وفاة طفل إثر سقوطه في مسبح فيلا بطنجة    "ميتا" تمنح مستخدمي "إنستغرام" أدوات تحكم جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الثلوج تغطي الطريق في "آيت تمليل"    حماس المغاربة يرتفع في كأس العرب    دوري الأبطال .. مانشستر سيتي يهزم ريال مدريد في عقر داره    الخليع: رؤية الملك محمد السادس محرك أساسي لتحولات القطاع السككي    تقرير: عجز الخزينة يرتقب أن يبلغ 58.2 مليار درهم ومديونية المغرب تصل إلى 1.1 تريليون درهم في 2025    فاجعة فاس.. بادرة إنسانية لإيواء المتضررين وحزم في تحديد المسؤوليات    مدرب "ليل" يحيط إيغامان بالغموض    "فاجعة فاس" تحيي المطالبة بمحاسبة صارمة وإجراءات وقائية عاجلة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعزو مسؤولية "فاجعة فاس" إلى غياب السكن اللائق وعدم احترام معايير البناء    بلاوي: الشراكة المتميزة لأطراف الاتفاق الرباعي لمكافحة الإرهاب تجسيد مثالي للأسس التي أرستها الإستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب    اليونيسكو يصادق على تسجيل القفطان تراث مغربي على قائمته التمثيلية    اليوم العالمي لحقوق الإنسان يعيد جيل زد إلى شوارع الدار البيضاء    ما تم تداوله بشأن اعتقال أفراد من عائلات "ضحايا أحداث القليعة" غير صحيح (النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط)    المغرب يسجل ارتفاعا قياسيا في واردات الغاز    النيابة العامة: ما تم تداوله بشأن اعتقال أفراد من عائلات "ضحايا أحداث القليعة" غير صحيح    الكاف يوقع اتفاقا مع ONCF لنقل الجماهير ورعاية الكان    مركز يقارب حقوق الإنسان بالمغرب    اليونسكو تُتوّج المغرب: إدراج "القفطان المغربي" تراثاً إنسانياً عالمياً اعترافاً برؤية جلالة الملك وحفظ الهوية    زخات رعدية وتساقطات ثلجية اليوم الأربعاء بعدد من مناطق المملكة (نشرة إنذارية)    ادراج القفطان المغربي ضمن قائمة التراث الثقافي اللامادي لليونسكو    أخرباش: التمثيل الإعلامي العادل للنساء قضية شأن عام وشرط للتقدم الاجتماعي    أطروحة حول ترجمة الأمثال الشعبية الريفية تمنح الباحث نجيب المحراوي لقب دكتور بميزة مشرف جدًا    مشعل يرفض نزع سلاح "حماس" وسلطة غير فلسطينية.. ويتمسك بالانسحاب الكامل    وزيرة الخارجية الفلسطينية تشيد عاليا بالدعم الثابت لجلالة الملك للقضية الفلسطينية    فرنسا توشح بريظ ب"فيلق الشرف"    11 يوماً على انطلاق العرس القاري..المغرب يُظهر جاهزية عالية لاحتضان كان 2025    انعقاد الدورة الأولى للمجلس الوطني للحزب يوم السبت 13 دجنبر 2025    كأس إفريقيا للأمم .. سجل المنتخبات الفائزة باللقب منذ أول نسخة 1957    النيابة العامة تحقق في "فاجعة فاس" .. والسلطات تنبش في التراخيص    السكيتيوي: "مواجهة سوريا لن تكون سهلة.. ونطمح للفوز لمواصلة المشوار في البطولة العربية"    الدار البيضاء .. إفتتاح معرض طفولة الفن للفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني    الشعر يكتب تاريخ الملوك.. قراءة نقدية في كتاب "ملك القلوب-الحسن الثاني" للدكتور مانع سعيد العتيبة    السدراتي يخرج عن صمته ويوضح حقيقة "تمثيل" النشيد الوطني بكأس العرب    مراكز أمنية وسجون تتحول إلى مواقع تصوير بعد إطاحة