طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التنمية المحلية بين الديمقراطية التمثيلية و الديمقراطية التشاركية

إذا كانت المسالة التنموية عموما هي رهان كل الشعوب و التجمعات السكانية في العالم فان عصبها و عمودها الفقري لا يقاس فقط في الوقت الراهن بتوفر الكم الكبير من الأموال أو التوفر على ثراء كبير في المواد الأولية و مصادر الطاقة سواء منها المستخرجة في باطن الأرض، أو التي فوق الأرض، كما انه لا يقاس بالكم الكبير من العناصر البشرية المتعلمة و المؤهلة تقنيا وإداريا فحسب وإنما هي نسق من العلائق بين كل هذه العناصر و الوسائل كاملة.

إن التنمية كما عرفتها منظمة الأمم المتحدة :"هي استخدام عام للوسائل و اتباع الطرق وتعبئة المجهودات العامة والخاصة ،بغية التوصل إلى رفع المستويات المادية ،و المعنوية للمجتمعات المحلية و القومية ،و جعلها تشارك بفعالية في تنمية أوطانها ".

لقد فتح المغرب باب ورش كبير للتنمية البشرية منذ سنة 2005 الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ويستهدف هذا الورش «... التصدي للعجز الاجتماعي الذي تعرفه الأحياء الحضرية الفقيرة و الجماعات القروية الأشد خصاصة. وذلك بتوسيع استفادتها من المرافق و الخدمات و التجهيزات الاجتماعية الأساسية، من صحة وتعليم، ومحاربة للأمية و توفير للماء و للكهرباء، وللسكن اللائق و شبكات التطهير ، و الطرق ، و بناء المساجد ، ودور الشباب و الثقافة ، و الملاعب الرياضية ...." (1)

إن المسالة التنموية هي نسق ومتتالية من الأنساق المتداخلة فيما بينها، اقتصادية، تهدف إلى تحقيق أهداف النماء و الفعالية الاقتصادية، واجتماعية، تستهدف تلبية الحاجيات الإنسانية و الاستجابة لأهداف الإنصاف و التماسك الاجتماعي بما في ذلك قضايا الولوج إلى الخدمات و المرافق الأساسية و الشغل و الثقافة...وهي كذالك بيئية، ترمي إلى الحفاظ على البيئة و الموارد الطبيعية و تحسينها، و هي بشرية تجعل من الإنسان هو المنطلق و هو الهدف في ذات الوقت، وهي كذلك تنظيمية و قانونية وحقوقية. تستهدف الرفع من المستوى الراهن لأي مجموعة بشرية إلى مستوى أرقى و أعلى و فق إستراتيجية معدة سلفا تحدد نقطة انطلاقها من الآني المعيش وما يحتويه من نقط القوة أو الضعف، نحو أفق يتم فيه الرهان على حل مجموعة من الصعوبات التي يفرزها الواقع الراهن ،وفق آلية شجرة المشاكل ،التي تحدد المشاكل انطلاقا من جذورها و أسبابها و أسباب أسبابها، مرورا على المشكل الحقيقي العام أو ما يعرف، بالمشكل الأساسي ،الناتج عن تلك المشاكل الفرعية ، وصولا إلى تمظهرات المشكل الحقيقي في الواقع المعيش، خلال مجموعة من الظواهر السلبية الناتجة عن المشكل الحقيقي الكبير. إلى جانب شجرة المشاكل لا بد لأي خطة استراتيجيه تنموية ناجحة من وضع شجرة للحلول تتضمن معالجة جذور المشاكل ، مرورا على الحل الكبير للمشكل الكبير المشار إليه سالفا وصولا إلى تمظهرات الحل بحل تمظهرات المشكل الذي هو نتيجة حتمية لحل المشاكل / السبب.

