بوانو يتمسك باتهامه لوزير الصحة حول صفقة أدوية ويعرض أرقاما داعمة    "السنبلة" يناقش مذكرة الحكم الذاتي    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المركز 11 عالمياً ويعزّز صدارته قارياً وعربياً    المغرب يهيمن على جوائز الكاف 2025 بعد عام استثنائي للاعبيه ومنتخباته    حرمان وهبي من جائزة يغضب مغاربة    حزب التقدم والاشتراكية يستعد بتطوان لتنظيم لقاء سياسي تواصلي موسع بحضور بنعبد الله    رابع مغربي ينالها... حكيمي يُتوَّج بلقب أفضل لاعب أفريقي لعام 2025    مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء تسعى لتحقيق التمكين الاقتصادي للنزلاء السابقين    معمار النص... نص المعمار    سقط القناعُ عن القناعِ    الحسيمة.. تراجع في مفرغات الصيد الساحلي وسط انهيار حاد في أصناف الأسماك السطحية        امينة بوعياش : العدالة المجالية قضية مركزية في مسار حماية حقوق الإنسان    نتانياهو يتفقد القوات الإسرائيلية المتمركزة في جنوب سوريا ودمشق تندد بزيارة "غير شرعية"        ترخيص استثنائي لكل دواء مفقود .. الوكالة تشرح القواعد وتقرّ بالصعوبات    الإبادة مستمرة... 11 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء        برادة يواجه تصعيدا جديدا يقوده المتطرفون التربويون        لقجع: كان المغرب انطلاقة نحو التظاهرات العالمية والإنجازات بالمغرب لن تتوقف في 2030    الأرصاد: استقرار الطقس نهاية الأسبوع    لقجع: كأس إفريقيا 2025 بداية مسار رياضي سيمتد عبر التاريخ    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    بلادنا ‬تعزز ‬مكانتها ‬كأحد ‬الدول ‬الرائدة ‬إفريقيًا ‬في ‬مجال ‬تحلية ‬المياه    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة لمدينة القصر الكبير

خلال عطلة نهاية الدورة الأولى قاتني الظروف لمعاودة زيارة مدينة القصر الكبير، وكلي حنين لملاقاة مدينة أنجبت فنانين وكتاب وساسة كبار عبر تاريخ المغرب ، وبقدر ما وجدتها كما عهدتها مدينة عامرة ، ذات رواج تجاري تتفوق فيه على عدد من المدن المغربية ، أسواق مكتظة بمختلف السلع القادمة من مختلف بقاع العالم مع هيمنة للسلع الصينية التي تملأ سوق سبتة وسوق الفجر ومختلف الأزقة التي ملأها الفراشة . وجدتها أيضا تحافظ على المظاهر التجارية التقليدية حيث العديد من القرويات ببرانيط القش فوق رؤوسهن يقصدن المدينة على أقدامهن أو على الحمير ويعرضن ما تزخر به القرية المغربية من منتوجات فلاحية (خضر وفواكه ) أو مشتقات الحليب من رايب ولبن وجبن بلدي ، أو مأكولات تقليدية كالرزيزة أو البقولة المطبوخة ....
ومع هذه الحركة التجارية الواضحة يحز في النفس ما أصبحت عليه مدينة القصر الكبير من تراكم للأزبال في الأزقة والدروب ؛ حتى ليتخيل زائرة المدينة أن عمال النظافة في إضراب شبه دائم ؛ مما حدا بأهالي المدينة إلى ابتكار لطريقة تكاد لا توجد إلا في القصر الكبير؛ وهي تعليق أكياس الأزبال في شبابيك ونوافذ المنازل ؛ حرصا على ألا تعبث القطط الشاردة بالأزبال ، وفي كل درب مزبلة عمومية بها الأزبال المكدسة ... ورغم المجهود الذي بدل في تبليط أزقة المدينة القديم لازالت نعظم الشوارع تملؤها الحفر ..