الأسد    إسرائيل تتجسس على ملايين الهواتف في 150 دولة.. وتحذير عاجل من السلطات المصرية    فرار نصف مليون من منازلهم جراء المواجهات الحدودية بين كمبوديا وتايلاند    برنامج "Art's Factory" يعود لدعم الإبداع الرقمي    لافروف يتهم الدول الأوروبية بالعرقلة    تقرير: 65% من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات في الفصل الرابع من 2025    الذهب يستقر والفضة ترتفع لمستوى قياسي قبيل قرار الفائدة الأمريكية    الدار البيضاء.. إعطاء إنطلاقة النسخة الثانية من برنامج "Art's Factory" الموجه لدعم المواهب الشابة في الصناعات الإبداعية    في خطوة رائدة.. أستراليا أول دولة تحظر استخدام الأطفال دون 16 عاما منصات التواصل الاجتماعي        مجلس المستشارين يوافق بالأغلبية على تعديلات المنظومة الانتخابية    شراكة تجمع "سطاد" ولاس بالماس    مسابقة اختيار أفضل زيت زيتون بطنجة تدخل مرحلة التقييم الحسي    حوار مع شاب مصاب بالهيموفيليا: رحلة معاناة لا تعترف بها القوانين    ضعف حاسة الشم قد يكون مؤشرا مبكرا على أمراض خطيرة    دراسة تكشف فوائد الذهاب للنوم في التوقيت نفسه كل ليلة    علاج تجريبي يزفّ بشرى لمرضى سرطان الدم        الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب: «عصر الإسلاميين الجدد» للدكتور وليد الهوريني
نشر في هوية بريس يوم 10 - 09 - 2015


الخميس 10 شتنبر 2015
المؤلف: د.وليد بن عبدالله الهويريني.
الطبعة: الأولى.
سنة النشر: 1434ه/2013م.
دار النشر: مجلة البيان.
صفحات الكتاب:187.
التيارات الإسلامية الآن تتنوع اتجاهاتها ودوافعها الحركية في بعث النهضة الإسلامية من سباتها، فمِن تباين واضح بين تيار إسلامي أصولي يلتزم بالثوابت العقدية والمُدافعة لأدبيات الاستعمار في بلادنا الإسلامية، ويؤمن بفِكرة الصدام الاستراتيجي كحلٍّ أوحد لحالة العلمَنة الغربية، إلى جانب تيار آخر «حداثي جديد» انطلق من فكرة تكييف المفاهيم الشرعية مع مُقتضيات الواقع المعاش، وانساق إلى محاولة تأويل الديمقراطية في صالح المشروع الإسلامي، هذان التياران على اختلافهما وتباينهما يُكيِّفان أدواتهما لصالح هدف واحد هو: محاولة استعادة الصحوة الإسلامية وإيجاد موطئ قدم لها في خريطة الصراع العالمي المتجدد.
يرى د.وليد الهويريني أن «الإسلاميون الجدد» أو ما يُطلَق عليهم «التنويريون» أو «العقلانيون» هم سلاح «الغرب» القديم الجديد في معركة الأفكار التي تُديرها الولايات المتحدة الأمريكية حاليًّا في العالم الإسلامي؛ فقد أيقنَ الغرب بعد آخر حملة صليبية على بلادنا الإسلامية صعوبة ديمومة مصالِحِهم السياسية والاقتصادية بقوة السلاح، وأن معركته مع العالم الإسلامي لن تَحول دون اختراقه وتركيعه ثقافيًّا، فالقوة العقائدية للإسلام وأهله يشتدُّ أوارها مع وجود المحتل الأجنبي؛ لذا عمد إلى استمالة عملاء له من بني جلدتنا ليُحاربوا عنهم، ومن أجل مصالِحهم وعلوّهم السياسي «حربًا بالوكالة»؛ حيث صارت المعركة مع العالم الإسلامي (معركة أفكار) في المقام الأول؛ ليتفرغ الغرب بعدها لوضع ما يراه من رؤى «شبه إسلامية» مُتصالِحة مع السيادة الغربية والتبعية الدائمة لدائرة العبث والغثائية التي يَسبح في فلكها العالم الإسلامي منذ بداية القرن التاسع عشر.
