لم تعد للأعياد نفس البهجة منذ سنوات طويلة فكلما ابتعد الانسان عن أزمنة الطفولة الا وتنقص فرحته بالأعياد وربما للأحداث السياسية التي يشهدها العالم دور في هذا الفتور ففي كثير من الأعياد تقصف مدن ويسقط قتلى وجرحى ونرى صور الأشلاء والدماء مما ينغص علينا فرحنا كما أن تغير بنية المجتمعات وتحولها الى مجتمعات استهلاكية وتفكك الروابط العائلية والأسرية جعل كثيرا من الأشخاص لا يسعدون بقدوم الأعياد .اذا كان هذا حالنا في الأوقات العادية فكيف سيكون حالنا هذه السنة مع استمرار انتشار فيروس كورونا ؟وهل ترك الفيروس أيامنا أياما عادية مطمئنة ليبقي على أعيادنا أعيادا تعمها البهجة ؟ وترعاها الفرحة ؟ كيف ستكتمل فرحتنا بالعيد وكثير من المغاربة لا يجدون ما يسدون به رمق أبنائهم فكيف سيجدون لثمن للأضحية سبيلا ؟ كيف سنبتهج بالعيد والفقراء يلوكون الحرمان ويشاهدون دخان الشواء المتصاعد وتزكم أنوفهم روائح اللحم دون أن يكون لهم نصيب منها ؟ كيف سنبتهج بالعيد وكورونا تتربص بنا في الأسواق والطرقات ووسائل النقل وتحرمنا عناق الأحباب ومصافحة الأصحاب؟ كيف لفرحتنا بالعيد أن تكتمل ومغاربة المهجر محرومون من العودة لوطنهم بعد فرض شروط قاسية مما حرمهم رؤية أهلهم وذويهم وأجلوا العودة حتى اشعار اخر وهم يأملون أن لا يسبقهم ملك الموت لأحبابهم ؟ كيف لفرحتنا بالعيد أن تكتمل واباء قد خاب أملهم في رؤية فلذات أكبادهم وأحفادهم بعد اشتياق مرير ويتمنون أن يكون في العمر بقية لرؤيتهم مرة أخرى ؟ كيف ستكون للعيد بهجة وثمان مدن مغلقة ومواطنوها محرومون من لقاء عائلاتهم بسبب الوباء ؟ كيف ستكتمل فرحة العيد ومحاربو الصفوف الأمامية مازالو مرابطين في ساحة المعركة وسيقضون العيد بعيدا عن أهاليهم ؟ ان عيد الأضحى سنة مؤكدة وقد رفع الإسلام الحرج عن كل من لا يملك المال لشراء الاضحية واذا كنا نحرص على ذبح الخروف كشعيرة مقدسة فان هناك كثيرا من السنن المؤكدة التي ينبغي علينا اتباعها مجانيا وبشكل يومي كصلاة الضحى والوتر وركعتا الفجر التي قال عنها المصطفى عليه أزكى السلام أنها خير من الدنيا وما فيها وفي ارتباط بسنة الرسول الأكرم فاننا مطالبون بالاقتداء بأخلاقه العظيمة التي مدحه الله بها في محكم التنزيل فما أحوجنا في هذه الظروف للصدق والأمانة و الصبر والعمل والايثار والإحسان للجار وما أحوجنا في هذه الأزمة الكورونية لنظافة البدن ونظافة النفس ونظافة الايادي وتعقيمها من النهب والريع وأكل المال العام حتى تتحقق التنمية والعدالة الاجتماعية التي ما فتئ صاحب الجلالة يدعو اليها في كل مناسبة اخرها خطاب العرش ليوم أمس حين قال : ان الهدف من كل المشاريع والمبادرات والإصلاحات التي نقوم بها هو النهوض بالتنمية وتحيق العدالة الاجتماعية والمجالية