الجيش الملكي يبدأ موسمه بانتصار على اتحاد يعقوب المنصور    أمين حارث يواصل مشواره الأوروبي مع باشاك شهير التركي    منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين: نتانياهو "عقبة" أمام إنهاء حرب غزة    انفجار في مطعم يخلف 25 جريحا بمدريد        "السكك الحديدية": موسم صيفي ناجح    "عكاشة": ترويج فيديو يعود إلى 2012    الخطاب السياسي المارق..    بنكيران في قلب عاصفة جديدة بعد تقرير عن إخفاء 30 رأسا من الغنم    توقيف شاب بالقنيطرة بعد ظهوره في فيديوهات سياقة استعراضية تهدد سلامة المواطنين    قضية خيانة زوجية.. محكمة تستبدل الحبس ب 180 ساعة خدمة للمجتمع    مدرب جزر القمر يتحدث عن مواجهة فريقه المرتقبة ضد المغرب    آلاف النازحين من غزة مع استمرار الهجمات الإسرائيلية وتدمير المباني                آلية جديدة لمراقبة مواظبة التلاميذ والأساتذة مع بداية السنة الدراسية    ميناء الناظور .. انخفاض ب10 في المائة للكميات المفرغة من منتجات الصيد البحري    قانون جديد يعيد تنظيم مهنة المفوضين القضائيين بالمغرب    حياة الكلاب..حياة الماعز    المطبخ المغربي يتألق في القرية الدولية لفنون الطهي بباريس    منظمة الصحة العالمية تسجل ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بالكوليرا    دراسة : التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري    كأس ديفيز.. المغرب يتقدم على جنوب إفريقيا بنتيجة(2-0)    "باراماونت" تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة مؤسسات سينمائية إسرائيلية    بنهاشم: الوداد سيواجه اتحاد يعقوب المنصور دون تغييرات كبيرة    ابن الحسيمة الباحث عبد الجليل حمدي ينال شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية    بنكيران: اشعر بخطر قصف اسرائيل لمقر حزبنا.. وعدم حماية الأنظمة العربية لمواطنيها يعني نهاية "البيعة"    مجلس حقوق الإنسان.. منظمات غير حكومية تحذر من استمرار العبودية في مخيمات تندوف    المغرب يستقبل 723 حافلة صينية استعدادًا لكأس أمم إفريقيا    توقعات بارتفاع انتاج الزيتون وانخفاض أسعار الزيت    شفشاون.. البحرية المغربية تنتشل جثة شخص قبالة شاطئ الجبهة    ارتفاع حالات الكوليرا حول العالم    كأس إفريقيا للأمم 'المغرب 2025': الكاف ولجنة التنظيم المحلية يحددان موعد انطلاق بيع تذاكر المباريات    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك مستاءة من الاختلالات في العلاقة التعاقدية بين الأبناك والمستهلكين    رئيس مجلس النواب يجري بهلسنكي مباحثات مع مسؤولين فنلنديين    ازدواجية الجزائر تتكشف.. تصويت نيويورك يكذب خطابها عن فلسطين: صوتت على قرار يطالب بإنهاء حكم حماس لغزة وتسليم أسلحتها            العثماني: تصريحات أخنوش تضمنت "معلومات خاطئة"    "العدالة والتنمية" يتهم رئاسة مجلس جماعة سلا بالتحايل في ملف "التعاونية القرائية"        أمريكا تؤكد مطابقة المصايد المغربية لمقتضيات القانون الأمريكي الخاص بحماية الثدييات البحرية (MMPA)    زلزال بقوة 7,4 درجات يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    وفد صحفي إيطالي يستكشف مؤهلات الداخلة... الوجهة الصاعدة للاستثمار والتعاون الدولي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    كولومبيا.. جمعية الصحافة والإعلام توشح سفيرة المغرب بأرفع أوسمتها    حجز 260 وحدة من الشهب الاصطناعية المحظورة    كيوسك السبت | إحداث لجنة مشتركة لتتبع توفير الكتاب المدرسي في نقاط البيع            إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة إلى الشباب: حرمة الدماء
نشر في هوية بريس يوم 28 - 08 - 2017


عبد القادر الصالحي (داعية بهولندا) – هوية بريس
أيها الشاب المبارك،
إن ربنا عز وجل خلق الإنسان بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وأنزل له الرسل لتأخذ بيده إلى السعادة في الدنيا والآخرة، ووضع له ربنا جل في علاه شريعة محكمة تحفظ له حقوقه.