يقول الكاتب:
«لقد أدرك سدنة الحضارة الغربية للمرة الأولى منذ رحيل الاستعمار أن الاستبداد والنخب العلمانية المتطرِّفة لم تعد جديرةً بتأمين مصالِحه السياسية والاقتصادية وبقاء هيمنته الثقافية والحضارية، وأن الطريق لاستدامة تلك الهيمنة يُمكن تحقيقه عبر نخب فكرية مُتصالِحة -فيما يظنون- مع الحالة الإسلامية أو نخب فكرية إسلامية أنتج شعورها بالانسداد السياسي تبنيًا للقيم الليبرالية عبر تأويلات محدثة، وهذا الأمر لم يتمكَّن البعض من رؤيته بسبب وهج الثورات العربية ونسائم الحرية التي دلفت على أمة عانت لقرن من ظلمة الاستبداد وقيود التبعية».
جاءت دراسة الكاتب في ثلاثة فصول، قسم كل فصل إلى عدة مباحث داخلية تبحث حول ظاهرة «الإسلاميين الجدد» ومدى تأثيرها في تحويل دفة الصراع الغربي-الإسلامي إلى صراع داخلي تناحُري يهدف في النهاية إلى خدمة «السيد الأبيض»، والاستمرار في تثبيت دعائم الهيمنة الغربية.
الإسلاميون الجدد.. الخيار الأفضل:
جاء الفصل الأول بعنوان «الإسلاميون الجدد.. قراءة في الظروف المهيئة لتَسيُّدهم المشهد الفكري والسياسي» ليؤكد من خلاله «الهويريني» أن الغرب يدرك جيدًا أن الثقافة الإسلامية تفسِّر -إلى حد كبير- فشل فكرة الديمقراطية والليبرالية وتعارضها مع الأصولية الإسلامية، فبالنسبة للغرب الدولة القومية هي قمة الولاء السياسي، بينما في العالم الإسلامي يرى المسلمون أن فكرة الدولة القومية قد تتعارض في بعض أيديولوجياتها مع فكرة الحاكمية لله، وأولوية تحقيق مصالح الأمة الإسلامية ككل، وهذا ما أكد عليه صمويل هنتجتون وفوكاياما وبرنارد لويس وغيرهم من منظِّري الغرب.
بل إن لويس يصرِّح قائلاً: إن الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضِع شك، وهو ما حدا بلويس وهنتجتون من منظري الغرب بالإشارة إلى مصطلح «صدام الحضارات» وضرورة ضرب الإسلام في أهمِّ أفكاره وعقر داره عن طريق تفتيت الدول الإسلامية إلى مجموعة من الدويلات المذهبية والعِرقية والطائفية، مع تصدير مشروع «الشرق الأوسط الكبير» (الجديد)؛ ليتمكن من خلاله من إعادة هيكلة المنطقة من خلال إدماج وتطبيع دولة الصهاينة في المنطقة لتكون خَنجرًا مؤرقًا في ظهر الأمة الإسلامية
وكان لا بد لهذا المشروع من منظّرين له ومدافعين عن أهم أدبياته، التي تتضمَّن تقبُّل النموذج الليبرالي في المنطقة عبر الديمقراطية الغربية مع تهيئة المنطقة للعولمة؛ بحيث تتحقَّق للغرب الهيمنة السياسية والفكرية والاقتصادية على العالم الإسلامي، وهو ما يشير إليه الكاتب بقوله: «من هنا تفتَّقت الذهنية الغربية عن خيار جديد وهو خيار (الإسلاميون الجدد) أو (الإسلام المعتدل)، والذي يقدم القيم الليبرالية في وعاء إسلامي، فهؤلاء هم الأقدر على حل إشكالية الاستبداد وتخفيف احتقان الشعوب، وتوجيه مشاعرها واهتماماتها لشؤونهم المعيشية والداخلية (القُطرية)، وفي الوقت نفسه سيَسمح الإسلاميون الجدد بنشر القيم الليبرالية عبر بوابة الديمقراطية الغربية»؛ (ص:38، 39).
يقول الكاتب:
«عندما نؤكد أن الاستراتيجية الغربية الجديدة أصبحت تُعوِّل على خيار الإسلاميين الجدد، فهذا لا يعني أنهم خيار غربي نهائي لا رجعة فيه، بل هم أداة وظيفية يُراد من خلالها نشر القيم الديمقراطية الليبرالية في أوساط الشعوب الإسلامية، مع تأمينهم بوصفِهم حلفاء جددًا للمصالح الغربية في ظل حكومات رخوة ضعيفة، وهذا ما يَعتبره الغرب تجفيفًا للمنبع العقائدي للتطرف والإرهاب، وإذا فشل الإسلاميون الجدد سياسيًّا فلا مانع من التخلُّص منهم، وإعادة دفة القيادة للنخبة الليبرالية إذا انتخبتْها الشعوب ديمقراطيًّا، بعد أن تكون ملَّت وسئمت من فشل الإسلاميين في تغيير أوضاعهم الاقتصادية والسياسية»؛ (ص:41).
