ورزازات.. أزيد من 330 مليون درهم لإعادة تأهيل المناطق المتضررة جراء الفيضانات    تكريم القاضي محمد رضوان بتطوان بعد انتخابه رئيسًا للمجموعة الإفريقية للقضاة    مُذكِّرات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مغرب الحضارة: *التفاهة واليأس كلفتهما كبيرة ومدمرة* *وجب الحذر من الطابور*    المرض النفسي كأداة لنزع الشرعية في الخطاب السياسي: قراءة في ضوء علم النفس الاجتماعي في السياق المغربي    المغرب يشارك بلندن في الاحتفال بيوم إفريقيا    السعودية تعتزم طرح إدارة الملاعب الكبرى للقطاع الخاص    بطولة ايطاليا.. ميلان ينفصل عن مدربه كونسيساو    على هامش افتتاح معرض "العمران إكسبو".. أزيد 51 ألف شخص استفادوا من دعم السكن من أصل 136 ألف طلب (فيديو)    كيوسك الجمعة | البنك الإفريقي للتنمية يشيد بالنجاح الذي حققه المغرب في صناعة السيارات    كومادير ترد على تقرير المجلس الاقتصادي: دعم الفلاحين الصغار بلغ 52 مليار درهم    مونديال أقل من 20 سنة.. المغرب في المجموعة الثالثة رفقة البرازيل واسبانيا والمكسيك    توقعات أحوال الطقس ليوم الجمعة    أجواء حارة في توقعات طقس الجمعة    شنغهاي: معرض الصين الدولي ي حدد اتجاهات جديدة في السياحة العالمية    "الأشبال" في مجموعة صعبة بالمونديال    السميرس: الحوامض فَقَدَ 40 ألف هكتار.. والوسطاء يُضرّون بالمنتِج والمستهلك    تطورات حادثة البرانص 2 بطنجة: وفاة أحد الشابين المصابين متأثرًا بجروح بليغة    اعتقال عشريني متهم بتسريب امتحانات البكالوريا عبر الواتساب    تنظيم الدولة الإسلامية يعلن مسؤوليته عن "أول هجوم" يستهدف القوات الحكومية السورية الجديدة منذ سقوط الأسد    رئيس "كومادير" يؤكد استفادة الفلاحين الصغار من دعم عمومي إجمالي بلغ 52 مليار درهم    سيدي ولد التاه على رأس البنك الإفريقي للتنمية: موريتانيا تقتنص لحظة تاريخية في قلب إفريقيا    تفاصيل الإيقاع بمتورطين في عمليات الغش بامتحانات الباكالوريا    تحقيق ألماني يكشف: مرتزقة البوليساريو قاتلوا في سوريا بدعم جزائري–إيراني إبان عهد الأسد    عقوبات تأديبية بسبب شبهة تلاعب في إحدى مباريات البطولة    حماس "ترفض" مقترح أمريكا للهدنة    الرباط تحتضن أول مكتب إفريقي للأمم المتحدة للسياحة للابتكار    جريدة "العلم" تجري حواراً حصرياً مع وزير الخارجية المصري    المغرب- إسبانيا.. توقيع بروتوكولات اتفاق لأربعة مشاريع كاتالونية باستثمار إجمالي قدره 500 مليون درهم    بينهم 11% من الخصوصي.. نصف مليون تلميذ يجتازون امتحانات البكالوريا    تعيينات جديدة في مناصب عليا    مجلس المنافسة يؤاخذ شركة "غلوفو"    الملك يعزي أسرة الفنانة نعيمة بوحمالة    الولايات المتحدة تلغي عقدا ب590 مليون دولار مع موديرنا لتطوير لقاح ضد إنفلونزا الطيور    نشرة إنذارية: موجة حر الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملك    تشابي ألونسو يحسم مستقبل ابن الناظور إبراهيم دياز داخل ريال مدريد    زخات تؤجل منافسات جائزة التبوريدة    "مسناوة" تفتتح فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية"    ما لم يُذبح بعد    مليار مستخدم لأداة الذكاء الاصطناعي "ميتا إي آي" (زوكربيرغ)    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب خلال أبريل 2025    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة بالدار البيضاء    إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأميركية    %10 من سكان غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    إسرائيل تعلن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع برسم سنة 2025    سؤال الأنوار وعوائق التنوير في العالم العربي الإسلامي    جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء    بحضور الرباعي المغربي.. الأهلي يتوج بلقب الدوري المصري للمرة 45 في تاريخه    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    









في إمهال الحكومة وتخفيف المعارضة
نشر في هوية بريس يوم 12 - 11 - 2021

لم ينتبه بعض الاخوة الذين دشنوا مرحلة ما بعد المؤتمر الاستثنائي لحزب العدالة والتنمية بالدعوة الى إمهال الحكومة لكي تلتقط انفاسها، انهم انما يبعثون برسائل خاطئة لم ينتبهوا الى تداعياتها وسوء تاويلها .