وفي مقدمة هذه الحقوق بل وأول هذه الحقوق حق الحياة، فهو حق كبير جليل، ليس من حق أي أحد على وجه الأرض أن ينتهك حرمته أو أن يستبيح حماه.
فليس من حق أحد من الخلق أن يسلب هذه الحياة لأي إنسان يعيش في هذه الحياة كيف شاء وفي الوقت الذي شاء، بل لا يسلب الحياة إلا خالقها وإلا واهبها.
لهذا -أيها الشاب المبارك- قد حرم ديننا الحنيف القتل بغير حق وجعله أبشع كبيرة تأتي مباشرة بعد كبيرة الشرك بالله عز وجل.
قال الحق تبارك وتعالى: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا".
والله تعالى قد حكم -أيها الشاب المبارك- على من قتل نفساً بغير حق بحكم عظيم تقشعر منه الجلود المؤمنة وتخشع له القلوب الموقنة فقال سبحانه وتعالى: "..مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا" سورة المائدة.
واعلم أن الله تعالى كما حرم دماء المسلمين، وأعراضهم، وأموالهم، كذلك حرم سبحانه وتعالى دماء غير المسلمين، سواء في بلدانهم أو سواء كانوا من المعاهدين، والذميين، والمستأمنين، وكذلك حرم الاعتداء على أعراضهم وأموالهم، وعلى معابدهم وكنائسهم.
وهذا التحريم جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة الصريحة.
لذلك يقول سبحانه وتعالى: "ومن قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"، فأعرني سمعك وقلبك، ولنتمعن في هذه الآية جيداً فهي لم تتحدث عن مذهب أودين أو قوم دون قوم، بل تتحدث عن النفس البشرية أياً كان لونها وانتمائها الديني والعرقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عن معنى الآية: أنه من قتل نفساً واحدة وانتهك حرمتها فهو مثل من قتل الناس جميعا، ومن ترك قتل النفس الواحدة وصان حرمتها مخافة من الله فهو كمن أحيا الناس جميعا.
وحرمة الإنسان -أيها الشاب المبارك- تكمن في كونه يشترك معك بالخاصية الإنسانية وإن لم يشترك معك في الدين. فمن خلال تمعننا في الآية تمعنا دقيقا يتبين لنا أن الإسلام قد نظر في هذه الآية الى أسباب الالتقاء بالآخرين لا إلى أسباب الافتراق معهم. فهو إن لم يكن مسلماً يشترك معك في العقيدة فهو إنسان يشترك معك في الصفة الإنسانية. والإنسان بمجموعه مخلوق يستحق منك أن تعامله بكل إنسانية وتسامح واحترام..
روى البخاري والنسائي بسند صحيح أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:" من أَمَّنَ رَجُلا (أي أعطاه الأمان، سواء دخل بلدا مسلما بتأشيرة أو بأي صورة من صور الأمان في الواقع المعاصر، فهو عندنا آمن لا يجوز الاعتداء عليه ولا يجوز قتله) فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال المؤمنُ في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً" رواه البخاري.
وسفك الدم الحرام بغير حق يوقع في الضلال، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: "إن من وَرَطات الأمورِ التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سَفْكَ الدَّم الحرام بغير حلِّه" (رواه البخاري).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم في قتل المعاهد-: "من قتل معاهداً لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" رواه البخاري.
ولعظيم جرم قتل الإنسان وشناعة حرمة الدماء أنها أول ما يقضى فيه يوم القيامة، فعن عبد الله -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأوّلُ ما يقضى بين الناس في الدماء" [رواه النسائي والترمذي وابن ماجه واللفظ للنسائي] ولفظ الترمذي: "إن أول ما يُحكم بين العباد في الدماء" ورواه البخاري بلفظ: "أول ما يقضى بين الناس في الدماء".
وفي لفظ آخر بسند صحيح: "والمقتول ظلماً يجيء بقاتله يوم القيامة ناصيته ورأسُهُ في يده متعلقاً بالقاتل، وأوداجه تَشْخَبُ دماً، يقول: يا ربِّ سل هذا فيما قتلني" [رواه النسائي بألفاظ، وابن ماجه].