وأشار الكاتب أن صناعة «إسلام مُعتدل» بمواصفات فكرية محددة تم الترويج له من خلال إنشاء عدة مؤسَّسات بحثية ومراكز دراسات غربية تم زرعها في المنطقة العربية، وعلى رأس هذه المؤسسات: مؤسَّسة راند، والتي تعاونت مع شخصيات أمريكية سياسية وفكرية من العيار الثقيل كهنري كيسنجر ودونالد رامسفيلد وكوندليزا رايس وفرانسيس فوكاياما، وتعمد هذه المؤسسات البحثية إلى التعاون مع ثلاثة قطاعات لتنفيذ أفكارها وخطتها العامة:
1- العلمانيون.
2- المسلمون الليبراليون ذوو الخلفية الدينية التي تدعو إلى التعدُّدية والديمقراطية.
3- المعتدلون التقليديون (الصوفية).
حيث تعمد إلى توفير مصادر تمويل لهذه القطاعات، والتي تُمكِّنهم من نشر أفكارهم وحصد أنصار لهم داخل المجتمعات الإسلامية، وتوفير الدعم السياسي من خلال الضغط على الحكومات السُّلطوية للسماح لهم بالدخول في التجربة السياسية وتنفيذ برامجهم بحُرية دون قيود، وهذا ما يفسِّر الجرأة الاستثنائية التي يَحظى بها إصلاحيُّون ليبراليون وديمقراطيون في انتقادهم السلطات وسط دعم غربي.
وتؤكِّد تلك المؤسسات الغربية أن «الإسلاميين يُمثِّلون البديل المحتمل للنظم الشمولية في العالم الإسلامي خصوصًا في العالم العربي، كما أن هؤلاء الإسلاميين الأكثر قدرة على مواجهة الخطر الراديكالي الذي يُمارس العنف، وهم أقدر على ذلك من رجال الدين التقليديين»؛ (ص:64،65).
لعبة الديمقراطية:
تناول الفصل الثاني بعنوان: «الإسلاميون الجدد.. بين مجهر الراصدين وطموح الثائرين» رصد لتنامي ظاهرة «الإسلام الليبرالي» وبروز تيار الوسطية الإسلامية خلال ربع القرن الأخير؛ حيث كان من أوائل المنادين بالمدرسة الإصلاحية الإسلامية الشيخ جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، عندما استغلَّهم المستعمر الإنجليزي كجسر عبور لهدف ضرب الخلافة العثمانية، ويلتمس الكاتب حسْنَ الظن في نية رواد تلك المدرسة الإصلاحية؛ حيث يرى أن هؤلاء الأشياخ لم يتوقَّعوا أبدًا أن تَعاونهم مع المستعمر كان وسيلةً لهدف خبيث؛ بل يدخل في دائرة المباح لتحسين أوضاع البلاد العربية المتخلفة وقتذاك، ولم يكن محمد عبده علمانيًّا بأي حال من الأحوال، ولكن أفكاره كانت تمثِّل -بلا شك- حلقة وصل بين العلمانية والعالم الإسلامي، ومن ثم صارت جسرًا عبر عليه الاستعمار إلى علمانية التعليم والتوجيه في العالم الإسلامي.
يروي محمد المويلحي في روايته «حديث عيسى بن هشام» على لسان أحد أبطال الرواية الذي يتساءل متعجبًا: «كيف ساغ للمصريين أن يأخذوا بقانون نابليون المخالف للشريعة؟! فيجيبه آخر بأن المفتي أقسم بالله أنه موافق للشريعة!».
وفي مطلع العالم الحديث استُدرج الإسلاميون إلى نفس الخطة الخبيثة بقبولهم الدخول والتوافُق مع أصول اللعبة الديمقراطية الغربية، وكان دخولهم في البداية دخولاً مصلحيًّا، لا يَصبغ الصبغة الشرعية على القوانين الوضعية المستمدَّة من القوانين الأجنبية، ولكنه يُشارك من باب تقليل المفاسد وتحقيق المصالح.
