جاء الخطاب الملكي الأخير مغايراً للخطب التي أَلِفْنَاهَا، وذكرنا في الخطاب التاريخي ل 9 مارس 2011 حين أعلن الملك محمد السادس مراجعة دستور البلاد. الخطاب الملكي الأخير خاطب شباب المغرب مباشرةً، وانتقد أداء الحكومات السابقة والحالية في ما يخص الشباب الذين يمثلون اليوم أكثر من نصف ساكنة المغرب. الخطاب اعترف بفشل كل المخططات السابقة لإصلاح المنظومة التعليمية، ودعا إلى إعادة التفكير فيها جذريا وملاءمتها لمتطلبات العصر. فاليوم لم يعد من الممكن أن يكون هدف دولتنا هو تعميم التمدرس، في الوقت الذي تتقدم فيه الدول وتصنع الحضارات بسواعد رجالها ونسائها. أهم ما جاء في الخطاب هو دعوة الملك محمد السادس للحكومة للتفكير وبلورة استراتيجية وطنية مندمجة للشباب والتعجيل بإنشاء المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي، وهو الأمر الذي تأخرت فيه الحكومة الحالية بشكل واضح. فالإستراتجية الوطنية المندمجة للشباب اشتغلت عليها وزارة الشباب منذ سنتين وانتهت من اعدادها مع جميع القطاعات المعنية، وكان على السيد أوزين (وزير الشباب والرياضة) تنفيذها منذ مجيئه. وليست الإستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب هي الشيء الوحيد الذي تم إقباره من طرف الوزارة الوصية الحالية، بل إن كل التوصيات التي خرج به المشاركون في المناظرة الوطنية الأولى للشباب العام الماضي لم يتم تفعيل شيء منها. المناظرة الوطنية الأولى للشباب التي تم تنظيمها شهر ماي 2011 عرفت توقيع عشر اتفاقيات هامة بين الوزارة الوصية ومجموعة من القطاعات الوزارية الأخرى و الخواص بقيمة تجاوزت 7 مليارات درهم، علما أن الميزانية السنوية لوزارة الشباب والرياضة هي 1,6 مليار درهم. اتفاقيات شملت التغطية الصحية لجميع الطلبة ما بين 18 و 25 سنة، وفتح جميع البنيات التحتية الرياضية لوزارة التعليم أمام الشباب خلال أيام نهاية الأسبوع والعطل، ودعم تشغيل الشباب، والدعم المادي للهيئات الحزبية الشبابية، وإدماج المراكز السوسيورياضية في مخططات تهيئة العمران وغيرها من الاتفاقيات المهمة بالنسبة لشباب المغرب. كل هذا لم يُفَعَّلْ منه شيئاً منذ قدوم الحكومة الحالية ولم نسمع السيد وزير الشباب يتحدث عن الشباب، بل وحتى ايقاع انشاء وافتتاح المراكز السوسيو رياضية تراجع بشكل كبير جداً. أما في ما يخص الرياضة المدرسية والجامعية ودعم الجمعيات والمخيمات الصيفية وبطاقات الشباب وغيرها من البرامج المهمة لم تقدم الحكومة الحالية أي جديد ولم نر أي ابداعٍ يُذْكَرْ، بل وحتى القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي لم يتحدث عليه أحد طيلة الثمان شهور الماضية. فالسيد الوزير تائه منذ قدومه بين جامعة كرة القدم ومهازل لندن وفضائح المنشطات وقطع الدعم على الجامعات الرياضية، ونسي أنه وزير للشباب أيضاً. خطاب الملك الأخير أعطى للحكومة خارطة الطريق في ما يخص الشباب، وفي مقدمتها إصلاح منظومة التعليم وإنشاء المجلس الأعلى للشباب ليقوم بدوره كأداة تمثيلية للشباب يتحدث باسمهم ويحدد اولوياتهم ومطالبهم، لتستطيع الحكومة القيام بدورها التنفيذي كما يجب. فالمجلس سيكون بمثابة بوصلة توجه عمل الحكومة في ما يخص الشباب، وتحدد السياسات اللازم اتباعها ويقوم بتقييمها بصفة دائمة و يضمن استمراريتها. والوزارة الوصية ملزمة اليوم بتوضيح رؤيتها وتسطير برامجها في ما يخص الشباب، لأن دور الوزارة الحقيقي لا يقتصر فقط على الترفيه والمخيمات الصيفية والتصريح بأن "العام زين". وإنما تحديد السياسات الكفيلة بدمج الشباب في المجتمع، و ابراز قدراته وتحسين الخدمات المقدمة له من طرف جميع القطاعات الحكومية. وزارة الشباب اليوم غائبة داخل أكبر التجمعات الشبابية، أي داخل المدارس والجامعات والمعاهد. وليس لها أي دور اليوم في تنمية السياحة الداخلية الشبابية، ولا تلعب أي دور في تنمية الرياضة المدرسية والجامعية مع أن أشهر الرياضيين والفنانين والمبدعين في العالم تم اكتشافهم داخل المدارس والجامعات والمعاهد. ونحن في المغرب ما زلنا ننتظر أن تجود الطبيعة علينا بإحدى المواهب لترفع رايتنا أمام العالم. و الله يجيب لي يفهمنا و ما يعطينا والو ..