شيء آخر يحز في النفس هو عدم تقدير مسؤولي المدينة لما خلفته الأجيال القديمة ، وسعيهم إلى تخريب جمال مدينتهم بأيديهم ،فالمدينة رغم خصب أراضيها وتوفرها على ظروف مناخية ومائية هائلة ؛ لا تتوفر على أي مجال أخظر أو فضاء للأطفال أو متنفس يمكن أن تخرج إليه الأسر وحتى الفضاء الوحيد (الخرديل) الحديقة العمومية التي كانت تتوسط المدينة ؛ عمل المجلس البلدي الحالي على تخريبها واجتتاث أشجارها ؛ وتخريب نافورتها وتدمير ما كان بها من أزهار و خضرة دائمة وتحويلها إلى ساحة مبلطة مع الاحتفاظ بخمس نخلات بقيت يتيمة معزولة شاهدة على جريمة تدمير فضاء كان متنفسا للأطفال والنساء والأسر ...
ابتعدت قليلا أرثي حال ( الخرديل) لتفاجئني كارثة أخري وتدمير لنافورة تاريخية بنية بشكل هندسي مرتفع ومتعالي مما كان يجعل منها مجال جذب للعائلات والأطفال خاصة بليالي الصيف الساخنة أمام مؤسسة البنك الشعبي وبناء نافورة صغيرة جدا مستوية مع الأرض ....
وحز في نفسي أكثر كون معظم المدن المغربية تعمل في هيكلتها على توسيع الطرق و الممرات لتستوعب التزايد الكبير لعدد السيارات والعربات إلا في هذه المدينة ؛ التي عمل فيها مسؤوليها بسبق إصرار وترصد على تضييق الشوارع عمدا وتوسيع الفضاءات أمام المقاهي بطريقة يستحيل معها وقوف سيارتين متقابلتين في شارع واحد وترك مجال لمرور السيارات ...
وسمعت عن مشروع ممر تحت أرضي ساهم في حل مشكل ربط طرفي المدينة التي تقسمها السكة الحديدية إلى شطرين ؛ بدا المشروع في تصميمه وهندسته مشروعا طموحا ؛ لكن عند المرور فيه يشعر المرء بالخوف و بالاختناق لغياب التهوية ؛ مما يجعل كل مار مجبرا على السعال أو سد انفه لما ينبعث في المكان من روائح كريهة ؛ تزكم الأنوف كما يلاحظ غياب قنوات تصريف المياه الأمطار .....وما أن تجاوزت الممر تحت أرضي حتى فوجئت بعالم آخر يخيل للزائر ان القصر الكبير سوق كبير مفتوح في كل الاتجاهات : في المرينة يباع كل شيء : الخضر إلى جانب السلع المستوردة بجانب الأشياء المستعملة خاصة الملابس والأحدية والتجهيز المنزلي : وهو سوق به مستويات مختلفة في مدخله سوق الفقراء يضن البعض أنهم يبيعون لاشيء منهم من يعرض بطاريات مستهلكة ، ومنهم من يقف على شرائط كاسيط لم تعد مستعملة أو قطع قليلة من الخبز اليابس أو ملابس يستحيي البعض من استعمالها ماسحة للأرجل أو( جفّاف ) يجفف به البلاط .. وفي الوسط تعرض سلع منتوعة أغلب الباعة رجال وفي منهى السوق (سوق الفجر) معظم الباعة نساء و سوقهن منظم مقارنة مع جوانب سوق المرينة يكاد يكون مخصصا لبيع الملابس والمانطات وسلع الشينوا
وأنا أتجول في مقاهي المدينة التي تتناسل بطريقة ملفتة حتى أصبحت تشكل المتنفس الوحيد للذكور من سكان المدينة لفت انتباهي إعلان حول تنظيم ندوة فكرية حول( المشروع الحداثي واقعه ومآلاته) في ذكرى تأبين أحد أبناء المدينة البررة يؤطرها أساتذة كبار يتزعمهم الآستاذ محمد سبيلا استهوتني الفكرة وكيف تم تحويل حفل تأبين إلى حفل ثقافي ، وشعرت بعظمة الفقيد الذي لايزال مؤثرا في المشهد الثقافي حتى بعد وفاته ، في زمن يعجز المثقفون الأحياء عن التأثير في أقرب الناس إليهم ، وفي الندوة اكتشفت وجه آخر لمدينة القصر الكبير شباب متوقد وحماسي ويحمل هم بلاد بكاملها ومتتبع لأحداثها ، فقلت في قرارة نفسي ربما ظلمت هذه المدينة المناضلة ، مادام في المدينة رجال قادرون على إصلاح ما تم تخريبه في هذه القلعة النضالية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.