أرأيت أيها الشاب المبارك، كيف هي شناعة قتل الأبرياء بغير حق وما جزاء القاتل يوم القيامة!!!؟
فقتل النفس -مسلمة أو غير مسلمة- بغير حق إفساد عظيم في الأرض لا يتوافق وديننا الحنيف، ديننا دين الإصلاح والإعمار والنهى عن كل فساد قل أو كثر، قال تعالى: "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها..." (الأعراف)، وهذه دعوة الأنبياء جميعا قال تعالى عن قوم مدين: "وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها..." سورة الأعراف.
قال ابن عباس -رضى الله عنهما-: "كانت الأرض قبل أن يبعث الله شعيبا رسولا يعمل فيها بالمعاصي وتستحل فيها المحارم، وتسفك فيها الدماء، قال: فذلك فسادها، فلما بعث الله شعيبا ودعاهم إلى الله صلحت الأرض وكل نبي بعث إلى قومه فهو صلاحهم.
هذه هي سماحة الإسلام ودعوته لمن أراد أن يبحث عن الحقيقة، فديننا كله سمو واعتدال ويسر ووسطية لا تطرف ولا غلو، ولا إفراط ولا تفريط، فالإسلام بنصوصه قد سبق غيره من الأنظمة والقوانين في تأكيده حرمة الاعتداء على الإنسان، بل قل كل الموجودات إلا إن وجد السبب الملجئ لذلك، وعلماء المسلمين قديمًا وحديثًا قرروا أنَّ الإرهاب الذي يتمثل في التفجيرات، وسفك الدماء البريئة، وتخريب المنشآت، وإتلاف الأموال المعصومة، وإخافة الناس، والسعي في الأرض بالفساد أمرٌ لا يقرُّه شرع ولا عقل سليم.
أيها الشاب المبارك، اعلم حفظك الله من كل مكروه:
إذا انتشر سفك الدماء وقتل الأبرياء بغير حق، فسوف ينعدم الأمن، وتذهب السكينة، ويفر الأمان، وتزداد المعارك، وتحدث الاشتباكات، وينتشر الحقد، ويستمر الانتقام، وينتشر الظلم، ويزيد الضيق على المسلمين، ولا يشعر الإنسان حينذاك أنه يحيا في ظلال الأمن، ولا يحس بالأمان، ويظل مهددا وخائفا على نفسه وأولاده وأهله، فأي حياة هذه التي ينتشر فيها القتل! وتعم بسبب ذلك الفوضى، ويزداد الانفلات الأمني، ولا يشعر العبد بلذة العبادة، ولا يجد طعما للطاعة، ويكون النوم مزعجا، والطعام زقوما، والشراب والماء أجاجا.
فالأمن هو صمام الاستقرار النفسي والمجتمعي، بل هو عماد كل جهد بشري، وهدف نهائي لكل الحكومات والمجتمعات، بل هو مطلب أساسي لجميع الشعوب والكائنات، بل ما بعث الله محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلا لتحقيق الأمن والسلام والرحمة بين الناس، فقال سبحانه: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" سورة الأنبياء.
فاحذر -أيها الشاب المبارك- أن تلطخ يدك بدم إنسان بريء، فتجني على نفسك الخزي وغضب الرحمن وتكون سببا في نشر الظلم والحقائد والضغائن والمزيد من الضيق على المسلمين، كما تجني على نفسك يوم القيامة حسابا عظيما، بل ويتابعك المقتول يوم الفصل والحساب، وإن كان كافرا، حتى يأخذ حقه منك.
عليكم -أيها الشباب- أن تتحروا الذي ينفعكم، ولا تنخدعوا بالإشاعات، ولا تغتروا بكل معلومة منشورة في الشبكات ووسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة في باب الفتوى والأحكام الشرعية وما يتعلق بالخطاب الديني، فليس كل ما ينشر صوابا، واحذروا من المرئيات والصوتيات التي تضر بكم ولا تنفعكم، وإياكم أن تتلاعب بعواطفكم، والحذر كل الحذر من الذين يوظفون الشعارات البراقة لخداعكم، فليس كل من يدعي نصرة الإسلام فهو ناصره، واجتنبوا التيارات والثقافات التي تهدد قيم اليسر والسماحة والاعتدال، وكونوا حصفاء العقل، واحذروا من لا تعرفون، فلا يصح الوثوق بكل أحد، إذ هناك الصادق والكاذب، والمحسن والمسيء، والصالح والطالح، قال ربنا تبارك وتعالى: "وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور".
فهذه هي أخلاق المسلمين، وتلك هي عقيدتهم، نسأل الله تعالى الهداية لنا ولجميع المسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.