إن أي مقاربة تنموية لا تراعي وضع استراتيجية لها، هي بدون شك مقاربة تنموية عرجاء ، فاشلة، متعثرة ومشوهة بالقوة ، لأنها لا تمتلك خارطة للطريق ولا دليلا ييسر لها سبل النجاح .
ولكن ما هي الضمانة الحقيقية لنجاح أي استراتيجيه تنموية ؟ إن أهم شيء يركز عليه فقهاء التنمية في العالم بأسره بخصوص هذه المسألة ، هو سلسلة من المقاربات بدون توفرها و تناغمها يكون العمل التنموي غير ذي جدوى ، و يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر : المقاربة التشاركية المندمجة التي تستهدف الإشراك العمودي و الأفقي لكافة الفاعلين التنمويين على أي رقعة جغرافية... ، مقاربة النوع الاجتماعي ولا نختزلها هنا في إشراك النساء نصف المجتمع فقط، وإنما كافة الفئات ذات الاحتياجات الخاصة من أطفال و معوقين و أشخاص في وضعية صعبة..... ،المقاربة البيئية التي تحترم شروط التنمية المستدامة من خلال ضمان حسن استغلال الموارد الطبيعية بشكل يضمن للأجيال القادمة حقهم في الموارد الطبيعية ......، المقاربة المجالية الترابية بمفهومها الواسع التي تضمن إشراك كافة الفعاليات والفاعلين داخل المجال الواحد ، سواء منها الفاعلين المدنيين، من جمعيات وتعاونيات وأحزاب ونقابات، أو فاعلين من القطاع الخاص من شركات ومقاولات وغيرها، أو مؤسسات الدولة من جماعات محلية و مصالح خارجية للدولة وغيرها ......

إن أهم شيء يجمع كل هذه المقاربات هو العنصر البشري, فهذه المقاربات كلها تجعل كل الشركاء المجاليين وغيرهم مجتمعين، أو أشتاتا، كل واحد منهم يمكنه المساهمة الفعلية في التنمية المحلية الحقيقية التي تهدف إلى إحداث تغيير حضاري في طريقة التفكير و العمل والحياة عن طريق إثارة وعي البيئة المحلية ،و ذلك بدعوة أعضاء البيئة المحلية إلى التعاون و المشاركة في التفكير و إعداد و تنفيذ المشاريع ضمانا لاستمراريتها، تمكن السكان من تحسين مستواهم المعيشي وفق قرارات يكونون هم المساهمين الفعليين و الحقيقيين في صناعتها .

إن المشرع مواكبة منه للتغيرات و التطورات الاقتصادية والاجتماعية و الحضارية ما فتئ يعزز الترسانة القانونية لكي تكون مواكبة وموائمة لمتطلبات العصر. فالي جانب المؤسسات التمثيلية، التي وضعها لتسيير الشأن المحلي كالجماعات المحلية، مجالس جهوية، أو إقليمية، أو مجالس بلدية، أو قروية و التي تتكون بالإضافة إلى طواقمها الإدارية المختلفة ، موظفين و أعوان... ، من مجالس منتخبة تعبر عن إرادة الناخبين و ترافع من اجل قضاياهم التنموية اذ ".. على المجلس الجماعي بصفته ممثل للسكان أن يتوفر على أداة تخطيط خاصة به ، ترتكز على رؤيا تحدد مستقبل الجماعة وتؤدي بالضرورة إلى برمجة أولويات الجماعة ، ومن ثم تعطي إمكانية الرؤية الواضحة للجماعة وشركائها الاجتماعيين – الاقتصاديين " (2) , فان المشرع قد عزز عملها بمؤسسات أخرى غيرها، اعني بذالك هيئات المجتمع المدني و الهيئات التقليدية المتمثلة في الجماعات السلالية.. ،و مؤسسات القطاع الخاص، و المصالح الخارجية للدولة ،وغيرها من المؤسسات العصرية والتقليدية التي جعلها المشرع إلى جانب الهيات المنتخبة بالجماعات المحلية، في إطار توسيع الفعل التشاركي الديمقراطي المحلي،و أركز هنا بالخصوص على الجماعات الحضرية والقروية، لقربها ووقعها المباشر على السكان.(3)

فمن بين الأشياء الجديدة التي جاء بها الميثاق الجماعي، من اجل تسيير امثل للشأن المحلي المادة 36 التي تنص على أن المجالس المحلية لا بد لها من وضع مخطط جماعي للتنمية ،الذي يعد حسب ما جاء في دليل المنتخب الذي أصدرته المديرية العامة للجماعات المحلية هو" آلية تشاوريه تسعى إلى دفع الفاعلين المحليين إلى تحديد أهدافهم التنموية التي يتطلب تنفيذها تعبئة الموارد المحلية أولا ، ثم موارد الشركاء ثانيا " وهو "تخطيط استراتيجي ، لان الأهداف المسطرة نابعة من القرار السياسي المحلي الذي يتخذ خيارات ذات طبيعة هيكلية ترهن مستقبل الجماعة و تحدد السبل الواجب إتباعها و الوسائل الواجب إعمالها لتحقيق تلك الأهداف .."(4).