ويلاحظ الكاتب في سخرية أن العلمانيين يُكثرون من اتهام الإسلاميين بأنهم سيَنقلبون على الديمقراطية مع أن التاريخ العربي المعاصر حافل بالانقلابات العلمانية على الديمقراطية.
ويرى الكاتب أن المدرسة التوفيقية التنويرية رغم أخطائها وخللها في المواءمة بين المفاهيم الغربية الليبرالية والمفاهيم الشرعية فإنها تُعذَر لسابق جهودها المشكورة في الدفاع عن الهوية الإسلامية والرد على الملاحِدة والعلمانيين!
وتعاني الحركات الإسلامية بقسمَيها -الأصولي والتنويري- من خطر التوظيف السياسي، ويرى الكاتب أن بعض الحركات الإسلامية تُستدرَج أحيانًا لخطر العمالة والتوظيف السياسي نتيجة قلة الخبرة السياسية، ولتضخُّم المقاصد الدنيوية على حساب التصور الإسلامي، إلى جانب بعض البراجماتية التي يتَّسم بها بعض الإسلاميين من باب التفسير الخاطئ لفقه المصالح والمفاسد، إلى جانب الخلل في منهجية الاستيعاب لباقي التيارات الأخرى لدى بعض الحركات الإسلامية، وفي بعض الأحيان تتقاطَع مصالِحها مع مصالح المشروع الغربي كما حدث في تجربة المُجاهدين العرب بأفغانستان عندما أزاحوا السوفييت ليصطدموا من بعدها بالولايات المتحدة الأمريكية صديق الأمس!
ويرى الكاتب أن الحركات (التنويرية) الإسلامية يُمكن مُحاربة مردودها السلبي عن طريق فقه الواقع، وإبراز الخطاب الإسلامي الذي يعالج إشكاليات الواقع ويلبّي احتياجات الناس السياسية والاقتصادية والثقافية، وهذا يستلزم التمايز عن بعض الخطابات المحسوبة على الحالة الإسلامية التي غالبًا ما تُوظَّف لترسيخ الاستبداد والفساد؛ (ص:134).
ولا يرى الكاتب تعميم الحكم القائل بتخوين الإسلاميين الجدد أو الحركات (التنويرية) الإسلامية لا سيما الجيل القديم، فالقول الجازم بأنهم عملاء جدد للغرب قول ظالم كما يُنبِّه الكاتب، بل يرى أنهم قد وقعوا في مداراة وتفاهُمات خاطئة، سواء كان ذلك مع القوى الدولية أو الإقليمية أو التيارات العلمانية!
الإسلاميون الجدد.. في أتون المعركة:
جاء الفصل الثالث تحت عنوان «أبعاد المعركة الفكرية في حقبة الثورات العربية» للتساؤل حول مستقبل الحركات الإسلامية ككل بعد الربيع العربي، فالحركات الإسلامية في مأزق كبير بالفعل بعد الثورات العربية؛ خاصةً بعد تصدُّرها للمشهد الفكري السياسي في تلك الدول، فواقع الحال الآن أن التيارات الإسلامية مضطرة أن تُطمئن الغرب الراعي الأكبر الذي يراقب عن بعد التزام تلك الحركات بالقوانين الدولية التي وضعتها، وأن تُعطي النخب وباقي الأطياف السياسية العلمانية والأقليات الطائفية ما يُرضيها ويُسكتها من كعكة السلطة، إلى جانب أنها مطالبة بتغيير الواقع للأفضل وإيجاد صورة مادية على أرض الواقع لإرضاء الجماهير التي رضيَتْ بهم عن اقتناع مشوب بالرغبة في التغيير والبناء، ويُخشى من حشر المزيد من المفاهيم العلمانية والتنازلات في المفاهيم الإسلامية الأصولية الباقية لتلك الحركات التنويرية التي ارتضَت بالديمقراطية والانتخابات كوسيلة لهدفها، وليسَت غاية تؤمن بها.
فهل سيصمد (الإسلاميون الجدد) في هذه المعركة، ويَحتفظون بما تبقى من أصوليتهم والشعارات الدينية التي ما زالوا ينادون بها ولو بتأويل؟ أم سيقودهم هذا إلى مزيد من التنازلات وفقْد ماء الوجه؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.