المديرية العامة للأمن الوطني تعقد شراكة مع شركات التامين الفرنسية    توقيع اتفاقية لتحديث المنظومة الصناعية لمجموعة رونو بإطلاق مخطط يمتد بين سنتي 2025 و2030    جلسات ماراطونية لمحكامة جيل زيد بكل من طنجة والعرائش والقصر الكبير    إسبانيا.. تفكيك شبكتين للاتجار في الحشيش بتعاون مع المديرية العامة للأمن الوطني    الجيش الإسرائيلي يعلن استئناف تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    اتفاقية استثمارية بين المغرب ومجموعة "رونو" تُحدث 7.500 منصب شغل    مملكة اسواتيني تجدد تأكيد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي باعتباره "الحل الوحيد، الموثوق والجاد والواقعي" للنزاع الإقليمي    السياحة المغربية تلامس أفق 18 مليون سائح... و124 مليار درهم من العملة الصعبة حصاد مرتقب    الرباط تحتصن مباريات الملحق الإفريقي    لامين يامال يشتري قصر بيكيه وشاكيرا    في المائة وتطور الموارد الجبائية في مقدمة الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية4.8تحسن االقتصاد بنسبة    استطلاع: 68% من المغاربة لم يسافروا خلال صيف 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جرائم ‬بيئية ‬ترتكبها ‬معاصر ‬الزيتون ‬تهدد ‬الموارد ‬المائية ‬بالمغرب    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    علماء يكتشفون حياة ميكروبية تحت جليد القطب الشمالي    الدار البيضاء تحتفي بالفلامنكو الأندلسي عبر عرض استثنائي لفرقة باليه الأندلس    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    قيمة شركة "إنفيديا" تقترب من مستوى 5 تريليونات دولار القياسي    تسريب ضخم ل183 مليون حساب Gmail في أكبر خرق بيانات على الإطلاق    إسرائيل ترتكب مجازر مروعة في غزة    محمد بنموسى في لقاء مفتوح حول الوضع السياسي والاقتصادي في المغرب    إسقاط رئيس جماعة مرتيل بعد صدور حكم نهائي بإدانته.. مقابل إلغاء قرار إقالة عضو المجلس محمد أشكور    شباب المحمدية يبسط سيطرته على صدارة القسم الثاني    "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء" يصل محطة طرفاية-العيون    غوارديولا يتطلع إلى عودة مرموش لكامل لياقته    دراسة: المغاربة متسامحون مع المهاجرين لكنهم يفضلون تقليص أعدادهم داخل البلاد    البرلاسين يفتح صفحة جديدة مع الرباط ويجدد دعمه لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء    بعد أن أشعل الجدل.. التويزي: "المقصود هو التلاعب في الوثائق وليس الدقيق"    التويزي يوضّح حقيقة عبارة "طحن الورق" ويؤكد: المقصود هو التلاعب في الفواتير لا خلط الدقيق    الأمن يوقف المتورط في قضية اغتصاب مساعدة محام بالبرنوصي    برشلونة تحتضن المؤتمر الثاني لشباب مغاربة إسبانيا    الساكنة الحقيقية لمخيمات تندوف... عندما تنكشف أكاذيب النظام الجزائري    إعصار "ميليسا" العنيف يضرب جامايكا ويسبب خسائر في الأرواح    صقور الصّهيونية    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    إجراءات الحكومة تساعد على الحفاظ على استقرار أسعار السمك في مستويات معقولة    الجديدة.. تأجيل محاكمة شبكة 'السمسرة والتلاعب بالمزادات العقارية' إلى 4 نونبر المقبل    سقوط عشرات القتلى في قطاع غزة    آفاق واعدة تنتظر طلبة ماستر "المهن القانونية والقضائية والتحولات الاقتصادية والرقمية" بطنجة    "لبؤات U17" يغادرن مونديال الفتيات    لقاء أدبي بالرباط يحتفي برواية «أثر الطير» لثريا ماجدولين    ريال مدريد يعلن خضوع كارفخال لعملية جراحية ناجحة    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية:أضواء على صفحات منسية من تاريخ الحركة الأدبية بالمغرب، من خلال سيرة الشاعر أحمد الزعيمي وديوانه المحقق..    عبد الإله المجدوبي.. العرائشي الذي أعاد للذاكرة دفئها وللمكان روحه    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة الكروية... اقرأوا تقرير المعرفة العربي 2009
نشر في بوابة قصر السوق يوم 23 - 11 - 2009

لا الشعب المصري ولا شقيقه الجزائري يستحقان هذا التأجيج،
وكأن حرباً حقيقية نشبت بين البلدين. مؤسف للغاية أن تنحدر نخب إعلامية وسياسية إلى حفلة الزار المجنونة والمفتعلة بسبب مباراة في الكرة. لقد تحولت الأمر إلى سجال في الكره الأعمى ونبش لأحقاد مدفونة وتضييع لاهتمامات الشعبين ولشعوب الأمة العربية جميعها. نستغرب نحن في المشرق العربي، وكذلك في المغرب، أن تنفجر أزمة بين بلدين حبيبين إلى قلب كل عربي، وتصل إلى حد عقد اجتماعات عليا على مستوى القرار لبحث ردود الفعل على " ما آلت إليه الأوضاع الخطيرة بعد معركة أم درمان".