إن أهم شيء ينبنني عليه المخطط الجماعي للتنمية هو المقاربة التشاركية التي تهدف إلى إشراك كافة المؤسسات التقليدية والعصرية في رسم إستراتيجية تنموية ناجحة بواسطة التشخيص التشاركي الترابي العميق الذي يؤدي إلى بيان المشاكل الحقيقية التي يعاني منها مجال معين تمكن ذات الفاعلين من رسم استراتيجية للخروج من المشاكل عبر وسائل محددة وحقبة زمنية محددة، و فق رؤية استراتيجية واضحة قابلة لإنتاج مشاريع حقيقية قابلة للنجاح و للحياة .

بالإضافة إلى المادة 36 السالفة الذكر وضع المشرع المادة 14 التي تنص على تكوين اللجان المكلفة بتكافؤ الفرص ، تتكون أساسا من ممثلي المجتمع المدني، فعلى الرغم من أنها آلية تشاوريه اقتراحيه، فإنها تعزز تكافؤ الفرص التنموية داخل الجماعات المحلية بعيدا عن التجاذبات القبلية، و السياسوية الضيقة ،بحيث جعلها المشرع وسيلة لخلق التوازنات التنموية في الجماعات الحضرية والقروية ... . أضف إلى ذلك الدور المهم الذي خوله المشرع إلى اللجان الدائمة بالمجالس، وفق المادة 14 السالفة الذكر، خصوصا اللجنة المكلفة بالتخطيط و الشؤون الاقتصادية ،و التعمير و إعداد التراب و البيئة و الميزانية و المالية ،و اللجنة
المكلفة بالتنمية البشرية و الشؤون الاجتماعية و الثقافية و الرياضية ، إن لهذه اللجان أهمية كبيرة في خلق دينامية، و حركية داخل الجماعات.

أن ثمة إشكالية معقدة تطرح نفسها، وهي مدى تأهل العنصر البشري المنتخب لتسيير الشأن المحلي على العموم وتفعيل هذه اللجان على الخصوص لكي تقوم بدورها الحقيقي الذي أراده المشرع، فمعظم أعضاء المجالس المحلية ، وهذه المسالة ليست مطلقة بالطبع ، أميون أو شبه أميين ، وحتى المتمدرسون منهم أو الحاصلين على الشهادات العليا ناذرا ما يكونون ملمين وعارفين بطرق التسيير، أو طرق وضع استراتيجيات ناجحة تمكنهم من اقتراح مشاريع فعالة و ذات جدوى ،تجعل من الجماعة المحلية قاطرة حقيقية للتنمية ، وهذه المسالة وحدها تحتاج الى نقاش سياسي وطني عميق من لذن كل الشركاء التنمويين .

إن النيات الحسنة وحدها لا تكفي لتدبير وتسيير الشأن المحلي ، فلكل لعبة قواعدها وأسسها، فبعض الجماعات لم تجتمع فيها لجانها الدائمة بالكيفية المطلوبة من اجل وضع استراتيجياتها الآنية أو المستقبلية، وبعضها لم يرفع أي توصية أو مقترحات إلى مجالسها من اجل عرضها للتداول أثناء الدورات ، وهناك من رؤساء المجالس المحلية القروية منها أو الحضرية من توجس وتحفظ على تأسيس لجنة تكافؤ الفرص بجماعته،خشية أن يخلقوا لأنفسهم أجهزة تقترح عليهم أو تلاحظهم من الداخل ... و هذا بالطبع مخالف لروح ما أراده المشرع في المادة 14 من الميثاق الجماعي.