وهذه الرسائل الخاطئة هي في الغالب ما يبني عليه خصوم الحزب مزاعمهم في محاولة وسم الحزب بفرية الاجندة الخاصة او بتهمة الازدواجية في الخطاب والممارسة او بالنزوعات الهيمنية التي تتجاوز سقف الديموقراطية.
ان هاته الرسائل الخاطئة الناجمة عن احجام الحزب عن ممارسته لدوره في المعارضة، قد تظهره في صورة من يريد ان يتقمص دور الضامن لاستمرار الحكومة ودور من يملك ان يعطيها الفرصة لالتقاط انفاسها ومن باستطاعته ان ينزعها منها متى شاء وفي الوقت الذي يريد ايا كان الموقع الذي اصبح يحتله انتخابيا في المشهد السياسي والبرلماني، وهو بهذا المنحى يقدم نفسه مسؤولا عن توفير الاجواء لممارسة الحكومة لمهامها وهو المهدد الرئيسي لاستمرارها حتى من غير التوفر على الانصبة الكفيلة بتفعيل ملتمس الرقابة.
وفي المحصلة فان هذا التصور لا يخرج عن الصورة النمطية التي تم ترويجها بعناية عن الحزب باعتباره يشكل تهديدا ما ويتعين التعامل معه على هذا الاساس.
وبدون شك فان مثل هاته الرسائل الخاطئة، لا تخفى تداعياتها وما يمكن ان تمثله من تشويش واضح على خيارات الحزب وعلى منهجه وخطه السياسي، وكذا على مكتسباته في الاندماج المؤسساتي التي ناضل من اجلها لعقود طويلة.
من جهة أخرى فان أخطر رسالة يمكن ان تشوش على الحزب وعلى قناعاته الراسخة بثوابت الاختيار الديموقراطي هي ان تحمل تلكم الدعوة الى التخلي عن معارضة الحكومة بالوسائل الدستورية وبالحقوق والضمانات القانونية، على انها تمثل اتستبطانا لتطلعات مستترة لمعارضة تتجاوز الحكومة التي لا تحكم .
ولذلك فقد سبق للحزب ان اعلن عبر مؤسساته التنفيذية والتقريرية اصطفافه في المعارضة، ولا تملك قيادته اليوم الا ان تجتهد في تنزيل هذا الاستحقاق وان تؤطر باقي هيئات الحزب ومناضليه في مختلف المستويات وممثليه في الهيئات المنتخبة وفي المواقع المجتمعية والمدنية، للقيام بهذا الدور والنهوض بهذه للمسؤولية والاجتهاد من اجل بلورة معارضة فاعلة وقوية في كنف الدستور، والابداع في انتاج أشكال من المعارضة المسؤولة التي تليق بالحزب وبتاريخه ومكانته، يتم فيها التوظيف الذكي للمعارف والخبرات التي راكمها في ممارسته للشأن العام سواء داخل المعارضة لثلاث ولايات او في الحكومة لولايتين .
والمعارضة، في المحصلة ليست سوى تنبيها للحكومة لتدارك النقائص والاختلالات التي يمكن الوقوف عليها ورصدها انطلاقا من الزوايا التي يستعصي على الحكومة ان تنظر بها الى الشأن العام، او يتعذر عليها ذلك من موقع اكراهاتها وتموقعاتها وتعاقداتها المتنوعة التي يتوجب عليها فيها ان توازن بين المصالح المتعارضة والتطلعات المتقاطعة لمختلف الفاعلين.