نحن في البحرين نعرف مرارة الهزيمة الكروية بعدما صدمنا لاعبونا باستهتارهم في مباراة منتخب البحرين مع نيوزلندا، وتحقيق حلم التأهل للمشاركة في المونديال العالمي. وهي مرارة مؤلمة، سيما وأنها المرة الثانية التي تضيع علينا الفرصة المحققة. ولا نلوم المصريين على ذهولهم من الخروج من سباق المونديال. كل هذا مفهوم ومقدّر، ولكن أن تقوم قيامة بلد بتعداد سكانه الثمانين مليون بسبب تصرفات حفنة من المشجعين، وتصوير ذلك على أنها معركة تحديد مصير حربية تستدعي كل هذا التأجيج، فهذا مستوى لا نريده لمصر العظيمة بمواقفها الريادية وثقلها الإقليمي وعراقة تاريخها وحضارتها. مؤسف أن يدخل ساسة وإعلاميون ومشايخ في هذا الردح، بحيث كتب أحد الإعلاميين من نافخي نار الفتنة بأن الجزائر أرسلت في طياراتها الحربية التي شاركت في معركة الخرطوم رجالات الدرك الوطني الأمني بعدما سحبتهم حكومتهم من المواجهة العسكرية مع المسلحين الإسلاميين في الجبال. أي عقلية مريضة يمكن أن تقبل هذا الإفك؟
نفس الأمر حينما تقوم فضائياتنا العربية بتكرار مشهد بعض المشجعين الجزائريين وهم يطلقون الكلام العنيف وبكل تشنج ضد مصر وشعبها ووصفهم بأنهم يهود وصهاينة أكثر من الصهاينة. ألا يعي من بث هذه المشاهد أي جريمة يقترف ضد وعينا وضد كل ما علاقة بأخلاقيات المهنة الإعلامية؟؟ دع عنك بث مشاهد إحراق الأعلام والدوس على صور رموز وطنية في كلا البلدين، إلى آخر هذا التهريج الجماعي الذي يمارس دون مسؤولية، ولا اعتبار لروابط بين شعبين، كلاهما ولا شك أكبر بكثير من هذه السقطات. والنتيجة أنه لم يفز أحد. الفائز في كل الأحوال هي اسرائيل، وقد نام جنودها على آخر راحة وهم يخنقون غزة بالحصار ويهددون الأقصى بالإزالة، ولا عزاء لمساكين غزة المحاصرين من جهة العرب أكثر من جانب الصهاينة.
نكتب هذا الكلام وتقرير المعرفة العربي لعام 2009 يصدر في دبي، ليصدمنا باحصائيات مخجلة عن وضع المعرفة في عالمنا العربي. ويصف التقرير بالأرقام مرحلة التيه التي وصلت إليها دولنا العربية، إلا في إشراقات بسيطة متناثرة، لاتليق بأمة تعدادها أكثر من 300 مليون وتقبع في ذيل ركب الحضارة العالمية.
البلدان إياهما، مصر والجزائر، لم يسجل أي منها أية براءة اختراع. ومعدلات البطالة بين الشباب تصل إلى 70 % في الجزائر و60 % في مصر. "واتلم المتعوس على خايب الرجا" في معدلات رأس المال المعرفي المحصل من خلال التعليم، فبلغت في مصر 71% وفي الجزائر 69% حسب الانتاج المعرفي المقرر في احصائيات مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة الخاصة بالتقرير (بينما حصلت البحرين وليبيا على أعلى معدل بنسبة 82% وأدناها جيبوتي 32%).
هذه المعدلات هي البيئة التي تخرج لنا جماهير فوضوية في الملاعب. وتنتج لنا مثقفين يماثلونهم في المستوى على الانترنت وفي الفضائيات وفي الصحف. وليس هناك داع لاثبات ذلك، اطلعوا إن شئتم على منتديات التحريض والقذف بأبشع الشتائم في كلا البلدين.
الحرب الكروية، إذن ما جاءت من فراغ. بل هي نتيجة طبيعية لفقدان الذاكرة الجماعية لشيئ اسمه "انتماء عربي". ولغز آخر يدعى "مصير مشترك"!! صحيح، أين هذا الشيئ المدعو "جامعة الدول العربية"؟؟
بكل محبة وإخلاص، ندعو مثقفي البلدين وقادة الرأي من العقلاء في البلدين إلى ردم هذه الخناقة المفتعلة. ولا شك بأننا وكل عربي مخلص نشد على أيدي قلة من الكتّاب المحترمين في مصر والجزائر ممن شاهدوا الحريق في بداياته وأطلقوا صيحات النذير من الانزلاق إلى أزمة غير مرغوبة بين البلدين. لكن صيحاتهم ذهبت أدراج إعصار التعصب والتهييج الإعلامي. كما أننا نثق بعقلانية سياسيي البلدين من الحيلولة دون دفع الشارع وتسليمه للغوغاء، كي يتحكموا بمصير ومستقبل جيل لا نريد أن نسلمه واقع مفزع كالذي رسمه لنا تقرير المعرفة العربي لعام 2009. شيئ من الحكمة يا سادة.
نسيج
* أستاذ الإعلام السياسي- جامعة البحرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.