كما أن المشرع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تعزيزا منه لأجهزة الحكامة المحلية الرشيدة قد شرع تأسيس اللجان المحلية للتنمية البشرية فبالإضافة إلى رئيس اللجنة ونائبه فقد جعل ثلثها من المنتخبين خصوص رؤساء مختلف اللجان ،و الثلث الآخر من الموظفين ممثلو المصالح الخارجية للوزارات العاملة داخل الجماعة : الصحة / التعليم /الفلاحة و التنمية القروية /الشباب و الرياضة ..، و الثلث المتبقي من ممثلي النسيج الجمعوي ، بما في ذالك جمعيات النساء و الشباب و تنظيمات المنتجين و المنعشين الاقتصاديين بالجماعة، وتعاونيات ومؤسسات تقليدية من رؤساء الجماعات السلالية وغيرهم .وتمثل اللجنة المحلية للتنمية البشرية " ... الجهاز المحلي الذي يقوم بإعداد و تقرير و تدبير و تقييم و تتبع برنامج المبادرة المحلية للتنمية البشرية وينظم مسلسل المشاركة عن طريق فريق التنشيط الجماعي...كما ينسق ويصادق على التشخيص التشاركي ، ويختار و يقيم مقترحات الأنشطة الميسرة بالتشاور مع الساكنة ، ويضع برنامج المبادرة المحلية للتنمية البشرية كما يقدمه و يدافع عنه لدى اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية قصد المصادقة عليه و تمويله من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ...." (5) وقد أحاط المشرع هذه اللجان أهمية كبيرة كقوة تخلق دينامية إضافية تنموية متوازنة داخل الجماعات ، كما عزز عملها بفرق التنشيط الجماعية التي تعتبر "... البنية الإجرائية للجنة المحلية للتنمية البشرية ، حيث يساعد اللجنة في عمليات إعداد و انجاز و تتبع المبادرة المحلية للتنمية البشرية وكذا في نشر المعلومات و المعطيات .و يشكل كتابة اللجنة المحلية للتنمية البشرية ، كما يحضر المسار التشاركي للمبادرة المحلية للتنمية البشرية داخل الجماعة ، عن طريق ضمان مشاركة كافة الدواوير و المجموعات التي تمثل الساكنة الفقيرة . كما يتعين على اللجنة المحلية للتنمية البشرية تعبئة الكفاءات التقنية و التدبيرية و الإدارية و المحاسباتية و المالية لأجل دعم فريق تنشيط الجماعة مع التأكد من جدوى المشاريع " (6) كما تعد جهازا مساعدا للجمعيات والتعاونيات في مساعدتها تقنيا من اجل إعداد مشاريعها التنموية، ومدها بكافة المعطيات التي وضعتها اللجان الإقليمية للتنمية البشرية بحوزة اللجان المحلية، كما تعد فرق التنشيط الجماعية جهازا مساعدا في وضع أي استراتيجية تنموية داخل الجماعات .

بخصوص تفعيل أجهزة الحكامة المحلية في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لابد من الإشارة إلى مجموعة من المشاكل و المعيقات التي تعاني منها هذه الأجهزة . ففي بعض الجماعات التي تم تأسيس اللجان المحلية و فرق التنشيط بها ، لم يستوعب أعضاء اللجان الدور المنوط بهم إلى يومنا هذا بل إن تأسيسها في بعض الأحيان يتم بوتيرة سريعة لا تحترم شروط الشفافية ، كما أن المنخرط فيها لا يستوعب حقيقتها ولا الهدف منها ، أضف إلى ذلك قلة التكوين .نفس الشيء بالنسبة إلى فرق التنشيط الجماعية التي لم تحترم في تكونها في كثير من الجماعات شروط الشفافية و الكفاءة وعدم خضوع أعضائها إلى ما يكفي من التكوين في مجالات حيوية كالتواصل وتقنياته، أو طرق إعداد المخططات الإستراتيجية أو طرق إعداد
المشاريع المدرة للدخل أو إعداد التشخيص التشاركي ، وما يتطلبه من مقاربة تشاركيه مندمجة تراعي مقاربة النوع الاجتماعي إلى غير ذلك من الأمور التي أصبحت ضرورية في الدخول الحقيقي في أي تنمية حقيقية مبنية بناءا علميا متكاملا .ومن بين المعيقات كذلك غياب التواصل بين اللجان المحلية ورؤسائها أو بين
هؤلاء وفرق التنشيط الجماعي. ابل ان بعض رؤساء المجالس قد أغلق مكاتب التنشيط الجماعي بجماعته مخالفا بذلك نص الفقرة المتعلقة بدعم فريق التنشيط المشار إليها أعلاه ، اعتقادا منهم أن اللجان المحلية وفرق التنشيط ترف بشري داخل الجماعة إن شاء تعامل معها وان شاء أهملها في إطار التعاملات البراكماتية الضيقة تتحكم فيه عقلية "الخوفقراطية"(7) و الخوف من أي رأي أخر مخالف وهو طبعا أمر ينافي الديموقراطية . وهذه مشكلة كبيرة لان المشرع وضع هذه الأجهزة التشاورية المساعدة ،لتعزيز الديمقراطية التشاركية المندمجة و تعضيض ومؤازرة الأجهزة التمثيلية ، بحيث يشارك كل الفاعلين المجاليين في اتخاذ القرار التنموي المناسب ،وهو ما يضمن نجاح المشاريع و الخطط التنموية بشكل متوازن يضمن حق الجميع في التنمية ولا يقصي أحدا .

