إن لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعترته مكانة رفيعة، وجبت حقا على جميع المسلمين، فهم يستحقون منا الحب والاحترام والتقدير، وأن هذا السلوك من صريح الإيمان والتصديق بكتاب الله عز وجل: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، قال سعيد بن جبير كما عند الطبري في تفسيره: أي قُربى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا القول فالمراد بالآية أن تودوا قرابته عليه الصلاة والسلام وتحسنوا إليهم وتبروهم. ومحبة آل البيت من أعظم الوصايا التي أوصى بها الحبيب عليه الصلاة والسلام، ففي صحيح مسلم من حديث زيد بن الأرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَمَّا بَعْدُ؛ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ؛ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ"، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي". فذكر صلى الله عليه وسلم أهل بيته ثلاث مرات مؤكدا بذلك عظم وصيته. ولهذا، كان من عقيدة أهل السنة والجماعة الراسخة محبة آل البيت وتقديرهم، وقد مثل أبو بكر الصديق نموذجا من النماذج الحسنة في هذا الأمر، فقد روى البخاري في الصحيح أن أبا بكر الصديق قال: "ارقبوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ بَيْتِهِ". وقال كذلك رضي الله عنه: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي". قال ذلك بعدما شهد له ابن عم الرسول وصهره أبو تراب علي بن أبي طالب بقوله : "إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ" كما في صحيح البخاري. هذا، ومن الترجمة العملية لحب آل بيت رسول صلى الله عليه وسلم في وقتنا المعاصر هو الدعاء لهم، وذكر مناقبهم وخصالهم الطيبة، وعقد الندوات والمحاضرات لبيان ذلك، وخدمة من هو من آل البيت بالمعروف، وإكرامهم بالهدايا والتودد إليهم بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة، فالصدقة محرمة عليه وعلى آل بيته… كما يكون الحديث عنهم ومعهم باحترام وباختيار طيب الكلام. وإذا وجد فيهم من ساءت طريقته في الدين وخالف هدي جده المصطفى صلى الله عليه وسلم فينبغي أن ينصح سرا ما أمكن ذلك سبيلا، وإذا تعذر ذلك وكان لابد من الحديث في ذلك علنا فليكن بألطف أسلوب نظرا لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحبهم عبادة مشروعة والغلو فيهم بدعة ممنوعة. ومن كان منهم محسنا عالما أو فاضلا فليلتمس منهم صالح الدعاء، ويكون في ذلك مقدما على غيره من الفضلاء، كما كان يفعل عمر بن الخطاب -وهو خليفة للمسلمين- بعم الرسول العباس رضي الله عنه؛ فقد كان يقدمه ليؤم الناس في صلاة الاستسقاء على سائر من كان من الصحابة. حب آل بيت الرسول عقيدة راسخة في قلوب المؤمنين صدقا، يجب أن نحييها فيما بيننا ، فهي وصية الحبيب عليه الصلاة والسلام: "أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي". وأنا بدوري أذكركم أحبتي وأصدقائي وإخواني بوصيته صلى الله عليه وسلم. فاللهم اشهد أنا نحب آل بيت عبدك ورسولك، ونتقرب بذلك إليك.