صرخ التلاميذ ضاحكين على زميل لهم داخل الفصل : واجاااااوب المجتهيييد لم يكن الموسم الدراسي قد انتصف لكن المرحلة تستدعي تكثيف الجهود و الإستعداد لفروض الفصل الأول من السنة . برزت من جملة الغث و اليابس نخبة طرية من الطلاب المتحمسين و الساعيين إلى معالي الرتب في النتائج ، من حملتها كان محمد تلميذا يسعى لنيل الباكلوريا بميزة ، لكنه دون غيره مقدراته لا تسعفه إلا في أن يكون في ذيل المتفوقين و أدناهم . منذ بداية السنة لم يكن من هم له إلا إقناع الأساتذة بجديته و استحقاقه لنقط مرتفعة ، كثرة السؤال بغير علم سمة غالية على من كان مثله في حرمان من الفطنة ، و لعل معظم من تتلمذ على يديهم كانوا يسبغون عليه من عطفهم و إن كان العطف في حينه مذلة خالصة لمن طلبها . لم يتبقى من جملة من أقنعهم بحماسه إلا أستاذ مادة التربية الإسلامية ، ذلك أنه من جيل لم ينل ما ناله بالتملق و زيف القول ، فقد كان من جيل حفظ القرآن بعصى مسومة لا تنال من مكان بين الأضلع إلا و الحمرة تكسوه . تحدث الأستاذ ذات يوم عن مجده في الخوالي قائلا : أنا من الجيل فدشر ديالنا من الأوائل في حفظ القرآن و التتويج … قفز صاحبنا من مكانه في الصف الأول عند قدمي الأستاذ يرجو منه انتباها : فالخريبة ياك أأستاذ ! امتقع وجه الأستاذ من الإحراج ليتجاهل كلامه لثانية قبل أن تدعوه نفسه للإنتقام ممن أحرجه فيرد : و انت ليماك ماشي غير من مليانة ؟! منذ حينه و الوضع غير مستقر بين هذا و ذاك و الأمور تسوء في صمت . لكن صاحبنا و الرغبة الجارفة في نيل العلى لم تستكن كل نقاشاته و أسئلته السخيفة كانت تمر مرور الكرام بين مدرسيه ، و لا حرج من سؤال مادام صاحبه غبي بالفطرة . كان معظمهم مضطرا لتجاهله حتى كان اليوم الموعود الذي غير حياته و وضع لسلسلة قفزاته حدا فاصلا . كانت عند أستاذ التربية الإسلامية حين أمر بتلاوة آية من القرآن ، حتى إذا إنتهى أحدهم من تلاوتها سأل الأستاذ : ماذا يستفاذ من الآية ؟ تطوع عدد لا بأس به من الطلاب فيما البقية نيام كأنهم غير معنيين بالسؤل من بينهم كان محمد ، وجد الأستاذ فرصة سانحة لرد الصاع صاعين لمن تجاوز حده و ذكره بأصله الوضيع ، أشار إليه ، الأستاذ : بلاتي نشوفوا المجتهيد ! قول أبني سكت الجميع و انتظروا ما سيكون منه وقف محمد بكل ثقة تملأ عينيه و تشع بحيوية الشباب أوصاله ثم قال : نستفيذ من الآية محاولة الله … قبل أن يتمها كان جواب الأستاذ جاهزا و قاصما و العيون تترقب نهاية الثأر القديم . الأستاذ : الله مليحاولشي القحبة ديماك ، گلس . جلس و قد صفع من الإجابة ، منذ حينها لقب بالمجتهيد تيمنا و بركة