إن هذه الأمور التي وضعها المشرع من اجل تعزيز الحكامة المحلية إنما يهدف من وراءها الرفع من مؤشرات التنمية الشاملة خصوصا منها التي لها علاقة مباشرة بالطبقات الفقيرة والمعوزة فالجميع بإمكانه أن يساهم اليوم في تقليص الفقر و الهشاشة والإقصاء الاجتماعي في قرى ومدن البلاد ولكن شريطة إبعاد عقليات الإقصاء و التهميش في المساهمة في اتخاذ القرار المناسب الذي يرجع بالنفع على الجميع . فالأمر إذن لا يحتاج إلا إلى تغيير العقليات وفتح اوراش لتكوين كافة الفاعليين المحليين تكوينا يؤهلهم للانخراط الحقيقي في الأجهزة التمثيلية المنتخبة او في بقية أجهزة الحكامة المحلية ، وجعلها مسايرة للترسانة الكبيرة من النصوص التي وضعها المشرع من اجل إشراك الجميع في التنمية، من جميع نواحيها، فالتنمية البشرية فعل بشري إنساني يكون البشر هو منطلقها ووسيلتها وغايتها ، لابد للمنخرط فيه من تنمية معارفه و صقلها. إن منطق الإقصاء الممنهج لأي احد من الشركاء قد انتهى و يعد هدرا للوقت و المجهود و لخيرات الوطن و تضييع لمصلحة المواطنين.

فكل تجربة تنموية لا تحترم المنطق التشاركي تحت أي سبب كان، هي تجربة مختلة ، محدودة الجدوى ، فكما جاء في الخطاب الملكي السامي ليوم 18 مايو 2005 ".... تدلنا تلك التجارب على محدودية جدوى المقاربات التنموية غير المندمجة ، ذات الطابع القطاعي الانفرادي ، المنعزل عن باقي القطاعات الأخرى . فضلا عما تؤدي إليه من الاختلالات الناجمة عن تعدد الفاعلين ، و تشتيت الجهود ، وتبذير الموارد ....." . إن التجربة الناجحة إذن هي المعتمدة على الاندماج و التشارك و التنسيق بين كافة الفاعلين المجاليين و المحليين، تعزيزا للديمقراطية الحقيقية في أرقى تجلياتها ، كما جاء في الخطاب الملكي السامي ليوم 20 غشت 2005 :".....إن حرصنا القوي على مصداقية هذه المبادرة لا ينحصر في الالتزام بآماد تنفيذها و بتمكينها من الموارد البشرية و المالية اللازمة. بل يشمل الجوهر الديمقراطي لتحقيقها ، القائم على الإصغاء والتشاور مع القوى الحية للأمة ، و انتهاج المقاربات التشاركية التعاقدية ، و إسهام النسيج الجمعوي المحلي و السكان أنفسهم ....." .

إن آي مقاربة تنموية حقيقية إذن هي تلك التي تنبني على حسن الإصغاء و التشاور بين القوى الحية في البلاد. وكل من يفكر في تنمية أحادية التفكير، فانه يفكر بمنطق الأصم المستبد برأيه الذي لا يدرك ما حوله او ما يصطلح عليه منطق " الحكرقراطية "(8) وهو لا شك ضد منطق الديموقراطية . إننا في مرحلة جد مهمة وحساسة . مرحلة التنمية البشرية التي يراهن عليها الجميع في تقليص جميع المؤشرات السلبية في ميادين الأمية ،وولوج الخدمات، والشغل، وحقوق الإنسان ،و الإقصاء والتهميش الاجتماعيين و الفقر .
حميد اهبار
فاعل جمعوي بكلميمة
(1)مقتطف من الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة محمد السادس الى الشعب المغربي بتاريخ 18 ماي 2005 .
(2) دليل المنتخب( الطبعة الاليكترونية ) الذي أصدرته المديرية العامة للجماعات المحلية اكتوبر نفمبر 2009 الباب المتعلق بدليل إعداد المخطط الجماعي للتنمية ص 4 .
(3). ساتطرق مستقبلا لبقية الفاعلين التنمويين كلما سمحت الفرصة بذالك .
(4) دليل المنتخب( الطبعة الاليكترونية ) الذي أصدرته المديرية العامة للجماعات المحلية اكتوبر نفمبر 2009 الباب المتعلق بدليل إعداد المخطط الجماعي للتنمية ص 2 .
(5) دليل المساطر دليل محاربة الفقر بالوسط القروي ص 11.
(6) نفسه ص 13 .
(7) (8) المهدي المجرة :الاهانة في عهد الميكا امبريالية ص:21 .و ص 7 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.