزيلها على أرض الواقع، لمجابهة التحديات الكبرى المطروحة والاستجابة للانتظارات.