ان جوهر المعارضة في النهاية هو الانحياز الى المواطنين والى الفئات الضعيفة منهم في المقام الاول، وهي مناصر الارادة الشعبية على الدوام في تحرر من الاكراهات والتوازنات التي تطوق الحكومات في العادة.
ولهذا الاعتبار، فان القيام بوظيفة المعارضة بكل القوة اللازمة والكفاءة المطلوبة هو من صميم الوفاء للاختيار الديموقراطي وهو انخراط فاعل في تفعيل سمو الارادة الشعبية، وهو كذلك تواضع جم امام ارادة الناخبين وامام المقتضيات الدستورية.
والمعارضة القوية والفاعلة هي بمعنى من المعاني مساهمة في انجاح السياسة بوصفها خدمة عمومية وتطوع للدفاع عن المصلحة العمومية وذلك من الموقع وعبر الاليات التي اتاحها الدستور الذي قعد للممارسة الحكومة والمعارضة على السواء وجعلهما معا من المؤسسات الدستورية التي لا يكتمل الاختيار الديموقراطي الا بهما معا، ومن هذه القواعد ان جعل انجاح الحكومة مهمة رئيسية لاغلبيتها واعتبر كشف نقائص الحكومة والاستدراك عليها وحتى اسقاطها والحلول محلها ان توفرت شروط ذلك من صميم ومهام المعارضات في كل الديموقراطيات ومن صميم الممارسة الديموقراطية.
وعلى هذا الاساس وفر الدستور عدة حقوق وضمانات من اجل ممارسة معارضة قوية نرا لما لها من مزايا وفضائل اهمها انها تدفع الحكومة الى اليقظة الدائمة وتسهم في الرفع من تنافسية الفاعلين والمكونات السياسية في الاغلبية والمعارضة، والاهم من كل ذلك هو انها ترفع من جاذبية ومصداقية المؤسسات بغض النظر عن ما يلاحقها نزاهتها من ملاحظات يكون الفيصل فيها القضاء او للراي العام. كما ان من صميم مهام المعارضة ان تكون صوت الشارع داخل المؤسسات وترجمان لمطالبه داخل هذه المؤسسات التي يتعين ان تظل الحاضن الرئيسي للنقاش العمومي وللفعل السياسي، والا فان اي تقصير او تهاون او تراخ في ممارسة المعارضة بأطرها ومتطلباتها وبالكفاءة اللازمة لها سيؤدي الى الفراغ ويترك المجال للشارع ومغامراته ويخلي الجو للهامش واحتجاجاته .
ان حزب العدالة والتنمية بما لديه من خبرات وما يحظى به من مكانة يبقى مؤهلا بامتياز لابداع معارضة بنكهة خاصة تليق بدستور 2011 وترفع الفعل المؤسساتي المعارض الى مكانة لا تقل اهمية عن موقع التسيير والتدبير، وتقطع مع حالة التهافت على المسؤولية والمناصب حتى ممن وضعهم التصويت الشعبي في مواقع المعارضة.
ان المعارضة المطلوبة فضلا عن باقي ابعادها في حق الاعتراض والاحتجاج والتنبيه، هو ان تعارض باعداد الاقتراحات وبتقديم البدائل المنافسة في السياسات والبرامج الموازية، وهو ما يتاتى بالارتقاء بالمعارضة الى تشكيل "حكومة الظل" وعبر وزراء ظل يكلف بها مناضلون ينتجون التقارير والبرامج البديلة تشخيصا واقتراحا، خاصة في ظل ما يتمتع به اطر الحزب ومعهم اطر بعض الاحزاب الاخرى المصطفة في المعارضة من دراية ومراس واطلاع على المعطيات اكثر من بعض الاشخاص حديثي العهد بالمسؤولية الحكومية.
وهذا النوع من المعارضة يمكنه ان ينقل العمل السياسي من الهواية الى الاحتراف ويمكنه كذلك ان يعيد يسهم في هيكلة المشهد السياسي على أساس الاختيارات والبرامج والبدائل ويمنع من العودة الى التهيكل على اساس الاشخاص والاعيان والاموال.
وفي الختام فان معارضة من هذا النوع لا تعد بدعة حديدة في الممارسة السياسية، وانما هي درجة من درجات السمو والرقي الذي بلغته الممارسة السياسية في الديموقراطيات العريقة كما هو الشان في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والمانيا وغيرها كثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.